الصور تظهر استمرار أعمال البناء على الجدار الذي يقع على طول طريق الشيخ زويد-رفح غرب الحدود مع غزة
الصور تظهر استمرار أعمال البناء على الجدار الذي يقع على طول طريق الشيخ زويد-رفح غرب الحدود مع غزة

أظهرت صور أقمار اصطناعية حللتها وكالة أسوشيتدبرس، الجمعة، قيام مصر ببناء جدار وتسوية أراض بالقرب من حدودها مع قطاع غزة قبل هجوم إسرائيلي مخطط له يستهدف مدينة رفح الحدودية.

وتظهر صور الأقمار الاصطناعية، التي التقطتها شركة (ماكسار تكنولوجيز) الخميس، استمرار أعمال البناء على الجدار الذي يقع على طول طريق الشيخ زويد-رفح على بعد حوالي 3.5 كيلومتر غرب الحدود مع غزة. 

وتظهر الصور كذلك الرافعات والشاحنات وما يبدو أنها حواجز خرسانية مسبقة الصنع تم وضعها على طول الطريق.

وتتوافق صور الأقمار الاصطناعية هذه مع ما جاء في مقطع مصور أصدرته (مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان) ومقرها لندن في 12 فبراير. ويظهر المقطع المصور رافعة ترفع الجدران الخرسانية إلى أماكنها على طول الطريق.

وفي مكان قريب أيضا، يبدو أن أطقم البناء تقوم بتسوية الأرض لغرض غير معروف. ويمكن رؤية ذلك أيضا في الصور المأخوذة من شركة (بلانيت لابس بي إل سي) في المنطقة. 

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" وصفت، نقلا عن مسؤولين مصريين مجهولين، "سياجا مسورا بمساحة 20 كيلومترا مربعا" يجري بناؤه في المنطقة ويمكن أن يستوعب أكثر من 100 ألف شخص.

وقالت الصحيفة إن مصر تجهز مخيما مسورا في شبه جزيرة سيناء تحسبا لاحتمال استقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل وتقصفه بلا هوادة.

وأضافت الصحيفة أن السلطات المصرية تقوم بإعداد "منطقة مسورة بمساحة ثمانية أميال مربعة" على الجانب المصري من الحدود مع غزة، مشيرة إلى أن المنطقة المسورة جزء من "خطط طوارئ" ويمكن أن تستوعب "أكثر من 100 ألف شخص".

بدورها ذكرت وكالة فرانس برس أنها اطلعت على صور ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية لمنطقة شمال سيناء، الخميس، تظهر آليات تقوم ببناء جدار على طول الحدود بين مصر وغزة.

صورة نشرتها شركة ماكسار تكنولوجيز للمنطقة الحدودية في رفح

وقالت الوكالة إن السلطات المصرية تفرض رقابة أمنية مشدد على هذه المنطقة المغلقة أمام الصحافيين.

ونقلت الوكالة عن محافظ شمال سيناء محمد شوشة نفيه قيام مصر بتجهيز "منطقة معزولة في سيناء" لاستقبال اللاجئين.

غير أن مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان قالت إنها تحدثت إلى مقاولين محليين قالوا إنه تم تكليف شركات بناء "بإنشاء منطقة محاطة بأسوار بارتفاع 7 أمتار".

وحذرت مصر، التي لم تعترف علنا بالبناء، إسرائيل مرارا من مغبة الطرد القسري لأكثر من مليون فلسطيني مهجرين الآن في رفح إلى أراضيها بينما تقاتل حركة حماس المسلحة للشهر الخامس.

ومع ذلك، فإن الاستعدادات على الجانب المصري من الحدود في شبه جزيرة سيناء تشير إلى أن القاهرة تستعد لهذا السيناريو، وهو الأمر الذي يمكن أن يهدد اتفاق السلام الذي أبرمته مع إسرائيل عام 1979 والذي كان بمثابة محور أساسي للأمن الإقليمي، وفقا لأسوشيتدبرس.

