A picture taken during a guided tour organised by Egypt's State Information Service on February 11, 2020, shows detainees…
تجاوزات في ملفات عدة متعلقة بحقوق الإنسان بمصر

جدل لايتوقف عند الحديث عن أوضاع حقوق الانسان في مصر وفي المنطقة العربية بشكل عام، فبعيدا عن مناطق الصراع المستمر منذ سنوات تبرز القضايا الحقوقية في المناطق التي تشهد استقرارا وعلى رأسها مصر، وتذهب التقارير الدولية الصادرة عن منظمات حقوق الانسان الى اتهام الحكومة المصرية بتجاوزات دائمة في جميع الملفات، ويصف معظم  المدافعين المحليين عن حقوق الانسان والعاملين في منظمات مجتمع مدني أوضاع عملهم  بالسيئة وغير المسبوقة .

شهد عام 2020 وفق عدد من التقارير التي سيأتي ذكرها استمرارا لتدهور الحقوق المدنية والسياسية واستمرار نهج الحكومة المصرية في القبض على النشطاء السياسيين والمحامين الحقوقيين واتهامهم بالإرهاب وتدويرهم في الحبس الاحتياطي دون تقديمهم للمحاكمة .

أزمة نهاية العام .. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

بعد أيام من لقاء معلن جمع عددا من السفراء الأوروبيين لدى القاهرة بأعضاء فريق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في مقرها ، ألقت قوات الأمن القبض على ثلاثة من مديري المبادرة هم كريم عنارة ومحمد بشير وجاسر عبد الرازق ، ووجهت لهم تهمة الانضمام الى جماعة إرهابية  ضمن اتهامات أخرى ، فجرت هذه القضية إدانات دولية واسعة من وزارات خارجية الدول التي اجتمع سفراؤها باعضاء المبادرة وعلى رأسهم فرنسا وألمانيا ، ووصلت الى ادانة من الأمم المتحدة على لسان المتحدث باسم الأمين العام ، وحملة تضامن واسعة من المنظمات الحقوقية في العالم شملت نجوم السينما ، ليتم الافراج بعدها عن قادة المبادرة الثلاثة على ذمة التحقيقات و تجميد حساب المبادرة البنكي والتحفظ على أموالها .

في سياق منفصل ولكن غير بعيد عن هذه الأزمة اصدر قاض التحقيقات في القضية المعروفة إعلاميا ب " قضية التمويل الأجنبي " قرارا بتبرئة ساحة عشرين منظمة محلية من بين نحو 60 منظمة أخرى تنتظر احالتها لمحاكمة لم يحدد موعدها بعد نحو 6 سنوات من التحقيق حتى الان ، وعلى خلفية هذه القضية قبل سنوات صدرت قرارات بالتحفظ على الأموال ، ومنع من السفر لما لايقل عن 30 حقوقيا مصريا .

هذه الأحداث سبقت زيارة رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى فرنسا ، التقى فيها نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون وعددا من أعضاء حكومته ، ولم يكن ملف حقوق الانسان غائبا عن المباحثات ، او حتى عن التصريحات الرسمية .

أسوأ الفترات التي مرت على العمل الحقوقي

عمرو عبد الرحمن عضو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قال لموقع الحرة إن السنوات الاخيرة هي الأسوأ على الإطلاق في عمل المنظمات الحقوقية ، والتي لم تواجه طوال تاريخها منذ الثمانينات هذا الشكل من التضييق والملاحقة الأمنية وصولا إلى الحبس الاحتياطي والتحفظ على الأموال ، ويضيف: "شروط العمل الحقوقي باتت صعبة للغاية، لانستطيع حتى الوصول إلى البيانات والإحصاءات التي كانت تنشرها الحكومة في السابق، ولا اتحدث هنا عن البيانات التي تندرج تحت بند السرية ، أبسط البيانات لم تعد متاحة بعد أن كانت تنشر سابقا ، نحاول دائما التواصل مع الحكومة بمختلف أجهزتها التنفيذية لنعرض لهم رؤيتنا حول مختلف القضايا ولكن دون جدوى، وفي المقابل يتم شن حملات شرسة ضدنا في الإعلام الرسمي والإعلام المقرب من الدولة ونتهم بالعمالة والخيانة ودعم الإرهاب وأيضا لانعطى حق الرد " .

