المشروع يشدد عقوبة الاعتداء بـ"الإشارة أو القول أو التهديد" على الموظفين العموميين
المشروع يشدد عقوبة الاعتداء بـ"الإشارة أو القول أو التهديد" على الموظفين العموميين

بين التأكيد على "الضرورة"، والمخاوف من "قمع الحريات"، أثار مشروع قانون مقدم من الحكومة المصرية إلى مجلس النواب، حالة من الجدل في مصر، بينما يكشف مسؤولون ومختصون تحدث معهم موقع "الحرة"، ما وراء ذلك المشروع وتداعياته المجتمعية.

إهانة "الموظف العام"

ونص مشروع القانون على تشديد عقوبة الاعتداء بـ"الإشارة أو القول أو التهديد" على الموظفين العموميين، وبينهم "أفراد الشرطة"، لتصل العقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على سبع سنوات، وذلك وفقا للمواد التي وافقت عليها اللجنة التشريعية بمجلس النواب المصري، من حيث المبدأ، بحسب موقع "القاهرة 24".

وتضمن مشروع القانون تعديل المادة 133 من قانون العقوبات، بالنص على أن "كل من أهان بـ(الإشارة أو القول أو التهديد)، موظفا عموميا أو أحد رجال الضبط أو مُكلفا بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

وتضمن المشروع تعديل المادة 137 مكرر من قانون العقوبات، والنص على أنه "يعاقب مرتكب الجرائم المنصوص عليها في المواد 133 و136 و137 من القانون بالحبس الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات".

وذلك إذا كان المجني عليه من "أعضاء هيئة الشرطة، أو رجال الضبط، أو أعضاء هيئة التعليم، أو أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، أو العاملين بالمنشآت الصحية العامة، أو موظفا عموميا أو مكلفا بخدمة عامة بالسكك الحديدية أو غيرها من وسائل النقل العام، إذا وقع الاعتداء أثناء سيرها أو توقفها بالمحطات"، حسبما ذكرت "وسائل إعلام مصرية" بينها صحيفة "المصري اليوم" و "موقع مصراوي".

جدل تشريعي؟

خلال اجتماعها القادم، تحسم لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب المصري، "مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون العقوبات"، والخاص بتغليظ عقوبة "إهانة الموظفين العموميين"، بحسب ما ذكرته صحيفة "اليوم السابع".

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، كشف النائب إيهاب الطماوي، وكيل لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب المصري، عن "إرجاء مشروع القانون لموعد يحدد فيما بعد"، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.

ومن جانبه، يشير النائب عاطف المغاوري، عضو لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب المصري، إلى أن إرجاء مناقشة مشروع القانون بمثابة "محاولة لحشد موافقة أكبر عدد من النواب داخل اللجنة".

وهناك سعى لتمرير مشروع القانون داخل لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بالبرلمان المصري، وإذا وصل مشروع القانون إلى الجلسة العامة للبرلمان، فهو محكومة بـ"آليات الأغلبية"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشدد المغاوري على "عدم وجود مبرر لإصدار القانون، بينما يعاني المجتمع من أزمات متعاقبة".

ولا يليق بالحكومة أو مجلس النواب " إقرار مشروع قانون يعاقب المواطن بالحبس 7 سنوات لمجرد اعتبار الإشارة أو القول إهانة، بينما عقوبة القتل الخطأ 3 سنوات"، وفق المغاوري.

ماذا يقول "قانون العقوبات"؟

يوضح المحامي المصري بمحكمة النقض والدستورية العليا، حسن أبوالعينين، أن الاعتداء على الموظف العام أثناء تأدية عمله "مجرم بقوة القانون".

وينطبق ذلك على "جميع الموظفين العموميين"، سوءً كان الموظف "ضابط أو محاسب بإدارة حكومية أو عامل بمنشأة صحية"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وفي جرائم "السب والقذف"، يشدد قانون العقوبات العقوبة إذا كان المجني عليه "موظف عام"، و"ضابط الشرطة في الأصل أحد الموظفين العموميين"، حسبما يوضح أبوالعنيين.

