للمرة الأولى، استضافت السفارة الأميركية بالقاهرة فعالية إحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست، بالتزامن مع اليوم الدولي لهذا الحدث في السابع والعشرين من يناير كل عام.
واعتبر كثير من الحضور الحدث "استثنائيا"، وقالوا إنه "يؤرخ لمرحلة جديدة من العمل على إرساء قيم التعايش السلمي ومحاربة العنصرية والتطرف".
ونظم الحدث بالتعاون مع متحف الهولوكوست التذكاري في الولايات المتحدة الأميركية، في واحد من أبرز فنادق العاصمة المصرية المطلة على النيل.
وبدأت الفعالية صباحا بحضور رئيسة الجالية اليهودية في مصر ماجدة هارون وعدد من أعضاء الجالية القليلة المتبقية في مصر ومفكرين وباحثين، بالإضافة إلى سفيرة إسرائيل في مصر أميرة أورون، مع غياب تمثيل رسمي مصري .
الهولوكوست لـ"تعزيز الحرية الدينية"
وتسهم المعرفة عن الهولوكوست، بحسب سفير الولايات المتحدة الأميركية في القاهرة، جوناثان كوهين، في مكافحة معاداة السامية وتعزيز الحرية الدينية، كما أن "فهم الهولوكوست يعزز من قدرة الأفراد على لعب دور مهم في مواجهة الاضطهاد أينما ظهر".
وفي كلمته الافتتاحية أضاف كوهين أن "هذا الحدث تذكير بواجبنا في مواجهة تيار معاداة السامية وغيرها من أنماط التعصب التي تهدد قيم التعددية والتسامح والشمول وحريات الدين والتعبير"، مضيفا أن "التعلم من الضحايا والناجين سيستمر لفترة طويلة".
وكوهين كان واحدا من الذين عملوا على تأسيس فريق العمل الدولي للتعاون في إحياء ذكرى الهولوكوست والذي أصبح حاليا تحالفا دوليا يضم 35 دولة.
وفي هذا الشأن أشاد كوهين باعتماد ممثلي عدد من الدول في الأمم المتحدة بما فيهم ممثل مصر قرارا يدين إنكار الهولوكوست ويحث على تطوير برامج تعليمية لمنع أعمال الإبادة الجماعية في المستقبل، كما جدد تأكيده على مواصلة الولايات المتحدة للعمل على مع شركائها على محاربة "التعصب الأعمى" وتعزيز واحترام حقوق الإنسان.
جرس انذار
وقال، مسؤول التوعية التعليمية بالمتحف التذكاري للهولوكوست في الولايات المتحدة، تيد ستانك، لـ"الحرة" إن "الهولوكوست ستبقى جرس إنذار يذكر دائما بالمأساة التي حدثت لستة ملايين يهودي وغيرهم من الضحايا الذي فقدوا أرواحهم داخل المعتقلات النازية خلال الحرب العالمية الثانية".
وأضاف ستانك أن "الدروس المستفادة والرسائل من الهولوكوست بات لها صيغة عالمية، ولذلك فنحن سعداء بأن يتم إحياء هذه الذكرى في مصر".
وقال السفيرة الإسرائيلية في القاهرة أميرة أورون، لـ"الحرة" إن "إحياء الذكرى في القاهرة يفتح آفاقا جديدة من العمل المشترك لمواجهة العنصرية والأفكار المتطرفة وأن استضافة السفارة الأميركية في القاهرة لهذا الحدث دليل على ذلك".
قصص عربية "ضائعة"
ويظهر وثائقي تم إنتاجه عام 2010 للكاتب الأميركي، روبرت ساتلوف، وتم عرضه خلال الفعالية، تحت عنوان "بين الصالحين.. قصص ضائعة من الهولوكوست في الأراضي العربية"، عن معتقلات الإبادة النازية في دول الشمال الأفريقي وقصص العرب الذين أنقذوا عددا من اليهود الفارين من أوروبا من الوقوع مجددا في ايدي النازيين، ومن أبرزهم التونسي خالد عبد الوهاب.
ويقول ساتلوف إنه أمضى رحلة طويلة من البحث بين آلاف الوثائق ورحلة بين عشرات المدن في المغرب وتونس والجزائر مضيفا أنه يشعر "بتتويج نحو عشرين عاما من العمل عندما تم إحياء ذكرى الهولوكوست في القاهرة".
تنصب دراسات ساتلوف حول إثبات أن "المحرقة قصة عربية أيضا" لها فصول لا تقل أهمية عن فصولها في أوروبا.
ويعتقد أن عدد اليهود الذي قتلوا بواسطة النازيين في الدول العربية لا يقل عن الذين قتلوا في أوروبا.
ويضيف ساتلوف، الذي يعمل مديرا تنفيذيا لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى لـ"الحرة": نحن الآن في حقبة جديدة تماما، هناك سلام مع إسرائيل من المغرب إلى الخليج العربي، وهو نوع مختلف من السلام لأنه سلام بين الشعوب وليس بين الحكومات فقط".
ويؤكد ساتلوف أن "إحياء الهولوكوست في القاهرة دليل على أننا نستطيع ان نتحاور ونتحدث حول المواضيع المعقدة والتي لم يكن ممكنا أن نتحدث فيها سويا"، مضيفا "قبل سنوات لم يكن ممكنا أن نحيي هذه الذكرى هنا في القاهرة لكن هذا أصبح ممكنا اليوم، وهو جزء من نسمة الهواء المنعش التي تهب على المنطقة بشكل عام وبالطبع مصر".
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 يوم السابع والعشرين من يناير يوما عالميا لإحياء بذكرى الهولوكوست وتكريم 6 ملايين يهودي و 5 ملايين من السلاف و3 ملايين بولندي، وغيرهم من مئات الالاف من المعاقين والمثليين وأعضاء في عرقيات أخرى ممن راحوا ضحية معسكرات الإبادة النازية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية .