معبر رفح هو الممر الوحيد الذي لا تسيطر عليه اسرائيل بين قطاع غزة والعالم الخارجي- صورة أرشيفية.
معبر رفح هو الممر الوحيد الذي لا تسيطر عليه اسرائيل بين قطاع غزة والعالم الخارجي- صورة أرشيفية.

رفضت السلطات المصرية عبور الأجانب ومنهم أميركيون من معبر رفح البري مع قطاع غزة، وفقا لما نقلت قناة "القاهرة" الإخبارية عن مصادر مطلعة في القطاع.

وقالت القناة، المقربة من السلطات الأمنية في مصر، إن "الأجانب انتظروا عدة ساعات أمام المعبر، دون استجابة من قبل السلطات المصرية ليغادروا من حيث أتوا".

وأضافت القناة، نقلا عن مصادر مصرية مطلعة، أن "السلطات رفضت أن يكون المعبر مخصصا لعبور الأجانب فقط"، مبينة أن "الموقف المصري واضح وهو اشتراط تسهيل وصول وعبور المساعدات الإنسانية لقطاع غزة".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت، السبت، إن الحكومة الأميركية تشجع رعاياها في غزة على التحرك جنوبا نحو معبر رفح مع مصر ليكونوا مستعدين لإعادة فتحه المحتملة وسط الأزمة الإنسانية في القطاع الساحلي بعد هجوم حركة حماس في إسرائيل التي ردت بقصف القطاع.

ونقلت رويترز عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية القول: "أبلغنا المواطنين الأميركيين في غزة الذين نتواصل معهم أنه إذا رأوا أن الوضع آمن، فقد يرغبون في الاقتراب من معبر رفح الحدودي".

وأضاف "قد يأتي الإخطار قبل وقت قصير جدا إذا فُتح المعبر وقد يفتح فقط لمدة محدودة".

وقبل ذلك ذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تعمل مع مصر وإسرائيل وقطر لفتح معبر رفح من غزة إلى مصر بعد ظهر، السبت.

وأضاف المسؤول في تصريحات للصحفيين المرافقين لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: "نحاول تسهيل الوصول إليه بأن يكون مفتوحا من الساعة 12 إلى الساعة الخامسة اليوم.. المصريون والإسرائيليون والقطريون يعملون معنا على ذلك".

وبعد أسبوع على اندلاع الحرب بين قطاع غزة وإسرائيل، نزح آلاف الفلسطينيين داخل قطاع غزة جنوبا بعد إنذار من إسرائيل بإخلاء مدينة غزة، ما يرجح احتمال حصول عملية برية ردا على الهجوم غير المسبوق على إسرائيل منذ نشأتها.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حركة حماس ردا على هجوم مقاتلي الحركة على بلدات إسرائيلية يوم السبت الماضي والذي أسفر عن مقتل مدنيين واحتجاز العشرات.

وقُتل نحو 1300 شخص في الهجوم الأسوأ الذي يتعرض له المدنيون في تاريخ إسرائيل.

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.