"سجن بدر المصري الذي وصفته السلطات بأنه نموذج للإصلاح"
"سجن بدر المصري الذي وصفته السلطات بأنه نموذج للإصلاح"

سلط تقرير لوكالة رويترز الضوء على سجن بدر المصري الجديد الذي وصفته السلطات بأنه نموذج للإصلاح وتحتجز فيه بعض أبرز السجناء، مشيرا إلى أنه يحرم النزلاء من الرعاية الصحية ويخضعهم لمعاملة عقابية تشمل العزل.

والكثير من السجناء القابعين الآن في سجن بدر، على أطراف مدينة القاهرة، نقلوا من سجن طرة القديم الواقع في إحدى الضواحي الجنوبية للمدينة حيث كان يحتجز سجناء من بينهم قادة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وغيرهم من النشطاء السياسيين.

وتقدر جماعات حقوقية أن عشرات الآلاف سُجنوا بسبب المعارضة السياسية في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويشكون منذ فترة طويلة من انتهاكات بما في ذلك التعذيب الممنهج وظروف الاحتجاز التي تهدد الحياة.

ولم تستجب الحكومة، التي تقول إنها لا تحتجز سجناء لأسباب سياسية، لطلبات للتعليق على تقرير رويترز. كما نفت في الماضي اتهامات بارتكاب انتهاكات وقالت إنها تعمل على تحسين الظروف من خلال تقليل كثافة السجناء في سجونها وتحديث المنشآت العقابية.

واصطحبت السلطات صحافيين، بمن فيهم مراسل من رويترز، في جولة إلى بدر العام الماضي، وهي خطوة يرى منتقدون أنها جزء من محاولة الحكومة لمواجهة الانتقادات الغربية لسجلها الحقوقي وجذب المزيد من الاستثمارات وتدفقات المساعدات، وتعزيز نفوذها الإقليمي.

وفي عام 2018 اعتقل عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي السابق الذي كان محسوبا على تيار الإسلام السياسي المعتدل عندما ترشح للمنصب عام 2012، وكان من بين الذين نُقلوا من طرة إلى جناح بدر 1 في السجن الجديد.

وصرح نجله حذيفة أبو الفتوح أن "الوضع أسوأ بكثير من طرة".

وأضاف أن والده البالغ من العمر 71 عاما أمضى 12 يوما مرتديا نفس الملابس في السجن الجديد، ولم تعد لديه الحشية التي كانت معه في سجن طرة "ليرتاح ظهره أثناء النوم". وقال أيضا إنه حُرم من الأغطية الكافية لدرء برد الشتاء.

وحكت جماعات حقوقية وأقارب سجناء تفاصيل انتهاكات أخرى، رغم أن العديد ممن تحدثت إليهم رويترز قالوا إنه كان من الصعب عليهم الحصول على معلومات حول الظروف داخل سجن بدر، حيث قالوا إن السجناء محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، أكثر من وضعهم السابق في سجن طرة.

وطلب العديد عدم ذكر أسمائهم خوفا من الانتقام. ولم تتمكن رويترز من التواصل مع السجون المصرية إلا من خلال جولات رسمية.

وقالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان والشبكة المصرية لحقوق الإنسان إن أربعة سجناء توفوا في سجن بدر العام الماضي بسبب الإهمال الطبي، من بينهم علاء السلمي (47 عاما) الذي كان مضربا عن الطعام لمدة شهرين بسبب ظروف الاحتجاز.

رفع الشكاوى

قال محمد دومة، الذي يُحتجز شقيقه في جناح بدر أن شقيقه الناشط أحمد دومة ظل يطلب من دون جدوى إجراء تحاليل الدم والأشعة السينية لآلام المفاصل ومشاكل الكلى الناجمة عن الإضراب عن الطعام لمدة ثمانية أشهر على الأقل.

وقالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وهي منظمة حقوقية مصرية، إنها تقدمت بشكوى قانونية للسلطات بعد أن تم جذب الأعضاء التناسلية لمسجون آخر بعنف أثناء التفتيش في سجن بدر. وقالت إنها لم تتلق أي رد.

ولم ترد وزارة الداخلية والهيئة العامة للاستعلامات على طلبات عدة للتعليق على هذا المقال وعلى أسئلة حول الحالات التي أثارتها الجماعات الحقوقية وأقارب السجناء مثل الحرمان من الرعاية الصحية.

