أفادت صحيفة نيويورك تايمز أن حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنتها الحكومة المصرية على منظمات المجتمع المدني تهدف إلى القضاء على واحدة من الركائز القليلة للمعارضة المتبقية في مصر.
وأشارت إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بسجن الآلاف من النشطاء والسياسيين والمحامين والصحفيين والمحتجين منذ توليه السلطة في عام 2014.
كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد أعلنت أن قوات الأمن المصري قبضت على مدير مكتب المنظمة محمد بشير، قبل أن تعتقل مدير وحدة العدالة الجنائية في المنظمة كريم عمارة، والمدير التنفيذي جاسر عبد الرازق، وذلك في أعقاب زيارة العديد من السفراء والدبلوماسيين مكتبها في القاهرة في 3 نوفمبر.
وذكرت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" إنهم احتُجزوا بتهم من بينها الانضمام لجماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة"، وتم وضعهم رهن الحبس الاحتياطي لمدة 15 يوما، يمكن بموجب القانون المصري تمديدها لمدة تصل إلى عامين
وفسر محللون سياسيون ونشطاء ودبلوماسيون غربيون الاعتقالات على أنها إشارة إلى الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي كان أكثر صراحة من الرئيس ترامب فيما يتعلق بحقوق الإنسان في مصر.
وقالت هبة مرايف، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "مثل بائع تجزئة يرفع أسعاره قبل أن يتراجع بنسبة 20 في المائة، ربما يكون السيسي يتخذ إجراءات صارمة على أمل تحسين وضعه التفاوضي"، وأضافت "بعد ذلك ستخفض من حدة الاعتقالات، وستكون إدارة بايدن سعيدة للغاية، ثم تعود إلى حيث بدأت".
وأكدت الصحيفة أن الاعتقالات كانت بمثابة صاعقة، لكن لا يمكن وصفها بأنها مفاجأة.
في يوليو الماضي، غرد بايدن بأنه لن يكون هناك المزيد من الشيكات الفارغة لـ "الديكتاتور المفضل لترامب"، ويبدو أن مصر قد بدأت الاستعداد لهذا الوضع الجديد، مثل دول أخرى في المنطقة، فبعد أيام قليلة من فوز بايدن، تعاقدت مصر شركة الضغط الأميركية "Brownstein Hyatt Farber Schreck" مقابل 65 ألف دولار شهريًا، مما يشير إلى أن مصر قد تكون قلقة من أن حصانتها من العقاب بسبب موقفها في مجال حقوق الإنسان على وشك الانتهاء، وفقا لمجلة فورين بوليسي.
كما أبدى كبير مستشاري الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الجمعة، قلقه إزاء اعتقال أعضاء جماعة حقوقية بارزة في مصر، ونشر أنتوني بلينكين، الذي يُتوقع على نطاق واسع، أن يتولى منصبا رفيعا في الخارجية الأميركية في عهد بايدن، تغريدة أعرب فيها عن القلق بشأن معاملة السلطات المصرية لكبار مسؤولي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وقال نشارك القلق بشأن "اعتقال مصر لثلاثة موظفين في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، وأضاف لدى إعادته نشر تغريدة لمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان، والعمل التابع لوزارة الخارجية الأميركية، قوله إن "الاجتماع مع دبلوماسيين أجانب ليس جريمة. ولا الدعم السلمي لحقوق الإنسان".
معاملة مهينة
ووصفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ظروف احتجاز مديرها التنفيذي، جاسر عبد الرازق، من قبل السلطات المصرية، بالسيئة، محملة النيابة المصرية مسؤولية سلامة مديرها.
وقالت المنظمة إن جاسم تعرض " لمعاملة مهينة ولا إنسانية في محبسه تعرض صحته وسلامته لخطر جسيم"، مضيفة أنه " لم يُسمح له بالخروج من الزنزانة على الإطلاق طوال الفترة الماضية، ولم يتوفر له مكان للنوم حيث ينام على سرير معدني بدون “مرتبة” ولا غطاء، سوى بطانية خفيفة".
وأشارت إلى أن عبد الرزاق "تم تجريده من كافة متعلقاته وأمواله ولم يتحصل إلا على قطعتي ملابس خفيفة 'صيفية' ولم يسمح له بالتعامل مع كانتين السجن، علاوة على قص شعره بالكامل".
يذكر أن هذه الحملة تعرضت لانتقادات دولية، فقد أعربت الأمم المتّحدة، عن "قلقها البالغ"، وقال المتحدّث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية ستيفان دوجاريك: "نحن قلقون للغاية حيال التقارير التي تفيد بتوقيف هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان والمعاملة التي يلقونها".
وأضاف "يجب ألا يكون هناك سجناء رأي في القرن الواحد والعشرين. لا يجوز توقيف أي شخص بسبب آرائه السياسية".
وفي 20 نوفمبر، وصفت منظمة العفو الدولية حملة الاعتقالات بأنها "حملة انتقام" من هذه المنظمة بسبب مشاركة ممثليها في اجتماع لبحث قضايا حقوق الإنسان في القاهرة مع دبلوماسيين أجانب.