سجن/ مصر/ تعبيرية
قالت منظمات حقوقية إن أوضاع السجون في مصر لا تختلف عن الأوضاع في سجون سوريا واليمن (الصورة تعبيرية)

تقول منظمات حقوق الإنسان إنه وخلال فترة حكم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تعرض نشطاء لأقسى حملات القمع على مستوى العالم، وفق ما أورده تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.  

وتقدر منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية ومقرها نيويورك أن مصر اعتقلت أو اتهمت ما لا يقل عن 60 ألف شخص. 

وتقول ذات المنظمات إن أوضاع السجون المصرية، حيث يتعرض السجناء للإيذاء الجسدي والنفسي، تتساوى مع الظروف التي عاينوها في البلدان التي مزقتها الحرب مثل سوريا واليمن. 

وبعد الأحداث التي رافقت الصراع بين السلطة وجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013، اعتقلت الحكومة النشطاء والصحفيين، واستهدفت حتى مواطنين عاديين بسبب مواقف وتدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي.

تعذيب

رغم أن السطات المصرية أعلنت مؤخرا عن إطلاق سراح كثيرين، إلا أن تقرير "وول ستريت جورنال" قال إن الإفراج عنهم جاء مخافة أن يؤثر ملف حقوق الإنسان على السير الحسن لموعد دولي قريب ستحتضنه القاهرة.

وجاء في تقرير الصحيفة "مئات السجناء السياسيين حصلوا على حريتهم مع استعداد الرئيس عبد الفتاح السيسي للترحيب بقادة العالم في مصر لحضور مؤتمر المناخ في نوفمبر المقبل".

وتستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية بداية من 6 نوفمبر المقبل، حتى الـ 18 منه فعاليات قمة الأمم المتحدة للمناخ.

الناشط السياسي حسن البربري الذي أمضى السنوات الثلاث الماضية في أحد السجون، قال إنه تعرض للضرب ووضع في زنزانة صغيرة دون تهوية كافية وحُرم حتى من دخول المرحاض.

وينطبق وصف البربري مع ما  وصفه عدد من المعتقلين الآخرين الذين تم إطلاق سراحهم مؤخرا، في حديث لهم مع الصحيفة.

وأجمعت الآراء التي عرضتها الصحيفة أن السجناء تعرضوا للضرب المروع، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، والبقاء في زنازين صغيرة ومكتظة مع تهوية غير كافية وعدم توفر المياه النظيفة والطعام الصالح للأكل.

ووصف أحد السجناء أنه تم ربطه بفراش مبلل والصعق بالكهرباء.

البربري من جانبه، قال إنه عندما ألقي القبض عليه في عام 2019، أخبره بعض الضباط أنه لن يرى الشمس مرة أخرى. 

وقال في حديث للصحيفة إن الحراس وضعوه في زنزانة مع أكثر من عشرة سجناء آخرين، وضربوه حتى انفجر وجهه دما.

وقال إنه وضع بعد ذلك في الحبس الانفرادي دون تهوية كافية، وتابع: "لقد أُعطيت زجاجتين، واحدة لأشرب منها وأخرى لأتبول فيها".

والسجين السابق الذي تعرض للصعق بالكهرباء على فراش مبلل كان قد شارك في مظاهرة مناهضة للحكومة عام 2019. 

اعترافات تحت الإكراه

وكشف أنه أثناء استجوابه، أُجبر على الاعتراف الكاذب بانتمائه إلى منظمة اشتراكية يسارية متطرفة ساعدت في تنظيم ثورة مصر عام 2011، وسجن إثر ذلك قرابة عامين، قبل أن يُفرج عنه في مايو الماضي.

وقال سجناء سابقون آخرون إنهم تعرضوا لما تصفه جماعات حقوقية بأنه شكل شائع من أشكال التعذيب الجسدي عند دخولهم إلى سجن يتضمن ضرب صفين من الضباط. 