وكان أحد مراسلي رويترز قد انضم إلى زيارة لبدر عند افتتاحه في أواخر عام 2021 حيث شوهدت معدات طبية حديثة ونزيلات يقمن بأعمال فنية وخياطة. في ذلك الوقت، وصف أحد المسؤولين السجن بأنه جزء من التحول نحو نهج "إصلاحي" يعكس "مدى التقدم والحداثة" في نظام الاحتجاز المصري.

وقالت وزارة الداخلية إن النزلاء لديهم مساحة لممارسة الرياضة والعبادات والتدريب. كما أوضحت الوزارة أن سجن بدر يركز على "إعادة التأهيل"، بما يتماشى مع استراتيجية حقوق الإنسان الخمسية التي نُشرت في عام 2021، وهي واحدة من مبادرات عدة طُرحت في الأشهر الثمانية عشر الماضية وتشمل الإنهاء التدريجي لحالة الطوارئ التي كانت سارية منذ سنوات، والعفو عن بعض السجناء وإطلاق حوار سياسي.

وفي أواخر عام 2021، افتتحت مصر منشأة جديدة أخرى في وادي النطرون، شمال غربي القاهرة، حيث يقضي الناشط المصري البريطاني المعروف علاء عبد الفتاح مدة عقوبته.

ووصف منتقدون من بينهم نشطاء وأقارب سجناء وجماعات حقوقية وشخصيات معارضة الخطوات بأنها شكلية إلى حد كبير ويقولون إن السجون ما زالت تحتجز العديد من سجناء الرأي.

وبعد أن قاد السيسي حينما كان قائدا للجيش عام 2013 الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بعد احتجاجات حاشدة ضد حكمه تم حظر الجماعة وسجن العديد من أعضائها وأنصارها. وسجن مرسي وانهار وتوفي في قاعة محكمة في طرة عام 2019.

ظروف "مروعة"

وقال أقارب أحد النزلاء وعمرو حشاد الباحث في الجبهة المصرية لحقوق الانسان إنه خلال واقعتين في بدر تُرك سجناء بحاجة ماسة للرعاية الصحية لساعات من دون علاج، وقرع النزلاء الجدران أو الأبواب لجذب الانتباه.

وقال حسين بيومي من منظمة العفو الدولية إن بعض الموجودين في جناح بدر 3 هم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين أو متعاطفون مع الجماعة المحتجزة بتهم الإرهاب. وكانت منظمة العفو وصفت الجناح في أكتوبر، بأنه يعاني من "ظروف مروعة وعقابية".

وذكر بيومي "بناء على تقييمنا، من المتعمد إخضاع السجناء لظروف غير إنسانية فقط بسبب هويتهم وخلفيتهم السياسية".

ويقول أقارب السجناء إنهم يعانون أكثر مما كان الوضع عليه في طرة للحصول على أخبار عن ذويهم أو زيارتهم أو توصيل الأدوية أو المواد الغذائية لهم.

وذكرت إحدى الأمهات التي قُبض على ابنها بتهم الإرهاب في 2017، ثم نُقل من طرة إلى بدر 3 في يونيو، أن المرة الأخيرة التي رأتها فيها كانت في عام 2019، حينما كان يضغط بوجهه على نافذة الشاحنة التي كانت تقله للمحكمة.

وأوضح أقارب آخرون أن النزلاء يعانون من أجل التواصل مع بعضهم البعض لأن أبواب الزنازين لا تحتوي على فتحات أو نوافذ، ويتم مراقبة السجناء بواسطة كاميرات في الزنزانات المضاءة باستمرار، ويقولون إن الوضع لم يكن كذلك في طرة.

ومنع السجناء الذين حاولوا في الماضي الحديث عن الظروف في السجن. وقالا بيومي ونبيه الجنادي، المحامي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن الميكروفون قطع في جلسات المحاكمة التي كانت تنعقد عبر الإنترنت مرة عندما حاول سجين الإبلاغ عن تعرضه للضرب ومرة أخرى عندما سعى سجين إلى وصف وفاة أحد النزلاء.

وجاء في رسالة مكتوبة بخط اليد هربها سجناء بدر 3 واطلعت عليها رويترز أن المحتجين على الأوضاع بالسجن أخذت منهم ملابسهم وأغطيتهم أو أرسلوا إلى زنزانات ضيقة لا يحصلون فيها إلا على شريحة خبز واحدة وقطعة صغيرة من الجبن لتناولها يوميا.

وقال الجنادي إنه حضر جلسة محاكمة عبر الإنترنت في نوفمبر، عندما اشتكى نحو 50 سجينا محتجزين بتهم الإرهاب في بدر 3 من نقص العلاج الطبي والتمارين الرياضية والمياه الساخنة والزيارات العائلية.

لقطة لإحدى الطائرتين المصريتين
لقطة لإحدى الطائرتين المصريتين

لا تزال تداعيات الخطوة المصرية بإرسال أسلحة إلى الصومال مستمرة، إذ نشرت تقارير إخبارية، هذا الأسبوع، أنباء عن دول أفريقية أي تواجد مصري في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، وتساءلت عن الهدف المصري الآن.

وقال موقع "ذي إيست أفريكا" الكيني وموقع غاروي أونلاين الصومالي إن دول مساهمة بقوات في بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال تشعر بالقلق إزاء النفوذ المتزايد لحليف الصومال الجديد، مصر.

وتتوقع مصادر أن تنشر مصر قوات ضمن قوات حفظ سلام أفريقية جديدة، مطلع العام المقبل، بعد انتهاء ولاية بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس).

وجاء ذلك بعدما وقعت القاهرة في أغسطس "بروتوكول تعاون عسكريا" مع مقديشو، وعرضت المشاركة في قوات حفظ السلام الجديدة.

وفي أغسطس أيضا، أرسلت مصر طائرتين عسكريتين محملتين بالأسلحة إلى الصومال، مما أثار حفيظة إثيوبيا، التي لديها حاليا آلاف القوات العاملة هناك، خاصة جنوب غربي البلاد. وتعمل بعض هذه القوات ضمن "أتميس"، بينما توجد قوات أخرى في البلاد، بموجب اتفاقيات أمنية ثنائية.

وبعد وقت قصير من إعلان مصر إرسال مساعدات عسكرية، أطلقت إثيوبيا تحذيرا، قائلة إن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى "المجهول".

وقال موقع "ذي إيست أفريكا" إن القلق الذي يساور الدول المانحة، التي تسهم بقوات في الصومال يتمثل بأن نشر القوات المصرية على حساب القوات الإثيوبية، التي كانت ضمن بعثات حفظ السلام في الصومال منذ عام 2014، هو "فوز استراتيجي لمصر، التي تخوض خلافا مع أديس أبابا بشأن مياه النيل، وقد يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات في القرن الأفريقي".

وترى بض الدول المساهمة أن دخول مصر من شأنه تعطيل بعثة الاتحاد الأفريقي.

وتدعم أوغندا وكينيا وبوروندي وإثيوبيا وجيبوتي بشكل أساسي قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، وقد انضمت إليها في مراحل مختلفة.

وأبدى وزير الدولة للشؤون الخارجية الأوغندي، هنري أوكيلو أوريم، معارضته الشديدة لإرسال مصر قوات إلى الصومال، وفق موقع "غاروي أونلاين" الإخباري الصومالي.

وتعد أوغندا شريكا أمنيا أساسيا للصومال، وقد أرسلت قواتها إلى هناك في مارس 2007. ووصلت قوات بوروندي في ديسمبر من ذلك العام، بينما تم دمج قوات جيبوتي وكينيا وإثيوبيا رسميا بين عامي 2011 و2014.

وقال أوريم لصحيفة "ذي إيست أفريكا": "من الناحية الهيكلية، لن تكون البعثة التالية مختلفة عن الترتيبات السابقة. قد تكون مختلفة من الناحية التشغيلية، ولكن ليس من الناحية الهيكلية".

وأضاف: "الدول المساهمة بقوات تسأل: لماذا تريد مصر الانضمام الآن؟، وأين كانت طوال هذا الوقت؟ كان ينبغي لها أن تأتي في وقت أبكر بكثير".

وتعززت العلاقات بين مصر والصومال، هذا العام، بعد أن وقعت إثيوبيا، في يناير الماضي، اتفاقا مبدئيا مع منطقة "أرض الصومال" الانفصالية، لاستئجار منفذ ساحلي، مقابل اعتراف محتمل باستقلالها عن الصومال.

ووصفت حكومة مقديشو الاتفاق بأنه تعد على سيادتها، وقالت إنها ستعرقله بكل الطرق الممكنة، وهددت بطرد القوات الإثيوبية في حال لم يتم إلغاء الاتفاق.

وتتزامن هذه التطورات مع خلاف مصري إثيوبي بشأن مشروع سد النهضة الضخم الذي تبنيه إثيوبيا، وتخشى القاهرة من تأثيره على حصتها من المياه.

ونهاية أغسطس الماضي، أعلنت إثيوبيا، انتهاء أعمال البناء الخرساني للسد، والانتقال لمرحلة التشغيل.