السيسي حذر من الانتقاص من حصة مصر من مياه النيل وفقا لاتفاقية 1959 التي ترفضها إثيوبيا
السيسي حذر من الانتقاص من حصة مصر من مياه النيل وفقا لاتفاقية 1959 التي ترفضها إثيوبيا

أفادت مدونة تزعم أنها تابعة لوزارة الخارجية الإثيوبية، الجمعة، بأن مصر تسعى من خلال التلويح باستخدام القوة، إلى تقويض المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي.

وجاء الرد تحت "التبج المصري المعتاد في  سياق نشرة إخبارية تناولت مواضيع عدة عن الشأن الإفريقي، ونشرتها وزارة الخارجية الإثيوبية على حسابيها الرسميين في فيسبوك وتويتر.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان، في كينشاسا، بدءا من السبت المقبل، لإجراء محادثات بشأن سد النهضة المثير للجدل الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل.

ويأتي الاجتماع، بعد أن حذر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، من المساس بحصة مصر من مياه النيل.

وقال السيسي في تعليق على تطورات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي "نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر.. وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد".

وجاء في المدونة أنه "إذا كان (السيسي) يشير إلى حصص المياه التي قسمتها مصر والسودان في عام 1959، فإنه ينبغي نصح فخامة الرئيس السيسي بأن ينساها بسهولة".

وتابعت القول إن "إثيوبيا ليست ملزمة بها، فهي ترفض نصيبها من المياه، وتريد التأكيد على أنه إذا كانت مصر صادقة بشأن حل يربح فيه الجميع، فيجب عليها أولا وقبل كل شيء، التخلي عن اتفاقية 1959 مع السودان".

وفي عام 1959، حصلت مصر بموجب اتفاق مع الخرطوم حول توزيع مياه النيل، على حصة بنسبة 66 بالمئة من  كمية التدفق السنوي للنيل، مقابل 22 بالمئة للسودان. 

لكن في عام 2010، وقعت دول حوض النيل على اتفاق جديد رغم معارضة مصر والسودان، ينص على إلغاء حق النقض الذي تتمتع به مصر، ويسمح بإقامة مشاريع ري ومشاريع سدود لإنتاج الطاقة.

وأشارت المدونة  إلى أنه بالرغم من أنها المرة الأولى التي يهدد فيها الرئيس السيسي باستخدام القوة، فإن الرئيس السابق محمد مرسي هدد إثيوبيا أيضا، وقبله ومن قبله حسني مبارك.

وأضافت أن الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، هدد إثيوبيا في عام 1979 بعد معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل.

وتابعت المدنة التي نشرتها الخارجية الإثيوبية في حسابها الرسمي على تويتر "لذا فإن إثيوبيا معتادة على استخدام القوة من مصر، وأكثر من ذلك التهديدات باستخدام القوة، لذلك ما قاله الرئيس السيسي ليس جديدا، وإثيوبيا ستنتظر بينما تستعد لكل شيء ولأي احتمال".

وأكدت المدونة على أن "إثيوبيا تريد من الجميع ألا يستبعدوا، أن جميع الخيارات مطروحة على طاولة إثيوبيا أيضا".

وكانت وسائل إعلام مصرية نقلت عن السفير الإثيوبي في القاهرة، ماركوس تيكلي ريكي، قوله، ردا على تصريحات السيسي، إن بلاده ستستأنف المفاوضات مع مصر والسودان بشأن سد النهضة "للتوصل إلى اتفاق مرض لجميع الأطراف برعاية الاتحاد الإفريقي".

ونقل موقع مصراوي عن ريكي قوله، في مؤتمر صحفي عقد الأربعاء في القاهرة، "إن أديس أبابا دائما تركز على المفاوضات وتعمل على حل الخلافات بطريقة سلمية".

وتؤكد إثيوبيا، القوة الإقليمية الصاعدة، على أن مشروع سد النهضة أساسي من أجل نموها، وأنه لن يؤثر على مستوى تدفق المياه. 

وتخشى مصر من جهتها من وتيرة امتلاء الخزان الضخم لسد النهضة الذي يتسع 74 مليار متر مكعب من المياه. وإذا امتلأ هذا الخزان خلال فترة قصيرة، فإن جريان مياه النيل على امتداد مصر سينخفض بشكل كبير.

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.