ويشير المحامي بالنقض والدستورية العليا إلى وجود نص قانوني قائم خاص بـ"الإهانة أو التعدي قولا أو بالإشارة على أحد أعضاء الهيئات القضائية".

ويرى أن تشديد العقوبة المرتقب "تطور طبيعي"، نظرا للتطور الحادث في المجتمع وكذلك التطورات التكنولوجية خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي.

ضرورة أم "قمع للحريات"؟

يشير الكاتب والمحلل السياسي المصري، مجدي حمدان، إلى أن "المشروع مجحف ويمس الحريات، ويهد مسمى الدولة المدنية، ويخالف الدستور والقانون".

وإقرار هذا القانون سيكون "شديد الخطورة"، لأنه يضع الشرطة في مواجهة مباشرة مع الشعب، ما يقود لتداعيات مجتمعية خطيرة، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير إلى أن المشروع "يجرم التعامل باللفظ والقول مع رجال الشرطة"، في محاولة لـ"تحجيم وتلجيم المواطن"، ويخالف ذلك "القانون والدستور".

لكن على جانب أخر، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المصري، أحمد الباشا، أن "مصر في حاجة ماسة لإصدار هذا القانون، بعد حالة الفوضى التي عاشتها البلاد في أعقاب أحداث يناير  2011".

والموظف العام عرضة للكثير من "المخاطر" نتيجة تعامله المباشر مع الجماهير، وأحيانا يتعرض بعض "الموظفين العموم لاعتداءات"، وقد شاهدنا ذلك سابقا خاصة في المستشفيات، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير باشا إلى تعرض بعض أعضاء "الأطقم الطبية" لاعتداءات داخل المستشفيات، ولذلك فقد طالبوا أكثر من مرة بـ"توفير حماية لهم"، وينطبق الأمر ذاته على "الكثير من الموظفين بالمصالح الحكومية".

لكن المعالجة الإعلامية لمثل هذه القوانين تحاول "اختزال الأمر فيما يتعلق برجال الشرطة المصرية"، حسبما يؤكد المحلل السياسي المصري.

ما وراء مشروع القانون؟

تعاني مصر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء، وفق وكالة "فرانس برس".

ومع وصول عدد سكان البلاد إلى 106 ملايين نسمة، تشير تقديرات إلى أن نحو 60 في المئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار 1.6 في المئة في يناير، مقارنة مع زيادة 1.4 بالمئة في ديسمبر، حسب "بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر".

وارتفعت أسعار المواد الغذائية 1.4 في المئة، مقارنة بالارتفاع 2.1 في المئة في ديسمبر، حسب المصدر ذاته.

ويربط المغاوري توقيت تقديم المشروع بـ"الارتفاع غير المسبوق لأسعارالسلع والخدمات".

وفي ظل "توقعات بالمزيد من الارتفاعات خلال الفترة القادمة"، ما قد يتسبب في "ردود أفعال بالشارع المصري"، وفق عضو مجلس النواب المصري.

ويشير المغاوري إلى أن واقعة التظاهر في مواجهة وزير التموين، علي مصيلحي، عند افتتاح "معارض أهلا رمضان" بمنطقة شبرا الخيمة، وتدخل قوات الأمن والشرطة لإخراجه بصعوبة بعيدا عن "الجمهور"، قد يكون "بداية حالة غضب في الشارع المصري".

وهناك توجه حكومي لـ"تشديد العقوبات، لتحذير كل من تسول له نفسه بالتعبير عن مشاعره"، على حد تعبيره.

ويشير إلى أن الشرطة تمتلك بالفعل "سلطة" والمغالاة في تمكينها "تجبر"، ويقول:" السلطة المطلقة مفسدة مطلقة".

ويرى عضو مجلس النواب المصري أن ملابس الشرطي بالفعل لها "وضع خاص في المجتمع، وإضفاء المزيد من الصلاحيات على رجل الشرطة، يجعل المواطن خائفا ومرعوبا عند التعامل مع أحد أفراد الهيئات الشرطية".

ويتفق معه حمدان، الذي يشدد على أن الدستور نظم العلاقة بين المواطن وأجهزة الدولة، لكن القانون يستبق "مواجهة انفجار مرتقب للشارع المصري".

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أن هناك حالية غليان متصاعدة في الشارع المصري، والمواطن لا يستطيع الحصول على "قوت يومه"، بعد الارتفاع المضطرد في أسعار "السلع والخدمات".

وبالتالي هناك محاولات لـ"السيطرة على المواطن المصري الذي في طريقه للانفجار والخروج للشوارع"، على حد تعبيره.

لكن على جانب أخر، يشدد باشا على أن الشرطة المصرية "تطورت بشكل كبير في التعامل مع الجمهور، والكثير من الأساليب التي اعترض عليها المواطنين سابقا وكانت تأخذ على الجهاز الشرطي لم تعد موجودة".

ولم يعد هناك "اعتداءات شرطية على المواطنين"، ولكن على النقيض أصبحت الشرطة "تتحرك وفق آليات القانون"، ويحاسب أفرادها بقوانين "شديدة الصرامة"، بحسب الكاتب والمحلل السياسي.

ويوضح باشا أن القوانين مطالبة بـ"حماية رجال الشرطة"، لأنه "يتعامل يوميا مع المواطنين".

ويشير إلى تعدد مهام رجل الشرطة وزيادة الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقها، والمتعلقة بـ"ضبط الأسواق، وتنظيم المرور، والقيام بحملات يومية لضبط المحتكرين والخارجين على القانون".

وهذا يضع "رجل الشرطة في مخاطر"، وبالتالي فهو يحتاج لـ"الحماية الكاملة"، ليستطيع أداء مهام عمله بـ"حماية المواطنين والحفاظ على أمن وسلامة المجتمع"، وفق المحلل السياسي المصري.

مخاوف وتحذيرات

يؤكد المغاوري أن الاتجاه لتغليظ العقوبات وحالة "الشمول والتعدد" للكثير من الفئات، يعني أن "الموظف فوق المواطن"، ما يخلق "حالة تقسيم غير مبررة للمجتمع".

وتغليظ العقوبات بـ"تهم مطاطة لا يمكن حصرها أو مراقبتها أو يمكن تفسيرها، أمر غير محمود ويوتر العلاقة بين الشعب وأجهزة الدولة وفي مقدمتها أجهزة الشرطة"، وفق عضو مجلس النواب المصري.

ويقول المغاوري:" يجب التذكير بأن اختيار يوم 25  يناير 2011 للتظاهر، والمتزامن مع (عيد الشرطة) كان احتجاجات على الممارسات الشرطية وتغولها على المواطن"، على حد تعبيره.

لكنه باشا ينفي هذا الطرح، ويقول:" في كافة أنحاء العالم هناك قوانين "تجرم الاعتداء على الموظفين العمومين، قولا أو لفظا أو بالإشارة"، وهذا معمول به في الكثير من دول العالم.

ويؤكد أن الموظف الحكومي الذي يقدم الخدمة للمواطن "محصن بقوة القانون، فهو يمثل "الدولة أثناء تأدية الخدمة للمواطنين"، ويجب حمايته ليستطيع أداء مهام عمله على أكمل وجه، سوء كان الموظف بهيئة "حكومية أو طبية أو شرطية".

ويرى باشا أن العقوبات بالقوانين الحالية "غير كافية"، وتحتاج لـ"التشديد والتغليظ"، خاصة بعد حوادث "الاعتداء على موظفين عموم وأطباء في الفترة الماضية".

ومن جانبه، يرى أبو العنيين أن وصول العقوبة التي تصل إلى ٧ سنوات "مغلظة وشديدة".

ويقول:" كان يمكن الإبقاء على العقوبة لتكون مماثلة لعقوبة إهانة القضاء وتكون في مجال الجنح التي عقوبتها من أسبوع إلى 3 سنوات".

ويشير إلى أن "رجال الشرطة" يمثلون "السلطة التنفيذية التي تتصل بالجمهور مباشرة"، والهيئات الشرطية هي القائمة بـ"تنفيذ القانون والبحث عن أدلة الجريمة، وجمع الاستدلالات".

وأوقات عمل "رجال الشرطة" ليست محددة، فهم يعملون "فجرا وظهرا وليلا"، ما يتطلب "توفير حماية لهم، حتى يستطيعون تحقيق الردع العام قبل الخاص".

ويؤكد أبو العنيين أن الدستور وقانون الإجراءات الجنائية، بمثابة "ضمانة للمواطن"، بالحصول على إجراءات محاكمة وتحقيق "عادلة".

والدستور الحالي يضمن "وجود درجات تقاضي مختلفة"، وعلى رأسها "استئناف الجناية"، وفق المحامي بالنقض والدستورية العليا.

وإذا صدر على المتهم "حكما لم يلقى قبولا منه"، يمكن "الطعن بالاستئناف أمام المحكمة الأعلى"، ثم يمكنه "الطعن عليه بالنقض أمام المحكمة الأعلى"، حسبما يوضح.

ويشير المحامي بالنقض والدستورية العليا إلى أن ضمانات قانون الإجراءات الجنائية تضمن لـ"المتهم قبل المجني عليه، الحصول على محاكمة وتحقيقات عادلة أمام النيابة العامة".

الجنيه المصري واجه تقلبات كبيرة في أسعار الصرف. أرشيفية -تعبيرية
ارتفاع في نسبة التضخم شهدته مصر في الفترة الماضية

في ظل توترات خطيرات وصراعات متعددة الأطراف، تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ نحو عام، أعلنت مصر على لسان رئيس حكومتها، مصطفى مدبولي، أن القاهرة قد تلجأ إلى "اقتصاد الحرب"، مما يثير التساؤلات حول التحديات التي تواجه البلاد، وسبل مواجهتها.

وكان مدبولي قد أوضح خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء، أن "الحكومة تواجه تحديات غير مسبوقة، وتتعامل مع اضطرابات الوضع الدولي والإقليمي بحزمة من القرارات، ولو دخلت المنطقة في حرب إقليمية سنكون في وضع شديد، وربما ندخل في وضع اقتصاد الحرب".

ما هو اقتصاد الحرب؟

ويرى أستاذ الاقتصاد السياسي، الخبير المصري، عبد النبي عبد المطلب، في حديثه إلى موقع الحرة، أن ما يسمى "اقتصاد الحرب" كان قد انتهى مع نهاية الحرب الفيتنامية -الأميركية في منتصف سبعينيات القرن الماضي.

على هامش مؤتمر الاستثمار المصري-الأوروبي المشترك
اتفاقيات الأمونيا الخضراء.. هل تنقذ الاقتصاد المصري؟
أعلن مجلس الوزراء المصري، الأحد، توقيع الصندوق السيادي 4 اتفاقيات في مجال الأمونيا الخضراء مع عدد من المطورين الأوروبيين، بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 33 مليار دولار، ما يثير التساؤلات بشأن تلك الاتفاقيات وما إن كانت ستعيد التوازن للاقتصاد المصري الذي لا تزال مشكلاته تراوح مكانها رغم الصفقات الاقتصادية الأخيرة وعلى رأسها اتفاقية "رأس الحكمة". 

وأوضح عبد المطلب أن " ذلك المصطلح يعني سيطرة الدولة على كافة أنواع الأنشطة الاقتصادية، حيث تبدأ بتوزيع المواد الغذائية من خلال كوبونات (قسائم)، وذلك طبقا لخطة تضعها الحكومة".

ونبه إلى أنه يجري أيضا "الإشراف على كافة المصانع والمصارف والاستثمارات كما حركة الأموال الداخلية والخارجية لا تتم إلا بإذن رسمي".