يعتقد عمرو أن أكبر الآثار السيئة لهذا التضييق هو أنه حد كثيرا من قدرة المنظمات على تقديم الدعم القانوني لمن يحتاجه بالشكل الذي يحفظ حقه، وبالتالي حقوق الإنسان بشكل عام هي الخاسر الأكبر جراء هذا التضييق، " مالذي تحاول الحكومة إيصاله للناس من وراء استهداف المدافعين عن حقوق الانسان؟ إنها رسائل ترويع وردع مضمونها ان هذا هو ثمن العمل العام ، الهدف هو دفع الموطن الى اليأس من أي مردود للعمل العام سواء بشكل احترافي أو تطوعي وهذا لايخدم الصالح العام ، وعلى المدى البعيد سيخدم الأفكار المتطرفة " .

كيف يرى حقوقيون مجمل الأوضاع في مصر ؟

المحامي الحقوقي البارز نجاد البرعي يرى 3 ملاحظات هي الأبرز هذا العام أولها هو مابات يعرف بتدوير المسجونين احتياطيا ، حيث يفرض القانون المصري ان لا تتجاوز فترة الحبس الاحتياطي العامين، لكن مايحدث هو انه بعد انتهاء العامين ووجوب الإفراج عن المتهم يتم اتهامه في قضية أخرى بزعم ارتكابه لها وهو داخل السجن .

ويقول نجاد  للحرة " للمرة الأولى في تاريخ القضاء المصري يسجن اشخاص مدة عامين احتياطيا ثم يتم الافراج عنهم بتدابير احترازية ولا يتم تقديمهم للمحاكمة، أو يتم تدويرهم في قضايا أخرى، وهذا أمر لاتفسير له سوى أن السلطة التنفيذية ليس لديها أدلة كافية توجب تقديم المتهم إلى المحاكمة وبالتالي يجب الإفراج عنه ، أو أنه يتم استخدام الحبس الاحتياطي للضغط على النشطاء وتحقيق أهداف سياسية من غير المعقول أن يتم اتهام البعض في قضايا حدثت أثناء قضائهم فترة الحبس الاحتياطي "

الملاحظة الثانية التي يراها البرعي هي تقلص مساحة الرأي والتعبير حيث شهد هذا العام القضايا الشهيرة باسم " فتيات التيك توك " وغيرها من القضايا التي أعطت مؤشرا بانحسار مساحات التعبير عن الراي وليس فقط الآراء السياسية ، " هناك تخوف ان تكون للآراء المحافظة لبعض القضاة  انعكاسات على مواقف المتهمين في القضايا المتهمين بها ، يضاف الى ذلك مسألة حجب المواقع الإلكترونية والتي تجاوز عددها 500 موقع".

أما الملاحظة الأخيرة فتتعلق بأوضاع السجون والتي يرى البرعي أنها وعلى الرغم من تحسنها، إلا أن بعض السجون تعاني من أوضاع معيشية غير لائقة وفق تعبيره، و تؤثر على الوضع الصحي للنزلاء وهو ما كشفته القضية الأخيرة لأعضاء المبادرة المصرية حيث أودع جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة في زنزانة دون سرير مع ملابس خفيفة لاتناسب فصل الشتاء.

