مصر توقف مؤقتا خطة تخفيف الأحمال الكهربائية خلال شهر رمضان
مصر توقف مؤقتا خطة تخفيف الأحمال الكهربائية خلال شهر رمضان

تبحث مصر مشروع ربط كهربائي مستقبلي مع أوروبا لتصدير "فائض الكهرباء"، وذلك في الوقت الذي يقول فيه مواطنون إن انقطاع التيار يتواصل في البلاد، رغم إعلان الحكومة وقف سياسة تخفيف الأحمال خلال شهر رمضان.

وتخطط مصر لتصدير فائض الإنتاج من الكهرباء في المستقبل إلى أوروبا عبر اليونان، حيث وقعت القاهرة وأثينا مذكرة تفاهم قبل أكثر من عامين، لبناء كابل كهربائي عملاق يربط البلدين.

وهذا الأسبوع، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي لديه خطط استثمارية واقتصادية مستقبلية مع مصر، خصوصا في قطاع الطاقة المتجددة.

وقالت في مؤتمر صحفي بالقاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى جانب قادة 5 دول أوروبية: "نحن نطور برنامج الربط الكهربائي بين مصر واليونان، وهو المشروع الذي يزيد من أمن الطاقة"، مشيرة إلى أن القاهرة لديها موارد كافية لتصبح مركزا للطاقة المتجددة، "خصوصا عندما يتعلق الأمر بالهيدروجين الأخضر".

وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى مذكرة تفاهم موقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي، داعية إلى "المضي قدما في العمل في هذا المجال واتخاذ خطوات ملموسة".

ووقع الاتحاد الأوروبي، الأحد، اتفاقات مع مصر تبلغ قيمتها 7.4 مليار يورو (8.06 مليار دولار) على مدى 4 أعوام، في مجالات مختلفة تشمل قروضا ومساعدات واستثمارات. 

وفي أكتوبر الماضي، اقترح الاتحاد الأوروبي، إدراج مشروع ربط شبكات الطاقة بين مصر واليونان على قائمة تسمى بـ"مشروعات الفائدة المشتركة"، وهي خطوة تساعد في تسريع إصدار ترخيص المشروع والمساعدة في تمويله، وفقا لما ذكرت وكالة "بلومبرغ".

وتعليقا على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي، سيد خضر، إن تصدير الكهرباء لأوروبا يمكن أن يكون "خطوة إيجابية، لتنويع وزيادة مصادر الإيرادات من العملات الأجنبية وما لذلك من انعكاسات على الاقتصاد المصري"، غير أنه شدد في نفس الوقت على "ضرورة مراعاة التحديات المتعلقة بالاستهلاك المحلي".

ويضيف خضر لموقع "الحرة": "إذا لم يتم التعامل بشكل فعال مع تحديات انقطاع الكهرباء، فقد يؤثر ذلك سلبا على قدرة البلاد في تلبية الطلب المحلي".

ويشير إلى أن تصدير الكهرباء إلى أوروبا "يتطلب تعزيز البنية التحتية للإنتاج في مصر، لضمان عدم التأثير السلبي، واستدامة الإمدادات المحلية والتصدير في الوقت نفسه".

من جانبه، يقول رئيس جهاز تنظيم الكهرباء السابق، حافظ سلماوي، لموقع "الحرة"، إن المشروع يستهدف في الأساس "تصدير الكهرباء النظيفة التي تنتجها مصر من مصادر جديدة ومتجددة" إلى اليونان ودول الاتحاد الأوروبي.

ويدافع سلماوي عن خطط بلاده بشأن تصدير "فائض" الكهرباء إلى أوروبا، معتبرا أنها "تمتلك إمكانات كبيرة من الطاقة الجديدة والمتجددة، ومشروعات مستقبلية خاصة في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح". كما يستبعد أن تكون صادرات الكهرباء المزمعة قد تنتج من خلال محطات الطاقة التي تعتمد على المحروقات.

ويضيف: "المشروعات المستقبلية ستعزز من فائض إنتاج الكهرباء النظيفة، مما سينعكس إيجابيا على إيرادات الدولة من العملات الأجنبية من خلال التصدير لأوروبا ودول أخرى".

وتستهدف مصر بحسب تقرير عام 2023 الصادر عن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، رفح مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية لأكثر من 40 في المئة بحلول عام 2030.

ووفقا لـ"بلومبرغ"، فإنه من المتوقع أن يبلغ طول الكابل البحري المقترح لنقل الكهرباء بين مصر واليونان نحو 950 كيلومترا، وبقدرة 3 غيغاواط. كما تعتزم الشركة اليونانية إنشاء محطات للطاقة المتجددة بقدرة 9.5 غيغاوات في مصر.

ويرى سلماوي أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا "يحتاج إلى عدة سنوات لتنفيذه، نظرا إلى حجم المشروع الكبير"، متوقعا ألا يتم الانتهاء منه "قبل عام 2030".

من جانبه، يؤكد خضر على "ضرورة دراسة تكاليف الإنتاج وأسعار تصدير الكهرباء المصرية إلى اليونان وأوروبا، بشكل يراعي المخاطر السياسية المحتملة والتغيرات التنظيمية في السوق الكهربائية الأوروبية، وذلك حتى تكون الأسعار مربحة وذات جدوى اقتصادية بالنسبة لمصر".

ولدى مصر العديد من مشروعات الربط الكهربائي القائمة مع دول الجوار، مثل الأردن والسودان، إلى جانب مشروع ربط كهربائي جديد يتم تنفيذه مع السعودية، حسب سلماوي.

ويؤكد هذا أيضا خبير الطاقة ونائب رئيس هيئة البترول الأسبق في مصر، مدحت يوسف، الذي يقول لموقع "الحرة"، إن بلاده تصدر بالفعل الكهرباء للأردن والسودان وغزة، خلال فترات "انحسار" الاستهلاك، وليس خلال فترة "الذروة الاستهلاكية اليومية ما بين الليل والنهار".

وبالإضافة إلى اليونان، وقّعت مصر مؤخرا مذكرة تفاهم مع مالطا، لتعزيز التعاون في مختلف مجالات الكهرباء والطاقة، بما في ذلك الربط الكهربائي غير المباشر بين البلدين، حسب ما ذكر بيان نشره مجلس الوزراء المصري عبر موقعه الإلكتروني.

"فائض" في ظل انقطاع مستمر؟

وفي الوقت الذي تدرس فيه مصر "تصدير الفائض" من الكهرباء، يشتكي مواطنون من انقطاع التيار الكهربائي خلال الأيام القليلة الماضية في مناطق مختلفة، خاصة التي تبعد عن العاصمة القاهرة، رغم الإيقاف المؤقت لخطة تخفيف الأحمال الكهربائية خلال شهر رمضان.

ويقول أحمد (33عاما) وهو من سكان إحدى قرى محافظة الجيزة جنوب القاهرة، لموقع "الحرة"، إن "الكهرباء انقطعت ساعة في أول أيام رمضان، وتكرر الانقطاع في الأيام التالية. لكن الجيد أن الانقطاع كان أثناء ساعات النهار".

وأوقف مجلس الوزراء المصري مؤقتا خطة تخفيف الأحمال الكهربائية خلال رمضان، وفق بيان صدر قبل أكثر من 3 أسابيع، وهي الخطة التي شرعت الحكومة في تنفيذها يوليو الماضي، بسبب نقص احتياجات توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي.

وحينها، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، محمد شاكر، لصحيفة "الشروق" المحلية، إن قرار تخفيف الأحمال جاء بالتنسيق مع وزارة البترول؛ "نتيجة نقص كميات الغاز الطبيعي المتاحة لتشغيل وتوليد الطاقة الكهربائية، وكذلك عدم وجود كميات كافية من (المازوت) اللازم لتشغيل بعض الوحدات".