ولفت الخبير المصري إلى أن حركة الاستيراد والتصدير تتم أيضا ضمن هذا الإذن الرسمي الصادر عن الدولة وبإشرافها.

وكان مدبولي قد لفت إلى أنه من الضروري أنَّ تهتم الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة.

وأكد أن الحكومة المصرية تعمل على التعامل مع هذا الوضع من خلال حزمة من الاجراءات والسياسات، والتي تمثل في جزء منها ردة فعل للتعامل مع الأحداث الحالية، لافتا إلى أن الدولة المصرية تعمل كذلك على وضع مجموعة من السيناريوهات التي يتم تغييرها باستمرار نتيجة للتطورات والمستجدات الراهنة.

من جهته، لفت الخبير الاقتصادي الأردني، عامر الشوبكي، في حديث لموقع الحرة، إلى أن "الكثير من دول المنطقة باتت بحاجة إلى (اقتصاد الحرب)، خاصة في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة والمخاطر المتصاعدة".

وشدد على " أن اقتصاد الحرب يشمل في البداية، رفع النفقات في قطاع الدفاع والتسليح، وبالتالي سوف يكون جزء كبير من تلك الأموال مخصص موجهة نحو النفقات العسكرية والواقع الأمني الدولي".

وتابع: "وسوف يتبع ذلك ترشيد النفقات في القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى توجيه جزء من الميزانية نحو القطاعات الأمنية الداخلية مثل تجهيز الملاجئ والاستعداد لأي مواجهة عسكرية".

ورأى الشوبكي أن الدولة يجب "أن تراعي في اقتصاد الحرب توفير الحاجات الغذائية والصحية الأساسية للشعب خلال فترة اعتماده".

"مفهوم كارثي"

وفي محاولة منه لطمأنه الرأي العام، أكد المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، أن الحكومة لديها خطة قوية لمواجهة أي تداعيات سلبية في حالة تصاعد أحداث الصراع في المنطقة، إذ يتم العمل على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من خلال مخزون احتياطي استراتيجي قوي.

وأضاف في تصريحات لقناة "صدى البلد" المحلية أن مفهوم اقتصاد الحرب الذي تحدث عنه مدبولي، يقصد منه أن "تكون هناك إجراءات استثنائية يتم اتخاذها في حالة نقص سلاسل الإمداد عند وقوع حدوث حرب إقليمية بالمنطقة، كما حدث عند التعامل مع نقص السلع الغذائية أثناء جائحة كورونا الأخيرة، على حد قوله.

وشدد الحمصاني في حديثه على أنه يتم العمل بشكل مستمر على توفير الموارد اللازمة لتوليد الطاقة، كما أنه تم وضع خطة طوارئ للتعامل مع أي أزمة في المنطقة.

وأردف: "لدينا خطة للتعامل مع كافة الأمور، ونعمل على مواجهة أسوأ السيناريوهات في حالة حدوث مشاكل كبيرة في العالم والمنطقة".

ولكن الخبير المصري، عبد النبي عبد المطلب، اعتبر أن تصريحات مدبولي الأخيرة تعد "كارثية بكل معنى الكلمة على خطط البلاد الاستثمارية".

وشرح قائلا: "عندما نقول إننا قد نتحول إلى اقتصاد حرب فذلك يعني أن الدولة قد تضع يدها على كل الاستثمارات والمشاريع التجارية والاقتصادية، وإن كان ليس بغرض تأميمها، ولكن الإشراف على إدارتها".

وأضاف: "ولا أعتقد أن أي مستثمر محلي أو أجنبي يمكن أن يقبل بذلك النوع من المعاملة، لأنه معلوم أن تدخل الدولة أو إشرافها على مجريات الأمور سوف يؤثر على كفاءة تلك الاستثمارات سواء كانت صناعية أو تجارية أو زراعية".

وضرب مثلا: "تخيل أن يتم بشكل مفاجئ تعيين أشخاص من الدولة للإشراف على كفاءات مميزة تدير مصنعا أو مشروعا زراعيا أو تجاري، فعندها ذلك الفريق المميز لن يكون قادرا على أداء واجباته بشكل جيد".

