مستشفى عام في العريش بسيناء. إرشيفية.
البرلمان المصري يناقش حظر استقالة الأطباء إلا بشروط.. وخبراء يحذرون من زيادة الهجرة. توضيحية.

وجهت نقابة الأطباء في مصر انتقادات لمقترح قانون يقضي بعدم قبول استقالة الطبيب إلا بعد 10 سنوات من الخدمة في القطاع العام أو بدفع ثلاثة أضعاف تكاليف دراسته الجامعية.

وأرجع مسؤولون في النقابة، تحدثوا إلى موقع "الحرة"، سبب القرار إلى تفاقم مشكلة هجرة الأطباء المصريين للعمل في دول الخليج أو أوروبا والولايات المتحدة، محذرين في الوقت ذاته من نتائج عكسية قد تؤدي إلى زيادة معدلات الهجرة وليس خفضها.

تقييد الاستقالات

وخلال الجلسة العامة لمجلس النواب المصري، الثلاثاء، قدم أحد النواب مقترحا يقضي بتطبيق شروط الاستقالة بالنسبة لضباط الشرطة، على الأطباء، وذلك بعدم قبول الاستقالة إلا بعد خدمة 10 سنوات أو دفع ثلاثة أضعاف تكاليف الدراسة الجامعية التي تتكفل بها الدولة.

وفي دفاعه عن المقترح، قال النائب البرلماني، عاطف مغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، في البرلمان، الثلاثاء، إن هذه الخطوة تحافظ على المال العام لأن الكثير من خريجي كليات الطب يستقيلون بمجرد التخرج ويتسببون في عجز كبير في المنظومة الطبية، في ظل تزايد هجرة العاملين في المجال الصحي، بحسب قوله.

وانتقد أمين عام نقابة أطباء مصر، محمد فريد حمدي، في تصريح لموقع "الحرة" مقترح القانون، وقال إن الأجدى أن يهتم مجلس النواب بوضع تشريعات تحسن بيئة العمل في المنظومة الطبية في مصر، بالإضافة إلي زيادة رواتب الأطباء لتكون جاذبة لهم للاستمرار في العمل في مصر.

وقال حمدي إن نقابة الأطباء قدمت للبرلمان مقترحات تشريعات عدة لزيادة مرتبات الأطباء، مشيرا إلى ضرورة عدم تحميلهم تداعيات سوء الأوضاع الاقتصادية، فيما يجري تحسين رواتب فئات أخرى في المجتمع رغم الأزمة الاقتصادية الحالية.

وهذا الرأي اتفق معه أمين صندوق نقابة الأطباء سابقا، الدكتور خالد سمير، الذي قال لموقع "الحرة" إن مثل هذا التشريع غير منطقي وغير قانوني ويتنافى مع مبادئ الدستور ولا يحدث في أي من دول العالم، لأن كلية الطب كلية مدنية لا تخضع لشروط الكليات العسكرية مثل الجيش والشرطة.

وأضاف أن الكليات العسكرية هي كليات داخلية يقيم فيها الطالب طوال سنوات الدراسة، وبالتالي تتحمل الدولة نفقاته من مأكل ومشرب وملابس، ولذلك تشترط عليه الدولة عدم ترك المنصب إلا بعد مرور 10 سنوات أو دفع غرامة مالية، بعكس كليات الطب التي يتعلم فيها الطالب على نفقة الدولة لكن هذه الأموال في الأساس من الضرائب التي يدفعها الشعب.

وتابع سمير قوله: "حتى وإن أردنا مقارنة الطبيب بضابط الشرطة، فسنجد أن الدولة تدعم الضابط من خلال إعانات مالية وتسهيل الحصول على شقق وسيارات بعكس الطبيب الذي يتحمل تكاليف دراسة الماجيستير والدكتوراه الإجبارية بعد تخرجه لمدة سنوات طويلة بدون أي عائد مادي أو دخل معقول".

وأكد سمير أن طالب الطب في مصر يدفع بالفعل ثمن تكاليف دراسته في كلية الطب من خلال التكليف الذي تفرضه الحكومة لمدة عام أو عامين للعمل في المستشفيات العامة في أماكن نائية وفي أسوأ الظروف بعكس رغبة الطبيب.

وسلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الضوء على ارتفاع معدل هجرة الأطباء في مصر، في تقرير نشرته في 26 فبراير، وأوضحت أنه يُشترط على جميع خريجي الطب في مصر العمل في القطاع الحكومي لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يتمكنوا من الانتقال للعمل بأجر أفضل في المنشآت الصحية الخاصة.

وخلال فترة العمل بالقطاع الحكومي، يتلقى الأطباء من ألفين إلى 4 آلاف جنيه  شهريا، وفقا للصحيفة الأميركية، التي أوضحت أن هذا المبلغ انخفضت قيمته بشكل كبير وسط ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأميركي مؤخرا.