شروط العمل الحقوق في مصر باتت صعبة للغاية

مدير مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف أحمد سميح قال للحرة إن أوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال 2020 كانت سيئة للغاية ولا يتوقع أن تتحسن خلال العام القادم وأنه حتى على مستوى القضايا التي يقول الرئيس المصري أنها ضمن أولوياته كالصحة والتعليم والسكن، فإن هذه المجالات شهدت تدهورا ويظهر ذلك على مستوى الخدمات اصحية الذي تم تقديمه خلال أزمة فيروس كورونا، والتخبط في منظومة التعليم الذي أثر على الطلاب، وتم التعامل بقسوة شديدة من أجهزة الدولة التنفيذية في ملف المصالحات على مخالفات البناء والذي هو سلب لأموال المواطنين دون حكم قضائي .
يضيف سميح " لا أعتقد أن باب الحريات سيفتح ولو لجزء بسيط ، ولا أرى ضوءا يلوح في الأفق، ما يفعله الرئيس المصري هو مناورات لإعادة التموضع وإرسال رسائل إلى العالم الخارجي تقول إنهم يعملون على تحسين الأوضاع ، لدى الحكومة مصلحة في أن تفعل ذلك فهي ستطرح العام القادم سندات للاستثمار الدولي وبالطبع تريد من الممولين أن يشتروا هذه السندات وبالتالي يجب عليهم تحسين صورتهم أمام العالم".

أحمد سميح هو أحد الحقوقيين الذين غادروا مصر على خلفية قضية التمويل الأجنبي ويعتقد القضية يتم استخدامها بشكل سياسي وستظل سيفا مسلطا على منظمات المجتمع المدني مالم يتم إغلاقها على أساس الحكم الذي برأ المنظمات الحقوقية الأجنبية التي اتهمت في هذه القضية سابقا .

الانضمام إلى جماعة إرهابية ومشاركتها أهدافها، ونشر الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة الرأي العام هي أبرز الاتهامات التي توصف بـ "الفضفاضة" ويتم توجيهها إلى معظم من يتم القبض عليهم لأسباب سياسية ، وظهر هذا بشكل كبير للعام الثاني على التوالي في العشرين من سبتمبر وهو الموعد الذي دعا فيه المقاول والممثل المصري المقيم في فرنسا محمد علي الى تظاهرات لإسقاط نظام حكم، في هذا العام قال محامون إن عدد من ألقى القبض علهم على خلفية هذه الدعوة يصل الى ألفي مواطن من عدة مدن مصرية .

كما تم القبض على مجموعة من النشطاء في محافظة الإسكندرية بسبب الحديث عن أزمة كورونا وتعامل السلطات المصرية معها بينهم أطباء.

فاطمة سراج مديرة الوحدة القانونية لمؤسسة حرية الفكر والتعبير تقول للحرة إن القضايا التي تنظر أمام دوائر الإرهاب أو قضايا أمن الدولة دائما ما تحتوي على اتهامات مبهمة، ولايسمح للمحامين بالإطلاع على محاضر التحقيق أو التحريات، ويتعرض المقبوض عليهم إلى الاحتجاز غير القانوني لعدة أيام، أو الاختفاء القسري لعدة شهور .

أزمة انتشار فيروس كورونا كان لها تأثير على أوضاع المسجونين فقد منعت وزارة الداخلية الزيارات لعدة أشهر استجابة للإجراءات الاحترازية، ثم أعادتها مرة أخرى بمعدلات أقل لكن المشكلة الأكبر في هذا الشأن كما تعتقد فاطمة هو " التحقيق الورقي في القضايا والذي يتم دون حضور المتهمين أو محاميهم، وكذلك تجديد الحبس بشكل ورقي".

وقائع القبض لم تقف عند المدافعين عن حقوق الانسان بل شملت أيضا أشخاصا محسوبين على معكسر المؤيدين للحكومة حيث قبض على المحام الشهير طارق جميل ، وهو نجل جميل سعيد محامي عدد من رموز نظام مبارك ، على خلفية مقطع فيديو نشره بنفسه منتقدا طريقة الاعداد للانتخابات البرلمانية ، وأيضا المتحدث العسكري السابق أحمد سمير على خلفية مقال رأي حول نفس الموضوع .

واتصالا بحرية التعبير شهد هذا العام إلقاء القبض على 9 صحفيين على الأقل وفقا لتقرير أصدرته الجبهة المصرية لحقوق الانسان  واستمر حبس وتدوير صحفيين آخرين ، وتراجعت مصر ثلاثة مراكز على مؤشر حرية الصحافة السنوي الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود ، التي وصفت مصر في تقريرها بأحد أكبر السجون في العالم للصحفيين.

وتمت مداهمة موقعي المنصة ومدى مصر واحتجاز عدد من الصحفيين فيهما قبل أن يتم الافراج عنهم لاحقا ، وأغلقت الهيئة العامة للاستعلامات مكتب صحيفة الجارديان البريطانية على خلفية تقرير يتحدث عن أعداد الإصابة بفيروس كورونا .

وبعيدا عن قضايا السياسة حوكمت عدة فتيات بتهم نشر الرذيلة علي تطبيق المقاطع المصورة القصيرة تيك توك ، وقبض على مؤد كوميدي بتهمة إهانة إذاعة القرآن الكريم بعد أن قدم عرضا تهكم فيه على مقدمي البرامج فيها ، وأوقف المجلس الأعلى للإعلام برنامج الإعلامي أسامة كمال لمدة أسبوعين بسبب انتقاده لشركة الاتصالات الحكومية "المصرية للاتصالات".

وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل قال للحرة في وقت سابق ردا على مركز مصر المتراجع على المؤشر إنهم يتعاملون مع الموضوع بجدية تامة وتتم دراسة أسباب التراجع ووصفه بالمقلق، كما وضح أنه يتم العمل على استراتيجية شاملة للإعلام ستحسن من وضع الصحافة في مصر مع الإشارة الي وجود الضوابط التي تضمن حق المواطن في تلقي معلومات صادقة .

في ديسمبر الجاري أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا حول التوسع في تنفيذ عقوبة الإعدام قالت فيه انه خلال أكتوبر ونوفمبر الماضيين نفذت السلطات المصرية أحكام الإعدام بحق 57 شخصا، بينما وثقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 61 حالة إعدام خلال الشهرين، وهو عدد يفوق إجمالي احكام الإعدام التي نفذت خلال العام الماضي .

المدير التنفيذي للمؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية يقول لموقع الحرة إن عددا من الاحكام التي تم تنفيذها تمت في قضايا لها طابع سياسي في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية للمحاكمة العادلة مع الاتهامات الفضفاضة التي توجه للمتهمين .."تم تنفيذ أحكام بالاعدام على متهمين في قضايا كان الدليل الوحيد فيها هو محضر التحريات الذي قدمه الأمن الوطني، واعترف متهمون أثناء المحاكمة امام القضاة ان اعترافاتهم انتزعت تحت التعذيب، هل يعقل أن متهمي قضية اغتيال النائب العام هشام بركات بعد ان تنفيذ حكم الإعدام في المتهمين ، تم توجيه الاتهام الى آخرين؟" يقول صبحي .


نظرية الدولة لحقوق الانسان .. الأولوية للصحة والتعليم والسكن

في أكثر من مناسبة أوضح الرئيس المصري أن نظرته لحقوق الانسان لاتقتصر على الحقوق السياسية والمدنية ، بل تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهي الحقوق التي تحتل قمة أولوياته ، أن يوفر الخدمة الطبية والتعليم والمسكن اللائق لجميع فئات الشعب المصري .

"لدينا أكثر من 55 ألف منظمة مجتمع مدني تعمل في مصر وهي جزء أصيل من العمل الأهلي الذي نسعى لاشراكه مع الحكومة، كم جمعية منهم قدمت شكاوى بخصوص التضييق على عملها مع المجتمع ... اهتمامكم بهذا الأمر يظهرنا وكأننا لانحترم المواطنين أو أننا قادة شرسين ومستبدين وهذا أمر لايليق .. لايليق ان تقدم الدولة المصرية مع كل ماتفعله من جهود للتنمية وحفظ الاستقرار في المنطقة على أنها دولة مستبدة، أنا مطالب بحماية 100 مليون مصري من تنظيم متطرف، انظروا إلى الأوضاع في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا وأفغانستان، ليس لدينا مانخشاه "

 كان هذا جزء من إجابة الرئيس المصري عن سؤال حول الأوضاع الحقوقية خلال مؤتمر صحفي في السابع من ديسمبر الجاري ، وتقول الحكومة المصرية إنها تحرز تقدما كبيرا في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتمثل هذا في إطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل في عدد من المدن، وبناء آلاف الشقق السكنية لذوي الدخول المحدودة، ورفع الحد الأدنى للأجور مع خلق فرص عمل جديدة  وتجديد الطرق والبنى التحتية ، لينعكس هذا على معدلات النمو، وانخفاض مستوى الفقر للمرة الأولى منذ عشرين عاما إلى 29.7 % .

