مظاهرات سابقة للأطباء في مصر احتجاجا على ظروف عملهم
مظاهرات سابقة للأطباء في مصر احتجاجا على ظروف عملهم

يعمل الأطباء المصريون في ظروف عمل شديدة القسوة، إذ يمكن أن يواصل طبيب شاب حديث التخرج التواجد في المستشفى لمدة شهر دون العودة إلى منزله، وذلك بحسب شهادات أطباء اعتبروا ذلك وراء سقوط ضحايا من الأطباء الشباب خلال العمل.

والاثنين، توفيت الطبيبة الشابة نورا نجيب، داخل مستشفى في القاهرة خلال فترة عملها كطبيبة مقيم، مما جعل عضوين بنقابة أطباء مصر يشيرون مجددًا إلى ساعات العمل الطويلة والمتواصلة التي ترهق شباب الأطباء وخصوصا في المستشفيات الجامعية.

وقال عضو نقابة الأطباء في نعي للطبيبة الشابة: "في الحقيقة إن تكرار وفيات شباب الأطباء، أثناء أو بعد نوبتجيات العمل الطويلة المرهقة، أصبح ظاهرة تستحق دراسة جادة".

وأضاف عبر فيسبوك "لحين إجراء هذه الدراسة فإن هناك أمر واضح يجب إقراره وهو وضع حد أقصى (آدمي) لعدد ساعات العمل المتواصلة".

لا حول ولا قوة إلا بالله توفيت الطبيبة الشابة/ نورا نجيب طبيب مقيم تخدير بمستشفى الزهراء الجامعى . فى الحقيقة إن...

Posted by Ehab El-taher on Monday, August 7, 2023

وتواصلت الحرة مع أطباء شباب أنهوا مؤخرا فترة عملهم كطبيب مقيم، ربطوا بين سقوط أطباء خلال العمل وبين ساعات طويلة بين أسرة المرضى وغرف العمليات والطوارئ وغيرها من الأعباء التي تكبد الطبيب عبئا نفسيا كبيرًا حتى لو كان يعمل لثماني ساعات فقط يوميًا.

قال طبيب في منتصف الثلاثينيات من العمر، لموقع الحرة، إنه يعمل حاليًا لمدة 4 أيام على مدار 24 ساعة بشكل أسبوعي، كي يتمكن من توفير المال المناسب لأسرته، في وقت يعمل فيه جاهدًا من أجل البحث عن فرصة للخروج إلى دولة أوروبية للعمل بالخارج حيث يجد ظروفًا آدمية.

أرقام مفزعة

كشفت إحصائية لنقابة أطباء مصر في عام 2022 أن نحو 11536 طبيبا غادروا البلاد خلال 3 سنوات فقط بسبب الظروف السيئة سواء على المستوى المادي أو بيئة العمل نفسها.

وقال عضو مجلس النقابة، إبراهيم الزيات، إن الأزمة كبيرة وتتجسد في عمل الطبيب لساعات طويلة في بيئة سيئة غير آمنة يمكن فيها أن يعتدي عليه أي شخص دون حساب، في ظل عدم وجود القانون الرادع.

وأضاف في حديثه للحرة: "الدخل المتراجع يجبر الطبيب على إنهاء ساعات عمله في المستشفيات الحكومية، والخروج ليعمل في مستشفى خاص لزيادة دخله".

من جانبه أوضح طبيب يعمل بمستشفى في محافظة القاهرة، أن راتب الطبيب المقيم لا يتجاوز 3 آلاف جنيه (أقل من 98 دولار) في المستشفيات الحكومية، ما يجعل "كل الناس تسافر بسبب الظروف التي لا يمكن تحملها".

وأضاف لموقع الحرة أن الأطباء المتخصصين في التخدير والرعاية المركزة يعانون بدرجة كبيرة، حيث عددهم قليل ولذلك يعملون بلا توقف.

يذكر أن الطبيبة التي توفيت بالأمس متخصصة في التخدير، وفي سبتمبر من العام الماضي توفي طبيب آخر يدعى عاصم عبد المولى استشاري التخدير، وقبلهما في يوليو توفيت الطبيبة في نفس التخصص مي رافع، في دمنهور، أثناء أداء عملها، بحسب إحصاءات رسمية لنقابة أطباء مصر.

ويقول الزيات إن "المشكلات معروفة والحلول معروفة، وتحدثنا مع الدولة لكن لا توجد إرادة لتنفيذ هذه الحلول".

يذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تطرق عدة مرات إلى أزمة الأطباء وهجرتهم إلى الخارج، وقال في فبراير من العام الماضي: "الأطباء يغادرون إلى الخارج للعمل في مكان أفضل لأنه يريد أن يعيش.. هو لا يحصل على مرتب كويس (..) الدولة مش قادرة".

كما صرح في أبريل العام الماضي أنه من المفترض أن يكون هناك معدل 2.8 طبيب لكل ألف مواطن، لكن الوضع في مصر أن هناك 1.4 طبيب لكل ألف مواطن، وأوضح أن الأطباء يغادرون لأن ما نمنحه من رواتب أقل مما يمكن الحصول عليه في أي مكان في العالم.