ونشر مجلس الوزراء المصري، عبر فيسبوك، قبل 9 أشهر، خطة تخفيف أحمال الكهرباء، وفقا لجداول تتضمن المدن والأحياء المختلفة، والتوقيتات الزمنية التي سيتم خلالها انقطاع الكهرباء.

أسعار الأدوية في مصر تثير جدلا
بعد تعويم الجنيه المصري.. هل يتوجب رفع أسعار الأدوية؟ وماذا عن المواطن؟
تتزايد مطالب شركات الأدوية في الفترة الأخيرة برفع أسعار منتجاتها 2023 نتيجة لارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج المستوردة التي تمثل 90% من مدخلات الأدوية المصنعة محليا بعد تحرير سعر الصرف في وقت سابق الشهر الجاري، مما يثير أسئلة بشأن السعر العادل للمستهلك وسط ارتفاع التضخم لمستويات قياسية. 

تخفيف الأحمال

ويؤكد أحمد أن "انقطاع الكهرباء قبل شهر رمضان كان يتخطى في أحيان كثيرة المدة الزمنية المقررة من قبل الحكومة، متجاوزا الـ4 ساعات".

من جانبه، يقول مصطفى (41 عاما)، وهو مواطن آخر فضّل أيضا استخدام اسمه الأول فقط، لموقع "الحرة"، إنه "إلى جانب استمرار الانقطاع، فإن الأزمة الحقيقية تكمن في قدرة الكهرباء التي لا تصلح لتشغيل الثلاجة".

ويضيف مصطفى: "الكهرباء مثل عدمها، ففي أحيان كثيرة تكون ذات قدرة ضعيفة عند تشغيل جهاز التكييف، ولا تعمل أجهزة أخرى في المنزل أيضا، خصوصا في فصل الصيف".

وتواصل موقع "الحرة" مع المتحدث باسم وزارة الكهرباء المصرية، أيمن حمزة، عبر تطبيق "واتساب" لطلب التعليق، لكن لم يتسن الحصول على رد حتى نشر هذا التقرير.

وخلال ديسمبر الماضي، تلقت منظومة الشكاوى الحكومية في مصر، نحو 18.5 ألف شكوى فيما يتعلق بقطاع الكهرباء والطاقة، منها نحو 16.9 ألف شكوى وبلاغ بشأن مدة وتوقيتات انقطاع التيار ببعض المناطق، بسبب تطبيق خطة تخفيف الأحمال، حسب ما أعلن مجلس الوزراء المصري في بيان له.

كما تقدم أعضاء في مجلس النواب المصري، ببيانات عاجلة إلى الحكومة بشأن خطة تخفيف الأحمال الكهربائية، وانقطاع التيار لمدد تتراوح بين ساعتين و4 ساعات يوميا، وعدم إبلاغ المواطنين بمواعيد انقطاع التيار وأسبابه، رغم انخفاض درجات الحرارة تدريجيا، وفق ما نشرت صحيفة "الشروق" المصرية.

ومن المقرر أن تواصل الحكومة المصرية خطة تخفيف أحمال التيار الكهربائي، عقب انتهاء شهر رمضان، حسب ما أكد المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، قبل أيام في تصريحات لوسائل إعلام محلية.

وتعتبر انقطاعات الكهرباء هاجسا يؤرق الكثيرين، ومن بينهم مصطفى، الذي استعان حسبما قال خلال حديثه للحرة، بـ"مثبت للكهرباء (جهاز لتثبيت جهد الكهرباء)، بناء على نصيحة من أحد الفنيين، لإيجاد حلول لضعف التيار الكهربائي حال عدم انقطاعه، وتجنب تلف الأجهزة المنزلية".

فيما تساءل أحمد عن "قدرة البنية التحتية للكهرباء في مصر على تلبية احتياجات المواطنين"، خصوصا في ظل التأكيدات الحكومية على حل أزمة الكهرباء منذ سنوات، ووجود "فائض" في الإنتاج.

ماذا وراء الأزمة؟ 

نجحت مصر خلال العقد الماضي في التحول من العجز في إنتاج الكهرباء إلى فائض، بحسب تقرير صدر عن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في ديسمبر 2022، الذي أشار أيضا إلى وصول قيمة الاستثمارات في مجال إنتاج الكهرباء إلى 355 مليار جنيه (7.5 مليار دولار بأسعار الصرف الحالية) منذ عام 2014 حتى نهاية 2021.

ووفق التقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر في عام 2020/2021، فقد بلغت قدرة إنتاج الكهرباء نحو 58 ألف ميغاواط. فيما يبلغ الفائض أكثر من 13 ألف ميغاواط، حسبما ذكر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في تصريحات سابقة.

غير أنه على مدار العامين الماضيين، ضغط الشح الحاد في العملات الأجنبية على الواردات، بما في ذلك الوقود المستخدم في إنتاج الكهرباء، إذ قال مدبولي خلال مؤتمر صحفي في يناير الماضي، إن "الوقود المُشغل لكل محطات الكهرباء لدينا نشتريه بالدولار".

ويؤكد هذا أيضا سلماوي، قائلا لموقع "الحرة" إن تخفيف الأحمال الكهربائية في مصر جاء "نتيجة رغبة الحكومة في ترشيد الإنفاق على المحروقات، في ظل التوجه نحو تصدير جزء من الغاز الطبيعي المنتج محليا، لتعزيز السيولة من العملات الأجنبية".

فيما يضيف خبير الطاقة مدحت يوسف: "ما حدث بالفعل خلال الأشهر الماضية من تخفيف أحمال، وليس انقطاعات مستمرة، كانت بغرض تقليل العبء على ميزانية الدولة وتوفير العملة الصعبة لتدبير الاحتياجات الأساسية للمواطنين".

وبلغ متوسط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال العام المالي الماضي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يوميا، بينما كان متوسط حجم الاستهلاك المحلي نحو 5.9 مليار قدم مكعب يوميا، حسبما ذكرت وزارة البترول والثروة المعدنية، التي لفتت إلى استحواذ إنتاج الكهرباء على أكثر من نصف استهلاك الغاز الطبيعي في البلاد.

ويعتبر رئيس جهاز تنظيم الكهرباء السابق خلال حديثه مع "الحرة"، أن محطات إنتاج الكهرباء "قادرة على تغطية الاستهلاك المحلي بشكل كامل"، مؤكدا أن "سياسة تخفيف الأحمال لا ترتبط بقدرة الشبكات ومحطات الإنتاج بشكل رئيسي، ولكن التأثير جاء بسبب نقص الإمدادات المطلوبة من الغاز الطبيعي والمحروقات".

وتستحوذ الطاقة الكهربائية المُنتجة من خلال محطات الدورة المركبة والغازية التي تعتمد على الوقود، على النسبة الأكبر من إجمالي إنتاج الكهرباء في مصر عند 60.9 في المئة، فيما تبلغ نسبة الطاقة المائية 4.8 في المئة، والطاقة الجديدة والمتجددة 5.1 في المئة، والمحطات البخارية 29.2 في المئة، وفقا للتقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر.

الاتحاد الأوروبي يخشى من الهجرة غير الشرعية القادمة من مصر
"أخبرونا بما تفعلونه".. لجنة أوروبية قلقة من الاتفاق الأخير مع مصر
عبرت رئيسة لجنة تلقي الشكاوى في الاتحاد الأوروبي، إميلي أورايلي، الثلاثاء عن قلقها إزاء الاتفاق الجديد الذي أبرمه التكتل مع مصر بقيمة 7.4 مليار يورو (8.03 مليار دولار) والذي يتضمن أحكاما للحد من الهجرة، قائلة إنه لا يوفر ضمانات لحقوق الإنسان

 

ذكرى احتجاجات 25 يناير في عام 2014 - المصدر: رويترز
ذكرى احتجاجات 25 يناير في عام 2014 - المصدر: رويترز

قبل يومين من اختفاء الناشط محمد أحمد علام، نشر فيديو اعتداء القوات الأمنية على منزله في القاهرة.