صورة نشرتها شركة ماكسار تكنولوجيز للمنطقة الحدودية في رفح

ولم تستجب الحكومة المصرية لطلبات التعليق التي أرسلتها الوكالة الجمعة، لكن وزارة الخارجية المصرية كانت قد أصدرت في 11 فبراير بيانا حذرت فيه إسرائيل من هجومها المحتمل على رفح و"تشريدها للشعب الفلسطيني".

وأثار مسؤولون متشددون داخل حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو احتمال إخراج الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو أمر تعارضه بشدة الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل. ويأمل الفلسطينيون في الحصول على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة لإقامة دولتهم المستقبلية.

وأحال الجيش الإسرائيلي الأسئلة المتعلقة بالبناء في مصر إلى مكتب نتنياهو الذي لم يرد على الفور، بحسب أسوشيتد برس.

وتضمن تقرير صادر عن وزارة المخابرات الإسرائيلية، والذي تمت صياغته بعد ستة أيام فقط من هجوم حماس في 7 أكتوبر من قطاع غزة والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 آخرين رهائن، اقتراحا بنقل السكان المدنيين في غزة إلى مدن خيام في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني غير محدد.

ودمرت الحرب بين إسرائيل وحماس مساحات واسعة من القطاع الساحلي وقتلت أكثر من 28600 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

الجنيه المصري واجه تقلبات كبيرة في أسعار الصرف. أرشيفية -تعبيرية
ارتفاع في نسبة التضخم شهدته مصر في الفترة الماضية

في ظل توترات خطيرات وصراعات متعددة الأطراف، تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ نحو عام، أعلنت مصر على لسان رئيس حكومتها، مصطفى مدبولي، أن القاهرة قد تلجأ إلى "اقتصاد الحرب"، مما يثير التساؤلات حول التحديات التي تواجه البلاد، وسبل مواجهتها.

وكان مدبولي قد أوضح خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء، أن "الحكومة تواجه تحديات غير مسبوقة، وتتعامل مع اضطرابات الوضع الدولي والإقليمي بحزمة من القرارات، ولو دخلت المنطقة في حرب إقليمية سنكون في وضع شديد، وربما ندخل في وضع اقتصاد الحرب".

ما هو اقتصاد الحرب؟

ويرى أستاذ الاقتصاد السياسي، الخبير المصري، عبد النبي عبد المطلب، في حديثه إلى موقع الحرة، أن ما يسمى "اقتصاد الحرب" كان قد انتهى مع نهاية الحرب الفيتنامية -الأميركية في منتصف سبعينيات القرن الماضي.

على هامش مؤتمر الاستثمار المصري-الأوروبي المشترك
اتفاقيات الأمونيا الخضراء.. هل تنقذ الاقتصاد المصري؟
أعلن مجلس الوزراء المصري، الأحد، توقيع الصندوق السيادي 4 اتفاقيات في مجال الأمونيا الخضراء مع عدد من المطورين الأوروبيين، بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 33 مليار دولار، ما يثير التساؤلات بشأن تلك الاتفاقيات وما إن كانت ستعيد التوازن للاقتصاد المصري الذي لا تزال مشكلاته تراوح مكانها رغم الصفقات الاقتصادية الأخيرة وعلى رأسها اتفاقية "رأس الحكمة". 

وأوضح عبد المطلب أن " ذلك المصطلح يعني سيطرة الدولة على كافة أنواع الأنشطة الاقتصادية، حيث تبدأ بتوزيع المواد الغذائية من خلال كوبونات (قسائم)، وذلك طبقا لخطة تضعها الحكومة".

ونبه إلى أنه يجري أيضا "الإشراف على كافة المصانع والمصارف والاستثمارات كما حركة الأموال الداخلية والخارجية لا تتم إلا بإذن رسمي".

ولفت الخبير المصري إلى أن حركة الاستيراد والتصدير تتم أيضا ضمن هذا الإذن الرسمي الصادر عن الدولة وبإشرافها.

وكان مدبولي قد لفت إلى أنه من الضروري أنَّ تهتم الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة.

وأكد أن الحكومة المصرية تعمل على التعامل مع هذا الوضع من خلال حزمة من الاجراءات والسياسات، والتي تمثل في جزء منها ردة فعل للتعامل مع الأحداث الحالية، لافتا إلى أن الدولة المصرية تعمل كذلك على وضع مجموعة من السيناريوهات التي يتم تغييرها باستمرار نتيجة للتطورات والمستجدات الراهنة.

من جهته، لفت الخبير الاقتصادي الأردني، عامر الشوبكي، في حديث لموقع الحرة، إلى أن "الكثير من دول المنطقة باتت بحاجة إلى (اقتصاد الحرب)، خاصة في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة والمخاطر المتصاعدة".

وشدد على " أن اقتصاد الحرب يشمل في البداية، رفع النفقات في قطاع الدفاع والتسليح، وبالتالي سوف يكون جزء كبير من تلك الأموال مخصص موجهة نحو النفقات العسكرية والواقع الأمني الدولي".

وتابع: "وسوف يتبع ذلك ترشيد النفقات في القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى توجيه جزء من الميزانية نحو القطاعات الأمنية الداخلية مثل تجهيز الملاجئ والاستعداد لأي مواجهة عسكرية".

ورأى الشوبكي أن الدولة يجب "أن تراعي في اقتصاد الحرب توفير الحاجات الغذائية والصحية الأساسية للشعب خلال فترة اعتماده".

"مفهوم كارثي"

وفي محاولة منه لطمأنه الرأي العام، أكد المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، أن الحكومة لديها خطة قوية لمواجهة أي تداعيات سلبية في حالة تصاعد أحداث الصراع في المنطقة، إذ يتم العمل على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من خلال مخزون احتياطي استراتيجي قوي.

وأضاف في تصريحات لقناة "صدى البلد" المحلية أن مفهوم اقتصاد الحرب الذي تحدث عنه مدبولي، يقصد منه أن "تكون هناك إجراءات استثنائية يتم اتخاذها في حالة نقص سلاسل الإمداد عند وقوع حدوث حرب إقليمية بالمنطقة، كما حدث عند التعامل مع نقص السلع الغذائية أثناء جائحة كورونا الأخيرة، على حد قوله.

وشدد الحمصاني في حديثه على أنه يتم العمل بشكل مستمر على توفير الموارد اللازمة لتوليد الطاقة، كما أنه تم وضع خطة طوارئ للتعامل مع أي أزمة في المنطقة.

وأردف: "لدينا خطة للتعامل مع كافة الأمور، ونعمل على مواجهة أسوأ السيناريوهات في حالة حدوث مشاكل كبيرة في العالم والمنطقة".

ولكن الخبير المصري، عبد النبي عبد المطلب، اعتبر أن تصريحات مدبولي الأخيرة تعد "كارثية بكل معنى الكلمة على خطط البلاد الاستثمارية".

وشرح قائلا: "عندما نقول إننا قد نتحول إلى اقتصاد حرب فذلك يعني أن الدولة قد تضع يدها على كل الاستثمارات والمشاريع التجارية والاقتصادية، وإن كان ليس بغرض تأميمها، ولكن الإشراف على إدارتها".

وأضاف: "ولا أعتقد أن أي مستثمر محلي أو أجنبي يمكن أن يقبل بذلك النوع من المعاملة، لأنه معلوم أن تدخل الدولة أو إشرافها على مجريات الأمور سوف يؤثر على كفاءة تلك الاستثمارات سواء كانت صناعية أو تجارية أو زراعية".

وضرب مثلا: "تخيل أن يتم بشكل مفاجئ تعيين أشخاص من الدولة للإشراف على كفاءات مميزة تدير مصنعا أو مشروعا زراعيا أو تجاري، فعندها ذلك الفريق المميز لن يكون قادرا على أداء واجباته بشكل جيد".

وأشار إلى أن وجود تهديدات مباشرة لا يعني اللجوء إلى ذلك السيناريو، مردفا: "أظن رئيس الوزراء قد خان تعبيره بشكل كبير جدا في المؤتمر الصحفي".

ولفت إلى أن مرد ذلك قد يكون مرده إلى أن المراجعات مع صندوق النقد الدولي كان من المفترض أن تتم في شهر سبتمبر الماضي، ولكن جرى تأجيلها إلى شهر نوفمبر القادم، وواضح أن هناك مفاوضات لتأجليها مرة أخرى إلى يناير".

وكان مدبولي قد أعلن، الأربعاء، إن صندوق النقد الدولي طلب تأجيل مراجعته للشريحة الجديدة من القرض البالغ قيمته 8 مليارات دولار لما بعد اجتماعاته السنوية.

وكان من المرتقب إتمام المراجعة الرابعة للقرض في نوفمبر المقبل، بحسب ما أعلنت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، قبل أيام.

ووقعت مصر في مارس الماضي حزمة دعم مالي قيمتها 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في السيطرة على سياسة نقدية تغذي التضخم، لكنها تستلزم زيادة في أسعار عدد كبير من المنتجات المحلية.

ورفعت الحكومة أسعار عدد من السلع المدعومة للتصدي لعجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه مصري (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو الفائت، كما خفضت قيمة الجنيه بشدّة قبل شهور.

وسبق أن حصلت مصر من صندوق النقد الدولي بعد المراجعة الثالثة في نهاية يونيو على شريحة قيمتها 820 مليون دولار.

"ارتفاعات لا مثيل لها"

وأكد عبد المطلب  أن مصر وحتى تتمكن من استكمال المراجعات مع صندوق النقد الدولي فهي بحاجة إلى مجموعة من الإجراءات والتي يخشى أن يكون لها تبعات سياسية واجتماعية خطيرة، على حد قوله.

وزاد: "نحن الآن نتحدث عن أسعار ارتفعت بشكل لم يسبق له مثيل، فالمواطن المصري بات في كثير من الأحيان عاجزا عن الإيفاء بمتطلبات المعيشة اليومية الأساسية".

 واعتبر أن "التضخم بدأ يعود من جديد، وذلك بعد أن كانت هناك توقعات تشير إلى تراجعه بنسبة 24 بالمئة خلال سبتمبر الماضي مقارنة بأغسطس، اتضح أن هناك زيادة بنسبة 200 نقطة أساس أي ما يعادل 26 بالمئة".

ووصل عبد المطلب إلى "أن اضطرار الحكومة إلى اتخاذ إجراءات في المستقبل قد تكون لها آثار وتداعيات سلبية على المواطن المصري، ربما تكون دفعت بدولة رئيس الوزراء إلى الحديث عن (اقتصاد الحرب)".

وختم بالقول: "أن ذلك التصريح كان موجها إلى الداخل، ولكن مدبولي لم يأخذ بالحسبان أن العالم كله كان يتابعه، وبالتالي فإن تأثير مثل ذلك الكلام سوف يكون سلبيا على الاقتصاد أكثر من الحرب نفسها".

من جانبه، رأى الشوبكي أن "مصر تواجه الكثير من الأخطار، مثل محور فيلادلفيا ومعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، بالإضافة إلى خلافها مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، ناهيك عن المخاطر الناجمة عن الحرب في السودان وغيرها وبالتالي فإن هذا يعطي أولوية للإنفاق العسكري".

وتابع: "ومع تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 بالمئة، حسب الأرقام الرسمية، وهبوط سعر الجنيه بعد التعويم الأخير، واستمرار ارتفاع التضخم، فإن كل ذلك سوف يؤثر على الأوضاع المادية للمواطن العادي".

وأكد الشوبكي "مع كل تلك العوامل مجتمعة، فأعتقد أن مصر تسير باتجاه إعلان حالة (اقتصاد الحرب)".