وحينها قال وزير الصحة خالد عبدالغفار، إن هناك عجزا بسبب عدم وجود دخل مناسب للأطباء الذين يتم استقطابهم في الكثير من دول العالم لأنهم مؤهلين جيدا.

أحاديث دون أفعال

كشفت بيانات نقابة الأطباء أن عام 2022 شهد أعلى حصيلة لاستقالات الأطباء والطبيبات خلال السنوات السبع الماضية، بإجمالي 4261 طبيبا، وبمعدل 12 طبيبا وطبيبة في اليوم الواحد، وأكد البيان حينها أن العدد يزيد سنويا، إذ تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.

واصل عضو مجلس نقابة الأطباء، حديثه بالقول إنه "يجب تحسين بيئة العمل وتحديد ساعاته وتوفير المستلزمات الطبية في المستشفيات، التي بسببها يتعرض الأطباء لاعتداءات من أهالي بسبب نقصها، بجانب ضرورة وجود سكن ملائم للأطباء في المستشفيات، بجانب بالطبع تحسين دخل الطبيب".

وأوضح الزيات للحرة أنه لا يقصد هنا منافسة دول الخارج التي تستقطب الأطباء المصريين، بل يريد على الأقل "إعطاء أمل بأن هناك مستقبل أفضل، مثل صياغة قانون المسؤولية الطبية وتغليظ العقوبات المتعلقة بالاعتداء على المستشفيات"، مضيفًا أن مثل هذه المطالب "لا يتم الاستجابة لها، وهو ما يعتبر بمثابة إشارة بعدم وجود محاولة لتغيير الأوضاع".

ولفت إلى أنه بعد حديث الرئيس السيسي عن تحسين أجور الأطباء "تمخض الجبل فولد فأرًا"، مضيفًا أنه "لم يحدث أي جديد، مجرد اجتماعات دون نتائج".

ويقول أحد الأطباء الثلاثة الذين تحدثت معهم الحرة، وفضّلوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، أن الطبيب في الخارج يعمل لثماني ساعات ثم يأتي آخر بدلا منه، لكن في مصر يعمل الطبيب المقيم الشاب في دوام لا يقل عن 24 ساعة "ويكون مطلوب منه متابعة حالات الرعاية المركزة، وبالطبع يمكن الراحة لفترات لكن تظل منتبها طوال الوقت لفكرة أن مريض قريب من الموت، أو آخر تعرض لنزيف، وكل ذلك يمثل ضغطًا عصبيا كبيرًا".

وقال طبيب آخر: "يمكن أن تبقى لمدة 30 يوما دون العودة إلى منزلك في بداية عملك كطبيب مقيم، وبعدها تعود لمدة 12 ساعة أو 24 ساعة وتعود للعمل مجددا".

ساعات عمل آدمية

ويطالب الأطباء في مصر بساعات عمل مناسبة تحميهم وتحمي المرضى، ووصف الزيات عمل الطبيب الشاب المقيم بأنه "مفتوح"، في إشارة إلى أنه بالفعل مقيم في المستشفى وقيد الطلب طوال الوقت، ولا يخفف الضغط عنه إلا بقدوة دفعة جديدة من الأطباء تتعرض بدورها لنفس الضغوط.

وكشفت منظمة الصحة العالمية، ومعها منظمة العمل الدولية، في تقرير لهما عام 2021، أن ساعات العمل الطويلة أسفرت عن نحو 745 ألف حالة وفاة ناجمة عن السكتة ومرض القلب الإقفاري (إقفار عضلة القلب عندما تتم إعاقة تدفق الدم إلى عضلة القلب من انسداد جزئي أو كامل للشريان التاجي نتيجة تصلب الشرايين)، خلال عام 2016، بزيادة قدرها 29% منذ عام 2000.

وقدّرت منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية أن 398 ألف شخص لقوا مصرعهم بسبب السكتة، و347 ألف شخص لقوا مصرعهم بسبب مرض القلب الإقفاري في عام 2016 من جراء العمل أكثر من 55 ساعة أسبوعيا.

وفي الفترة بين عامي 2000 و2016، سجّل عدد الوفيات الناجمة عن أمراض القلب بسبب العمل ساعاتٍ طويلة زيادة بنسبة 42%، وتلك الناجمة عن السكتة بنسبة 19%.

وأضاف التقرير أنه بات ثابتًا حاليًا أن العمل لساعات طويلة مسؤول عن "حوالي ثلث إجمالي العبء التقديري للأمراض المرتبطة بالعمل، مما يجعله عامل الخطر المنطوي على أعلى عبء للأمراض المهنية".

وبحسب دراسة للمنظمتين فإن "العمل 55 ساعة أو أكثر أسبوعيا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتة بما يُقدّر بنسبة 35% وبزيادة خطر الوفاة بسبب مرض القلب الإقفاري بنسبة 17%، مقارنةً بالعمل 35-40 ساعة أسبوعيا".

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.