تحدث عن تدمير ممتلكات المنزل، واعتقال شقيقه الذي أفرج عنه لاحقا.

في الفيديو أيضا، هاجم الناشط المصري السلطات الأمنية، ورئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.

قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيان صحفي الأحد، إن "الناشط المصري في تيك توك، تعرض للاختفاء القسري".

وأبدت الشبكة الحقوقية "مخاوفها" على حياته.

ينشر علام المعروف بـ"ريفالدو" نسبة إلى نجم الكرة البرازيلية ريفالدو، مقاطع فيديو بين فترة وأخرى، ينتقد فيها سياسة النظام المصري، والسيسي أيضا.

اعتقل "ريفالدو" بعد محاولات عدة لم يتمكن فيها جهاز الأمن الوطني من اعتقاله.

قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان: "رغم مرور أكثر من 24 ساعة على اعتقاله تعسفيا، لم يتم عرضه على أي جهة تحقيق رسمية حتى الآن".

عدم عرضه على التحقيق، يثير "قلق" حقوقيين مصريين بشأن "حياته وسلامته".

واحد من آلاف

هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها "ريفالدو" للاعتقال.

في نوفمبر 2022، داهم الأمن منزل عائلته، في محاولة لاعتقال شقيقه الناشط السياسي يوسف، الذي لم يكن متواجدا آنذاك.

خلال المداهمة، تم تفتيش هاتف "ريفالدو" فعُثر على فيديو ساخر سجّله مع أصدقائه حول مظاهرات 11 نوفمبر من ذات العام.

وفق بيان الشبكة الحقوقية، أُجبر الناشط المصري، على حذف الفيديو والخروج بآخر يهاجم فيه دعوات التظاهر.

لكن ذلك، لم يمنع السلطات من اعتقاله، قبل أن تفرج عنه في مايو 2023.

وفي أغسطس 2024، اعتقل شقيقه يوسف، الذي لا يزال رهن الحبس الاحتياطي، وهو ما دفع "ريفالدو" لاحقا، لانتقاد جهاز الأمن الوطني والسلطات، علنا.

تحدث نشطاء مصريون، عن "حملات" اعتقال نفذتها السلطات المصرية خلال الأيام الماضية.

من بين المعتقلين، أشخاص اعتقلوا قبل 5-6 سنوات، ظنوا أن ملفاتهم وقضاياهم أغلقت، لكنهم صُدِموا.

وفقا للمعلومات المتداولة، حين سأل بعضهم عن سبب الاعتقال، أخبرتهم السلطات، بأن ما يحدث إجراء احترازي بسبب اقتراب ذكرى 25 يناير.

لكن رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، نفى الثلاثاء، حدوث أي اعتقالات "في ظل الجمهورية الجديدة" في إشارة إلى عهد السيسي.

جاء ذلك خلال جلسة برلمانية لمناقشة المادة (144) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية المثير للجدل، حقوقيا.

قال جبالي: "لا يوجد ما يسمى اعتقالات، ولكن تطبيق القانون كما يجب، فنحن في دولة سيادة القانون".

اعتقالات بلا مصير

قال مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطّار خلال مقابلة مع موقع "الحرة": "حتى اليوم لم نرصد من أسرة ريفالدو أنه ظهر".

قال أيضا إن "المنظمة تسجل حالات الاختفاء القسري من خلال تواصلها مع عائلات المختفين أنفسهم. بعضهم مجهول المصير منذ 13 عاما".

أكد العطار المعلومات عن "حملات" الاعتقال التي جرت في الأيام الماضية، وقال إن "الأمن المصري لا يحتاج ذريعة للاعتقال" في إشارة إلى تزامنها مع ذكرى 25 يناير.

في 21 أكتوبر 2024، اعتُقل الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق.

قبل أيام، جُدد حبسه، لذلك أعلن في التاسع من الشهر الحالي، إضرابه عن الطعام.

قال العطار عن فاروق: "رجل اقتصادي، يكتب في الاقتصاد فقط".

وفي السابع من يناير الحالي، اعتقل أيضا "اليوتيوبر" الشهير أحمد أبو اليزيد.

كانت تهمته "قبض الدولار من جهة خارجية"، بسبب الأموال التي يحصل عليها من موقع "يوتيوب" لقاء المحتوى الذي يبثه على قناته.

دعوات للتظاهر

منذ بداية يناير الحالي، صدرت عشرات الدعوات للتظاهر.

جهات عدة زعمت أنها "تمثل" نشطاء شاركوا في احتجاجات 25 يناير، بمسميات عديدة، مثل: لجان وتنسيقيات الثورة.

انتشرت الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداولها كثيرون. بعضهم ربطها بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، على "أمل" أن يحدث أمرا موازيا في مصر.

وإن كان الرأي العام المصري عرف بقصة "ريفالدو"، وعدد آخر قبله، لكن عشرات القصص لمعتقلين ومغيبين قسريا، ما زالت مجهولة.

من انتشرت قصصهم، بلغ أقاربهم وأصدقائهم عن حالاتهم، لذلك، اضطرت السلطات بسبب التفاعل مع قضاياهم، الكشف عن مصيرهم، وفقا للعطار.

ما حدث في منزل عائلة "ريفالدو" من "تكسير" لمحتوياته، يحدث "دائما" مع المعتقلين والمغيبين لدى السلطات المصرية، بحسب الحقوقي المصري.

تروع السلطات المصرية العائلات أثناء عمليات الاعتقال، وتدمر أثاث المنازل وتسرق ممتلكات، كالمصوغات الذهبية والأجهزة المحمولة، وفقا للعطار.

وثقت الشبكة، اختفاء 6 أشخاص مع مركباتهم (ميكروباص، سيارة، دراجة نارية)، وجميعها كانت بالتقسيط.

اضطرت عائلاتهم رغم أوضاعها المالية الصعبة، دفع الأقساط، بحسب الشبكة.

لا أعداد!

تقدر منظمات حقوقية مصرية، عدد معتقلي الرأي والمختفين قسرا في مصر، بعشرات الآلاف.

هذه الإحصائية التقريبية، منذ تولي السيسي السلطة عام 2013، وحتى الآن.

قال العطار: "لا رقم محدد ومعروف لهؤلاء، بسبب رفض الجهات الرسمية الكشف عن ذلك".

قال أيضا: "الجهة الوحيدة التي تملك معلومات عن أعداد المعتقلين والمختفين قسرا، هي وزارة الداخلية المصرية".

ورغم رفع ذوي المغيبين قضايا عديدة ضد وزارة الداخلية في مجلس الدولة، لكنها لم تنفذ أي قرار موجب صدر عن المجلس، بشأن الكشف عن مصائرهم، وفقا للحقوقي المصري.

وفي فبراير 2023، طالبت 9 منظمات حقوقية في بيان مشترك، السلطات المصرية بزيادة الشفافية ونشر أعداد المحتجزين والسجناء في البلاد.

قال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "تحجب الحكومة المصرية معلومات حول أعداد السجناء وكأنها أسرار دولة".

قال أيضا: "من حق المصريين، معرفة عدد الأشخاص الذين تحتجزهم حكومتهم، وكيف تعاملهم".

السجن أهون

يشارك رئيس الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، قصة حدثت قبل سنوات.

خرجت امرأة من منزلها وهي ترقص و"تزغرد". 

كل ذلك، لأنها عرفت فقط من خلال مكالمة هاتفية مع الشبكة أن ابنها "في سجن طرة".

سبقت "زغاريدها"، أشهر من اللوعة على اختفاء ابنها الطالب في كلية الهندسة بجامعة الأزهر.

قال العطار: "إلى هذا الحال وصلنا. أن السجن أهون من الموت. مؤلم جدا".