مواقع التواصل الاجتماعي باتت مصدرًا لأموال كثيرة
مواقع التواصل الاجتماعي باتت مصدرًا لأموال كثيرة

قررت النيابة العامة المصرية، أمس الاثنين، إحالة سيدة تمتلك حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى محكمة الجنايات لاتهامها بالاتجار بالبشر، والمقصود هنا أطفالها، إذ اتهمت باستخدامهم في مقاطع مصورة "من أجل رفع نسب المشاهدة وزيادة الأرباح نظير تلك المشاهدات".

لم تكن هذه هي الواقعة الأولى التي يظهر فيها أطفال رفقة والديهم في مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بهدف الحصول على نسب مشاهدات كبيرة ، وبالتالي جمع مقابل مادي ضخم من هذه المشاهدات.

وبمجرد بحث بسيط على أي من مواقع التواصل سواء فيسبوك، يوتيوب، إنستغرام أو تيك توك، يمكن العثور على مقاطع كثيرة جدًا يظهر فيها أطفال، وبينها تلك الواقعة التي صدر بشأنها بيان النيابة المصرية وتصور والدت تحدثت في مقطع تظهر فيه مع أطفالها عن أنها وجدتهما في أوضاع مخلّة.

وفي مقطع آخر نجد طفلة تبكي بلا توقف أمام الكاميرا، وسط ضحكات لشخص يصورها، كما ظهرت سيدة تمتلك شهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعى زينب، في مقطع وهي تضع مساحيق على وجهها ثم تتجه نحو طفلتها الرضيعة لتصيبها بالذعر وتنفجر بالبكاء، وكل ذلك يتم بثه على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

الأموال أهم

بيان النيابة المصرية، الاثنين، أكد أن المتهمة صاحبة قناة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم "أم زيادة وهبة"، وقد أحيلت وزوجها إلى محكمة الجنايات بتهمة الاتجار بالبشر، و"استغلال أطفالهما تجاريًا وتعريضهم للخطر بإيجادهم في حالة تهدد سلامة تنشئتهم الواجب توفيرها لهم، بجانب تعريض أخلاقهم للخطر".

وبدأت القصة مع مقطع فيديو بثته المتهمة في أبريل الماضي، إذ استغلت أطفالها بمقاطع تحدثت فيها عن "أمور تمس شرف وعرض أبنائها نظير جذب مزيد من المشاهدات.. ولم تول اهتمامًا بمحتوى المقاطع التي تستغل فيها ظهور أبنائها وسعت فقط لجني الربح بأي طريق كانت".

من جانبها، أشادت الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر، نيفين عثمان، بقرار النيابة العامة "لما قد يكون له من أثر في ردع كل من تسول لها نفسه استغلال أطفاله في مثل هذه الوقائع بغية التربح السريع".

وأضافت في تصريحات لموقع الحرة، أن صدور "أحكام رادعة في مثل هذه الوقائع التي تشكل جريمة اتجار بالبشر، وتصل عقوبتها إلى السجن المؤبد وغرامة تصل إلى 500 ألف جنيه (حوالي 16 ألف دولار)، من شأنه أن يحد من مثل هذه التصرفات الشاذة في المجتمع".

Posted by ‎Egyptian Public Prosecution النيابة العامة المصرية‎ on Thursday, September 17, 2020

وكانت النيابة العامة المصرية، تعاملت مع واقعة أخرى تورط فيها مؤثران شهيران على مواقع التواصل الاجتماعي، حين أمرت في سبتمبر 2020 بحبس والدي طفلة تدعى "إيلين"، بتهمة استغلالها اقتصاديًا وتعريضها للخطر.

ونشر الوالدان مقطعا مصورا تضمن تخويفهما للطفلة التي لم تتجاوز عامين والسخرية من خوفها ورد فعلها "لرفع نسبة مشاهدة المقطع بقناتهما سعيًا إلى تحقيق الربح"، وبحسب النيابة فقد سبق ذلك تقديم شكوى ضد الزوجين نفسهما في عام 2019 تتهمهما بتعريض طفلتهما للخطر أيضًا.

