تذبذب في سوق الصرف في مصر
تذبذب في سوق الصرف في مصر

خلال شهرين تقريبا ارتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري في السوق الموازية (السوداء) نحو 30 جنيها ليصل سعره، الأربعاء الماضي، إلى نحو 73 جنيها، في حين لا يزال سعره الرسمي أقل من 31 جنيها. 

ولكن، وخلال الأيام القليلة الماضية تحسن سعر صرف الجنيه فجأة، وتباين سعر الدولار في السوق الموازية الأحد، فبدأت مداولاته في بداية اليوم بـ60.90، ثم نزل سعره إلى قرب 53 جنيها وفق منصات تتابع سعر الصرف، مما أدى إلى ظهور هاشتاغات تبشر بـ"ترنح الدولار" أخيرا في مصر. 

ويقول المستشار الاقتصادي، خبير أسواق المال، وائل النحاس، في حديثه مع موقع "الحرة" إن بعض المنصات حاليا هي التي تحرك سعر الصرف، "وبعد أن توقفت بعض المنصات عن العمل في الفترة الأخيرة بعد القبض على أصحابها أو مديريها وجدنا بعضها قد عاد للعمل مع تراجع السوق"، مضيفا "لا أعتقد أن هناك تداولا حقيقيا على هذه الأسعار. سعر الذهب أيضا يهبط لكن لا بيع ولا شراء". 

لكن خبيرا مصرفيا مسؤولا في أحد البنوك الحكومية قال لموقع "الحرة" إن "هناك من يسارع ليبيع ذهبا ودولارات لأنه بات يشعر بالقلق من تراجع السعر أكثر خلال الفترة المقبلة".

"حديث عن تدفق مرتقب للعملة الصعبة"

ويعزو الخبير المصرفي تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى ما يتداوله الإعلام المصري عن اقتراب الاتفاق مع صندوق النقد على قرض جديد، فضلا عن الحديث عن مشروع "رأس الحكمة" بقيمة 22 مليار دولار، دون صدور تأكيد رسمي حتى الآن.

وذكرت صحيفة "المال"، الأحد، أن المشروع المرتقب لتنمية مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالى يتضمن إتمام اتفاقيات بين وزارة الإسكان المصرية وعدة جهات سيادية إماراتية أبرزها وزارة المالية، لتنفيذ عقود شراكات بنظام الحصة العينية والنقدية، مع سداد الطرف الإماراتى نحو 22 مليار دولار نظير شراء أراض بتلك المنطقة.

وقال الخبير المصرفي: "هذا يعني أن مصر ستحصل على نحو 34 مليار دولار، في حين أنها تحتاج لدفع ديون بقيمة حوالي 24 مليار دولار حتى منتصف العام الجاري، مما يتيح فائضا ماليا من العملة الصعبة". 

وتوقع عضو مجلس النواب مصطفى بكري تحسن سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار "مع قرب دخول مبلغ مالي كبير إلى البنك المركزي، الذي سيتحكم في سعر السوق ويقضي على السوق الموازية". 

وارتفعت السندات السيادية المصرية الدولارية بأكثر من سنت، الجمعة، بعد أن قال صندوق النقد الدولي إنه اتفق مع الحكومة على المكونات الأساسية لبرنامج إصلاح اقتصادي، وذلك في مؤشر على اقتراب التوصل إلى اتفاق نهائي لزيادة حجم قرض كانت قيمته الأولية تبلغ 3 مليارات دولار.

وأظهرت بيانات تريدويب أن الأوراق النقدية المستحقة في 2027 شهدت أكبر المكاسب، إذ ارتفعت 1.2 سنت ليجري تداولها عند 77.29 سنت للدولار.

لكن النحاس يرى أن تغير سعر صرف الجنيه مؤخرا لا يعني أن هناك استقرارا في السوق، حيث عزا التذبذب في سعر الدولار في مصر إلى أن "الفترة الحالية لا تشهد إقبالا طبيعيا على الدولار ابتداء من نهاية يناير حتى تقريبا منتصف فبراير". 

وأوضح في حديثه مع موقع "الحرة": أن "نسبة الطلب على الدولار قلت بنسبة 80 في المئة تقريبا إذ بدأت فترة إجازات في الصين بنهاية يناير، من المقرر أن تمتد لأسبوعين، كما أن التجار المستوردين بدأوا في فتح الاعتمادات في ديسمبر الماضي، وبالتالي هم أودعوا الأموال وينتظرون حاليا سلع رمضان، كما أن شركات السياحة أودعت الأموال الخاصة بالحج في ديسمبر، فضلا أن مبادرة السيارات للمصريين في الخارج انتهت مدتها مع نهاية يناير وبالتالي فإن كل ما خلق الطلب على الدولار أصبح غير موجود في الفترة الحالية". 

