الجراحة استغرقت 10 ساعات كاملة داخل غرف العمليات
الجراحة استغرقت 10 ساعات كاملة داخل غرف العمليات

نجح فريق طبي مصري في إجراء أول عملية زرع رئة لمريضة من متبرعين أحياء، بعد إجراءات وتحضيرات طبية استغرقت عدة أشهر نظرا لعدم إجراء هذا النوع من الجراحات في مصر من قبل. 

وقال مدير وحدة زراعة الرئة بجامعة عين شمس أستاذ مساعد جراحات الصدر، الدكتور محمد حسين، لموقع "الحرة" إن "العملية هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وليس في مصر فقط، لأن كل العمليات الجراحية التي تمت من قبل في منطقة الشرق الأوسط، كانت من متوفين حديثي الوفاة، وليس من متبرعين أحياء، وهو ما يجعل درجة لصعوبة في إجراء الجراحة كبيرة، واستطاع الفريق الطبي المصري الذي يتكون أعضاؤه من 13 تخصصا طبيا مختلفا، إجراء العملية بنجاح". 

ما قبل الجراحة.. 4 سنوات من التدريب  

منذ 4 سنوات بدأ فريق طبي مصري العمل على إجراء جراحات زراعة الرئة في مصر، وفي سبيل ذلك تم إرسال فريقين طبيين للخارج للتدريب الأول كان مكونا من 10 أطباء وذهب إلى جامعة كيوتو اليابانية، والثاني إلى مستشفى الملك فيصل بالرياض والذي كان "حسين" يشغل منصب مدير برنامج زراعة الرئة به، ومع الدخول في مراحل متقدمة من التنفيذ أثرت جاحة كوفيد19 على خطط العمل، التي تأخرت قرابة عام ونصف بسبب القيود الطبية والاجراءات الاحترازية التي اجتاحت العالم بسبب الفيروس الشهير. 

ويقول "حسين" إن "عيادة تحضيرية لمرضى الرئة في مصر تم فتحها والإعلان عنها منذ عدة أشهر لتلقي الحالات المرضية والمتبرعين، وجاء إليها عدد كبير من المرضى، لكن كانت هناك صعوبة كبيرة في إيجاد تطابق بين المرضى والمتبرعين على مستوى الأنسجة وتحاليل الدم وإجراءات أخرى طبية وهي الإجراءات الطبية التي تجعل من عمليات نقل وزراعة الرئة من الأحياء أصعب وأخطر كثيرا من العمليات التي يتم فيها نقل الرئة من متوفين حديثي الوفاة". 

خلال تلك الفترة حضرت المريضة التي أجريت لها الجراحة وتدعى سحر وعمرها 28 عاما، وتعاني من فشل تنفسي نتيجة تليف كبير، وارتفاع في ضغط الشريان الرئوي وفشل في عضلة القلب. 

كان المتبرعان للمريضة شقيقيها، ويشير "حسين" إلى أن "الشقيقين المتبرعين كان لديهما حماس كبير تجاه إجراء العملية لشقيقتهما، وبدأنا الإجراءات التحضيرية وتحاليل التوافق وكانت نتيجتها إيجابية على مستوى توافق الأنسجة وفصيلة الدم وتقرر أن تجرى الجراحة، الأربعاء، الماضي بعد إطلاع المريضة وأسرتها على كافة التفاصيل والمعلومات". 

12 ساعة في 3 غرف عمليات 

استغرقت الجراحة 10 ساعات كاملة داخل غرف العمليات، بالإضافة لساعتين للتخدير قبل البداية، ويضف "حسين" المشهد أثناء الجراحة بأن "الفريق الطبي تم توزيعه على ثلاث غرف عمليات كانت الأولى يوجد بها الشقيق الأول الذي سيتبرع بجزء من الرئة اليمنى والثانية توجد بها المريضة والثالثة يوجد بها الشقيق المتبرع بجزء من الرئة اليسرى واستمر الفريق الطبي في إجراء الجراحة لمدة 10 ساعات متواصة حتى انتهينا من زراعة الفصين بجسد المريضة". 

داخل غرف العمليات الثلاث كان هناك 9 جراحين، بواقع 3 جراحين في كل غرفة منهم بالإضافة إلى 6 من استشاريي التخدير وأطقم التمريض وباقي الفريق الطبي الذي أجرى الجراحة ويقول "حسين" إنه شارك من قبل في قرابة 300 جراحة نقل رئة في كل من فرنسا والسعودية حيث كان يعمل هناك، لكنه يرى أن الجراحة التي أجريت في مصر من أكثر تلك العمليات صعوبة نظرا لحالة المريضة، وكون النقل يتم من متبرعين أحياء وليس من موتى وأيضا لكونها الحالة الأولى من نوعها في مصر. 

وعن حالة المريضة والمتبرعين يقول إن "المتبرعين حالتهم جيدة وسيغادرون المستشفى، الخميس، والمريضة أيضا حالتها مستقرة، وتتحسن يوما بعد يوم ووظائفها الحيوية جيدة ونسبة الأكسجين في دمها جيدة وهي لاتزال على جهاز التنفس الصناعي". 

مصر تتجه إلى التوسع في عمليات زراعة الرئة 

تحتاج مصر سنويا إلى إجراء ما بين 300 إلى 400 عملية زراعة رئة وفقا للنسب العالمية التي تقدر احتياجات عدد العمليات لكل مليون مواطن ونظرا لعدم إمكانية إجراءعمليات الزراعة في مصر فإن المضاعفات تؤدي إلى وفاة أغلب المرضى وهو ما يدفع مصر إلى الإتجاه بقوة نحو التوسع في إجراء جراحات زراعة الرئة تلبية لاحتياجات المرضى. 

ويتوقع "حسين" أنه " "مع إجراء الجراحة الأولى سيتم التوسع في إجراء العمليات بشكل دوري وفقا للحالات المتاحة، في حالة وجود متبرعين مناسبين بناء على تحاليل التوافق بينهم وبين المرضى. 

ويأمل أن يكون هناك خطوات أكثر إيجابية في بدأ برنامج زراعة الأعضاء من متوفين حديثا لأن هذا أفضل كثيرا من عمليات النقل من متبرعين أحياء. 

ويضم الفريق الطبي الذي أجرى جراحة زراعة الرئة في مستشفى عين شمس التخصصي، أطباء ومتخصصين من 13 تخصصا طبيا مختلفا بينهم تخصصات الصدر والرعاية المركزة والتخدير والأشعة والطب الطبيعي وجراحات الصدر والصيدلة الإكلينيكية وهو الفريق الذي يعمل على إجراء مزيد من تلك الجراحات مستقبلا. 

وأعلنت مصر نهاية سبتمبر الماضي عن إنشاء مركز إقليمي لزراعة الأعضاء في مصر على أن يكون الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط وأفريقيا في مستشفى معهد ناصر الذي يجري تطويره ليكون مدينة طبية متكاملة وبالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة لإنشاء منظومة متكاملة تشمل قاعدة بيانات لعمليات زراعة الأعضاء والمرضى والمتبرعين. 

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.