نحو 63 مليون مصري يحق لهم الانتخاب سيتقدمون للتصويت على 100 مرشح فقط على المقاعد الفردية
نحو 63 مليون مصري يحق لهم الانتخاب سيتقدمون للتصويت على 100 مرشح فقط على المقاعد الفردية

تنطلق في مصر وعلى مدار يومين انتخابات مجلس الشيوخ المصري وهو الغرفة الثانية للبرلمان التي أعيد إحياؤها بعد تعديلات دستورية جرى إقرارها العام الماضي.

ويتكون مجلس الشيوخ المصري من 300 عضو، ووفقا لقانون تشكيله فإن رئيس الجمهورية سيعين 100 عضو منهم، بينما يترشح 100 آخرون على المقاعد الفردية، والمئة الأخيرة تكون للقائمة المطلقة المغلقة.

لكن نحو 63 مليون مصري يحق لهم الانتخاب سيتقدمون للتصويت على 100 مرشح فقط على المقاعد الفردية، أما الـ 100 مقعد الخاصة بنظام القائمة، فحسمت مسبقا حيث لم تتقدم للانتخابات سوى قائمة واحدة شكلها حزب "مستقبل وطن" مع نحو 11 حزبا آخر، ويكفيها تصويت 5 % من اجمالي الناخبين المقيدين في الدوائر الانتخابية لإعلان فوزها، وهو يعني ان ثلثي مقاعد مجلس الشيوخ حسمت قبل انطلاق الانتخابات.

وتجري هذه الانتخابات بعد شهرين فقط من إقرار قانون انتخابات مجلس الشيوخ في منتصف يونيو الماضي، داخل أكثر من 14 ألف لجنة انتخابية وبإشراف قضائي كامل، واجراءات طبية لوقف انتقال عدوى فيروس كورونا.

تجري هذه الانتخابات بعد شهرين فقط من إقرار قانون انتخابات مجلس الشيوخ


القائمة الوطنية.. الشفافية مقابل المشاركة

ينص قانون انتخاب مجلس الشيوخ على انتخاب مئة عضو بنظام القائمة المطلقة، وهو نظام انتخابي يختار المواطن فيه قائمة كاملة من بين عدد من القوائم المرشحة، وتنجح القائمة بجميع اعضائها، خلاف نظام القائمة النسبية التي يمكن اختيار عدة مرشحين من قوائم مختلفة .

في هذه الانتخابات كان يجب على الأحزاب السياسية أن تشكل قائمة من 100 عضو في جميع الدوائر الانتخابية، لكن لم تترشح سوى قائمة واحدة شكلها حزب الأغلبية البرلمانية، "مستقبل وطن"، وضمت 10 أحزاب، وكان من اللافت فيها أن انضمام حزبين من أحزاب الحركة المدنية الديموقراطية والتي تضم أحزاب المعارضة المصرية.

حزبي المعارضة المنضمين الى "القائمة الوطنية" هما الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، وحزب الاصلاح والتنمية، والأول اعتقل عدد من اعضائه أبرزهم وكيل المؤسسين زياد العليمي وهو نائب برلماني سابق، ويحاكم في القضية المعروفة اعلاميا بـ"خلية الأمل" التي تضم سياسيين آخرين بتهمة الدعوة الى تعطيل الدستور والقانون، بينما يرأس الحزب الآخر النائب السابق محمد أنور السادات والذي أسقطت عضويته من البرلمان الحالي.

انضمام هذه الاحزاب الى القائمة الوطنية جاء بعد مشاورات مكثفة قادها حزب مستقبل وطن وانتهت باستئثاره على 65 مقعدا من أصل 100، تلاه حزب الشعب الجمهوري بـ 11 مقعدا، ثم حزب الوفد بـ 6 مقاعد وحماة الوطن بـ 4 ، بينما حصلت أحزاب المصري الديموقراطي والتجمع ومصر الحديثة والمؤتمر والحركة الوطنية على 3 مقاعد لكل حزب، وأخيرا حصل الاصلاح والتنمية على مقعد وحيد .

وخرجت من هذا التحالف أحزاب أخرى اعتراضا على عدد المقاعد التي عرضت عليهم، حيث كانت نسبة المقاعد هي محور الخلاف الأكبر في المناقشات، وأبرز تلك الاحزاب المصريين الأحرار الذي استطاع الفوز بالأغلبية البرلمانية لفترة وجيزة في البرلمان الحالي، وحزب الغد الذي تقدم بالمرشح الوحيد (مصطفى موسى) الذي نافس الرئيس المصري في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

الشد والجذب الذي انتهى بتشكيل القائمة انتهى أيضا بـ"تعهد أمني" للأحزاب التي شاركت في القائمة أن تكون المنافسة على المقاعد الفردية "شفافة" وأن لا يتم دعم حزب على حساب آخر.

هذا التعهد أكده محمد فرج الامين العام المساعد لحزب التجمع والذي قال لموقع الحرة: "كان أمامنا جولات من المناقشات التي قادها رئيس حزب مستقبل وطن أن نشكل قائمة وطنية من مجموعة الأحزاب التي قبلت بالاشتراك، وان يترك للجميع حرية المشاركة على المقاعد الفردية مع تعهد الجهات الأمنية بأن تكون انتخابات الفردي على قدر كبير من الشفافية والحوكمة والمسؤولية دون تدخل منهم".

وقال فرج إن أحزاب القائمة الوطنية اتفقت أيضا على توزيع كلفة الدعاية الانتخابية فيما بينها وفقا لعدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب.


 أحزاب معارضة وتحالف الأغلبية؟

النائب السابق محمد أنور السادات رئيس حزب الاصلاح والتنمية قال لموقع الحرة إن قرار المشاركة في القائمة الوطنية جاء من الهيئة العليا للحزب، وبعد محاولات لتشكيل قائمة من أحزاب الحركة المدنية لم تصل الى نتائج، وتابع: "خلال مشاوراتنا في الحركة الوطنية كانت بعض الأحزاب تؤيد فكرة مقاطعة الانتخابات، حاولنا النظر في امكانية تشكيل قائمة منافسة للقائمة الوطنية، ولكن لم يحدث توافق، وعرض علينا الانضمام الى القائمة الوطنية ووافقنا على ذلك من أجل ممارسة دور سياسي في مجلس الشيوخ".

ويرى السادات أن ضآلة المساحة السياسية في مصر لم تترك لهم الخيار، حيث لا يمكن ممارسة السياسة إلا من خلال مجلس النواب أو الشيوخ، ولذلك فإن لديهم الفرصة لإيجاد منبر يمكن من خلاله الحديث عن أفكارهم حتى ولو من خلال صوت أو اثنين، ورغم أن النسبة التي عرضت عليهم لم تكن مرضية لهم على الاطلاق (حصلوا على مقعد واحد في القائمة) إلا أنه يعتقد أن ذلك أفضل من لا شيء، خصوصا مع صعوبة المنافسة على المقاعد الفردية نظرا لاتساع الدوائر وعدم قدرة المرشحين في معظم الاحزاب على تحمل كلفة الدعاية الانتخابية.

ويضيف السادات لموقع الحرة: "رغم محدودية المعارضة داخل مجلس النواب الحالي إلا انها استطاعت إسماع صوتها في قضايا هامة مثل اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية وقضايا المعتقلين والمسجونين السياسيين، والعبرة تكون في الأداء والممارسة، لقد رأينا في مجلس الشيوخ فرصة تأتي مع تحديات استثنائية تمر بها المنطقة، وبعد نجاح القائمة كل الأعضاء سيمارسون دورهم بشكل مستقل، فهذه القائمة في النهاية هي تحالف انتخابي وليس سياسي.

المقاطعة خِيار 

في الثالث والعشرين من الشهر الماضي أصدرت أحزاب التحالف الشعبي والكرامة والدستور والعيش والحرية بيانا رفضوا فيه المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ لأسباب قال البيان انها تتعلق برفضهم الأساسي لإنشاء المجلس بالإضافة الى اعتراضهم على نظام القائمة المغلقة، وما تم وصفه بـ "الترتيبات" التي جرت لتوزيع المقاعد على الأحزاب المؤيدة للنظام دون معايير واضحة .
وليد العماري المتحدث باسم حزب الدستور قال لموقع "الحرة" إن أحد أسباب مقاطعة الانتخابات كونها مصدر لإهدار للمال العام من حيث أن عمل مجلس الشورى يمكن أن تقوم به اللجان المتخصصة داخل البرلمان المصري وبالتالي لا حاجة لوجود 300 عضو يكلفون خزانة الدولة أعباء اضافية في وقت يرزح المواطنون تحت ضغوط اقتصادية صعبة.

وأضاف العماري ان "نظام الانتخابات يخل مبدأ تكافؤ الفرص، حيث يعطي الفرصة لرجال الأعمال وأصحاب النفوذ والأحزاب الكبرى في الفوز بمعظم المقاعد، ولا يستطيع المواطن العادي أياً كانت خبراته الترشح لأنه لن يستطيع تحمل نفقات الدعاية الانتخابية في ظل اتساع الدوائر، وبالتالي فليس من الممكن المشاركة في قائمة تضم الاحزاب التي أصدرت القوانين التي أضرت بالمواطن".

ويرى العماري أن حصر المشاركة في تيار سياسي معين هو سبب عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات لأنها محسومة مسبقا: "لو تكرر هذا المشهد في انتخابات البرلمان المقبلة سيسوء الوضع أكثر، من المصلحة أن يكون هناك تنوع في الآراء والإيديولوجيات داخل السلطة التشريعية".

ظاهرة ديمقراطية جديدة

محمد فرج الأمين العام المساعد لحزب التجمع وصف "القائمة الوطنية" بأنها ظاهرة ديمقراطية جديدة في الحياة السياسية المصرية تعيد الاعتبار للتعددية الحزبية في مصر، وبالتالي كانت أفضل طريقة للمشاركة في الانتخابات على حد قوله.

وأضاف فرج: "جميع الأحزاب المشاركة في القائمة جمعتها رغبة مشتركة في اعادة الحياة السياسية لمجلس الشيوخ، ولا يمكن القول الان أن حزب مستقبل وطن هو الحزب الذي يمثل النظام الحاكم لأن هناك قائمة موحدة من مجموعة مختلفة من الاحزاب ذات التوجهات المختلفة"، وتابع: "نحن نراهن على كفاءة وخبرات مرشحينا الذين اخترناهم للانضمام الى هذه القائمة، وفي حزب التجمع نعتقد أنها تجربة مثمرة وينبغي تطويرها لتأخذ شكلا أكبر في انتخابات مجلس النواب المقبلة والمجالس الشعبية المحلية بالإضافة الى انها تدعم أن تكون الانتخابات سياسية في المقام الاول وليست على أساس قبلي".

وقال وكيل مجلس النواب المصري، سليمان وهدان، لموقع الحرة إن "مجلس الشعب سيثري الحياة السياسية وسيضيف الكثير لعمل البرلمان المصري"، وتابع: "هناك توافق على أهمية مجلس الشيوخ، وهذا التوافق والرغبة في انجاح عمل المجلس دفع الأحزاب السياسية الى تشكيل القائمة الوطنية، وهناك منافسة على المقاعد الفردية بالإضافة الى 100 عضو سيتم تعيينهم سيتشكل المجلس من مجموعة متنوعة من الخبرات والكفاءات "

رجال الأعمال.. لاعب بارز في المشهد الانتخابي  

رغم أن مجلس الشورى تتركز صلاحياته على إبداء الرأي فيما يحال أليه من مشروعات القوانين، إلا أن انتخابات نسخته الأولى شهدت تواجدا واضحا لرجال الأعمال خصوصا على المقاعد الفردية، ولم تخل القائمة الوحيدة من بعض الأسماء كذلك.

النائب أنور السادات قال لموقع الحرة إنه "من السابق لأوانه معرفة تأثير ذلك على عمل المجلس قبل ظهور النتائج، لابأس من وجود عدد من رجال الأعمال داخله لكن اعتقد أن الأغلبية ستكون من ذوي الخبرات، كما أن المئة عضو الذين سيعينهم رئيس الجمهورية بالتأكيد سيحدثون التوازن المطلوب".

قبل الانتخابات بأيام قليلة أثار مؤتمر انتخابي لحزب مستقبل وطن في محافظة المنوفية جدلا كبيرا بعد انتشار صور من المؤتمر تظهر تقديم الطعام الفاخر بكميات كبيرة للحضور، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة في الوقت الذي يرى فيه البعض أن أغلبية المواطنين يمرون بظروف اقتصادية صعبة نتيجة أزمة كورونا وما تفرضه الحكومة المصرية من ضرائب متعددة، كما ظهرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطعة التصويت في الانتخابات احتجاجا على قانون التصالح في مخالفات البناء.

 

 مشروع "العاصمة الإدارية الجديدة في مصر
دخول مصر في الفقاعة العقارية يعتمد على الخلل الذي يشهده السوق العقاري المصري.

أثار الحديث عن دخول مصر في مرحلة "الفقاعة العقارية" خلال الفترة القادمة جدلا واسعا تردد صداه على مواقع التواصل الاجتماعي وبين خبراء الاقتصاد الذين اختلف بعضهم حول الأمر.

وبدأ الجدل بعدما توقع الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، أن يشهد القطاع العقاري في مصر مرحلة ركود يصاحبها الدخول في "فقاعة عقارية"، قائلا إن "الأسعار حاليا تتضمن مكونا ضخما للفائدة يبلغ 32٪؜ سنوياً لمدة 10 سنوات".

وأضاف، على حسابه على موقع "فيسبوك"، "وعند تحقيق مستهدف الدولة في عام 2026، وهو 16٪؜، فهذا معناه انخفاضا حادا في تكلفة التمويل، ومن ثم انخفاض الأسعار جذرياً في 2026 مقارنة بعام 2024".

وتابع أنه "وبالنسبة لأصحاب المصالح من الخبراء العقاريين، والسماسرة، وغيرهم الذين يدعون أن مصر تحتاج 2.5 مليون وحدة جديدة سنوياً، اسألهم: كام واحد من الـ2.5 مليون شاب يقدر على 5 و10 مليون للشقة!! حضراتكم مش عايشين معانا !!!".

ماذا تعني الفقاعة العقارية؟

وتحدث عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، فرج عبدالله، لموقع "الحرة" عن معنى الفقاعة العقارية في الاقتصاد، قائلا إن "الفقاعات العقارية تعني الكثير في الاقتصاد، وتظهر في صورتين مختلفين".

الصورة الأولى لظهور الفقاعة العقارية، من وجهة نظره، هو "وجود تقديرات مرتفعة للأصول العقارية نتيجة سياسات نقدية تسمح بمزيد من التمويل دون ضوابط تحوط جيدة، وهذا ما حدث في أزمات مالية في الولايات المتحدة في السابق".

أما الصورة الثانية، بحسب ما قاله عبدالله فتكون نتيجة "الارتفاعات المتتالية للتضخم، حيث تصبح العقارات ملاذا آمنا للتحوط لدى الأفراد خاصة مع اضطرابات أسعار الصرف كما يحدث في الدول النامية، ومن بينها مصر".