"تعويم مرتقب"

تعاني مصر من نقص طويل الأمد في الدولار. وتعرضت مصادرها الرئيسية للعملة الأجنبية، وهي صادرات الغاز الطبيعي والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج ومستحقات قناة السويس، لضغوط في الآونة الأخيرة.

وأجرت القاهرة محادثات على مدى الأسبوعين الماضيين مع صندوق النقد لإحياء وتوسيع اتفاق القرض، الذي تم توقيعه في ديسمبر 2022.

وقال صندوق النقد الدولي في بيان، الجمعة، إنه اتفق مع مصر على عناصر السياسة الرئيسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مؤشر آخر على أن الاتفاق النهائي لزيادة قرض البلاد المفترض  أن يبلغ 3 مليارات دولار على وشك الاكتمال.

وكشفت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا فلادكوفا هولار، أن الجانبين حققا "تقدما ممتازا" في المناقشات بشأن حزمة سياسات شاملة قد تبدأ معها مراجعات طال انتظارها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد.

وعلق الصندوق صرف حصص القرض العام الماضي بعدما ثبتت مصر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في مارس عند 30.85 جنيه للدولار، وعدم الوفاء بتعهدها بالسماح لقوى السوق بتحديد سعر صرفه.

ويرى النحاس أن "صندوق النقد لن يعطينا 10 مليار دولار على الطاولة مرة واحدة، وإنما سيخفف من عبء الأقساط المفترض دفعها ليطيل مدتها وهو مما سيؤدي إلى تقليل حجم الطلب على الدولار مما يزيد من المعروض"، معتبرا أن "التوقعات هي التي لعبت دورا اليوم في ميزان العرض والطلب". 

وأضاف: "ترقب الناس نزول شهادات ادخار جديدة بنسب فائدة مرتفعة، وكذلك الإشاعات بشأن قرب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وكذلك ما يتردد عن شراء جهات سيادية إماراتية لأراض في الساحل الشمالي بمبالغ كبيرة والقبض على متاجرين في العملة الصعبة، كل ذلك ساهم في تحسن سعر الصرف". 

وبحسب النحاس فإن ما يحدث هو عكس التجارب السابقة، إذ كان سعر الدولار يرتفع عندما يتم القبض على بعض المتاجرين، لأن المخاطر تزداد ويقل عدد المتحكمين في السوق الموازية". 

ويرى النحاس أن "الدولة لديها الآن فرصة للسيطرة على سوق الصرف، مع سعر للدولار يقل عن سعر العقود الآجلة حاليا الذي يبلغ 63 جنيها للدولار". 

وقال: "إذا استطاعت الدولة السيطرة على سوق الصرف واستقر سعر الدولار بحيز 55 جنيها فيمكنها التفكير في تحديد سعر للتعويم (تخفيض قيمة الجنيه)". 

وعبر مصريون، الأحد، عن تمنياتهم بأن تنخفض أسعار السلع بعد أن تحسن سعر صرف الجنيه في السوق السوداء، في حين يخشى البعض إعلان خفض قيمة الجنيه بشكل رسمي (التعويم)، مما سيزيد من التضخم.

ويعاني المصريون في حياتهم اليومية بسبب عدم القدرة على تدبير ما يحتاجونه من العملة الأميركية عبر المصارف. وأصبحت تعاملاتهم الإلكترونية تقتصر على الدفع بالعملة المحلية، حتى أن الأزمة امتدت إلى عدم القدرة على سداد اشتراكات التطبيقات البسيطة مثل منصات "نتفليكس" أو "شاهد".

وخفضت بنوك مصرية الشهر الماضي حدود بطاقات الائتمان في معاملات الصرف الأجنبي التي يتم تنفيذها محليا وخارجيا.

وسجّل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية، في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء.

تضخم غير مسبوق في أسعار الغذاء في مصر

وتضاعفت ديون مصر الخارجية أكثر من 3 مرات في العقد الأخير لتصل إلى نحو 164 مليار دولار، وفقاً للأرقام الرسمية.

منجم السكري للذهب في مصر.
احتياطيات منجم السكري تبلغ 6 مليون أوقية وهي من أكبر الاحتياطيات في العالم. | Source: موقع هيئة وزارة البترول المصرية

أعلن ألبرتو كالديرون، الرئيس التنفيذي لشركة أنغلو غولد أشانتي، الثلاثاء، أن الشركة باتت الآن في وضع يسمح لها بمواصلة النمو من خلال الاستحواذ على أصول عالية القيمة، وذلك بعد أن وافقت شركة التعدين على شراء منافستها الأصغر سنتامين، المشغّلة لمنجم السكري أحد أكبر مناجم الذهب في مصر، في صفقة أسهم ونقد بقيمة 2.5 مليار دولار.

وبموجب صفقة الاستحواذ على سنتامين، الشركة المالكة لمنجم السكري بالمشاركة مع مصر، فإن شركة "أنغلو غولد أشانتي" ستحصل على حق إدارة وتشغيل المنجم المصري، وهو أحد أكبر مناجم الذهب في العالم.

وأثار الإعلان عن الصفقة جدلا في مصر، وانتقدها البعض باعتبار أن المنجم يدر أرباحا كبيرة ويعتبر أحد أهم أصول مصر التي يجب إدارته وتشغيله محليا، بينما يراها البعض ستعود بالنفع على السكري بعد خطط الاستثمار المنتظرة به، مما سيصب بطبيعة الحال في احتياطي مصر من الذهب لدى البنك المركزي.

صفقة السكري تثير تساؤلات

وقال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، كريم سعدالدين، لموقع "الحرة" إنه "حاليا تسعى دول العالم لتنويع مصادر احتياطاتها ودخلها وتحديدا من الذهب باعتباره المعدن الأكثر استدامة وقيمة، ولذلك تثير صفقة السكري تساؤلات بشأن حجم استفادة مصر منها".

وأضاف أن "شركات تعدين الذهب تسعى حاليا إلى تأمين الإمدادات للاستفادة من الطلب المرتفع على المعدن الأصفر، إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 30% على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، لتسجل أعلى مستوى لها على الإطلاق الشهر الماضي على خلفية الطلب على الملاذ الآمن وتوقعات خفض أسعار الفائدة، مما عزز خزائن المنتجين".

وتابع أن "شركة سنتامين حققت أرباحا كبيرة العام الجاري، كما أعلنت زيادة إنتاج منجم السكري نفسه، ولذلك أثارت صفقة البيع في هذا التوقيت تساؤلات عدة، خاصة أن الحكومة المصرية أعلنت تطوير قطاع التعدين لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 5% خلال العقدين المقبلين مقارنة بـ0.5% في الوقت الراهن، إذ طرحت البلاد مؤخرًا العديد من فرص التنقيب عن المواد التعدينية واستحوذ الذهب على النصيب الأكبر منها".

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت شركة سنتامين عن خطة جديدة للعمر الإنتاجي للمنجم، تستهدف من خلالها إعادة تصنيف منجم السكري كأحد أفضل الأصول الذهبية في إنتاج الذهب على مستوى العالم، إذ تساهم هذه الخطة في زيادة طويلة الأجل في إنتاج الذهب، مع تكاليف أقل ومخاطر تشغيلية أقل، وانبعاثات كربونية مخفضة بشكل كبير.

وأوضحت الشركة أن الخطة الجديدة تتضمن توقعات سنوية لإنتاج الذهب بمتوسط 506 آلاف أوقية سنوياً للسنوات التسع المقبلة (2024 - 2032)، و475 ألف أوقية سنوياً لباقي عمر المنجم. ووضعت الخطة أيضاً توقعات للتكاليف الإجمالية يبلغ متوسطها 922 دولارا للأوقية من الذهب المبيع، مما يضع السكري في النصف الأدنى من منحنى التكلفة العالمية للذهب.

وأشار سعدالدين إلى أنه "بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية الكبيرة لمنجم السكري، فكان من الأجدى أن تسعى الحكومة للاستحواذ على الصفقة عبر شركة شلاتين، على سبيل المثال، باعتبارها تعمل في التنقيب عن الذهب وتتبع وزارة البترول والثروة المعدنية".

وتحدث أستاذ الاقتصاد عن الأرباح الكبيرة التي ستجنيها الشركة من وراء الاستحواذ على حق إدارة وتشغيل النجم، موضحا أنه "من خلال هذه الصفقة سيتحول السكرى من شركة سنتامين في مصر إلى أنغلو غولد، مما يعزز إنتاج الشركة من الذهب بنحو 450 ألف أوقية سنويًا إلى أكثر من 3 ملايين أوقية". وذكر أن "احتياطيات المنجم تبلغ 6 مليون أوقية وهي من أكبر الاحتياطيات في العالم".

