الرئيس التركي زار مصر لأول مرة منذ الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين
الرئيس التركي زار مصر لأول مرة منذ الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين

بعد سنوات من القطيعة وخلافات امتدت من ليبيا إلى شرق المتوسط وجماعة الإخوان المسلمين (المصنفة إرهابية في مصر)، يبدو أن القاهرة وأنقرة قررتا تنحية تلك الخلافات، حتى لو لم يتم حلها بشكل نهائي، من أجل البحث عن الملفات التي تحقق للبلدين أقصى استفادة سواء اقتصاديا أو سياسيا أو حتى عسكريًا.

وزار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مصر والتقى بنظيره عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، ووقعا إعلانا مشتركا حول إعادة هيكلة اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي التركي- المصري رفيع المستوى.

واتفق الزعيمان على أن يزور الرئيس المصري تركيا في شهر أبريل المقبل، في خطوة اعتبرها محللون ودبلوماسيون سابقون أنها بمثابة عودة تدفعها المصالح المشتركة التي طالما كانت أكبر بكثير من الخلافات حول ملفات بعينها.

رحب السيسي بالرئيس التركي والوفد المرافق له في أول زيارة له للقاهرة منذ أكثر من عقد "لنفتح معا صفحة جديدة بين بلدينا بما يثري علاقاتنا الثنائية ويضعها على مسارها الصحيح"، وقال بحسب بيان للرئاسة المصرية: "أعرب في هذا السياق عن اعتزازنا بمستوى التعاون القائم بين مصر وتركيا".

وأعلن الرئيسان خلال مؤتمر صحفي مشترك، الأربعاء، عزمهما رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك من 3 مليارات دولار حاليا.

"تقارب لا ينهي الخلافات"

قال المحلل السياسي التركي سمير صالحة، إنه من المبكر الحديث عن التوافق في الملفات، وأضاف في تصريحات لموقع الحرة: "يمكن القول إنه بعد المصافحة يجب إنجاز المصارحة، وبعد ذلك ستبدأ مسألة الانطلاق نحو تنسيق بين البلدين. الخطوة الأولى تم إنجازها، لكن ملفات التباعد قائمة".

وتابع: "النقطة الأساسية حاليا والتي سيبدأ الطرفان ببحثها هي تلك الخلافات، أما الملفات الثنائية مثل التعاون الاقتصادي فكانت محمية ومتواصلة حتى في غضون الخلافات السياسية".

وشكلت زيارة إردوغان خطوة كبيرة على طريق إعادة بناء العلاقات التي توترت بين القوتين الإقليميتين بسبب إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي عام 2013.

من جانبه أوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، أن النقطة الأهم في تلك الزيارة على مستوى العلاقات الثنائية تتمثل في "توقيع بروتوكول التعاون الاستراتيجي، حيث من المقرر عقد أول جلسة لهذا المجلس خلال زيارة السيسي لتركيا في أبريل المقبل".

وأضاف أن النقطة الثانية تتمثل في "توسيع الاستثمارات والتبادل التجاري التي كانت متواصلة، لكن سيتم رفع القيود أو العقبات السياسية".

نقلت وكالة "الأناضول" التركية، أن الإعلان المشترك حول التعاون الاستراتيجي ورد فيه أن الرئيسين سيترأسان "الاجتماعات المقبلة لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، وأن المجلس سيجتمع بالتناوب كل عامين في تركيا ومصر، وسيتم تنسيق العمل وإعداد جدول الأعمال لكل اجتماع من قبل وزيري خارجية البلدين".

وأضاف الإعلان أن تركيا ومصر "تؤكدان عزمهما على مواصلة توطيد علاقاتهما القوية في كافة المجالات من أجل تطوير تضامنهما وتعاونهما الذي يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وتعزيز السلام والاستقرار والرخاء في المنطقة وخارجها".

في حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، قال السفير المصري السابق لدى أنقرة، عبد الرحمن صلاح، إن "هناك العديد من فرص التعاون المشترك بين البلدين إقليميا وثنائيا والتي تفوق بكثير مجالات المنافسة، معربا عن أمله في أن تكون زيارة إردوغان لمصر شهادة ميلاد لمرحة جديدة من العلاقات الوثيقة بين القاهرة وأنقرة تبنى على المشتركات وتستفيد من أخطاء الماضي".

تعاون مهم في ليبيا

قبل الزيارة، عملت أنقرة والقاهرة على تبادل إشارات للتقارب، بينها مصافحة السيسي لإردوغان بقطر في نوفمبر 2022، على هامش بطولة كأس العالم. وأواخر العام الماضي، أعلنت مصر وتركيا إعادة تبادل السفراء، كخطوة في اتجاه تحسين العلاقات وحل الخلافات التي تعددت وتطورت خلال السنوات القليلة الماضية.

دعمت كل من القاهرة وأنقرة جهات متناحرة في ليبيا، فقد أرسلت تركيا مستشارين عسكريين وطائرات مسيرة لمحاربة المشير، خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد الذي تدعمه مصر.

حول هذه الخلافات واصل السفير حسن، حديثه للحرة، وقال إن الطرفين "لهما دور مهم، حيث التوافق بينهما يشجع الأطراف في شرقي وغربي ليبيا على توحيد القوات المسلحة وخروج المليشيات الأجنبية، ما يساعد على سرعة إجراء انتخابات في البلاد".

فيما أوضح المحلل التركي صالحة، للحرة، إنه فيما يتعلق بالأزمة الليبية "جاء التقارب بين تركيا ومصر لتجنب التصعيد وعدم تأزيم الأمور، ولم تكن، حتى الآن، النقاشات بهدف الحل وطرح صيغة لمعالجة الأمور".

وأشار إلى أنه بشكل عام لا يمكن "لهما بمفردهما قيادة المشهد في ملفات التباعد بينهما، لأن هناك أطرافا أخرى"، لكنه أضاف أنه "لو توحدت المواقف وكانت هناك آلية مشتركة سيصبح موقف البلدين أقوى وستكون عملية الحل والتسوية في ليبيا أسرع".

"حديقة تركيا الخلفية"

في ملف شرق المتوسط، قال صالحة إن تعقيداته أكبر وهو "أكثر أهمية لتركيا من الملف الليبي"، موضحا: "تركيا تعتبر منطقة شرق المتوسط حرفيا حديقتها الخلفية أو جزءا لا يتجزأ من استراتيجيتها الأمنية في الشرق الأوسط".

وتابع: "لا يكفي أن نقول إن تغيير السياسات في شرق المتوسط سيبني معادلات جديدة، لأن الجانب المصري كرر لأكثر من مرة أن التقارب لن يكون على حساب علاقاتها مع اليونان وقبرص".

وفي منطقة شرق المتوسط الغنية بالغاز، غضبت مصر من مذكرة تفاهم تم توقيعها في 3 أكتوبر 2022 بين تركيا وحكومة طرابلس (غرب) بشأن التعاون للتنقيب عن النفط والغاز.

السيسي وإردوغان.. لقاء مرتقب بعد أيام
مؤشر علاقة "بالمسيّرات القتالية".. ما الذي تغيّر بين مصر وتركيا؟
قبل الزيارة المقررة للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى القاهرة، وهي الأولى منذ 2012 وفي عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كشف وزير خارجيته حقان فيدان عن قضية لم يسبق أن تطرق إليها البلدان من قبل، معلنا موافقة بلاده على توريد مسيّرات قتالية إلى مصر.

وضاعفت مذكرة التفاهم التوتر بين أنقرة والقاهرة، كونها جاءت بعد ثلاث سنوات فقط على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية المثير للجدل في 2019، والذي أثار حفيظة الاتحاد الأوروبي حينها أيضا.

اعتبرت مصر، إلى جانب قبرص واليونان، أن اتفاق 2019 ينتهك حقوقها الاقتصادية، حيث أثار اكتشاف حقول غاز شاسعة في السنوات الماضية مطامع دول عدة في المنطقة.

وفي أغسطس 2020 ردت مصر واليونان على الخطوة باتفاق لترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.

لكن صالحة عاد وأشار إلى أنه "حال قررت مصر مثلا ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، سيكون هذا إنجازا أمنيا سياسيا وعسكريا واقتصاديا كبيرا جدا... هل مصر ستدخل في نقاش من هذا النوع في القريب؟".

لكن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أكد أن "تركيا لا تعترف بالقانون الدولي لأعالي البحار، ومصر رسمت حدودها مع اليونان وقبرص وفق هذا القانون. تركيا ليس لديها منطقة اقتصادية أو حدود بحرية مع مصر، ويجب أولا عليها حل الأمر مع قبرص واليونان".

وأوضح أن مصر يمكنها "أن تكون طرفا في التهدئة".

منافسة لا مواجهة

كان أنصار الإخوان المسلمين المقيمون في تركيا وقنواتهم الإعلامية سببا لتأجيج شدة الخلاف بين البلدين، وكانت القاهرة ترغب في أن تضيق السلطات التركية الخناق على أعضاء الجماعة المنفيين وأنصارهم المقيمين في تركيا وتسلم الهاربين الذين تتهمهم القاهرة بارتكاب أعمال عنف ضد الدولة المصرية.

بالإضافة إلى ذلك، أرادت السلطات المصرية إغلاق القنوات الإعلامية التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها، والتي تنتقد بشدة السيسي.

واتخذت أنقرة خطوات لإظهار جديتها بشأن التقارب مع مصر، وفي مارس 2021، حث مسؤولون أتراك قنوات المعارضة المعادية على تخفيف حدة انتقاداتها للرئيس المصري، وفق تقرير من المركز "الأطلسي".

الرئيس السيسي يستقبل الرئيس "أردوغان" بالقاهرة.

Posted by ‎المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية-Spokesman for the Egyptian Presidency‎ on Wednesday, February 14, 2024

وحول هذا الأمر قال المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، في تصريحات لقناة الحرة، إن "قوانين تركيا لا تعتبر الإخوان المسلمين منظمة إرهابية مثل مصر"، وأضاف: "لكن الخلاف هنا لن يشكل عقبة أمام التعاون. مصر تحترم القوانين التركية وأنقرة لا تسمح باستخدام منصات أراضيها لاستهداف دولة ما".

وأوضح: "يتم إدارة الأزمة بحكمة وبشكل لا يؤثر على العلاقات في ظل رغبة الجانبين في علاقة استراتيجية مهمة".

ورغم استمرار الأزمة السياسية لفترة طويلة، بقيت العلاقات التجارية جيدة، فأنقرة هي الشريك التجاري الخامس للقاهرة. ومطلع فبراير أعلن وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، عن بيع مصر مسيرات قتالية، في إشارة إلى إتمام المصالحة بين البلدين.

وأكد فيدان في مقابلة تلفزيونية أن "عملية التطبيع اكتملت بشكل كبير. العلاقات (بين البلدين) مهمة للأمن والتجارة في المنطقة".

وواصل حسن حديثه للحرة، وقال: "المصالح تتصالح، ويجمع البلدان ما هو أكثر بكثير من الخلافات، والتي توجد بين أي دولتين حتى بين الدول العربية وبعضها. يمكن استثمار التقارب لاحتواء أي خلافات بين البلدين لأنهما قوتين كبيرتين وبالطبع سيكون هناك منافسة وليس مواجهة".

نتانياهو
نتانياهو

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، أن اليوم تاريخي بالنسبة للشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وقال نتانياهو، خلال وجوده قرب الحدود مع سوريا، رفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، إن  "هذا يوم تاريخي في الشرق الأوسط. نظام الأسد حلقة مركزية في محور الشر الإيراني - لقد سقط هذا النظام".

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران وحزب الله، الداعمين الرئيسيين. أدى هذا إلى خلق سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء الشرق الأوسط لجميع أولئك الذين يريدون التحرر من نظام القمع والطغيان".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، انتشار قواته في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، جنوب غربي سوريا، على أطراف الهضبة التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 وأعلنت ضمها لاحقا.

وقال الجيش في بيان: "في ضوء الأحداث في سوريا وبناء على تقييم الوضع وإمكانية دخول مسلحين إلى المنطقة الفاصلة العازلة قام جيش الدفاع بنشر قوات في المنطقة الفاصلة العازلة وفي عدة نقاط دفاعية ضرورية".

وأكد الجيش في بيانه أنه "لا يتدخل" في الأحداث الواقعة في سوريا، مضيفا أنه "تقرر فرض منطقة عسكرية مغلقة ابتداء من اليوم (الأحد) في المناطق الزراعية في منطقة ماروم جولان، هين زيفان وبقعاتا وخربة عين حور".

وفي كلمته أشار نتانياهو إلى أن الوضع الحالي "يخلق فرصًا جديدة ومهمة جدًا لدولة إسرائيل. لكنها أيضا لا تخلو من المخاطر". 

وأوضح: "نحن نعمل أولا وقبل كل شيء لحماية حدودنا. وقد تمت السيطرة على هذه المنطقة منذ ما يقرب من 50 عامًا من خلال المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها عام 1974، وهي اتفاقية فصل القوات (فك الاشتباك). وانهار هذا الاتفاق وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم. وبالتعاون مع وزير الدفاع، وبدعم كامل من الكابينيت، أصدرت تعليماتي أمس للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على المنطقة العازلة ومواقع القيادة المجاورة لها. ولن نسمح لأي قوة معادية بأن تستقر على حدودنا".

وأوضح " في الوقت نفسه، نعمل على اتباع سياسة حسن الجوار".

من جانبه قال وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس، إن "سقوط الأسد يشكل ضربة قاسية لمحور الشر الإيراني، الذي وضع لنفسه هدف تدمير دولة إسرائيل. لقد تم قطع أذرع الأخطبوط واحدة تلو الأخرى. لقد جئنا إلى هنا لنقول بوضوح إننا عازمون على توفير الأمن للبلدات في هضبة الجولان. لقد أصدرنا تعليمات إلى جيش الدفاع الإسرائيلي - رئيس الوزراء وأنا - بموافقة الكابينيت، بالاستيلاء على المنطقة العازلة ونقاط المراقبة لضمان حماية جميع البلدات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان - اليهود والدروز - حتى لا يتم كشفها للتهديدات من الجانب الآخر".

وتابع: "نحن عازمون على عدم السماح بالعودة إلى الوضع الذي كان عليه في السادس من أكتوبر، لا في هضبة الجولان ولا في أي مكان آخر".