يتفق مع هذا التوجه الدكتور صلاح سلام عضو المجلس القومي لحقوق الانسان ، وهو جهة شبه حكومية مستقلة، يعين أعضاؤها من مجلس الشورى، حيث يرى أن المواطن المصري يطالب بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية أولا، ولن يتم الوصول إلى الحقوق المدنية والسياسية دون أن يتم بناء الانسان بشكل صحيح عبر التعليم والصحة والسكن.

ويقول سلام لموقع الحرة "من الرائع ان نتحدث عن الحريات المدنية والسياسية لكن لايمكن لفقير أو جائع أن يفهم هذه الحقوق، الدولة المصرية تحارب الإرهاب وفي نفس الوقت تدخل مرحلة غير مسبوقة من التنمية ، اهتمام الدولة ينصب على انتشال الفقراء من المساكن العشوائية الخطرة التي يسكنون فيها ومنحهم سكنا مشرفا ولائقا ، هذا ما يحدث بافعل، لانستطيع أن نطبق النموذج الغربي الخاص بحقوق الانسان على دول العالم الثالث دفعة واحدة ، تجربة العراق خير دليل على ذلك " .

أزمة انتشار فيروس كورونا كان لها تأثير على أوضاع المسجونين

وردا على تقارير الاختفاء القسري والانتقادات الموجهة لتعامل مصر مع هذا الملف يقول سلام "إن الدولة المصرية الآن في وضع قوي وبالتاكيد لاتخشى الإعلان عن القبض على أي مواطن فليس هناك مبرر لإخفاء الناس، المجلس القومي لحقوق الإنسان لديه وحدة تتلقى بلاغات الاختفاء القسري، وتخاطب وزارة الداخلية وترد على المبلغين وفي عدة وقائع اكتشفنا ان المبلغ باختفائهم هاربون من تنفيذ أحكام قضائية ، والأسوأ أن بعضهم يهاجر بشكل غير شرعي وينضم إلى جماعات إرهابية كما حدث مع عمر الديب الذي روج لاختفائه بشكل قسري وبعدها بأشهر نعاه تنظيم داعش في سوريا في أحد بياناته. إثارة موضوع الاختفاء القسري بين الحين والآخر من قبل المنظمات الدولية هو محاولة للمتاجرة وجذب الأضواء وكسب حملات التأييد لايمكن ان تقول ان هناك اختفاء قسري دون دليل ودون تحديد أعداد "

رئيس منظمة ماعت للتنمية والسلام وحقوق الانسان أيمن عقيل قال لموقع الحرة ان العام الجاري ورغم تحديات فيروس كورونا وماصاحبه من أزمات اقتصادية إضافة الى جهود محاربة الإرهاب ، إلا أن هناك بعض الإيجابيات تتعلق بالتمكين السياسي والاجتماعي  للمرأة، وإجراء انتخابات مجلسي الشورى والنواب .

وأشار المحامي نجاد البرعي أيضا إلى تحسن في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وامتدح تعامل الحكومة المصرية مع أزمة فيروس كورونا .

هل تتفق الدولة مع منظمات المجتمع المدني في 2021 ؟

بالعودة إلى النقطة التي ينتهي عليها العام الجاري وهي أزمة المبادرة الشخصية للحقوق الشخصية  وقبل أن يتم الإفراج عن مديريها أصدرت الحكومة المصرية اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية بعد نحو عام من إقرار القانون والتصديق عليه، ولم تقدم في أي وقت تفسيرا واضحا لتأخر صدور اللائحة طوال هذا الوقت، وبداية من إقرار اللائحة ستعمل منظمات المجتمع المدني المصري على توفيق أوضاعها وفقا للقانون .

أيمن عقيل يصف نفسه بالمتفائل بتحسن علاقة الدولة مع منظمات المجتمع المدني خلال الفترة المقبلة وفقا لمشاهداته ويقول "على الرغم من التحديات التي تواجه حرية الرأي والتعبير والقيود على منظمات المجتمع المدني، إلا أننا نسعى من خلال لجنة حقوق الانسان بوزارة الخارجية المصرية وهي اللجنة المعنية بوضع حقوق الإنسان في مصر على وضع استراتيجية واضحة للجميع، فالدولة الآن على استعداد لأن تستمع للمدافعين عن حقوق الإنسان.  هناك تطور كبير يحدث، فعلى سبيل المثال في السابق لم تكن هناك استجابة من الحكومة للتوصيات التي يتم ذكرها في المراجعات السنوية بجينيف، لكن اليوم هناك استجابة للملاحظات ، بدليل أن الحكومة المصرية تحدثت في أحد تقاريرها الرسمية عن حالات تعذيب ارتكبها ضباط شرطة وتمت محاكمتهم ، هذا لم يكن يحدث من قبل".

لكن أحمد سميح يعتقد أنه اذا كانت الحكومة المصرية جادة في التوجه نحو تغيير طريقة تعاملها مع الملفات الحقوقية فيجب أولا القيام بعدة إجراءات هامة مثل تطبيق القانون فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي والإفراج عن الشخصيات العامة ورموز الرأي والفكر المحبوسين ، ويقول: "لايمكن أن يتم اتهام شخصيات بتهم مطاطية كالإرهاب مثل خالد داوود او حازم حسني أو زياد العليمي أو عبد المنعم أبو الفتوح وإسراء عبد الفتاح وغيرهم الكثير لايتسع المقام لذكرهم والمعروف عنهم العمل السلمي بجريمة الإرهاب، فهي جريمة كبرى واتهام السياسيين والحقوقيين بها على المشاع أمر خاطيء".

*حتى لحظة نشر هذا الموضوع، لايزال موقع الحرة الإلكتروني محجوبا في مصر*
 

 مشروع "العاصمة الإدارية الجديدة في مصر
دخول مصر في الفقاعة العقارية يعتمد على الخلل الذي يشهده السوق العقاري المصري.

أثار الحديث عن دخول مصر في مرحلة "الفقاعة العقارية" خلال الفترة القادمة جدلا واسعا تردد صداه على مواقع التواصل الاجتماعي وبين خبراء الاقتصاد الذين اختلف بعضهم حول الأمر.

وبدأ الجدل بعدما توقع الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، أن يشهد القطاع العقاري في مصر مرحلة ركود يصاحبها الدخول في "فقاعة عقارية"، قائلا إن "الأسعار حاليا تتضمن مكونا ضخما للفائدة يبلغ 32٪؜ سنوياً لمدة 10 سنوات".

وأضاف، على حسابه على موقع "فيسبوك"، "وعند تحقيق مستهدف الدولة في عام 2026، وهو 16٪؜، فهذا معناه انخفاضا حادا في تكلفة التمويل، ومن ثم انخفاض الأسعار جذرياً في 2026 مقارنة بعام 2024".

وتابع أنه "وبالنسبة لأصحاب المصالح من الخبراء العقاريين، والسماسرة، وغيرهم الذين يدعون أن مصر تحتاج 2.5 مليون وحدة جديدة سنوياً، اسألهم: كام واحد من الـ2.5 مليون شاب يقدر على 5 و10 مليون للشقة!! حضراتكم مش عايشين معانا !!!".

ماذا تعني الفقاعة العقارية؟

وتحدث عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، فرج عبدالله، لموقع "الحرة" عن معنى الفقاعة العقارية في الاقتصاد، قائلا إن "الفقاعات العقارية تعني الكثير في الاقتصاد، وتظهر في صورتين مختلفين".

الصورة الأولى لظهور الفقاعة العقارية، من وجهة نظره، هو "وجود تقديرات مرتفعة للأصول العقارية نتيجة سياسات نقدية تسمح بمزيد من التمويل دون ضوابط تحوط جيدة، وهذا ما حدث في أزمات مالية في الولايات المتحدة في السابق".

أما الصورة الثانية، بحسب ما قاله عبدالله فتكون نتيجة "الارتفاعات المتتالية للتضخم، حيث تصبح العقارات ملاذا آمنا للتحوط لدى الأفراد خاصة مع اضطرابات أسعار الصرف كما يحدث في الدول النامية، ومن بينها مصر".

وأضاف "وبالتالي، فإن عدم قدرة البنوك المركزية على ضبط إيقاع أثر السياسات النقدية، أسعار (الفائدة والصرف)، قد يؤدى إلى حدوث فقاعات عقارية، خاصة إذا ما حدثت اضرابات سعرية في مواد البناء فضلاً عن عدم كفاءة الأسواق، وما ينتج عن السياسة المالية مثل وجود تأثير على حجم الدين العام وأثره النقدي برفع الفائدة".

وتابع أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض الميل نحو تعزيز القدرات الإنتاجية في أوقات التضخم يعزز من نمو القطاع العقاري الذي من شأنه حدوث فقاعات عقارية".

والصورة الثانية تتطابق مع ما تشهده مصر، وهو الوضع الذي فرض بناء عليه توفيق توقعاته بشأن دخول مصر في فقاعة عقارية، إلا أن عبدالله لا يعتقد أن السوق العقاري في مصر سيصل إلى هذه المرحلة قريبا برغم كل ما يمر به.

ما أسباب الخلل بالقطاع العقاري في مصر؟

من جانبه يرى أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، على الإدريسي، أن توقعات توفيق وغيره من خبراء الاقتصاد بشأن دخول مصر في الفقاعة العقارية يعتمد على الخلل الذي يشهده السوق العقاري المصري، لكن ليس بالضرورة أن تؤدي هذه الأسباب للفقاعة العقارية نظرا لخصوصية السوق المصري.

وقال في حديثه لموقع "الحرة" إن "الكثيرين يتفقون مع توفيق على أنه توجد أزمة في تسعير قطاع العقارات في مصر وارتفاع أسعار الوحدات عن أسعارها الحقيقية بنسبة كبيرة".

وتحدث عن الأسباب التي أدت إلى ظهور أزمة في القطاع العقاري في مصر، قائلا إن "مشكلة التسعير تفاقمت خلال أزمة سعر الصرف في مصر والتي استمرت لمدة عام ونصف العام تقريبا، عندما كان السعر الرسمي للدولار في مصر حوالي ٢٥ جنيه بينما وصل سعر تداوله في الأسواق السوداء إلى ٧٥ جنيه، وهذا هو الرقم الذي كان يستخدمه المطورون والتجار في التسعير".

وتابع أن "السوق العقاري شهد فترة ليست بقليلة من عدم وجود سعر صرف مستقر للجنيه أمام الدولار، ما أصاب عملية التسعير بتشوهات كبيرة".

وأشار إلى أن "التأخير في قرار التعويم، دفع الكثير من الناس الذين يمتلكون سيولة مالية للتحوط بملاذات آمنة ومخازن القيمة، التي تتمثل في إما الدولار، أو الذهب، أو العقار".

وقال إنه "توجه إلى القطاع العقاري فئة كبيرة من المصريين رفع أسعار العقارات في مصر، إلى جانب أيضا ارتفاع أسعار الفائدة التي وصلت إلى 29٪ والتي تعتبر من الأكبر في العالم، بالإضافة إلى زيادة أسعار المواد الخام ومواد البناء نتيجة لأزمة سعر صرف الدولار، وكذلك ارتفاع نسب التضخم التي وصلت سابقا إلى 40٪، وجميع هذه الأمور يُحملها المطور إلى المستهلك من خلال رفع أسعار الوحدات".

وتحدث أستاذ الاقتصاد عن "ظهور ركود في سوق العقارات في مصر في القطاعين الحكومي والخاص بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه عن قيمته الحقيقية مع انخفاض الطلب، دفع توفيق وغيره من خبراء الاقتصاد إلى التحذير من حدوث فقاعة عقارية، بمعنى أن تنهار أسعار العقارات وتباع بأقل من نصف سعرها"، على حد قوله.

وأشار الإدريسي إلى أنه "رغم أن مصر شهدت حدوث فقاعة عقارية في عام 2008 وقت الأزمة المالية العالمية، إلا أنه من المستبعد حاليا تكرار الأمر نفسه بسبب اختلاف طبيعة السوق المصري حاليا عن تلك الفترة، بالإضافة إلى أن الدولة لم تكن متدخلة بنفسها في السوق من خلال مشاريعها الخاصة أو الشراكة مع القطاع الخاص".

متى يمكن أن تحدث الفقاعة العقارية في مصر؟

لكن يظل التساؤل بشأن متى يمكن أن تحدث الفقاعة العقارية في مصر ولأي مدى ستؤثر على قطاع العقارات، وفي هذا الإطار يرى عبدالله أنها ستحدث عندما "ينخفض عائد المبيعات عن تكاليف الاقتراض، وهو ما لم يحدث في مصر حتى الآن".

وقال إنه "على سبيل المثال، أن يتم اقتراض مبلغ للبناء وكانت أسعار الفائدة مرتفعة عند 25٪، وتم احتساب معدلات ربحية أعلى، وبالرغم من ذلك حدث انخفاض في الإيرادات، فهذا يعني أن المحصلة انخفاض في الأرباح المحققة عن المخطط لها، وبالتالي تبدأ الشركات في الاستدانة بضمان تلك الأصول. وفي هذه الحالة قد تنتقل الفقاعات من القطاع العقاري للقطاع المالي والمصرفي".

وأوضح عبدالله أن "الفقاعة العقارية تؤثر بشكل كبير في اقتصادات الدول ذات الارتباط الكبير بين القطاعات النقدية والمصارف والقطاعات العقارية وهو ما لا ينطبق على حالة مصر لأن المطور العقاري يعتمد على السيولة التي يأخذها من العملاء مقدما وليس على القروض البنكية مثلما يحدث في العديد من دول العالم".

وأشار إلى أن "وجود حجم اقتصاد موازٍ كبير يعتمد على آليات سوق ضعيفة إلى جانب ارتفاع تضخم متتالٍ ووجود اختلافات في تقديرات التضخم الفعلي المعلن يحد من أثر تلك الفقاعات، بل قد تظهر في صورة تضخم ركودي (ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب)، لكن مع ذلك قد تظهر الفقاعات العقارية في النهاية".

ويرى أن ما يحمي قطاع العقارات في مصر حتى الآن من الدخول في مرحة الفقاعة العقارية هو أنها "سوق غير ناضج بشكل كاف ولا يخضع لآليات العرض والطلب بشكل كاف".

وقال إنه "قد تحدث الفقاعة في الفئات المرتفعة جدا من الوحدات، لكن الفئات المتوسطة والدنيا بعيدة إلى حد ما بسبب زيادة التضخم، وبالتالي زيادة التوسع المالي والنقدي"، مؤكدا أن "القراءة التاريخية للمؤشرات تعكس ذلك، والدليل أن القطاع العقاري في مصر ينشط باستمرار رغم تباطؤ نموه في بعض الأوقات".

ومن جانبه، يرى الإدريسي أن "الفترة الحالية تشهد زيادة في المعروض بالفعل، لكن ما يمكن توقع حدوثه هو انخفاض الزيادة المبالغ فيه في أسعار الوحدات وليس انهيار أسعارها، بمعنى أنه لن نرى ثانية ما حدث خلال السنتين الماضيتين عندما كانت تباع الوحدة بأعلى من سعرها بثلاث أو أربع أضعاف".

وأكد أن "عملية تصدير العقار ستؤجل بشكل كبير جدا وربما تلغي حدوث فقاعة عقارية في مصر، بمعنى أن استهداف الحكومة للعرب والأجانب لشراء الوحدات السكنية مثلما حدث في مشروع رأس الحكمة في الفترة الأخيرة سيتكرر في مشروعات عدة وهذا سيؤثر إيجابيا بشكل كبير علي السوق العقاري المصري".