وفي يوليو الماضي، قال مارتن هورغان، الرئيس التنفيذي لشركة سنتامين، خلال فعاليات منتدى مصر للتعدين، إنه منذ بدء عمل الشركة في منجم السكري، حصلت الحكومة المصرية على أكثر من مليار دولار، حيث أنتج المنجم أكثر من 5.7 مليون أوقية ذهب، مشيرا إلى أن الشركة أنفقت ما يقرب من 450 مليون دولار العام الماضي.

وفي أغسطس، أكد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، على أهمية منجم السكرى كنموذج متطور للاستثمار التعديني والحرص الكامل على تدعيم ما يحققه من نجاحات في ظل جهود زيادة الإنتاج به واستخدامه تقنيات حديثة في الاستكشاف الذى يسهم في إطالة عمر الإنتاج من المنجم، الذى تمكن من تحقيق إنتاج بلغ 5.7 مليون أوقية منذ بدء الإنتاج.

وأشار سعدالدين إلى أن "أنغلو غولد واحدة من أهم شركات التعدين في العالم والمدرجة في الولايات المتحدة وبريطانيا، وتسعى إلى تعزيز محفظتها من خلال إضافة السكري الذي يعد أحد أكبر مناجم الذهب المنتجة في العالم، وسط ارتفاع أسعار المعدن النفيس".

وأوضح أن "الأزمة وراء الصفقة بحسب ما يراها الكثيرون تتمثل في أن أنغلو غولد شركة عالمية تستحوذ شركة (بلاك روك) على نسبة 10٪ منها، وهي تضم العديد من حاملي الأسهم من جنسيات مختلفة ومنها إسرائيل على سبيل المثال، وهو ما لا يتماشى مع الشارع المصري حاليا خاصة في ظل استمرار حرب غزة".

وتحدث سعد الدين عن ارتباط شركة "أنغلو غولد" بالإمارات، موضحا أنه منذ عام 2009، أعلنت الشركة تكوين تحالف مع شركة ثاني دبي للتعدين للتنقيب عن الذهب وإدارة المناجم وتطويرها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وذكرت صحيفة "العين" الإماراتية، في 2017، أن وزيرة الاستثمار المصرية وقتها، سحر نصر، التقت بالمستثمر الإماراتي عبد الله سعيد آل ثاني رئيس شركة ثاني دبي الإمارات للتعدين، حيث تبحث الشركة زيادة استثماراتها في مجال البحث عن الذهب بمصر، وفقا لاتفاق حكومي مصري.

تفاصيل صفقة السكري

وبعد الانتهاء من صفقة السكري، أوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المساهمين في أنغلو غولد سيمتلكون 83.6% من الشركة المدمجة، بينما سيمتلك حاملو سنتامين النسبة المتبقية البالغة 16.4%.

وقال يوكين تيلك، رئيس مجلس إدارة أنغلو غولد، إن الصفقة مناسبة للغاية وتوفر إمكانات جيولوجية تتمتع الشركة بمكانة جيدة لتطويرها.

وتتوقع الشركة، التي تتخذ من دنفر بولاية كولورادو الأميركية مقراً لها، والمدرجة في بورصة نيويورك للأوراق المالية، أن تزيد الصفقة من التدفق النقدي الحر للسهم في أول عام كامل بعد اكتمالها. وتتوقع أن يؤدي إضافة منجم سكري إلى خفض تكاليف الوحدة النقدية وتكاليف الاستدامة الشاملة للمجموعة المدمجة.

وقالت إنها تخطط لاستخدام خبرتها في الاستكشاف لفتح فرص إضافية للنمو وتمديد عمر المنجم في منجم الذهب.

وأشارت الصحيفة إلى أن احتياطي الذهب في سكري يبلغ 5.8 مليون أوقية وعمر المنجم 13 عامًا.

وفي بيان منفصل، أكدت سنتامين المدرجة في لندن على توقعاتها للعام بأكمله للإنتاج والتكاليف. وقالت إن أسعار الذهب المرتفعة ساعدتها في توليد 75.5 مليون دولار من التدفق النقدي الحر في أول شهرين من الربع الثالث، مقارنة بـ 43 مليون دولار جمعتها في الأشهر الستة الأولى.