"تبع ذلك كم لا يحصى من سوء المعاملة والإيذاء، من الاكتظاظ في زنزانات السجن إلى الحرمان من الزيارات العائلية، ووقت الفراغ والرعاية الطبية" يقول تقرير وول ستريت جورنال.

وأكدت جماعات حقوق الإنسان، خلال مقابلات متفرقة مع الصحيفة أن الدولة المصرية تستخدم منذ سنوات الحبس الانفرادي والحرمان من التهوية الأساسية والمياه النظيفة والطعام لإخضاع السجناء السياسيين. 

قال سجناء إن أكثر من 12 نزيلا يُجبرون على مشاركة حمام واحد مع عدم وجود أسرة.

الناشط السياسي شريف الروبي (42 عاما) أمضى فترات متفرقة داخل السجن خلال السنوات السبع الماضية.

الرجل الذي أُطلق سراحه في مايو، قبل أن تعيد السلطات اعتقاله في سبتمبر، قال إنه خلال إحدى فترات سجنه، أُجبر على مشاركة زنزانة مع أكثر من 50 شخصًا آخر. 

وكشف أن الحجرة كانت صغيرة جدًا لدرجة أن كل شخص يمكنه الاستلقاء لمدة أربع ساعات فقط في اليوم.

وقال أيضا "يشمل الطعام المقدم لنا الفاصوليا غير المطبوخة".

ومنذ إطلاق سراح بعض السجناء، تقدر منظمات حقوق الإنسان أن السلطات المصرية اعتقلت أكثر من 1200 شخص جديد لأسباب سياسية وجددت اعتقال آلاف السجناء السياسيين الحاليين.

عبد الرحمن طارق، ناشط حقوقي يبلغ من العمر 28 عامًا، يدخل السجن ويخرج منه دوريا منذ عام 2010. 

فبعد الإفراج عنه في يونيو، قال إن السلطات أوقفته عند نقاط التفتيش على الطرق مرتين، بما في ذلك عندما كان متجها إلى إحدى الشواطئ لقضاء إجازة مع الأصدقاء، وقال إن هذه الحادثة جعلته يخاف أن يعتقل مرة أخرى.

وبحسب التقرير، قال بعض المعتقلين السابقين إنهم تلقوا تهديدات وتحذيرات من ضباط أمن الدولة قبل إطلاق سراحهم، بينما معظمهم لديهم قضايا لا تزال مفتوحة، بينما يواجه البعض قيودًا على السفر"ما يعني أنه يمكن احتجازهم مرة أخرى" يقول التقرير. 

وللحصول على تعليق من السلطات المصرية، اتصلنا في موقع الحرة بسفارة مصر في واشنطن، وبوزارة الداخلية المصرية، لكن لم نتلق أي رد لغاية كتابة هذا التقرير.

نفي واعتراف 

وتنفي السلطات المصرية أن تكون هناك عمليات تعذيب في السجون، بينما اعترف أحد المسؤولين بإمكانية وجود "أخطاء".

وفي تصريح سابق، قال المتحدث باسم الحكومة المصرية، ضياء رشوان إن هناك "أخطاء ربما" لكن "لا توجد انتهاكات ممنهجة" لحقوق الإنسان في السجون المصرية.

كما نفى عزت إبراهيم، المتحدث باسم المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهي جماعة تمولها الدولة، وجود تعذيب ممنهج في مصر، وقال إن هناك تحسينات جارية في ظروف السجون. 

ونفى أن تكون الدولة قد اعتقلت أو وجهت اتهامات إلى 60 ألف شخص، كما ورد في تقارير المنظمات الحقوقية "لكنه لم يقدم تقديراته الخاصة" تقول "وول ستريت جورنال".

لماذا التغاضي؟

التقرير، لفت في السياق، إلى "عدم إمكانية" الغرب محاسبة السلطات المسؤولة في مصر الآن، على أساس دورها كبديل محتمل لروسيا في مجال التمويل بالغاز والنفط.

دليل التقرير على ذلك هو استقبال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون للرئيس السيسي، في باريس شهر يوليو الماضي، في خضم معركة الغاز التي يشنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على الدول الأوروبية التي اصطفت إلى جانب أوكرانيا خلال الحرب التي أعلنها عليها منذ 22 فبراير الماضي.

وكان ماكرون قال قبل نحو سنتين إنه لن يجعل حقوق الإنسان شرطا لبيع الأسلحة لمصر حيث سعى كلا البلدين إلى توسيع علاقاتهما الأمنية والدفاعية.

الموقف الأميركي

في المقابل، تفرض الولايات المتحدة شروطا تتعلق بحقوق الإنسان على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 300 مليون دولار سنويا لمصر، وهي جزء من حزمة مساعدات خارجية أميركية سنوية تبلغ حوالي 1.3 مليار دولار للقاهرة. 

وهذه السنة، حجبت إدارة بايدن 130 مليون دولار من المساعدات، بينما قالت وزارة الخارجية الأميركية الشهر الماضي إن "مصر تحرز تقدما" بشأن السجناء السياسيين. 

وتعتبر الولايات المتحدة مصر حليفة في محاربة الإرهاب وفي التوسط بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.

محكمة مصرية
محكمة مصرية- صورة تعبيرية

أمر النائب العام المصري، السبت، بالتحقيق في بلاغات ضد ديوان شعري "يتضمن عبارات تحمل اعتداء على الذات الإلهية"، كما كلف لجنة من مؤسسة الأزهر بـ"فحص" الديوان.

وقال بيان للنيابة المصرية، إنه "بمطالعة ديوان الشعر محل البلاغ، تبين احتواؤه على تلك العبارات. وأمر النائب العام محمد شوقي، بطلب تحريات الشرطة حول الواقعة، وتكليف لجنة من المختصين بالأزهر الشريف بفحص عبارات الديوان".

النائب العام يأمر بالتحقيق في واقعة نشر ديوان شعري يتضمن ازدراءً للأديان

Posted by ‎Egyptian Public Prosecution النيابة العامة المصرية‎ on Saturday, October 5, 2024

وأكدت النيابة العامة أن التحقيقات لا تزال مستمرة.

وأشار عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن الديوان يحمل اسم "كيرلي" وهو للناشط الذي قضى سنوات في السجن عقب عام 2011، أحمد دومة.

وكتب دومة عبر حسابه على منصة "إكس": "أظن هذا أفضل تعليق على جنون محاولة محاكمتي وديوان شعر بتهمة ازدراء الأديان والاعتداء على الذات الإلهيّة"، ملحقا التعليق بمقطع فيديو لأغنية باسم "أنا مش كافر".

وزعم دومة في يوليو الماضي، أنه تم إلغاء حفل لتوقيع ديوانه، بسبب تلك الاتهامات أيضًا.

وحينها شهدت مقاطع قصيدته هجوما من البعض ودعم من آخرين، فكتب أحد المعلقين على إكس: "القصيدة تتضمن سب للذات الإلهية وتشبيهها بالبشر".

وكتب آخر: "المفروض تكون أرقى من كده عند التكلم عن الذات الإلهية".

فيما دافع البعض عن دومة باعتبار أنه "يمارس حرية التعبير". وكتب أحد المعلقين: "متضامن مع حرية الشعر.. ضد محاكمة الإبداع".

وأصدر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عفوا في سبتمبر 2023 عن عدد من السجناء، ومن بينهم دومة.

وجاء الإفراج عن دومة بعد 10 سنوات قضاها محبوسا لتنفيذ حكم نهائي بالسجن المشدد 15 عاما، بالقضية المعروفة إعلاميا بـ "أحداث مجلس الوزراء" التي تعود إلى عام 2011، في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير.