زيارة تاريخية لإردوغان للقاهرة
زيارة تاريخية لإردوغان للقاهرة

بعد الزيارة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى القاهرة، وقبل أخرى مقررة لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، باتت الأضواء مسلطة على نحو كبير  على أحد أبرز الملفات الخلافية بينهما، وهو جماعة "الإخوان المسلمين".

وبينما نشرت وسائل إعلام عربية خلال اليومين الماضيين تقارير تفيد بأن أنقرة "سحبت جنسية" القائم بأعمال مرشد الجماعة محمود حسين وأبلغته بضرورة مغادرة البلاد لم يصدر أي تعليق رسمي يؤكد اتخاذ هذا الإجراء بالفعل. فما القصة؟ وما مدى صحة التقارير التي انتشرت على نطاق واسع؟

يعتبر حسين من أبرز قادة "الإخوان المسلمين" وكان قد تولى منصب القائم بأعمال مرشد الجماعة بعد وفاة إبراهيم منير في العاصمة البريطانية لندن، في شهر ديسمبر  2022.

ورغم أنه ليس الوحيد الذي يقيم على الأراضي التركية منذ سنوات طويلة، وضعت "تقارير سحب الجنسية" اسمه كنقطة من شأنها أن تعطي مؤشرا عما ستكون عليه الجماعة في تركيا بعد التقارب "التاريخي" الحاصل بين إردوغان والسيسي.

هل سحبت الجنسية بالفعل؟

وكانت محكمة مصرية حظرت نشاط الجماعة وجمدت أموالها، قبل أن تعلن القاهرة في ديسمبر 2013، أن الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية"، بعد 4 شهور من اعتقال مرشدها محمد بديع.

لكن في المقابل لا تصنف تركيا الجماعة ذاتها منظمة "إرهابية"، وسبق أن اعتبرها وزير الخارجية التركي السابق، مولود جاويش أوغلو "حركة سياسية".

وقال في شهر أبريل 2021 إن "السياسة الخارجية التركية لا تستند إلى أفراد أو إيديولوجيات".

وفي حديث لموقع "الحرة" نفى عضو شورى "الإخوان"، مدحت الحداد، التقارير التي تفيد بسحب جنسية حسين بعد عودة الرئيس التركي من مصر، رغم حديثه عن "خطأ في السيستم (تقني) حصل قبل شهر ونصف".

وأسفر "الخطأ" عن عدم ظهور بيانات القائم بمنصب المرشد العام للجماعة مع زوجته وأفراد عائلته، بينما تتم في الوقت الحالي عملية استعادتها، حسبما يضيف الحداد، مؤكدا على فكرة أن "ما حصل عبارة عن خطأ".

المعلومات المذكورة تتقاطع مع أخرى نشرتها الكاتبة التركية، إيليف تشاكر في صحيفة "قرار" يوم الأربعاء، بعدما قالت إنها التقت بشخص مقرب من حسين أخبرها بأنه كان قد أصبح مواطنا تركيا منذ خمس سنوات، عن طريق شراء العقارات.

وقبل شهرين "اتصل به مكتب السجل المدني وأخبره أن جنسيته قد ألغيت"، وبعد ذلك تم إبلاغ السلطات الحاكمة بوضعه، وقيل إنه "يوجد خطأ وسيتم تصحيحه"، حسبما ذكرت الكاتبة تشاكر.

وتضيف: "لم يحدث أي تطور الآن"، قبل أن تشير إلى أن "مسؤولين حكوميين التقوا بحسين وأبلغوه أن ملفه موجود لدى الرئيس إردوغان، وأنه ستتم استعادة جنسيته".

وكان حسين قد جاء إلى تركيا "قبل يومين من انقلاب السيسي (يوليو 2013) وبقي في بلادنا بعد ذلك"، وفق ما تتابع الكاتبة التركية.

وتوضح أن الشخص المقرب منه ذكر أن "هناك حاليا 30 ألف مصري في بلادنا هربوا من السيسي وجاءوا إلى بلادنا".

"تحذيرات وتأكيدات"

ولا تعتبر جماعة "الإخوان المسلمين" وأفرادها الموجودين داخل تركيا الملف الإشكالي الوحيد بين تركيا ومصر في الفترة التي تبعت حكم السيسي بل يضاف إليها ملفات شائكة أخرى تتعلق بالساحة الليبية وغاز شرق المتوسط.

ومع ذلك ينظر إلى وضع "الجماعة" في الوقت الحالي واللاحق بعين الاهتمام كون طريقة التعاطي التركية الجديدة معها سيصب في إطار التقدم في العلاقات بين أنقرة والقاهرة.

ويوضح المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو أن العلاقات المصرية التركية بدأت "بصفحة جديدة مع طي صفحة الخلافات، رغم بقاء بعض الموضوعات الشائكة التي لم يتم البت بها بشكل نهائي".

ويضيف مدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية، أشرف العشري أن "العلاقات المصرية التركية أصبحت تشهد الآن طفرة إيجابية".

ويقول لموقع "الحرة" إن "زيارة إردوغان تخللها بحث القضايا الخلافية والتباينات، خاصة فيما يتعلق بالإخوان والمنصات الإعلامية وبعض الشخصيات".

ويبدو من الواضح بعد الزيارة الأخيرة لإردوغان إلى القاهرة، وما تلا ذلك من تصريحات إيجابية، أن هناك "رغبة مشتركة في فتح قنوات الحوار والوصول لحلول مرضية، مع تفهم وجهة نظر كلا الطرفين"، حسب ما يرى كاتب أوغلو في حديثه لموقع "الحرة".

ويوضح أن "جماعة الإخوان من الملفات الشائكة بالفعل"، وأن تركيا "لا تجرم على الفكر ولا تصنفها إرهابية"، وبالتالي "لن ولم تسلّم أي منتسب إليها أو أي معارض مصري آخر يلتزم بالقوانين التركية".

ومع ذلك يشير المحلل السياسي التركي إلى أن "أنقرة وجهت تحذيرات مهمة للإخوة المصريين من المعارضة السياسية سواء الإخوان وغيرهم".

وجاء في فحوى هذه التحذيرات أن "لا يتخذوا من تركيا منصة للهجوم على مصر وسيادتها ودولتها، لأن ذلك سيضر بالمصالح المتنامية والصفحة الجديدة التي يتم الآن تطويرها".

وبدوره قال مدير تحرير الصحيفة المصرية إن "القاهرة حصلت على الكثير من التأكيدات من تركيا أنها ستتعامل مع ملف الإخوان بشكل تدريجي، وأن الأمر يحتاج لبعض الوقت".

ويضيف العشري: "الأمر بدأ مع محمود حسين بسحب جنسيته"، بحسب قوله، و"يوجد تحسن آخر على مستوى تحديد اجتماعات للأجهزة المختصة لبحث إمكانية تسليم بعض المطلوبين".

"خطوات حسن نوايا"

وكان الزعيمان (إردوغان والسيسي) اتفقا في القاهرة على أن يزور الرئيس المصري تركيا في شهر أبريل المقبل. وجاء ذلك بعدما وقعا مذكرات تفاهم والإعلان المشترك لإعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي بين مصر وتركيا.

وفي معرض حديثه للصحفيين بعد عودته من القاهرة أشار إردوغان إلى أنه بحث مع السيسي العلاقات التركية المصرية التي اكتسبت زخما خلال الفترة الأخيرة في جميع المجالات، وبما في ذلك الصناعة العسكرية والدفاعية. 

وقال السيسي قبله إن العلاقات بين البلدين خلال سنوات القطيعة، شهدت استمرار التواصل على المستوى الشعبي، كما شهدت نموا في العلاقات التجارية والاستثمارية خلال تلك الفترة.

ورغم أن الزعيمين لم يتطرقا بالتصريحات إلى الملفات الإشكالية بينهما، يشير مراقبون من البلدين إلى أن أنقرة والقاهرة بصدد تشكيل لجان مختصة لمتابعة القضايا، ومن بينها "الإخوان" وليبيا وشرق المتوسط.

ويعتقد منير أديب، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية أن "الوقت الطويل الذي شهدته عملية التقارب بين مصر وتركيا يعود إلى أن الأخيرة كانت ترفض رفع الغطاء عن الجماعة".

وبعد التحولات السياسية التي طرأت على مشهد الإقليم سارع البلدان الخطوات، فيما اتجهت تركيا إلى "التخلي قليلا عمن تمسكت بهم سابقا"، كما يقول أديب لموقع "الحرة".

ويضيف: "كما رفعت الغطاء عن قيادات الحركة أو أوعزت لهم بالخروج، مع عدم توجيه انتقادات مباشرة للحكومة المصرية ووسائل الإعلام المملوكة لها".

من جانبه يقول المحلل كاتب أوغلو إن "العلاقات المتجذرة التاريخية والتغيرات الجيوسياسية تحتّم على مصر وتركيا تنحية الملفات الخلافية والاهتمام بالملفات المشتركة والمصالح المتبادلة".

ويضيف أن "قسما من المعارضين المصريين انتقل إلى بلدان أخرى، وآخر التزم بالطلبات التركية بعدم استخدام البلاد منصة لمهاجمة مصر".

وفي المقابل "تعهدت مصر أيضا أن لا يكون هناك هجوم من إعلامها على تركيا ورئيسها إردوغان أو على الشأن الداخلي"، وفق حديث المحلل التركي.

ويتابع: "العلاقات متبادلة ومبنية على الالتزام المتبادل ولا يمكن الحديث عن أن تركيا خضعت لضغوط لتسليم شخصيات تطالب بها مصر فقط لأنهم ينتمون للإخوان".

ويوضح كاتب أوغلو أن "موضوع سحب الجنسيات يخضع في حد ذاته للقوانين التركية، وأن القانون هو من يحدد آلية منحها وسحبها".

ويردف بالقول: "وجهة نظر الحكومة تؤكد أنه لا يمكن أن يكون هناك أي تسييس لأي قوانين، سواء تجريد مواطن تركي أو عربي من الجنسية دون أن يستند ذلك لقانون معين".

"المصالح في المقدمة"

وقبل زيارة إردوغان عملت أنقرة والقاهرة على تبادل إشارات للتقارب، بينها مصافحة السيسي لإردوغان بقطر في نوفمبر 2022، على هامش بطولة كأس العالم. 

وأواخر العام الماضي، أعلنت مصر وتركيا إعادة تبادل السفراء، كخطوة في اتجاه تحسين العلاقات وحل الخلافات التي تعددت وتطورت خلال السنوات القليلة الماضية.

وجاءت هذه الخطوات بعد سلسلة اجتماعات "استكشافية" عقدها مسؤولون في خارجية البلدين.

الرئيس التركي زار مصر لأول مرة منذ الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين
إردوغان في مصر.. "المصالح تتصالح"
بعد سنوات من القطيعة وخلافات امتدت من ليبيا إلى شرق المتوسط وجماعة الإخوان المسلمين (المصنفة إرهابية في مصر)، يبدو أن القاهرة وأنقرة قررتا تجنيب تلك الخلافات، حتى لو لم يتم حلها بشكل نهائي، من أجل البحث عن الملفات التي تحقق للبلدين أقصى استفادة سواء اقتصاديا أو سياسيا أو حتى عسكريًا.

ويقول مدير تحرير صحيفة "الأهرام" العشري إن "الجانب التركي وعد ببذل جهود كبيرة قبل زيارة السيسي بأن يكون هناك معالجة كاملة للشوائب المتعلقة بالإخوان".

ويضيف: "من الآن وحتى زيارة السيسي سيكون معالجات لإنهاء الملف، وربما نرى حظرا كاملا لأنشطتهم وممثليهم باعتبار أن هذا شرط حصّلت فيه القاهرة على الكثير من الضمانات والتأكيدات الوافية".

ويوضح الخبير المصري أديب أن "تركيا لا تزال ترفض تسليم القيادات كما تأمل مصر قريبا أو بعيدا".

ويعتقد أنه "تم تشكيل لجان قضائية وعدلية ومختصة لمناقشة هذه الملفات الإشكالية ودراستها"، وأن "سحب الجنسية من حسين ربما تريد أنقرة من خلاله التأكيد على أنها صادقة النية في التعامل مع الملف المهم".

ويشير إلى ذلك المحلل السياسي كاتب أوغلو بحديثه عن "تشكيل لجان لفتح أبواب الحوار والوصول لحلول مرضية سواء بخصوص المعارضة المصرية أو ليبيا".

ويؤكد بالقول: "لا يوجد عداوات دائمة ولا توجد صداقات. اللغة هي المصالح المتبادلة والمنافع المشتركة والاحترام المتبادل".

نتانياهو
نتانياهو

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، أن اليوم تاريخي بالنسبة للشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وقال نتانياهو، خلال وجوده قرب الحدود مع سوريا، رفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، إن  "هذا يوم تاريخي في الشرق الأوسط. نظام الأسد حلقة مركزية في محور الشر الإيراني - لقد سقط هذا النظام".

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران وحزب الله، الداعمين الرئيسيين. أدى هذا إلى خلق سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء الشرق الأوسط لجميع أولئك الذين يريدون التحرر من نظام القمع والطغيان".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، انتشار قواته في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، جنوب غربي سوريا، على أطراف الهضبة التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 وأعلنت ضمها لاحقا.

وقال الجيش في بيان: "في ضوء الأحداث في سوريا وبناء على تقييم الوضع وإمكانية دخول مسلحين إلى المنطقة الفاصلة العازلة قام جيش الدفاع بنشر قوات في المنطقة الفاصلة العازلة وفي عدة نقاط دفاعية ضرورية".

وأكد الجيش في بيانه أنه "لا يتدخل" في الأحداث الواقعة في سوريا، مضيفا أنه "تقرر فرض منطقة عسكرية مغلقة ابتداء من اليوم (الأحد) في المناطق الزراعية في منطقة ماروم جولان، هين زيفان وبقعاتا وخربة عين حور".

وفي كلمته أشار نتانياهو إلى أن الوضع الحالي "يخلق فرصًا جديدة ومهمة جدًا لدولة إسرائيل. لكنها أيضا لا تخلو من المخاطر". 

وأوضح: "نحن نعمل أولا وقبل كل شيء لحماية حدودنا. وقد تمت السيطرة على هذه المنطقة منذ ما يقرب من 50 عامًا من خلال المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها عام 1974، وهي اتفاقية فصل القوات (فك الاشتباك). وانهار هذا الاتفاق وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم. وبالتعاون مع وزير الدفاع، وبدعم كامل من الكابينيت، أصدرت تعليماتي أمس للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على المنطقة العازلة ومواقع القيادة المجاورة لها. ولن نسمح لأي قوة معادية بأن تستقر على حدودنا".

وأوضح " في الوقت نفسه، نعمل على اتباع سياسة حسن الجوار".

من جانبه قال وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس، إن "سقوط الأسد يشكل ضربة قاسية لمحور الشر الإيراني، الذي وضع لنفسه هدف تدمير دولة إسرائيل. لقد تم قطع أذرع الأخطبوط واحدة تلو الأخرى. لقد جئنا إلى هنا لنقول بوضوح إننا عازمون على توفير الأمن للبلدات في هضبة الجولان. لقد أصدرنا تعليمات إلى جيش الدفاع الإسرائيلي - رئيس الوزراء وأنا - بموافقة الكابينيت، بالاستيلاء على المنطقة العازلة ونقاط المراقبة لضمان حماية جميع البلدات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان - اليهود والدروز - حتى لا يتم كشفها للتهديدات من الجانب الآخر".

وتابع: "نحن عازمون على عدم السماح بالعودة إلى الوضع الذي كان عليه في السادس من أكتوبر، لا في هضبة الجولان ولا في أي مكان آخر".