منطقة سانت كاترين تشتهر بالسياحة البيئية
منطقة سانت كاترين تشتهر بالسياحة البيئية والدينية

في العام الماضي، أعلنت مصر عن مشروع سياحي جديد لتطوير منطقة ذات طابع تاريخي وديني كانت ملتقى الأديان السماوية الثلاثة.

وتضم عمليات التطوير لموقع "التجلي الأعظم" في سانت كاترين بصحراء سيناء 14 مشروعا بهدف دفع عجلة السياحية في مصر من خلال بناء مرافق خدمية جديدة. ويشير اسم التجلي الأعظم للمعتقد الديني بأن الهضبة كانت المكان الذي تحدث فيه النبي موسى إلى الله. 

ومع ذلك، تعرض المشروع لانتقادات لافتة على اعتبار أن العمليات الإنشائية تدمر البيئة وتخرق القانون المصري وقانون اليونسكو، لا سيما أن المنطقة مصنفة على أنها "محمية طبيعية".

في الأسبوع الماضي، نشر المنبر المصري لحقوق الإنسان ورقة بحثية للكاتب، مهند صبري، ينتقد فيها المشروع ويصدر سلسلة طلبات أبرزها وقف الأعمال الإنشائية على الفور.

دير سانت كاترين بني قبل 1500 سنة

"دمار على التراث والبيئة"

ونقلت الورقة البحثية عن خبراء ومتخصصين في الثروات الطبيعية تحدثوا دون الكشف عن هويتهم، قولهم إن "أعمال البناء والهدم على مرِّ العام الماضي في منطقة التراث العالمي وحول محمية سانت كاترين قد تسبّبت في دمار انعكس على التراث التاريخي والبيئة الطبيعية على مستوى مهول ويستحيل علاجه".

ويرى هؤلاء الخبراء أن المشهد الطبيعي لقلب المنطقة سيتغير بلا رجعة، لا سيما المنطقة المحيطة بدير سانت كاترين الذي تم بناؤه قبل 1500 عام، وهو عامل أساسي عزز من قرار اليونسكو بتصنيف المنطقة على لائحة التراث العالمي عام 2002، بحسب الورقة البحثة.

وبينما يرى المعارضون للمشروع عدم الجدوى الاقتصادية منه بالإضافة إلى التأثير البيئي "المدمر" على المنطقة التراثية، يعتقد المؤيدون أن تلك الآراء "مبالغ فيها" وأن المشاريع التطويرية هناك لا تؤثر على البيئة ولا تدمر المباني التراثية.

وقال مهند صبري متحدثا لموقع "الحرة" من لندن، إن مشروع "التجلي الأعظم" يخرق القانون المصري وقانون اليونسكو وله تأثير "مدمر للبيئة الهشة بمنطقة سانت كاترين".

وصبري هو باحث مصري متخصص في شؤون سيناء، وله كتاب نشر عام ٢٠١٥ بعنوان "سيناء: محور مصري، وخط الحياة لغزة، وكابوس لإسرائيل"، من مطبوعات الجامعة الأميركية بالقاهرة. 

وأضاف أن تلك الأعمال الإنشائية "تؤثر على المباني الأثرية بشكل لا يمكن إصلاحه. كما أنه مشروع ليس له أي قيمة اقتصادية؛ لأن المنطقة لست مكانا للسياحة التقليدية، بل هي منطقة سياحة دينية من نوع خاص".

يشرح قائلا: "الناس التي تزور سانت كاترين لا تبحث عن فنادق وفلل وترفيه تقليدي، بل يبحثون عن هدوء وطبيعة جبلية في منطقة لها أثر ديني بارز. كما أن الفنادق التقليدية موجودة في المدن القريبة في شرم الشيخ ودهب وطابا على بعد 100 كيلومتر".

ودير سانت كاترين الواقع جنوب سيناء على بعد حوالي 500 كلم شرق القاهرة، هو مزار يقصده آلاف السياح من الأجانب والمصريين سنويا.

تقييم بيئي قبل أي مشروع

لطالما كان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، مهتما بتطوير القطاع السياسي في مصر منذ توليه لمنصبه عام 2014.

وأسس السيسي 154 مشروعا سياحيا بطاقة 26 ألف وحدة إسكان سياحي تم تنفيذها بالفعل خلال السنوات الثمانية الماضية، بحسب نقيب السياحيين المصريين.

وقال نقيب السياحيين في مصر، باسم حلقه، لصحيفة "أخبار اليوم" المحلية إن تلك المشاريع ساعدت في جذب سائحين من أسواق جديدة.

في المقابل، يرى المؤيدون أن تطوير منطقة "التجلي الأعظم" لا تضر البيئة ولا التراث وهي عمليات تمت وفقا للقانون المصري.

واستبعد أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، مجدي علام، أن يكون لمشروع "التجلي الأعظم" أضرارا بيئية.

وقال لموقع قناة "الحرة" إنه "لا يوجد مشروع في مصر يقام دون دراسة تقييم الأثر البيئي" المسبقة، وهي عملية يقول عنها علام موجودة في الدولة منذ عقود أبان إنشاء السد العالي خلال عهد عبدالناصر.

وأوضح أن الجهات الحكومية المختلفة تجتمع قبل إقرار أي مشروع بمنطقة مصنفة على أنها محمية طبيعية لعقد جلسة تشاورية مع العلماء والسكان المحليين بحسب قانون البيئة المصري. وأضاف: "حتى لو وافق خبراء البيئة على أي مشروع، فإن معارضة السكان المحليين تكفي لعدم إقراره".

وفي هذا الإطار، يتفق خبير السياحة الدولي، علاء خليفة، مع رأي علام قائلا: "لا أعتقد أنه يدمر البيئة ولا يغير من ملامح المنطقة". وأشار إلى أن مشروع "التجلي الأعظم" يهدف لبناء مرافق أساسية للزائرين الذين يقصدون هذا الموقع التاريخي.

عمليات إنشائية عام 2018 للطريق الجديد المؤدي إلى سانت كاترين في شبه جزيرة سيناء

وقال خليفة لموقع "الحرة" إن "سانت كاترين منطقة واسعة تفوق مساحتها 40 ألف متر والمرافق السياحية التي تعمل على تطويرها الدولة لا تتجاوز ألف متر"، موضحا أن الهدف من المشروع هو "توفير خدمات للزوار وتهيئة المكان بشكل لائق للحجاج الذين يقصدون المنطقة".

وأضاف أن "سانت كاترين تعتبر من ضمن المحميات المصرية وتخضع لقانون المحميات والأعمال هناك تتم وفقا لبرتوكول المحمية الصادر سنة 1983 ولها قوانين خاصة منها استخدام أحجار من نفس الجبل".

وأوضح أن المنطقة ذات عمق ديني وتاريخي لكن لا يوجد فيها مرافق سياحية من فنادق ونزل تستوعب أعداد الزوار الذين يقصدونها سنويا. وأشار إلى أن المشاريع الجديد "تخلق أنماطا سياحية جديدة" في المنطقة.

وقال إن الآراء المعارضة "مبالغ فيها بشكل كبير ... المشروع بسيط تماما مثل بناء استراحة فوق جبل لتوفير الخدمات الأساسية". 

"لا تتماشى مع الواقع"

وتحاول مصر إنعاش قطاع السياحة الذي يعتبر أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد من خلال تهيئة المتاحف والأماكن التاريخية من جهة والشواطئ من جهة أخرى.

وفي هذا السياق، تساءل صبري عن جدوى تطوير مشروع سياحي بمليارات الدولارات على الرغم من وجود أزمة سياحية في الدولة منذ عام 2011 كما يقول.

وبينما قال صبري إن المشروع "ليس ذي جدوى اقتصادية"، يرى خليفة أن تطوير المنطقة ستعود بالنفع اقتصاديا على أهالي سانت كاترين.

وقال خليفة إن اغلب أبناء المنطقة يعملون في السياحة بشكل أساسي وأن زيادة الاستثمار السياحي فيها يضاعف من فرص العمل لهم.

وبحسب الأرقام الرسمية، حققت مصر عائدات سياحية مقدارها 13 مليار دولار في 2019، غير أن هذا الرقم انخفض إلى 4 مليارات عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 بعدما كانت الحكومة تتوقع جني 16 مليار دولار.

إلى ذلك، ذكرت الورقة البحثية التي نشرها المنبر المصري لحقوق الإنسان، أن أعمال البناء المستمرة وصلت لأسوار الدير وسببت تلوثا صناعيا فادحا ينعكس على النباتات والحيوانات الموجودة بالمنطقة. وأضافت: "بذلك يُمثل الوضع الحالي، الذي تسبّب به أساسا هذا المشروع، إهدارا لعشرات السنوات من الجهد والعمل الذي قام به العشرات من المصريين والأجانب على حدٍّ سواء لحماية البيئة والتراث في منطقة سانت كاترين".

وأشارت الورقة إلى أنه "من ضمن الجهود التي تمت لحماية المنطقة أعمال الترميم والحماية لدير سانت كاترين، والتي ترعاها مؤسسة سانت كاترين الموجودة بالعاصمة البريطانية لندن وراعيها الملكي الأمير تشارلز".

في حديثه لموقع "الحرة"، أكد صبري أنه تواصل مع منظمة اليونسكو ومركز التراث العالمي التابع لها ومؤسسة سانت كاترين البريطانية. ورفض الإدلاء بتفاصيل ردود تلك الجهات لكن قال إنها "قلقة" من المشروع التطويري وهي متواصلة مع الحكومة المصرية.

وبحسب صحيفة "الأهرام" الحكومية، فإن نسبة اكتمال المشاريع الـ 14 لـ "التجلي الأعظم" تتراوح بين 95 بالمئة إلى 40 بالمئة.

وتشمل هذه المشاريع مركز للزوار وساحة السلاح وفندق جبلي ونزل بيئية ومجمع إداري جديد وتطوير منطقة إسكان المجتمعات المحلية وشبكة طرق.

وتقول الحكومة المصرية أن المشروع يراعي الجوانب البيئة والتراثية التي تتميز بها تلك المنطقة.

في المقابل، قال صبري إن التصريحات الحكومية الرسمية "لا تتماشى مع الواقع" بدليل وجود "الخرسانات والحديد المسلح والطرق في قلب منطقة تراث عالمي".

مصر ستشهد انتخابات رئاسية على مدى ثلاثة أيام، من 10 إلى 12 ديسمبر
مصر ستشهد انتخابات رئاسية على مدى ثلاثة أيام، من 10 إلى 12 ديسمبر

تجري مصر انتخابات رئاسية على مدى ثلاثة أيام، من 10 إلى 12 ديسمبر، ومن المتوقع أن يفوز الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، بسهولة بولاية ثالثة في الانتخابات التي خيمت عليها الحرب في غزة، وفق رويترز.

وانسحب أبرز مرشحي المعارضة المحتملين، في أكتوبر، بعدما شكا من اعتقال العشرات من أنصاره ومن أن مسؤولين وأفراد خارجين على القانون موالين للحكومة أعاقوا حملته. وقالت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر إن مثل هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة.

وترشح ثلاثة آخرون لمنافسة السيسي وجميعهم سياسيون بلا ثقل كبير، وفق تعبير رويترز. وفيما يلي تفاصيل عن المرشحين:

السيسي يترشح لولاية ثالثة

عبد الفتاح السيسي

السيسي (68 عاما) قائد سابق للجيش قاد الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا، محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في عام 2013، في أعقاب احتجاجات على حكم مرسي.

وكان وزيرا للدفاع والانتاج الحربي بين عامي 2012 و2013 ومديرا للمخابرات الحربية والاستطلاع بين عامي 2010 و2012. واستقال من القوات المسلحة، عام 2014، ليترشح للرئاسة.

وأُعلن فوزه بنسبة 97 بالمئة من الأصوات، ليصبح الرئيس الثامن لمصر، وحصل على فترة ولاية ثانية بعد أربع سنوات بنفس هامش الفوز.

ويترشح السيسي لولاية ثالثة بعد تعديلات دستورية أجريت في عام 2019، والتي سمحت أيضا بتمديد مدة الفترة الرئاسية من أربع إلى ست سنوات.

واتسم حكمه بقمع المعارضة من مختلف الأطياف السياسية. وتقول جماعات حقوقية إن عشرات الآلاف اعتقلوا، بمن فيهم قيادات في جماعة الإخوان المسلمين ونشطاء ليبراليين. ويرى السيسي ومؤيدوه أن الحملة كانت موجهة ضد "المتطرفين" و"المخربين" الذين يحاولون تقويض الدولة.

لزهران باع طويل في تأسيس الحركات والائتلافات السياسية

فريد زهران

يرأس السياسي المخضرم والمعارض اليساري، فريد زهران، (66 عاما) الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي تأسس بعد انتفاضة 25 يناير عام 2011، ويتبنى أيدولوجية "الديمقراطية الاجتماعية" التي تقوم على مجموعة من المبادئ مثل العدالة الاجتماعية والمواطنة والأمن وسيادة القانون.

ولزهران باع طويل في تأسيس الحركات والائتلافات السياسية بما في ذلك الحركة الطلابية في السبعينيات، والحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) التي احتجت على حكم الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، منذ عام 2004، والحركة المدنية الديمقراطية، التي تشكلت في عام 2017، لدعم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتضم عددا من أحزاب التيار المدني.

ويقول زهران إنه يعطي الأولوية "لقصر ملكية الدولة وإدارة المشروعات المملوكة للدولة على المشروعات الاقتصادية الاستراتيجية المرتبطة بالأمن أو بدعم القطاع الخاص بشكل غير مباشر"، مثل قناة السويس وشركة الحديد والصلب وشركات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

عبد السند يمامة

عبد السند يمامة (71 عاما) محامٍ وأستاذ في القانون الدولي، وهو مرشح عن حزب الوفد أقدم حزب ليبرالي في مصر.

وذكر يمامة أنه يود فرض حد أقصى للرئاسة لفترتين مدة كل منهما أربع سنوات. 

وقال: "مينفعش رئيس في بلد فيها مشاكل زي مصر يستغرق 16 عاما في الحكم"، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى أسباب نفسية وجسدية.

ويدعم يمامة إجراء تعديلات الدستورية مع التركيز على الحقوق والحريات والإصلاح الاقتصادي الذي يقول إنه سيسمح بإقامة "اقتصاد حر".

ويخوض رجل الأعمال الذي تحول إلى سياسي حملته تحت شعار "نقدر.. مع بعض (سويا) هنغير"

حازم عمر

يعد حازم عمر، الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ المصري ورئيس حزب الشعب الجمهوري، أصغر المرشحين سنا في السباق، ويبلغ من العمر 59 عاما.

ويخوض رجل الأعمال الذي تحول إلى سياسي حملته تحت شعار "نقدر.. مع بعض (سويا) هنغير"، ويقول إنه يعتزم منح الأولوية لإصلاح قطاعي الرعاية الصحية والتعليم لإيمانه باهتمام عموم المصريين بهذين الملفين، وقال "أولوية الشعب هي أولويتنا".

ودعا أيضا إلى التركيز على النمو الاقتصادي المحلي والزراعة والطاقة والتجارة في وقت يعاني فيه الاقتصاد من شح مستمر منذ فترة في العملات الأجنبية وتضخم شبه قياسي.