قرر مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، اعتبار سلعة الأرز منتجا استراتيجيا في تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك، وذلك بسبب أزمة نقص سلعة الأرز وارتفاع أسعاره بشكل كبير في الأسواق.
وأعلن مجلس الوزراء اليوم أن قراره جاء في إطار، "متابعة السوق المحلية وأسعار السلع والمنتجات الغذائية، وما تم رصده من بعض الممارسات التى نتج عنها حجب سلعة الأرز عن التداول بإخفائها، أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها".
ووفقا لقرار مجلس الوزراء فإن حائزى سلعة الأرز لغير الاستعمال الشخصي من المنتجين والموردين والموزعين والبائعين ومن فى حكمهم ملزمون بالمبادرة إلى إخطار مديريات التموين والتجارة الداخلية المختصة على مستوى الجمهورية بنوعية وكميات الأرز المخزنة لديهم، على أن يتم الالتزام بضوابط وإجراءات التوريد التى يصدر بتحديدها قرار من وزير التموين والتجارة الداخلية.
ووضعت الحكومة الحد الاقصى للسعر لكيلو الأرز ب18 جنيها
عقوبات تصل للحبس
ويتضمن القرارأنه مع عدم الإخلال بأيه عقوبة أشد منصوص عليها فى أى قانون آخر، ومن دون الإخلال بالحق فى التعويض، يعاقب كل من يخالف ما قرره مجلس الوزراء بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن مئة ألف جنيه، ولا تجاوز مليوني جنيه، أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.
وفى حالة تكرار الأمر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وتضاعف قيمة الغرامة بحديها. وفى جميع الأحوال، تقضي المحكمة بالمصادرة، وينشر الحكم فى جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة المحكوم عليه.
قرار الحكومة جاء في ظل أزمة تشهدها الأسواق بشأن سلعة الأرز التي تعد واحدة من أهم السلع الغذائية لدى المصريين وتدخل في وجباته اليومية بشكل دائم، حيث تعاني الأسواق من نقص في توافرها وارتفاع سعرها بشكل كبير عن السعر الطبيعي أو سعر المثل في هذا الوقت من العام بعد انتهاء موسم حصاد الأرز في مصر قبل عدة أسابيع.
مصطفى النجاري، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية قال لموقع "الحرة"، "هناك قرارات متعلقة بالأرز اتخذت خلال الموسم الحالي بعضها يتعلق بالتسعير ألزم بها الفلاحون أدت لعدم توريد كافة المحصول الناتج من الزراعة وبالتالي احتفظ المزارعون بجزء كبير من المحصول من دون بيعه أو توريده ما أدى للأزمة القائمة حاليا في توافر السلعة بالأسواق وارتفاع ثمنها.
وأضاف أن "هناك حلقة ثابتة لتجارة الأرز ثابتة ومعروفة كل عام تتمثل في الفلاح والجلاب – الذي يجمع كميات من الفلاحين ويقوم بتوريدها للمضارب الحكومية أو المصانع - ومضارب الأرز، ثم المسوقين والتجار أو منافذ البيع ولم تؤخذ هذه الحلقة في الحسبان عن التسعير في بداية الموسم وحينما توضع سياسة تسعير ولا تفي الكميات الموردة من الفلاحين بالكميات المستهدفة فهذا معناه مباشرة أن السعر الموضوع غير ملائم لأن سلعة الأرز طوال المواسم الماضية ومنذ زمن بعيد لا يوجد بها أي مشاكل في الكفاية للأسواق أو على مستوى الأسعار".
القرار 109.. أول خيوط الأزمة
في الأسبوع الأخير من أغسطس الماضي أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 109 لسنة 2022 لتنظيم تداول أرز الشعير المحلي في مصر وأشار إلى أن موسم توريد شعير الأرز للحكومة يبدأ في 25 أغسطس ويستمر حتى 15 ديسمبر، متضمنا ضرورة توريد طن واحد عن كل فدان من المزارعين بما يعادل 25% من إنتاجية الفدان مستهدفا كمية بلغت 1.5 مليون طن خلال موسم التوريد لهذا العام لدعم استراتيجية تعزيز الأمن الغذائي من السلع الأساسية بتحقيق اكتفاء ذاتي وتأمين احتياجات بطاقات التموين من سلعة الأرز.
وحدد القرار سعر توريد تراوح بين 6600 و6850 جنيها للطن حسب نوع الأرز على أن تسدد مستحقات الموردين خلال 48 ساعة فقط من الاستلام على أن يعاقب المزارع المخالف للقرار بعدم السماح له بزراعة الأرز في العام القادم بالإضافة إلى عدم صرف الأسمدة والمبيدات الزراعية المدعومة من الدولة له لمدة عام لكافة أنواع الزراعات وكذلك يتم احتساب سعر الطن غير المورد في حالة المخالفة بمبلغ 10 آلاف جنيه يلتزم من يخالف بسدادها، أي بقيمة أعلى من سعر الطن الذي يتم توريده للحكومة .
وأوضح النجاري أن: "نحن الآن في منتصف نوفمبر أي مر من الفترة المحددة للتوريد قرابة 110 يوم ويتبقى نحو 30 يوما فقط بما يوازي 77% من فترة التوريد التي تستهدف 1.5 مليون طن وكل المتاح من الموردين ما يقارب 300 ألف طن فقط وهو يساوي 25% من المستهدف، وبالتالي فإن سياسة التسعير كانت غير صائبة ولم ترضي المورد الأساسي وهو الفلاح الذي احتفظ بباقي محصوله أملا في زيادة السعر فحدثت الأزمة القائمة حاليا".
وعن تخزين التجار لكميات الأرز وعدم بيعها للمضاربة في السعر والعمل على ارتفاعه قال إن "هذا الطرح غير واقعي لأن كل التجار يعرفون عواقب التخزين والتي تمثل غرامات قاسية كما أنهم يتاجرون في سلع أخرى غير الأرز ويحتاجون تدوير الأموال وبيع السلع التي لديهم فالأزمة الحقيقية لدى الفلاح ولابد من العمل على حلها لأن الفلاح منتج للأرز، لكنه مستهلك لسلع أخرى ويرى ارتفاع سعرها ويعاني منه ولذلك لا يرضيه السعر الذي تم تحديده لمنتجه فاحتفظ به حتى يحصل على سعر مرضي له".
وتابع أن "استهلاك الأرز في مصر هذا العام سيكون اقل من الأعوام السابقة والتي كان السوق المصري يحتاج فيها 304 ألف طن شهريا، وذلك متعلق بالقدرة الشرائية للمواطن الذي يحاول استخدام سلع بديلة للأرز معدل الزيادة في أسعارها أقل من معدل الزيادة في أسعار الأرز الذي يتراوح سعره في السوق حاليا بين 15 و 19 جنيها وعامل القدرة الشرائية أصبح عاملا مهما في تحديد احتياجات الأسواق في مصر في ظل الأزمة الحالية التي تعاني منها".
واختتم بأن "الأرز واحد من 14 سلعة استراتيجية لكل البيوت في مصر، ولابد من إعادة النظر في كل السياسات المتعلقة بها حتى نصل إلى حل للأزمة، ولابد للحكومة من الوصول لمخزون حاكم تقدر من خلاله على مواجهة الأزمات".
نقيب الفلاحين: قدمنا كل ما نستطيع
ويرى حسين عبدالرحمن نقيب عام الفلاحين المصريين إن ما يثار عن مسؤولية الفلاحين عن أزمة الأرز غير صحيح لأن الفلاح كان ملزما من الدولة بتوريد 25% من إنتاجية الفدان من الأرز وليس كامل محصوله.
وقال عبدالرحمن لموقع "الحرة" إن "الأزمة سببها استغلال التجار لأن الفلاح ورد كل مالديه، وما هو مطلوب منه لكن التجار لا يعجبهم السعر المحدد من قبل الحكومة فقاموا بتخزين الأرز حتى يرتفع سعره، لأن الأرز سلعة سهلة التخزين ويمكن إخفاؤها بالإضافة لأنهم اشتروه من الفلاحين بسعر مرتفع قليلا"
وأوضح أن "العقوبات التي فرضت على الفلاحين في حالة عدم توريد النسبة المطلوبة من الأرز للحكومة جعلتهم ملتزمون خوفا من تطبيق العقوبات عليهم والتي تتمثل في عدم صرف المبيدات والأسمدة لمدة عام وكذلك الحرمان من زراعة الأرز العام القادم، وبالتالي تحميل الفلاح مسؤولية الأزمة أمر غير صحيح والقرار الأخير المتعلق باعتبار الأرز سلعة استراتيجية صحيح ومتأخر لكنه سيؤدي إلى ضبط السوق في غضون فترة قصيرة ربما خلال أسبوعين لأن القرار تضمن تسعيرا موحدا لكيلو الأرز مرتبطا بإجراءات يتم تطبيقها على التجار المخالفين".
وعن الإجراءات والقرارات التي صاحبت موسم الأرز في مصر من البداية قال نقيب الفاحين إن "هناك أمورا ينبغي مراجعتها حتى لا يتكرر ما حدث اليوم، منها أن الحكومة عندما حددت المستهدف من الموسم جعلته 1.5 مليون فدان في حين أن إجمالي المساحات المزروعة بالأرز رسميا كانت مليون و75 ألف فدان طبقا لسياسة زراعة الأرز لكن ما تم زراعته بالفعل كان مليون و500 ألف فدان والفارق بين الإثنين تمثل في مزارعين خالفوا تعليمات المساحات أو تعليمات السماح بالزراعة وبالتالي حينما حددت الحكومة المستهدف حددت بناء على الرقم الأكبر وليس الرقم الرسمي دون المخالفين الذين لم يهتموا بتوريد محاصيلهم للحكومة لأنهم بالأساس مخالفين وهو ما أحدث بعض الفارق في إجمالي الكميات الموردة من الفلاحين".
ولفت إلى أن "هناك أيضا مساحات كانت أقل من فدان مزروعة بالأرز بسبب تفتيت الحيازات وبالتالي أصحاب هذه الحيازات كان توريدهم أقل من الإنتاجية المطلوبة للفدان لأنهم بالأساس لم يزرعوا فدانا كاملا وهذه الأمور لابد من تلافيها لضبط موسم زراعة الأرز حتى يتم تحقيق الاكتفاء المطلوب من سلعة أساسية واستراتيجية لكل المصريين مثل الأرز، كما أن إجمالي المساحة المسموح بزراعتها تدر محصولا يقدر بثلاثة ملايين و200 ألف طن وهي كمية تكفي السوق المصري لكن في الظروف العادية لكن في حالة الأزمات الغذائية والظروف غير الطبيعية كان لابد من زيادة المساحات المسموح بزراعتها حتى تغطي الاحتياجات وما يطرأ عليها في وقت الأزمات".