وأضاف "وبالتالي، فإن عدم قدرة البنوك المركزية على ضبط إيقاع أثر السياسات النقدية، أسعار (الفائدة والصرف)، قد يؤدى إلى حدوث فقاعات عقارية، خاصة إذا ما حدثت اضرابات سعرية في مواد البناء فضلاً عن عدم كفاءة الأسواق، وما ينتج عن السياسة المالية مثل وجود تأثير على حجم الدين العام وأثره النقدي برفع الفائدة".

وتابع أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض الميل نحو تعزيز القدرات الإنتاجية في أوقات التضخم يعزز من نمو القطاع العقاري الذي من شأنه حدوث فقاعات عقارية".

والصورة الثانية تتطابق مع ما تشهده مصر، وهو الوضع الذي فرض بناء عليه توفيق توقعاته بشأن دخول مصر في فقاعة عقارية، إلا أن عبدالله لا يعتقد أن السوق العقاري في مصر سيصل إلى هذه المرحلة قريبا برغم كل ما يمر به.

ما أسباب الخلل بالقطاع العقاري في مصر؟

من جانبه يرى أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، على الإدريسي، أن توقعات توفيق وغيره من خبراء الاقتصاد بشأن دخول مصر في الفقاعة العقارية يعتمد على الخلل الذي يشهده السوق العقاري المصري، لكن ليس بالضرورة أن تؤدي هذه الأسباب للفقاعة العقارية نظرا لخصوصية السوق المصري.

وقال في حديثه لموقع "الحرة" إن "الكثيرين يتفقون مع توفيق على أنه توجد أزمة في تسعير قطاع العقارات في مصر وارتفاع أسعار الوحدات عن أسعارها الحقيقية بنسبة كبيرة".

وتحدث عن الأسباب التي أدت إلى ظهور أزمة في القطاع العقاري في مصر، قائلا إن "مشكلة التسعير تفاقمت خلال أزمة سعر الصرف في مصر والتي استمرت لمدة عام ونصف العام تقريبا، عندما كان السعر الرسمي للدولار في مصر حوالي ٢٥ جنيه بينما وصل سعر تداوله في الأسواق السوداء إلى ٧٥ جنيه، وهذا هو الرقم الذي كان يستخدمه المطورون والتجار في التسعير".

وتابع أن "السوق العقاري شهد فترة ليست بقليلة من عدم وجود سعر صرف مستقر للجنيه أمام الدولار، ما أصاب عملية التسعير بتشوهات كبيرة".

وأشار إلى أن "التأخير في قرار التعويم، دفع الكثير من الناس الذين يمتلكون سيولة مالية للتحوط بملاذات آمنة ومخازن القيمة، التي تتمثل في إما الدولار، أو الذهب، أو العقار".

وقال إنه "توجه إلى القطاع العقاري فئة كبيرة من المصريين رفع أسعار العقارات في مصر، إلى جانب أيضا ارتفاع أسعار الفائدة التي وصلت إلى 29٪ والتي تعتبر من الأكبر في العالم، بالإضافة إلى زيادة أسعار المواد الخام ومواد البناء نتيجة لأزمة سعر صرف الدولار، وكذلك ارتفاع نسب التضخم التي وصلت سابقا إلى 40٪، وجميع هذه الأمور يُحملها المطور إلى المستهلك من خلال رفع أسعار الوحدات".

وتحدث أستاذ الاقتصاد عن "ظهور ركود في سوق العقارات في مصر في القطاعين الحكومي والخاص بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه عن قيمته الحقيقية مع انخفاض الطلب، دفع توفيق وغيره من خبراء الاقتصاد إلى التحذير من حدوث فقاعة عقارية، بمعنى أن تنهار أسعار العقارات وتباع بأقل من نصف سعرها"، على حد قوله.

وأشار الإدريسي إلى أنه "رغم أن مصر شهدت حدوث فقاعة عقارية في عام 2008 وقت الأزمة المالية العالمية، إلا أنه من المستبعد حاليا تكرار الأمر نفسه بسبب اختلاف طبيعة السوق المصري حاليا عن تلك الفترة، بالإضافة إلى أن الدولة لم تكن متدخلة بنفسها في السوق من خلال مشاريعها الخاصة أو الشراكة مع القطاع الخاص".

متى يمكن أن تحدث الفقاعة العقارية في مصر؟

لكن يظل التساؤل بشأن متى يمكن أن تحدث الفقاعة العقارية في مصر ولأي مدى ستؤثر على قطاع العقارات، وفي هذا الإطار يرى عبدالله أنها ستحدث عندما "ينخفض عائد المبيعات عن تكاليف الاقتراض، وهو ما لم يحدث في مصر حتى الآن".

وقال إنه "على سبيل المثال، أن يتم اقتراض مبلغ للبناء وكانت أسعار الفائدة مرتفعة عند 25٪، وتم احتساب معدلات ربحية أعلى، وبالرغم من ذلك حدث انخفاض في الإيرادات، فهذا يعني أن المحصلة انخفاض في الأرباح المحققة عن المخطط لها، وبالتالي تبدأ الشركات في الاستدانة بضمان تلك الأصول. وفي هذه الحالة قد تنتقل الفقاعات من القطاع العقاري للقطاع المالي والمصرفي".

وأوضح عبدالله أن "الفقاعة العقارية تؤثر بشكل كبير في اقتصادات الدول ذات الارتباط الكبير بين القطاعات النقدية والمصارف والقطاعات العقارية وهو ما لا ينطبق على حالة مصر لأن المطور العقاري يعتمد على السيولة التي يأخذها من العملاء مقدما وليس على القروض البنكية مثلما يحدث في العديد من دول العالم".

وأشار إلى أن "وجود حجم اقتصاد موازٍ كبير يعتمد على آليات سوق ضعيفة إلى جانب ارتفاع تضخم متتالٍ ووجود اختلافات في تقديرات التضخم الفعلي المعلن يحد من أثر تلك الفقاعات، بل قد تظهر في صورة تضخم ركودي (ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب)، لكن مع ذلك قد تظهر الفقاعات العقارية في النهاية".

ويرى أن ما يحمي قطاع العقارات في مصر حتى الآن من الدخول في مرحة الفقاعة العقارية هو أنها "سوق غير ناضج بشكل كاف ولا يخضع لآليات العرض والطلب بشكل كاف".

وقال إنه "قد تحدث الفقاعة في الفئات المرتفعة جدا من الوحدات، لكن الفئات المتوسطة والدنيا بعيدة إلى حد ما بسبب زيادة التضخم، وبالتالي زيادة التوسع المالي والنقدي"، مؤكدا أن "القراءة التاريخية للمؤشرات تعكس ذلك، والدليل أن القطاع العقاري في مصر ينشط باستمرار رغم تباطؤ نموه في بعض الأوقات".

ومن جانبه، يرى الإدريسي أن "الفترة الحالية تشهد زيادة في المعروض بالفعل، لكن ما يمكن توقع حدوثه هو انخفاض الزيادة المبالغ فيه في أسعار الوحدات وليس انهيار أسعارها، بمعنى أنه لن نرى ثانية ما حدث خلال السنتين الماضيتين عندما كانت تباع الوحدة بأعلى من سعرها بثلاث أو أربع أضعاف".

وأكد أن "عملية تصدير العقار ستؤجل بشكل كبير جدا وربما تلغي حدوث فقاعة عقارية في مصر، بمعنى أن استهداف الحكومة للعرب والأجانب لشراء الوحدات السكنية مثلما حدث في مشروع رأس الحكمة في الفترة الأخيرة سيتكرر في مشروعات عدة وهذا سيؤثر إيجابيا بشكل كبير علي السوق العقاري المصري".