وأشار سمير  إلى أن ذلك لا يحدث إلا في مصر، وبالمقارنة مع دولة مثل الولايات المتحدة التي تعتبر من أكثر الدول التي تستقبل الأطباء المصريين، فسنجد أن الطبيب يصل راتبه إلى حوالي 250 ألف دولار في السنة في خلال عامين من ممارسته للمهنة.

مستويات قياسية

وسجل عام 2022 أعلى حصيلة لاستقالات الأطباء والطبيبات خلال السنوات السبع الماضية، بإجمالي 4261 طبيبا، وبمعدل 12 طبيبا وطبيبة في اليوم الواحد، وفقا لبيان صدر عن نقابة الأطباء، في يناير الماضي، وأكد أن العدد يزيد سنويا، إذ تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه في العام الماضي فقط، قدم أكثر من 4300 طبيب مصري يعملون في المستشفيات الحكومية استقالاتهم، بمعدل يصل إلى 13.5 طبيبا كل يوم.

 وأوضحت الصحيفة الأميركية أن الرواتب التي يحصل عليها الأطباء المصريين في بريطانيا أعلى بـ 40 ضعفًا من مرتباتهم في مصر.

وفاقمت هجرة الأطباء المصريين النقص الكبير الحاصل في أعداد الكوادر الصحية في البلاد، وتكشف بيانات منظمة الصحة العالمية أن معدل الأطباء في البلاد لا يتجاوز 7 لكل 10 آلاف شخص، وهو معدل أقل بكثير من الحد الأدنى الذي توصي به (10 أطباء لـ 10 آلاف شخص).

وفي محاولة لحل أزمة هجرة الأطباء، قرر وزير الصحة، الدكتور خالد عبدالغفار، في 9 مارس، تشكيل لجنة برئاسته لدراسة تحسين أحوال الأطباء، فيما طالب البرلمان بإجراء جلسة عامة لمناقشة الأزمة وسبل حلها، بحسب ما تداولت التقارير الإعلامية.

أسباب هجرة الأطباء

وقال أمين صندوق نقابة الأطباء سابقا، الدكتور خالد سمير، إن هجرة الأطباء يحركها عدة مشاكل، أبرزها الدخل المنخفض، والتعرض للاعتداءات، وسوء بيئة العمل، وتدهور المنظومة الطبية التي يدفع ثمنها الطبيب.

وذكرت "واشنطن بوست" أن أغلب الأطباء الشباب في مصر يصلون إلى منتصف الثلاثينيات من أعمارهم ولا تزيد مرتباتهم عن حوالي 300 دولار شهريًا، بالكاد تكفي لتلبية أساسيات الحياة.

وأضاف سمير إن انخفاض دخل الطبيب يضطره للعمل في أماكن متعددة لساعات غير آدمية، وهذا لا يحث في أي دولة في العالم التي تقدر معظمها الأطباء المصريين، الذين وصل عددهم بالآلاف سواء في الخليج أو الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا أو الولايات المتحدة أو كندا.

وقال سمير إن الغريب هو أنه ليست الدول المتقدمة فقط هي من تعطي الأطباء مرتبات مرتفعة، بل حتى الدول التي تعاني من حروب وصراعات مسلحة مثل الصومال واليمن وليبيا، حيث يحصل الاستشاري على حوالي 5 آلاف دولار شهريا، ما يدفع الأطباء المصريين للسفر للعمل هناك.

وتحدث أمين عام نقابة أطباء مصر، محمد فريد حمدي عن مشكلة أخرى يواجهها الأطباء في مصر وهي غياب قانون عادل للمسؤولية الطبية وتعرض الفريق الطبي للسجن، وهذي من العوامل المحفزة على هجرة الأطباء من مصر.

وأشار أمين نقابة الأطباء إلى أن نقابة الأطباء قدمت، على مدار أكثر من سبع سنوات، أكثر من تشريع لقانون المسؤولية الطبية الذي يحمي الطبيب من السجن بسبب عدم رضا المريض أو ذويه عن أداء الطبيب، وبالتالي يحفظ له الحد الأدنى من الكرامة والأمان والمعاملة الآدمية.

ووجه الأطباء، وفقا لسمير، في التاسع من مارس، خطابا إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، حمل توقيعات أكثر من ستة آلاف طبيب، يطالب بتطبيق قانون المسؤولية الطبية أسوة بدول العالم المختلفة والتي شرّعت قوانين عادلة تنظم فحص شكاوى الخطأ الطبي والتقاضي في القضايا المهنية الطبية، والتي كانت أحد العوامل لاستقرار المنظومات الصحية في هذه البلاد وجذب الأطباء للعمل بها، وفق قوله.

وأشار إلى أنه كان الأجدى بالبرلمان مناقشة مثل هذا القانون الذي لن يكلف الدولة أي أعباء مالية بدلا من مناقشة قوانين تزيد من تعقيد وتأزم أوضاع الأطباء.

وكانت النقابة العامة للأطباء قد أطلقت حملة توقيعات إلكترونية على صفحتها الرسمية، بعد ساعات من وفاة الطبيب المصري، رجائي وفائي، أخصائي الطب النفسي، في الثامن من مارس، داخل محبسه عقب عدة أيام من احتجازه في سجن جمصة، على ذمة قضية مسؤولية طبية، بحسب ما تداولت وسائل إعلام محلية.

وتحدث سمير عن سبب آخر لهجرة الأطباء وهو سوء المنظومة الطبية وبيئة العمل التي يتحملها الطبيب بسبب ضعف الميزانية وارتفاع الأسعار ونقص المستلزمات الطبية وعدم توفر العمالة ونقص التمريض والسكرتارية الطبية اللي تعتبر غير موجودة في مصر رغم أهميتها لأنها أساس كتابة التقارير الطبية والعمل الإداري.

وأوضح أنه عندما يأتي المريض في حالة طارئة ويبحث عن غرفة في العناية المركزة ولا يجدها، لا يجد في وجهه سوى الطبيب ليصب غضبه عليه، ويصل الوضع في بعض الأحيان إلى التعدي بالضرب، وبعدها قد يتعرض الطبيب نفسه للحبس.

خطوات إيجابية

من جانبه، أشار أمين عام نقابة أطباء مصر، محمد فريد حمدي، إلى اتخاذ الدولة بعض الخطوات الجدية لتحسين أوضاع الأطباء، من خلال تطوير المنشآت الصحية الأساسية في المحافظات ضمن منظومة التأمين الصحي الاجتماعي الشامل، والتي شملت تحسين المنظومة الصحية وبيئة العمل داخل هذه الوحدات وزيادة رواتب الأطباء بما يصل إلى ثلاث أو أربع أضعاف المرتبات في المحافظات التي لم يطبق فيها التأمين الشامل.

وقال إن مرتب الممارس يصل إلى 20 ألف جنيه، والأخصائي 25 ألف، والاستشاري 30 ألف.

وأضاف أن المنشآت الصحية التي تعتمدها الهيئة العامة للاعتماد والرقابة هي إحدى ثلاث هيئات دخلت ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل، بالإضافة إلى هيئة الرعاية وهيئة التأمين.

وأضاف أن القانون صدر في عام ٢٠١٩، وبدأ تطبيق المشروع في عام 2020، ومن المفترض أن يعمم مشروع التأمين الصحي الشامل خلال 15 عاما، وتوجد مبادرة رئاسية باختصارها إلى 10 أعوام، وإذا طُبقت بالفعل فستنتهي في عام 2030.

ويرى أمين عام نقابة أطباء مصر أنه لو تم تعميم مشروع التأمين الصحي الشامل وتطبيقه بشكل صحيح، فمن الممكن أن يُحد من هجرة الأطباء للخارج.

لاجئون سودانيون أثناء توافدهم على معبر حدودي في مصر
لاجئون سودانيون أثناء توافدهم على معبر حدودي في مصر

قالت السفارة السودانية في القاهرة إنها ستبدأ، الأحد، تلقي شكاوى سودانيين من الانتهاكات التي تعرضوا لها عقب اندلاع الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع.

وأفادت السفارة، في بيان، بأن وفدا من "اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون السوداني والقانون الدولي الإنساني" ستبدأ مقابلة السودانيين الموجودين بمصر لتقديم شكاويهم.

وطالبت السفارة كل سوداني يعتبر أنه تعرض لضرر أو انتهاك خلال الحرب بالإدلاء بـ"ما يتوفر لديه من مستندات وقائمة بالأموال والأصول التي تعرضت للسرقة والنهب"، وإرفاقها بـ"الصور والفيديوهات التي توثق ذلك".

وتشكلت "اللجنة السودانية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون السوداني والقانون الدولي الإنساني" عام 2023، بقرار من مجلس السيادة الانتقالي.

وتهدف اللجنة إلى حصر ما تصفها بـ"الانتهاكات والجرائم التي مارستها قوات الدعم السريع من 15 أبريل 2023".

وكانت  مسؤولة في الأمم المتحدة، قالت الأحد، إن مئات السودانيين الفارين من بلدهم يصلون إلى مصر يوميا، ليضافوا إلى أكثر من مليون و200 ألف سوداني لجأوا إلى البلد المجاور وفق الأرقام الرسمية.

وقالت كريستين بشاي، مسؤولة العلاقات الخارجية المساعدة في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في مصر، إن الأخيرة تستضيف حاليا 546 ألفا و746 لاجئا سودانيا مسجلين رسميا لدى المفوضية، فضلا عن آخرين ينتظرون التسجيل.

ويشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعا على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وقع قبل الانتقال المخطط له إلى الحكم المدني.

وأدت الحرب في السودان إلى موجات من العنف الذي أُلقي باللوم فيه إلى حد كبير على قوات الدعم السريع التي تنفي إلحاق الأذى بالمدنيين وتنسب هذا إلى "أطراف مارقة".

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات في ظل انتشار المجاعة في مخيمات النازحين وفرار 11 مليون شخص من منازلهم، في وقت غادر نحو 3 ملايين من هؤلاء الأشخاص إلى بلدان أخرى.