وأشار إلى أن وجود تهديدات مباشرة لا يعني اللجوء إلى ذلك السيناريو، مردفا: "أظن رئيس الوزراء قد خان تعبيره بشكل كبير جدا في المؤتمر الصحفي".

ولفت إلى أن مرد ذلك قد يكون مرده إلى أن المراجعات مع صندوق النقد الدولي كان من المفترض أن تتم في شهر سبتمبر الماضي، ولكن جرى تأجيلها إلى شهر نوفمبر القادم، وواضح أن هناك مفاوضات لتأجليها مرة أخرى إلى يناير".

وكان مدبولي قد أعلن، الأربعاء، إن صندوق النقد الدولي طلب تأجيل مراجعته للشريحة الجديدة من القرض البالغ قيمته 8 مليارات دولار لما بعد اجتماعاته السنوية.

وكان من المرتقب إتمام المراجعة الرابعة للقرض في نوفمبر المقبل، بحسب ما أعلنت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، قبل أيام.

ووقعت مصر في مارس الماضي حزمة دعم مالي قيمتها 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في السيطرة على سياسة نقدية تغذي التضخم، لكنها تستلزم زيادة في أسعار عدد كبير من المنتجات المحلية.

ورفعت الحكومة أسعار عدد من السلع المدعومة للتصدي لعجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه مصري (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو الفائت، كما خفضت قيمة الجنيه بشدّة قبل شهور.

وسبق أن حصلت مصر من صندوق النقد الدولي بعد المراجعة الثالثة في نهاية يونيو على شريحة قيمتها 820 مليون دولار.

"ارتفاعات لا مثيل لها"

وأكد عبد المطلب  أن مصر وحتى تتمكن من استكمال المراجعات مع صندوق النقد الدولي فهي بحاجة إلى مجموعة من الإجراءات والتي يخشى أن يكون لها تبعات سياسية واجتماعية خطيرة، على حد قوله.

وزاد: "نحن الآن نتحدث عن أسعار ارتفعت بشكل لم يسبق له مثيل، فالمواطن المصري بات في كثير من الأحيان عاجزا عن الإيفاء بمتطلبات المعيشة اليومية الأساسية".

 واعتبر أن "التضخم بدأ يعود من جديد، وذلك بعد أن كانت هناك توقعات تشير إلى تراجعه بنسبة 24 بالمئة خلال سبتمبر الماضي مقارنة بأغسطس، اتضح أن هناك زيادة بنسبة 200 نقطة أساس أي ما يعادل 26 بالمئة".

ووصل عبد المطلب إلى "أن اضطرار الحكومة إلى اتخاذ إجراءات في المستقبل قد تكون لها آثار وتداعيات سلبية على المواطن المصري، ربما تكون دفعت بدولة رئيس الوزراء إلى الحديث عن (اقتصاد الحرب)".

وختم بالقول: "أن ذلك التصريح كان موجها إلى الداخل، ولكن مدبولي لم يأخذ بالحسبان أن العالم كله كان يتابعه، وبالتالي فإن تأثير مثل ذلك الكلام سوف يكون سلبيا على الاقتصاد أكثر من الحرب نفسها".

من جانبه، رأى الشوبكي أن "مصر تواجه الكثير من الأخطار، مثل محور فيلادلفيا ومعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، بالإضافة إلى خلافها مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، ناهيك عن المخاطر الناجمة عن الحرب في السودان وغيرها وبالتالي فإن هذا يعطي أولوية للإنفاق العسكري".

وتابع: "ومع تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 بالمئة، حسب الأرقام الرسمية، وهبوط سعر الجنيه بعد التعويم الأخير، واستمرار ارتفاع التضخم، فإن كل ذلك سوف يؤثر على الأوضاع المادية للمواطن العادي".

وأكد الشوبكي "مع كل تلك العوامل مجتمعة، فأعتقد أن مصر تسير باتجاه إعلان حالة (اقتصاد الحرب)".