قوى دولية تسعى لإجراء محادثات سلام في السودان
طالب مصري يحكي للحرة رحلته مع الحرب في الخرطوم إلى مصر

استيقظ المصري، محمود السيد محمد، على أصوات المدافع وهدير الدبابات التي تحاصر منزله في الخرطوم. حينها  لم يكن يتخيل للحظة أن الطريق إلى حلمه بدخول كلية الطب ستتحول فجأة إلى إنذار بالموت في أي لحظة. فقد أدرك هذا الشاب الذي يدرس الطب البشري في كلية المنهل بالسودان، أنه لا بد من الهروب إلى بلده.

وشهد محمود الحرب في السودان منذ بدايتها من خلال محاصرة قوات الجيش وقوات الدعم السريع محل سكنه في المبنى الذي يضم عددا من الطلاب، حيث وقع تبادل لإطلاق النار واستخدم الطرفان أسلحة ثقيلة ومدرعات، كما اخترق الرصاص جدران المبنى ليصل إلى داخله.

لم يتوقع محمود، 21 عاما، أن يتطور الوضع في السودان إلى اشتباكات عنيفة في شوارع العاصمة، وقال لموقع "الحرة" وهو يتذكر بداية الأحداث، إنه في غضون يومين، فوجئ بأكثر من 30 سيارة مصفحة تابعة لقوات الجيش والدعم السريع تحاصر منزله في شرق النيل بالخرطوم.

استمرار المعارك في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع

واندلعت المعارك بين الجيش بقيادة، عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، والأخير كان نائبا للبرهان في رئاسة مجلس السيادة الانتقالي في البلاد الذي كان من المفترض أن يقود البلاد إلى حكومة مدنية.

ولقي أكثر من 500 شخص مصرعهم وأصيب الآلاف، بحسب وزارة الصحة السودانية، منذ بدء القتال في 15 أبريل الجاري.

وتنظم حكومات أجنبية في الأيام الأخيرة، عمليات إجلاء لمواطنيها ودبلوماسييها من السودان في ظل احتدام المعارك، ومستغلين الهدوء النسبي الذي شهدته البلاد بسبب الهدنة.

"الوضع كان مرعبا"

بهذه العبارة بدأ الشاب السوهاجي، يروي لموقع "الحرة" معاناته لمدة أسبوع في شهر رمضان، طوال مدة حصار منزله، قائلا إنهم ظلوا محبوسين بلا طعام أو شرب أو حتى كهرباء أو ماء، وخلال تلك الفترة لم يتوقف الرصاص وطلقات المدافع التي وصلت إلى غرفة نومه، حتى في فترات إعلان الهدنة.

دمار المباني والسيارات في قلب العاصمة السودانية الخرطوم

ويتذكر محمود مشاعر الخوف التي انتابته في تلك الفترة، قائلا كنا ننتظر اللحظة التي سنموت بها، وكنا نشعر أن المبنى سيتهدم فوق رؤوسنا، كنا نتجمع في الدور الأرضي، ونحاول الاحتماء بالحوائط التي كانت تترجرج من شدة طلقات مدافع الحرب.

لكن الأمر لم يتوقف عند حصار المنازل السكنية الآمنة، حسبما قال محمود، بل اقتحمت القوات المتحاربة البيوت، التي يسكن بها بجانب السودانيين، أكثر من 70 ألف مصري، وسرقوا ما بداخلها، وبثوا الرعب في نفوس الأطفال والكبار.

وتحدث محمود عن معاناة العديد من الفتيات التي كن يسكن بمفردهن في المنطقة، حيث هاجمت القوات بيوتهن في الليل في وسط الظلام، واعتدوا عليهن بالضرب، وهددوهن لبث الرعب بينهن.

قرار الفرار

وبعد مرورهم بتلك الأحداث المرعبة، قال محمود، إنهم قرروا ضرورة الفرار في أسرع وقت، ولم يكن أمامهم سوى المجازفة بحياتهم والتحرك في سيارة هربا من المنطقة.

وكأن الصعوبات التي عاشوها أبت ألا تنتهي، فواجهت هذه المجموعة، التي ضمت32  طالب وطالبة، تحديات أخرى في رحلة الهروب، أولها، بحسب ما قاله محمود لموقع "الحرة"، كان صعوبة توفير سيارات أو أي وسائل أخرى للنقل، فضلا عن الارتفاع الشديد في الأسعار بسبب نفاذ البنزين والغاز.

وما صعب الأمر أكثر، من وجهة نظر محمود، كان عددهم الكبير، ووجود فتيات معهم، لكنهم حاولوا البقاء معا.

استمرار القتال في السودان رغم الهدنة

ورحلة عودة محمود إلى مصر كانت محفوفة بالمخاطر، خاصة أنها كانت بالتزامن مع تبادل عنيف لإطلاق النار بين الجانبين المتحاربين في السودان.

وعندما تعطلت بهم السيارة التي تنقلهم أمام أحد معسكرات الدعم السريع، حاول بعض السودانيين في المنطقة مساعدتهم على الاختفاء سريعا في إحدى المناطق الريفية في المنطقة.

آثار الدمار في الخرطوم بسبب القتال بالسودان

ولم ينس الطالب المصري أن يحكي لموقع "الحرة" عن شجاعة وبسالة المواطنين السودانيين، الذي ساعدوهم وحاولوا حمايتهم وكانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجلهم رغم تدهور أوضاعهم بسبب الحرب.

وانتقل محمد بعد عدة أيام هو وزملائه إلى منطقة تدعى رام الله في أحد أحياء الخرطوم الآمنة نسبيا، قبل أن يتحرك، السبت ٢٢ أبريل، إلى موقف شندي بحري الخرطوم ليأخذ رحلة العودة إلى مصر.

15 كمينا

وقال محمود إنه خلال الطريق مروا على حوالي ١٥ كمينا على حد قوله، سواء كان للجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الذي كانوا يتفحصون جوازات سفرهم على مدار الطريق إلى أن وصل مع زملاؤه إلى مكان للاستراحة يدعى دنقلا، ثم استكملوا رحلتهم إلى معبر أرقين السوداني، الأحد، ومن هناك سلكوا الطريق إلى المعبر المصري.

وحكى الشاب المصري عن معاناة الناس التي كانت متجمعة على المعبر السوداني مع مصر، وقال إنهم كانوا لا يملكون المال لدفع رسوم المعبر.

وتحدث محمود لموقع "الحرة" عن المعاملة الجيدة والرعاية المتكاملة التي تلقاها الوافدون إلى مصر على الحدود، قائلا إنه فور وصولهم إلى الحدود المصرية، تلقوا الرعاية الطبية والغذائية على يد الهلال الأحمر المصري، ثم تحركوا، مساء الأحد، حتى وصلوا إلى موقف كركر بأسوان، الاثنين.

استقبال مصر للوافدين من السودان

واستقبلت مصر نحو 16 ألف شخص عبروا الحدود من السودان إلى مصر بينهم 14 ألف سوداني، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز"، الخميس، عن بيان وزارة الخارجية المصرية.

"ادخلوها بسلام آمنين"، هكذا اختتم محمود حديثه، موضحا أن "روحه رُدت إليه في مصر"، وقال إنه لا يصدق حتى الآن أنه "نجا من الموت" الذي كان ينتظره في كل لحظة.

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي جورجيفا في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء المصري مدبولي في القاهرة
عائدات مصر من قناة السويس تراجعت

يخطّط صندوق النقد الدولي لكشف النقاب عن اتفاقية قرض جديدة لمصر ستُطرح على مجلس إدارته للمصادقة عليها، وفق ما أعلنت مديرة إدارة التواصل في الهيئة جولي كوزاك الخميس.

وقالت كوزاك في تصريح لصحفيين في واشنطن إن "المجلس التنفيذي للصندوق سينظر في حزمة إصلاحات في إطار مراجعة رابعة لبرنامج مصر".

وأشارت كوزاك إلى أن اتفاقية القرض الجديدة المخطّط لها ستتّخذ شكل تسهيل الصلابة والاستدامة، وهي آلية مصمّمة لأهداف عدة بينها مساعدة بلدان في التصدي للتغيّر المناخي، لافتة إلى أنها غير قادرة حاليا على تأكيد حجم هذا القرض.

في العام الماضي، رفع صندوق النقد الدولي قيمة قرض ممنوح لمصر من ثلاثة مليارات دولار إلى ثمانية مليارات دولار لمساعدة القاهرة في رفع تحدياتها الاقتصادية في خضم انعدام للاستقرار الإقليمي من جراء الحرب في غزة.

وتم التوصل إلى مسودة اتفاق بشأن مراجعة برنامج القروض المصرية الحالي في ديسمبر، ما من شأنه أن يتيح تمويلا إضافيا بـ1.2 مليار دولار للاقتصاد المصري المأزوم.

وموافقة المجلس التنفيذي هي عادة إجراء شكلي إذ عادة ما تتم تسوية أي خلافات بين الفرقاء المعنيين قبل التصويت.

وتسبّبت الهجمات المتكرّرة للمتمردين الحوثيين في اليمن على سفن في البحر الأحمر في إطار مساندة الفلسطينيين في غزة، بتراجع عائدات مصر من قناة السويس التي تعد مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية.