لقطة من مدرسة مصرية.. أرشيفية
لقطة من مدرسة مصرية.. أرشيفية

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء، الحكومة المصرية وشركة بريطانية، بالمخاطرة بانتهاك خصوصية عشرات آلاف الأطفال في مصر، وتعريضهم لخطر الابتزاز أو انتحال الشخصية أو الاستغلال الجنسي. 

وقالت المنظمة في بيان، إن الحكومة المصرية و"أكاديميك أسيسمسنت ليميتيد" (أكاديميك أسيسمسنت)، وهي شركة بريطانية خاصة، كشفتا على الإنترنت، لعدة أشهر، كميات كبيرة من المعلومات الشخصية الخاصة بعشرات الآلاف من الأطفال، وهو ما "ينتهك ذلك خصوصية الأطفال، ويعرضهم لخطر الأذى الجسيم، ويبدو أنه ينتهك قوانين حماية البيانات في كل من مصر وبريطانيا". 

وشملت البيانات الحساسة أكثر من 72 ألف سجل تتضمن أسماء الأطفال، وتواريخ ميلادهم، ونوعهم الاجتماعي، وعناوين سكنهم، وعناوين بريدهم الإلكتروني، وأرقام هواتفهم، والمدارس التي يرتادونها، وصفوفهم الدراسية، وصور ملفاتهم الشخصية، ونسخ من جوازات سفرهم أو هويتهم الوطنية، بحسب المنظمة. 

وخضع الأطفال لامتحان "إيجيبشيان سكولاستيك" ("إي إس تي EST")، الذي تطلبه الجامعات المصرية من طلبة "الدبلومة الأميركية"، وهو منهاج المرحلة الثانوية باللغة الإنكليزية في مصر. وتضمنت البيانات غير المحمية 356,797  ملفا، وشملت الأطفال الذين تقدموا بطلب التقدم للامتحان بين سبتمبر 2020 وديسمبر 2022.

وتضمنت البيانات غير المحمية أيضا أسماء ومواقع الجامعات التي تقدم الطلاب بطلبات للالتحاق بها، ونتائج امتحاناتهم، وما إذا كانوا قد دفعوا رسوم التسجيل للامتحان. تضمنت السجلات ملاحظات تفصيلية حول الطلاب أخذها المراقب الذي راقب امتحانهم، بما يشمل مزاعم "سلوك غير أخلاقي"، مثل "وجّهنا له عدة تحذيرات"، و"حاول الغش عدة مرات"، و "متأخر". 

وأشارت إلى أن "السجلات التي تضمنت تعريف 110 طفلا بالاسم بأن لديهم شكل من أشكال الإعاقة، بقيت متاحة دون حماية على الإنترنت لثمانية أشهر على الأقل". 

وأضافت المنظمة أن "انكشاف معلومات سرية كهذه، يهدد سلامة هؤلاء الأطفال، ويُعرّضهم لخطر إساءة استخدام بياناتهم واستغلالها في مجالات عدة، منها انتحال الشخصية، والابتزاز، والاستغلال الجنسي، وقد تكون له عواقب طويلة المدى تؤثر على الفرص المتاحة لهم".

قالت هاي جونغ هان، باحثة ومدافعة عن حقوق الأطفال والتكنولوجيا في هيومن رايتس ووتش: "عبر إتاحة معلومات الأطفال الخاصة دون اكتراث، تُخاطر الحكومة المصرية وأكاديميك أسيسمسنت بتعريض الأطفال لضرر جسيم. على مدى أشهر، سمحوا لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت بمعرفة من هم هؤلاء الأطفال، وأين يعيشون ويذهبون إلى المدرسة، وكيف يمكن التواصل معهم مباشرة".

وأشارت المنظمة إلى أن "انكشاف البيانات اكتشفه ناثانيال فرايد، المؤسس المشارك لشركة "أندوين"، وهي شركة برمجيات لحلول الأعمال، وراجعته هيومن رايتس ووتش". 

وأضافت أن البيانات غير المحمية ظلت متاحة حتى إزالتها في 15 مارس، بعدما أبلغت هيومن رايتس ووتش أمازون بانتهاك خصوصية بيانات الأطفال.

ووجد تحليل إضافي أجرته هيومن رايتس ووتش أن الطلبة المتضررين ينتمون لجميع محافظات مصر الـ 27. وتبيّن أن عدد قليل من الطلاب، 0.2٪ أو 168، كانوا من دول أخرى: الجزائر، البحرين، جزر القمر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، عُمان، فلسطين، قطر، السعودية، السودان، سوريا، أو الإمارات.

ليلى سويف حاملة صورة نجلها أمام مقر الحكومة البريطانية - إكس
ليلى سويف حاملة صورة نجلها أمام مقر الحكومة البريطانية - إكس

بملامح منهكة وشعر أبيض قصير وملابس شتوية وصورة لعلاء عبد الفتاح، تقف ليلى سويف والدة الناشط المصري السجين، بشكل دوري أمام مقر الحكومة البريطانية.

ترفع سويف صورة نجلها وترسم على الأرض علامات بعدد أيام إضرابها عن الطعام الذي تجاوز المئة، مطالبة لندن بالتدخل للإفراج عن نجلها الذي يحمل أيضا الجنسية البريطانية.

قالت السيدة التي قاربت سنوات عمرها السبعين، لموقع "الحرة"، إنها في بريطانيا لحضور جلسات لمجلس العموم (البرلمان)، بدعوة من نواب داعمين لقضية نجلها.

تحدثت سويف مع موقع "الحرة"، عندما كانت في طريقها إلى مقر الحكومة في "داونينغ ستريت" لوقفتها المعتادة، قبل أن توضح أنها حاضرة أيضا في جلسة برلمانية، تم استجواب الحكومة فيها بشأن قضيتها ونجلها.

ونشر حساب تديره أسرة الناشط المصري، يحمل اسم "الحرية لعلاء"، الأحد، صورة لسويف على سرير ويحتضنها حفيدها خالد، نجل علاء.

وكتبت الأسرة: "اليوم 112 للإضراب عن الطعام.. كل ما تريده هو قضاء وقت عادي مع أبنائها وأحفادها بعيدا عن جدران السجن".

معركة في بريطانيا

تعيش سويف بين مصر حيث تزور علاء بشكل شهري في سجنه، وبين بريطانيا حيث يتواجد أفراد من الأسرة، من بينهم حفيدها وابنتها، وحيث تخوض أيضا معركة لوضع ضغط على الحكومة البريطانية، من أجل بذل المزيد من الجهود لإطلاق سراح عبد الفتاح.

وحكم على عبد الفتاح (42 عاما) الموقوف في مصر منذ 29 سبتمبر 2019، بالسجن 5 سنوات، بعد إدانته بتهمة نشر "معلومات كاذبة" إثر إعادة نشره على فيسبوك منشورا يتّهم شرطيا بالتعذيب.

وفي سبتمبر 2024، أُثير جدل حول موعد الإفراج عنه، حيث أكدت عائلته أنه من المفترض أن يطلق سراحه بعد انتهاء مدة الحكم، بينما تشير السلطات إلى موعد آخر في 2027.

وتخشى سويف ألا يتم "الإفراج عن علاء أبدا".

النائب في البرلمان البريطاني، براندن أوهارا، هو أحد النواب في المملكة المتحدة الذين يعملون على قضية عبد الفتاح.

وقال أوهارا المنتمي للحزب القومي الإسكتلندي، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة": "ننتظر أن تتحرك الحكومة البريطانية بشكل جاد في القضية. ومجددا قدمنا تساؤلات للحكومة من أجل العمل على إطلاق سراح علاء".

اتهم أوهارا الحكومة البريطانية بـ"عدم القيام بما يكفي في القضية"، مشيرا إلى أنها "يجب أن تتحرك بنهج شامل وبتكامل بين الوزارات، من أجل ضمان إطلاق سراح عبد الفتاح".

وأشار في حديثه، إلى بعض السبل التي من الممكن أن تلجأ لها الحكومة البريطانية للضغط على السلطات المصرية للإفراج عن عبد الفتاح، من بينها على سبيل المثال، "تغيير إرشادات السفر إلى مصر".

وتابع: "هذا قد يجبر الحكومة المصرية على التحرك، فالسياح البريطانيون مهمون جدا للاقتصاد المصري".

 

 

وخلال جلسة الأسبوع الماضي، أجاب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، على تساؤلات حول قضية عبد الفتاح، وتواصل الحكومة مع نظيرتها في مصر.

وقال لامي خلال جلسة حضرتها سويف: "كتب رئيس الحكومة في 26 ديسمبر وفي 8 يناير إلى الرئيس (المصري عبد الفتاح) السيسي، وزار مستشار الأمن القومي جوناثان باول مصر في الثاني من يناير".

وأضاف أنه التقى مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، في السعودية.

وأكد لامي: "تبقى هذه قضيتنا الأولى. طرحناها في كل مناسبة، ونواصل الضغط من أجل إطلاق سراحه".

"امرأة شجاعة"

يعد عبد الفتاح أحد رموز ثورة يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك، كما أنّه من أبرز معارضي الرئيس الحالي، السيسي، وقد دخل السجن عدة مرات منذ 2006.

وقال النائب أوهارا للحرة: "عندما علمت بقضية علاء كان الظلم واضحا جدا، فهو مواطن بريطاني حُرم من الحقوق الأساسية".

وتابع: "نشعر بألم لاحتجاز مواطن بريطاني بلا دعم أو حماية كان يجب أن توفرهما حكومته، مثلما تفعل حكومات مثل أميركا وإيطاليا مع مواطنيها".

أوهارا وجه تحذيرا إلى الحكومتين في بريطانيا ومصر، وقال: "تتعاملون مع شخص شجاع ومصمم (ليلى سويف)، وعليكم التحرك لإنها السجن الظالم لعلاء عبد الفتاح".

وتابع: "أتذكر قولها إنها ستفعل كل ما بوسعها لإحراج الحكومتين حال عدم الإفراج عن علاء. وجهت لهم تحذيرا بأنها ستواصل الإضراب، حتى لو كلفها حياتها".

وحول صحتها، قالت سويف للحرة: "جيدة حتى الآن.. ولا نعلم ما سيحدث".