عقب اعتقال مصرية على خلفية نشرها فيديوهات وصفت بـ" الخادشة للحياء"، أثير جدل عبر مواقع التواصل بشأن حملة "تطهير المجتمع" التي يروج لها بعض المحامين والنشطاء، حول ما إن كانت وسيلة ناجعة للحفاظ على قيم المجتمع، أو أنها باتت جزءا من حملات عديدة تهدف إلى التضييق على الحريات الاجتماعية ولاسيما المتعلقة بحقوق المرأة والنساء.
وكانت جهات التحقيق في القاهرة قد أمرت بحبس صاحبة قناة "يوميات أنوش" 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد انتشار مقاطع فيديو لها عبر المواقع الإلكترونية وصفت بأنها "خادشة" للآداب العامة.
وبعد القبض على صاحبة قناة "يوميات أنوش"، وجهت بحقها تهم "ممارسة الفسق والفجور على مواقع التواصل الاجتماعي، والاعتداء على القيم الأسرية وانتهاك حرمة الحياة الخاصة"، وفقا لما ذكر موقع "القاهرة 24".
وجاء في البلاغ المقدم من المحامي أشرف فرحات، أن طبيعة المحتوى المقدم من صاحبة قناة "يوميات أنوش"، يعرضها للمساءلة القانونية لمخالفتها نصوص القانون رقم 175 لسنة 2018 الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات وذلك لمخالفتها الصريحة لنص المادتين 25 و26 من نفس القانون.
وفي حال إدانة تلك السيدة، فمن المتوقع أن تصل عقوبتها إلى السجن لمدة ثلاثة أعوام، وفقا لما ذكر موقع قناة "صدى البلد" الذي أشار إلى أن "نص قانون مكافحة الدعارة والفجور، رقم ١٠ لسنة ١٩٦١" قد نص بالمادة ١٤ على أنه "كل من أعلن بأي طريقة، من طرق الإعلان دعوى تتضمن إغراء بالفجور ولفت الأنظار يعاقب بالحبس، مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وتغريمه".
كما نص قانون العقوبات، بالمادة ١٧٨ على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، كل من نشر مقاطع تصويرية على مواقع التواصل الاجتماعي إذا كانت خادشة للحياء".
مخاوف "مؤثرة"
ويبدو أن ما حدث مع تلك السيدة المطلقة التي تقول إنها لجأت إلى اليوتيوب لإعالة صغارها، قد أثار الخوف لدى مؤثرات مصريات، إذ قالت البلوغر الشهيرة، سابي صالح، البالغة من العمر 26، إنها تخشى من تداعيات "إقدام سيدة مجهولة" على انتحال شخصيتها ونشر مقاطع فيديو لها كانت قد نشرتها في مجموعة مغلقة خاصة بالفتيات على موقع فيسبوك وتعرض فيها ملابس نسائية للبيع.
وأوضحت صالح في حديثها لموقع "القاهرة 24" أن بداية عملها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت منذ ثلاث سنوات، لكنها منذ وقت قريب فوجئت بفتاة انتحلت شخصيتها وأنشأت صفحة عبر تطبيق "تيك توك" ونشرت مجموعة صور وفيديوهات قديمة لها عبر هذا الحساب المزيف.
وأشارت البلوغر الشابة إلى أن الفيديوهات المنشورة من قبل السيدة التي انتحلت شخصيتها عبر "تيك توك" قد جرى التلاعب بها، موضحة: "كانت بتقطع الفيديوهات بشكل صعب وكان الفيديو اللي بتنزله يحمل أكثر من معنى، أنا المحتوى بتاعي مفيهوش كده، واللايف (البث المباشر) كنت بعرض فيه لبس للبنات وبقعد أهزر (أمزح) معاهم".
"رفض لتسليع النساء"
وفي معرض انتقادها للحملات التي "تزعم أنها تسعى إلى حماية المجتمع"، ترى الناشطة الحقوقية، مي صالح، في حديثها لموقع الحرة أنه من "المرفوض بشكل قاطع أن ينصب أفراد أو جمعيات أهلية أنفسهم على أنهم حامي حمى القيم المصرية، والمدافعين عن المبادئ والأخلاق".
وتوضح صالح "أن هذه القيم لا تطبق إلا على النساء فقط وتستهدفهن في حرياتهن وحقوقهن، فنحن لا نسمع عن تلك القيم بشأن حوادث العنف المنزلي التي تستهدف فتيات ونساء على أيادي أزواجهن أو ذويهن من الذكور، والكثير يغض الطرف عند الحديث عن ضرورة منح المرأة حقها في الميراث، ويمكن القياس على ذلك في الكثير من الأمور".
وشددت صالح على أن "تدشين حملات لتطهير المجتمع والحفاظ على القيم هو أمر غير مقبول البتة، لأنها تعتمد على كلمات مطاطة (فضفاضة) يمكن تفسيرها على عدة أوجه، وبالتالي التدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة الفئات الضعيفة المستهدفة وتحجيم تواجد النساء في الفضاء الافتراضي وعبر منصات التواصل الاجتماعي".
وأكدت الناشطة المصرية على أنه في المقابل لا يجوز أن تهدف ما تسمى فيديوهات "الروتين المنزلي" إلى "تسليع جسد المرأة وكأنه بضاعة معروضة للبيع"، خاصة أن هناك من "يأخذ مقاطع معينة من الفيديوهات ونشرها بما يوحي أن تلك النسوة يسعين إلى نشر الفجور وهدم القيم".
ودعت صالح إلى استغلال منصات التواصل الاجتماعي بعيدا عن "تسليع النساء وعدم تقديم صورة مغلوطة ودونية ومسيئة للمرأة المصرية التي أثبتت كفاءتها وجدارتها في الكثير من مجالات الحياة وتفوقت في العديد منها على الرجال".
" لسنا حراس فضلية.. ولكن"
وفي المقابل، يرى المحامي، أشرف فرحات، الذي يرأس حملة "تطهير المجتمع" في حديثه مع موقع الحرة أنهم "لا يستهدفون النساء ولا حريات المرأة"، وأن "سهامهم موجهة إلى الأفعال المأثمة والمجرمة بالقانون المصري بغض النظر عن جنس مرتكبها وخلفيته الاجتماعية".
وتابع: "اتهامنا بأننا ننصب أنفسنا (حراس فضيلة) على المجتمع، أمر عار عن الصحة تماما، لأن حملة 'تطهير المجتمع' توازن بين حريات التعبير وبين إسكات الأصوات الملوثة سمعيا وبصريا للمواطنين، وتلك المسألة لا تقتصر على المرأة التي يحق لها أن تفعل ما تشاء في إطار القوانين المصرية التي تحكم السلوك المجتمعي".
وأضاف "القانون ألزم أي مواطن بالإبلاغ عن أي جريمة علم بارتكابها، وهنا دور المواطن بشكل عام يكون رقابيا وملزما لحماية المجتمع المصري بغرض مواجهة إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك عن طريق التواصل مع الجهات المعنية مثل الشرطة والنيابة العامة ومباحث الإنترنت وخلافه".
وشدد فرحات على أن الجهات المختصة "لا تأخذ أي بلاغ على محمل الجد إلا بعد التحقق من أن هناك جريمة ترتكب من لدن امرأة أو رجل أو قاصر عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، وبعد التأكد يصدر أمر بالضبط والإحضار والتحقيق والإحالة للمحاكمة لأن هناك جريمة قد اكتملت أركانها".
وزاد: "وهكذا فنحن لا ننصب أنفسنا حماة للفضيلة والقيم ولسنا مقيدين للحريات، بيد أننا نتعامل من منطلق واجبنا كمواطنين، وإطلاقنا للحملة جاء لأن الأفعال المخالفة للقانون أصبحت ترتكب بشكل فج وباد للعيان، خاصة وأن شركات إنترنت ظهرت لاستغلال شباب وفتيات ونساء لإبعادهم عن العمل المفيد مقابل رواتب كبيرة لا يتقاضاها وزراء ومسؤولون كبار".
وختم بالقول: "شيئا فشيئا تبدأ تلك الشركات تطلب من النساء والفتيات مستغلة حاجتهن للمال والشهرة نشر مواد مخلة بالآداب وخادشة للحياء مما يجعلهن يقعن بالمحظور، ومرة أخرى أوكد أننا لا نستهدف النساء والدليل أننا أبلغنا التيك توكر المصري الشهير إبراهيم مالك".
وكان إبراهيم مالك، الذي اشتهر عبر تطبيق موقع التواصل الاجتماعي اعتاد الظهور مع فتيات في بث مباشر وإجراء تحديات معهن قبل اعتقاله بتهمة "نشر الفسق والفجور".
وأوضح فرحات في حديث سابق أنه تقدم ببلاغ ضد إبراهيم مالك، ذاكرا فيه أن الأخير يبث فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، "خادشة للحياء العام".
واشتهر إبراهيم مالك قبل اعتقاله بالظهور المتكرر مع فتيات وسيدات من مختلف الدول العربية، فضلًا عن اشتهاره بجملة: "عازب لسة ومتجوزتش مين ترضى بيا؟".