وقررت النيابة إخلاء سبيل المتهمين بعد تعهدهما "بحسن رعاية ابنتهما وندمهما على ما ارتكباه في حقها، وعدم تكرارهما لمثل هذا الفعل مستقبلًا"، مع استمرار متابعة الحالة الاجتماعية للطفلة ووالديها وذويها لمنع استغلالها بأي صورة من صور الاستغلال مرة أخرى أو تعريضها للخطر.

لكن حتى الآن يبقى مقطع الفيديو الذي تتعرض فيه الطفلة الصغيرة للخطر، على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالأم والأب دون حذفه.

مطالب بعقوبات رادعة

يختلف توصيف الفعل المرتكب في حق الأطفال من بيان إلى آخر من النيابة العامة، فبيان أمس اشتمل على تهمة الاتجار بالبشر، عكس بيانات سابقة شملت الإضرار بالأطفال وتعريضهم للخطر.

ويرى أمين عام الائتلاف المصري لحقوق الطفل، هاني هلال، أن توصيف الجريمة أمر مهم يجب إعادة النظر فيه، وقال في حديثه لموقع الحرة: "يجب تغليظ العقوبة لأنها تعد شكل من الاستغلال التجاري وتؤثر على الصحة النفسية للطفل. استغلال الطفل كسلعة أمر مرفوض أخلاقيا وحقوقيا، وحينما يؤثر على مراحل النمو لدى الطفل ويؤهله نفسيًا لمثل هذا الاستغلال، يجب أن يكون الردع أشد".

النيابة العامة المصرية تأمر بإحالة يوتيوبر وابنها وزوجها إلى محكمة الجنايات
بتهم "تمس شرف وعرض أبنائها".. إحالة يوتيوبر مصرية إلى الجنايات
أعلنت النيابة العامة المصرية، الاثنين، إحالة صاحبة قناة "أم زياد وهبة" على يوتيوب، إلى محكمة الجنايات، بتهمة الاتجار بالبشر، بعد استخدام أطفالها لرفع نسب المشاهدة على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي وتحقيق أرباح مالية.  

وتابع: "نحتاج إلى إعادة النظر في العقوبات وتوصيف الجريمة حتى لا تكون العقوبة بسيطة، يجب أن تكون جناية وليست جنحة، فتهمة تعريض الطفل للخطر يكون الحد الأقصى للعقوبة فيها الحبس 6 أشهر... طالما كانت الأحكام غير متناسقة مع المكاسب الكبيرة من وسائل التواصل الاجتماعي لن يكون هناك ردع لمثل هذه الحالات".

وقبل 4 سنوات، أسست النيابة العامة المصرية مرصدًا لمتابعة التجاوزات بحق الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى هذا الأساس يتم اتخاذ قرار بشأن الواقعة.

ويقول هلال، إن خطوة المرصد أمر إيجابي جدًا وهو يقوم بعمل جيد، لكن "يجب أن يعمل بشكل أكبر وأسرع".

وسبق أن أكدت عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ المصري، دينا هلالي، أن ظاهرة استغلال الأطفال من قبل ذويهم لتحقيق أرباح عبر وسائل التواصل الاجتماعي زادت ويمكن اعتبارها بمثالة "عمالة أطفال واستغلال من أجل الربح".

وبحسب تصريحات سابقة نقلتها وسائل إعلام مصرية، بينها صحيفة المصري اليوم، دعت هلالي، إلى ضرورة النظر في تغليظ عقوبة استغلال الطفل، خصوصًا إن كان الجاني هو ولي أمره، مشيرًة إلى أن العقوبات المنصوصة مقارنة بحجم الجريمة تجعل البعض يستهين بها في الوقت الذي يتم فيه تحقيق عائد مادي كبير من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.

تهديد بنزع الحضانة

وتشهد مصر أوضاعًا اقتصادية صعبة في الوقت الحالي، وبحسب هلال فإنه في مثل هذه الظروف "ومع تحوّل وسائل التواصل الاجتماعي إلى مصدر من مصادر الدخل، تنتشر مثل هذه الوقائع ويتم التنازل عن قيم كبيرة على كل المستويات من أجل الأموال سواء عبر عرض الجسد أو استغلال الأطفال".

وأشار إلى أن الدولة يمكن أن يصل بها الأمر متمثلة في المجلس القومي للطفولة والأمومة، إلى نزع الحضانة من الأسرة التي تستغل أطفالها وتعرضهم للخطر.

وفي هذا الصدد، تقول نيفين عثمان، أنه "حال تعرض الطفل للخطر ويشمل ذلك الاستغلال، يتدخل المجلس القومي للطفولة والأمومة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لعدم إفلات الجناة من العقاب وتقديم الحماية والمساعدة للأطفال... ولا يمنع من المساءلة القانونية والتدخل إذا ما كان مرتكب الواقعة أي من الأبوين، بل إن ذلك يشكل في بعض الجرائم ظرفا مشددا للعقوبة".

وأشارت إلى أنه في بعض الحالات يمكن أن يصل الأمر إلى إبعاد الطفل عن أهليته (المكان الذي يتعرض فيه للخطر) ونقله إلى مكان آمن وفقًا لأحكام قانون الطفل "وما تقتضيه من تسليمه إلى عائل مؤتمن أو شخص موثوق أو إيداعه إحدى دور الرعاية الاجتماعية كملاذ أخير".

وأجمعت عثمان وهلال، على أن إنفاذ القانون وسرعة ضبط الجناة وإصدار أحكام رادعة من شأنه المساعدة في تقليل مثل هذه الجرائم.

لكن هناك أيضا ضرورة للتوعية بداية من أخطار تعرض الأطفال للخطر وآثار ذلك، وكيفية مواجهته، وتنفيذ مبادرات وبرامج متعلقة بالتربية الصحيحة وكيفية تعامل الأسر مع أطفالها وحمايتهم وبناء الثقة، بحسب عثمان.

كما دعا هلال إلى ضرورة وجود دور أكبر للإعلام الذي يجب أن يتقلد دورا أكبر في سبيل التوعية بالمشكلات التي يمكن أن يواجهها الأطفال بسبب مثل هذا الاستغلال.

محكمة مصرية
محكمة مصرية- صورة تعبيرية

أمر النائب العام المصري، السبت، بالتحقيق في بلاغات ضد ديوان شعري "يتضمن عبارات تحمل اعتداء على الذات الإلهية"، كما كلف لجنة من مؤسسة الأزهر بـ"فحص" الديوان.

وقال بيان للنيابة المصرية، إنه "بمطالعة ديوان الشعر محل البلاغ، تبين احتواؤه على تلك العبارات. وأمر النائب العام محمد شوقي، بطلب تحريات الشرطة حول الواقعة، وتكليف لجنة من المختصين بالأزهر الشريف بفحص عبارات الديوان".

النائب العام يأمر بالتحقيق في واقعة نشر ديوان شعري يتضمن ازدراءً للأديان

Posted by ‎Egyptian Public Prosecution النيابة العامة المصرية‎ on Saturday, October 5, 2024

وأكدت النيابة العامة أن التحقيقات لا تزال مستمرة.

وأشار عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن الديوان يحمل اسم "كيرلي" وهو للناشط الذي قضى سنوات في السجن عقب عام 2011، أحمد دومة.

وكتب دومة عبر حسابه على منصة "إكس": "أظن هذا أفضل تعليق على جنون محاولة محاكمتي وديوان شعر بتهمة ازدراء الأديان والاعتداء على الذات الإلهيّة"، ملحقا التعليق بمقطع فيديو لأغنية باسم "أنا مش كافر".

وزعم دومة في يوليو الماضي، أنه تم إلغاء حفل لتوقيع ديوانه، بسبب تلك الاتهامات أيضًا.

وحينها شهدت مقاطع قصيدته هجوما من البعض ودعم من آخرين، فكتب أحد المعلقين على إكس: "القصيدة تتضمن سب للذات الإلهية وتشبيهها بالبشر".

وكتب آخر: "المفروض تكون أرقى من كده عند التكلم عن الذات الإلهية".

فيما دافع البعض عن دومة باعتبار أنه "يمارس حرية التعبير". وكتب أحد المعلقين: "متضامن مع حرية الشعر.. ضد محاكمة الإبداع".

وأصدر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عفوا في سبتمبر 2023 عن عدد من السجناء، ومن بينهم دومة.

وجاء الإفراج عن دومة بعد 10 سنوات قضاها محبوسا لتنفيذ حكم نهائي بالسجن المشدد 15 عاما، بالقضية المعروفة إعلاميا بـ "أحداث مجلس الوزراء" التي تعود إلى عام 2011، في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير.