أنهى وزير الخارجية الصيني، كين غانغ، الأحد، جولة زار فيها خمس دول في أفريقيا، الأحد، لتكون مصر محطته الأخيرة، حيث عقد اجتماعات منفصلة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط.
وتزامنت الزيارة مع توقيت حرج للاقتصاد المصري وعملة البلاد، والتي انخفضت بمقدار 17 في المئة منذ يناير، وما بين 1 إلى 50 في المئة خلال عشرة أشهر، بسبب سياسات اتبعتها الحكومة كجزء من إصلاحات مالية اشترطها صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على قرض.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري، سامح شكري، تطرق وزير الخارجية الصيني إلى عدة قضايا من بينها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومكافحة الإرهاب وأهمية الحفاظ على الأمن الإقليمي والتزام الصين بدعم الاقتصاد المصري.
وكانت مصر قد وافقت على إجراء تغييرات هيكلية في نظامها المالي، مقابل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي مقابل 3 مليار دولار، وقد تضرر الاقتصاد المصري جراء الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن بكين "أمامها الكثير لتخسره في حال انهيار الاقتصاد المصري"، وذلك بسبب مستوى التجارة بين الدولتين ولأن الصين تعد أكبر مستخدم لقناة السويس، الضروري لربط شحن البضائع إلى أوروبا.
ونوه وزير الخارجية الصيني إلى أن بلاده بصدد رفع الصادرات من المنتجات المصرية وجذب السياح الصينيين لمصر، وهو قطاع أساسي لدعم الاقتصاد المصري، الذي عانى أيضا من إجراءات السفر التي تعطلت بسبب جائحة كورونا، ورغم أن عدد السياح الصينيين ارتفع تدريجيا إلا أنه شهد انخفاضا كبيرا بالمقارنة بفترة ما قبل تفشي كورونا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين، في مؤتمر صحفي في بكين، الإثنين، إن "الصين تقدّر قرار مصر باستقبال السياح الصينيين. نعتقد أنه في المستقبل القريب، سيعود عدد السياح الصينيين والرحلات الجوية إلى مصر إلى مستوى ما قبل الوباء أو حتى قد يتجاوزه".
لكن المجلة ذكرت أن الأسلوب الذي قد تتبعه الصين لجلب سياحها إلى مصر ليس واضحا بعد، ففي اليوم ذاته من المؤتمر الصحفي المشترك سجلت هيئة الصحة الوطنية الصينية حوالي 60 ألف وفاة مرتبطة بكوفيد-19 في المستشفيات عبر البلاد منذ رفع إجراءات الإغلاق الصارمة في ديسمبر.
وأشارت المجلة إلى أن مصر ستحتاج التزام الصين بدعم المشاريع العملاقة التي تشرف عليها الحكومة المصرية، وتساهم بكين في تمويل إنشاء منطقة للأعمال تتضمن مشروع العاصمة الإدارية والذي تبلغ كلفته 59 مليار دولار بالتعاون مع الشركة التابعة للحكومة الصينية "China State Construction Engineering Corp".
وكانت مصر قد أعلنت عن مشروع العاصمة الإدارية في عام 2015، على أن ينتهي في منتصف عام 2023، وهو ممول جزئيا بسندات ذات فائدة عالية، ويعتبره معارضو السيسي مشروعا "للتفاخر" من شأنه أن يزيد من مديونية الدولة، وفق تعبير المجلة.
وفي حديث مع فرانس برس، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد: "رؤية لما يسمى التحديث تقوم على نقل مظاهر الحداثة الغربية إلى مصر، أي أن تكون لدينا أبراج وطرق واسعة وتكنولوجيا متقدمة"، غير أن التحديث على حد قوله "يعني بالأساس أن تكون هناك حكومة مسؤولة أمام شعبها، ويعني توفير تعليم جيد لغالبية المصريين".
كما أن الصين استثمرت مليارات في المنطقة الاقتصادية التابعة لقناة السويس، كجزء من مبادرة "الحزام والطريق" التي أعلن عنها الرئيس، تشي جينبيغ.
وداخل هذه المنطقة أنشأت بكين ما يعرف باسم "منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر تيدا السويس" أو "مدينة تيدا" حيث تقوم أعمال مملوكة صينيا بتصنيع المنتجات وتصديرها إلى أوروبا والشرق الأوسط والصين، وتقدر الصين أنها خلقت أكثر من 30 ألف فرصة عمل.
وطوال 30 عاما اتبعت الصين تقليدا بإرسال وزير الخارجية الصيني في أول زيارة منذ توليه منصبه إلى أفريقيا، وتضمنت رحلة غانغ أيضا إثيوبيا والغابون وأنغولا وبنين.
وتعد مصر من بين أكبر ست دول تساهم في دعم ميزانية الاتحاد الأفريقي، وتضم الأخرى كلا من الجزائر والمغرب وأنغولا ونيجيريا وجنوب أفريقيا.
وبينما تعمل الولايات المتحدة على رفع نفوذها في أفريقيا توطد الصين علاقاتها مع دول القارة بالإضافة إلى تركيزها على الشرق الأوسط.