ووفقا للصحيفة، تأسست سنتامين بناء على نجاح الاستكشاف الذي حققه مؤسسوها المصريون مع اكتشاف منجم السكري في تسعينيات القرن العشرين. وهي واحدة من آخر منتجي الذهب الخالص في بورصة لندن، وخروجها من شأنه أن يجعل شركة إنديفور للتعدين، التي حاولت شراء سنتامين في عام 2019 مقابل 1.9 مليار دولار، هي شركة تعدين الذهب الأولية الكبيرة الوحيدة في سوق الأسهم البريطانية.

كما تدير سنتامين برنامج استكشاف يسمى" استكشاف الصحراء الشرقية" في مصر بالقرب من منجم السكري، بالإضافة إلى مشروعين للذهب في ساحل العاج.

وقفزت أسهم الشركة بنسبة 25٪ إلى 148.90 بنسًا في تداولات الصباح في بورصة لندن، وهو أعلى مستوى لها في أربع سنوات.

ويعد منجم السكري أحد المشروعات المشتركة بين هيئة الثروة المعدنية وشركة سنتامين الأسترالية، إذ وقعت الحكومة المصرية اتفاقية عام 1994 مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب الأسترالي (سنتامين حاليًا)، للبحث عن الذهب والمعادن واستغلالها.

وبعد اكتشاف منجم السكري تقرر إنشاء شركة السكري لمناجم الذهب في مايو 2005، بمنطقة امتياز يبلغ طولها 160 كيلومترًا مربعًا، لاستغلال المنجم، حيث يقع جبل السكري في صحراء النوبة، التي تُعَد جزءًا من الصحراء الشرقية، والواقعة على بُعد 30 كيلومترًا جنوب مرسى علم التابعة لمحافظة البحر الأحمر في مصر.

وشركة السكري، ذات رأسمال مشترك بين هيئة الثروة المعدنية المصرية التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية في مصر، وسنتامين التي يقع مركزها الرئيس في أستراليا.

وكانت الشركة الفرعونية لمناجم الذهب هي المشغل الأول لمنجم السكري قبل أن تستحوذ عليها سنتامين.

الصفقة ستعود بالنفع على مصر

ولا يعتقد الخبير الاقتصادي، صالح الألفي، أن صفقة السكري ستضر بمصر أو حصتها السنوية من الأرباح، وقال لموقع "الحرة" إنه "وفقًا للاتفاقية الموقّعة بين مصر وسنتامين، يحق للحكومة المصرية أن تحصل على 50% من أرباح منجم السكري، كما يحق لمصر الحصول على نسبة تصل إلى 3% من صافي إيرادات مبيعات منجم السكري، بحسب التقرير السنوي لشركة سنتامين".

وأضاف أن "شركة "أنغلو غولد هي أكبر شركة في العالم حاليا في إنتاج الذهب، ولذلك فإنها ستضخ استثمارات كبيرة في منجم السكري، مما سيعود بالنفع على مصر من خلال زيادة أرباحها السنوية".

وتحدث الخبير الاقتصادي عن "شبهات فساد" أحاطت بتشغيل وإدارة منجم السكري خلال السنوات الماضية، مما أثر بطبيعة الحال على حصة مصر. 

كما قال إنه "مع تراجع كميات أوقية ذهب السكري، انخفضت الإيرادات التي تحصّلها مصر من شركة سنتامين، خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى 5.5 مليون دولار، مقابل 5.7 مليون دولار خلال الربع نفسه من العام الماضي".

وأضاف "كما تراجعت حصة مصر من الأرباح المحققة من مبيعات ذهب منجم السكري خلال الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري إلى 8.5 مليون دولار، مقابل 21.7 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة نفسها من العام الماضي".

وتابع "وفي عام 2021، تراجعت حصة مصر من أرباح مبيعات ذهب منجم السكري إلى 75.2 مليون دولار، مقابل 174.27 مليون دولار خلال 2020".

وقال "كما انخفضت الإتاوة التي تحصّلها مصر من شركة سنتامين نتيجة مبيعات ذهب منجم السكري إلى 21.67 مليون دولار مقابل 24 مليون دولار خلال عام 2020".

وفيما يتعلق بالجدل بشأن وجود جنسيات مختلفة ضمن حاملي الأسهم بشركة "أنغلو غولد"، قال الألفي إن شركة سنتامين نفسها كانت تعد أسترالية وكان يحق لها ضم أعضاء من جنسيا مختلفة، وهذا أمر لا يمكن التحكم به طالما قبلت مصر منح حق تشغيل وإدارة المنجم لشركة أجنبية".