تمر مصر بأكبر أزمة مالية بعد انخفاض قيمة الجنيه ونقص المعروض من العملات الأجنبية، وارتفاع تكاليف المعيشة.
وصفت وكالة بلومبرغ الحالة المصرية بأنها "تجربة لا تتكرر إلا مرة كل عقد" وهو ما يجعل مصر الآن، ثاني أكبر بلد مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين.
لكن صناع القرار في مصر يقولون إن هذه الأزمة مرحلية وإن الإصلاحات المرتقبة ستعطي تحولا في الأسواق والاقتصاد وربما المجتمع ككل في مصر، بيد أن تقرير بلومبرغ، يوضح أن من الصعب بمكان، توقع موعد انتهاء الأزمة الحالية.
التقرير رصد بعض المؤشرات التي يمكن أن تُُظهر إلى أين تتجه الأمور..
From the pound to inflation, here are five areas that may show where things are heading next in Egypt https://t.co/LspgMr8Pec
— Bloomberg (@business) February 16, 2023
وضع الجنيه
امتثالا لطلب صندوق النقد الدولي -الذي ساعد في تأمين صفقة بقيمة 3 مليارات دولار- أصبحت العملة المصرية أكثر مرونة، لكن فترات الاستقرار هذه، أعقبت تقلبات وانخفاضات حادة، وفق الوكالة.
الوكالة أشارت إلى أن إنهاء حالة عدم اليقين هذه، وإظهار طرق استخدام الاحتياطيات الدولية والأصول الأجنبية للبنوك لحماية الجنيه قد تم تجاهلها لاحقا، وهو ما جعل المستثمرين يرفضون ضخ مزيد من الأموال في السندات أو حصص الشركات ما لم يتمكنوا من استبعاد انخفاض آخر في العملة.
كما أن الاستئناف المطرد لبعض الواردات، بعد تسوية التأخير في الموانئ المصرية، من شأنه أن يظهر تحسن تدفقات النقد الأجنبي والضغط على الجنيه.
وفي حين أن الانخفاضات الأكثر حدة قد تكون قد ولّت، فإن محللين من مؤسسات مرموقة مثل Standard Chartered Plc و HSBC Holdings Plc لا يستبعدون حدوث مزيد من الضعف هذا العام.
الدّين
يقول التقرير إن الانتعاش المتواضع في الفائدة الخارجية المرتقبة بداية من يوليو المقبل سيشير إلى أن البلاد في طريقها لتغطية فجوة التمويل الفورية.
وتستهدف السلطات في مصر 2 مليار دولار من صافي التدفقات الداخلة بحلول ذلك الوقت (يوليو) وهو هدف يعتمد على الأرجح على ثقة المستثمرين في الجنيه.
في غضون ذلك "لا تزال الشهية ضعيفة"، وفقا لمقياس الطلب على الأوراق المالية المصرية لمدة 12 شهرا، تقول بلومبرغ.
مساعدات الخليج
كانت التوقعات بأن حلفاء مصر الخليجيين سيأتون لنجدة القاهرة، لكن تلك الآمال لم تكن في محلها، خلال أوج الأزمة.
ومنذ ما يقرب من عام منذ التعهد بتقديم أكثر من 10 مليارات دولار من الاستثمارات، لم يتحقق سوى جزء بسيط من هذا التمويل الذي وصفه صندوق النقد الدولي بأنه حرج.
وأثارت التصريحات الأخيرة للسعودية بشأن السعي للإصلاحات قبل أن تدعم أي دولة تكهنات بشأن التأخر في مساعدة مصر.
كل هذا "يعني أن الصفقة الكبيرة التالية، التي من المحتمل أن تتضمن بيع حصة مملوكة للدولة المصرية في شركة كبرى إلى الإمارات العربية المتحدة أو قطر أو السعودية قد تكون فاصلة"، تقول بلومبرغ.
ذات الوكالة، كشفت أن المستثمرين الخليجيين يرون أن الجنيه قد وصل إلى القاع، مما يسمح لهم أخيرا بالاستقرار على ما يرون أنه أسعار محلية عادلة للأصول.
رفع يد الدولة عن الاقتصاد
في ضوء تقرير صندوق النقد الدولي الأخير، كانت هناك خطوط قد تكون أساسية لمستقبل مصر، أبرزها الوعد بكبح مشاركة الدولة الشاملة في الاقتصاد، ولا سيما مؤسسة الجيش.
واشتكى مستثمرون في مصر من أن القطاع الخاص قد تم مزاحمته بشكل كبير من طرف الدولة، مما ثبط الاستثمار الأجنبي الذي تمس الحاجة إليه.
التضخم
أدى التضخم المتسارع الذي لم يظهر أي علامة على التراجع حتى الآن، إلى تراكم إحساس البؤس لدى أكثر من 100 مليون شخص في مصر، من الطبقة العاملة والمتوسطة على حد سواء، وفق بلومبرغ.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية في يناير بأسرع وتيرة على الإطلاق، بينما تقول الحكومة إن معالجة الارتفاع يمثل أولويتها القصوى.
وبدأت العائلات في تقليص نفقاتها وتم تقديم خصومات خاصة بفترة رمضان في وقت مبكر.
وكان اقتراح هيئة الرقابة على التغذية الحكومية، بأن يأكل المصريون مزيدا من أرجل الدجاج، أثار غضبا عارما في أوساط المواطنين.
وتدرك السلطات المصرية مخاطر الوضع الراهن؛ لأن تكاليف المعيشة المتزايدة ساعدت سابقا في اندلاع انتفاضات الربيع العربي.
وبينما تنتظر الحكومة أن يبدأ التضخم في التباطؤ، في النصف الثاني من عام 2023 على أقرب تقدير، تبقى الأمور حرجة لحد الآن.