نشهد نقابة الصحفيين مظاهرات أسبوعية داعمة للفلسطينيين
نشهد نقابة الصحفيين مظاهرات أسبوعية داعمة للفلسطينيين

لم تمر مظاهرة الأسبوع الماضي أمام نقابة الصحفيين المصريين وسط القاهرة، كسابقاتها من الوقفات الأسبوعية الداعمة للفلسطينيين والمعارضة لنهج الحكومة في هذا الملف، حيث ألقي القبض على عدد من النشطاء المشاركين بالاحتجاج الذي تم في نفس يوم إدلاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اليمين الدستورية لولاية ثالثة.

وألقت السلطات القبض على المتظاهرين بعد الوقفة وحققت النيابة معهم، قبل أن تتواصل المعارضة مع الرئيس خلال إفطار الأسرة المصرية، السبت، من أجل الإفراج عنهم، وفق أحد من حضروا الفعالية، وهو ما حدث بالفعل في اليوم التالي.

وأرجع البعض القبض على هؤلاء النشطاء إلى "حساسية" ذلك اليوم الذي بدأ فيه السيسي ولاية ثالثة رسميا، تبقيه 6 سنوات أخرى في السلطة.

وقال المحامي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، نبيه الجنادي، إن "عدد المقبوض وصل إلى 14 شخصًا، حيث تم التحقيق مع 10 منهم، الخميس، ثم تم القبض على 4 مشاركين آخرين في اليوم التالي".

وأوضح الجنادي في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، أن الاتهامات التي وجهت إليهم تتمثل في "نشر بيانات كاذبة، ومشاركة جماعة إرهابية أهدافها".

وأعلن المحامي في وقت لاحق مساء الأحد، إخلاء سبيل جميع المقبوض عليهم.

ورفع المتظاهرون خلال فعالية الأربعاء، أعلاما فلسطينية وصورا لضحايا الحرب في غزة، ولافتات تهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وتتهمه بارتكاب جريمة إبادة جماعية وجرائم حرب.

وخلال الوقفة، سُمعت هتافات مثل "افتحوا معبر رفح" و"عايزين المعبر مفتوح.. غزة بتطلّع في الروح.. دخلوا لهم مساعدات من غير إذن وتنسيقات".

وطالما أكدت الحكومة المصرية أن معبر رفح البري مع قطاع غزة مفتوح من جانبها، متهمة إسرائيل بأنها وراء إغلاقه من الجانب الآخر، مشيرة إلى قصفها للجانب الفلسطيني من المعبر أكثر من مرة.

وكان عضو فريق الدفاع عن إسرائيل، أمام محكمة العدل الدولية، المحامي كريستوفر ستاكر، قد قال في مرافعته، في يناير، إن "دخول غزة من الجانب المصري هو تحت سيطرة مصر، وإسرائيل ليست ملزمة بموجب القانون الدولي أن تتيح الوصول إلى غزة من أراضيها". وهو ما عادت مصر وردت عليه بالنفي.

كواليس الاعتقالات والإفراج

واصل الجنادي حديثه للحرة، موضحا أنه تم القبض على معظم المتهمين من منازلهم بعض وقفة الأربعاء، موضحا أن "ظروف الاعتقال ليست متشابهة، فبعض المتهمين تم اقتحام منازلهم وتفتيشها، فيما قبض على آخرون بهدوء ودون انتهاكات".

وأشار إلى أن جميعهم من القاهرة "عدا شخص واحد ألقي القبض عليه بأحد الكمائن، ويعيش في الغردقة وكان من المشاركين في المظاهرة".

وحول موقف نقابة الصحفيين المصرية، التي تتم الوقفات الاحتجاجية أمام بابها، قال عضو مجلس النقابة، محمود كامل، إن مجالس النقابة الحالية أو السابقة أو المقبلة "لا تملك بأي حال من الأحوال منع مواطن مصري من الوقوف والتظاهر على سلم النقابة".

وتابع: "لا نملك المنع أو المنح. هذا مكان يلجأ إليه أي مواطن مصري لديه مظلمة على مدار تاريخ النقابة".

وأكد كامل والجنادي أنه لم يكن هناك صحفيون من بين المقبوض عليهم، الأربعاء.

من جانبها، أشارت عضوة تنسيقية شباب الأحزاب، كريمة أبو النور، إلى أنه "حدث تواصل بين المعارضة والرئيس السيسي خلال فعالية إفطار الأسرة المصرية، السبت، وكان هناك وعد بالإفراج عن المقبوض عليهم في وقفة الأربعاء".

وأضافت أبو النور في اتصال مع "الحرة"، أنها تتمنى أن "تتمسك المعارضة بتلك المساحة التي حصلت عليها"، في إشارة إلى التفاوض مع السلطات حول المحبوسين.

يوم القسم

تظاهر آلاف المصريين في العشرين من أكتوبر الماضي، في ميدان التحرير ومختلف أنحاء مصر دعمًا لغزة.

وكانت أحزاب موالية للسلطة قد دعت إلى التظاهر في مناطق محددة، ليس من بينها ميدان التحرير، لكن بعض المتظاهرين كسروا القاعدة ودخلوا الميدان في ذلك اليوم، وواجتهم قوات الشرطة بالاعتقالات حينها.

ومنذ ذلك الحين لم تتعرض السلطات بشكل واضح لوقفات احتجاجية محدودة على سلم نقابة الصحفيين، لكن حدث عكس ذلك يوم الأربعاء.

وقال الجنادي: "من الواضح أنه كان يتم رصد جميع من شاركوا في الوقفة بشكل أو بآخر"، قبل القبض عليهم من منازلهم في وقت لاحق.

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، عمرو الشوبكي، إنه حتى الآن "لا يوجد تسامح مع فكرة التظاهر السلمي، باستثناء بعض الوقفات الفئوية المحدودة".

وأوضح في حديثه لموقع الحرة، أنه "من حيث المبدأ، لا يوجد تسامح بصرف النظر سواء كانت المظاهرات مرتبطة بغزة أو غيرها.. كان هناك تسامح في البداية بسبب المشاعر المتأججة، وبالفعل تم السماح بالتظاهرات الكبيرة من قبل".

السيسي كلف الحكومة الحالية بتسيير الأعمال
السيسي يؤدي اليمين الدستورية ويبدأ ولاية رئاسية ثالثة في مصر
 أدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، اليمين الدستورية لولاية ثالثة مدتها ست سنوات أمام مجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة شرقي القاهرة، بعد فوزه بنسبة 89.6 بالمئة في الانتخابات التي أجريت نهاية العام الماضي.

فيما أكد الشوبكي أن ما زاد من حساسية الأمر ورد الفعل المختلف هو أن "الوقفة كانت متزامنة مع يوم أداء السيسي للقسم، وترديد بعض الشعارات التي اعتبرت أنها تمس بالنظام السياسي الحالي".

من جانبها، اعتبرت أبو النور أن قرار الإفراج عن المقبوض عليهم كان "ذكاء سياسيا من السلطة"، مما يمهد "لمناخ ديمقراطي في الفترة المقبلة".

وكانت أحزاب مصرية وشخصيات عامة وحقوقية قد أصدرت بيانا، السبت، دعا إلى وقف "حملات الاعتقال والتضييق والاستهداف"، وأشارت إلى أن تلك الحملات "لن تثنيها أو تمنعها بالنهوض بواجبها نحو القضية الفلسطينية.. وإعلان موقفنا السياسي بكافة الوسائل الممكنة".

كما طالب البيان الحكومة بـ"الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي السلميين، خاصة أن هذا الاعتقال جرى في بداية ولاية جديدة لرئيس الجمهورية، أكد فيها احترام الدستور والقانون".

وطالب كذلك بـ"دخول كامل المساعدات المكدسة دون تنسيق مع إسرائيل، وإلغاء اتفاقية كامب ديفيد" للسلام مع إسرائيل.

"علاقة باردة" مع السلطة

وحول الوقفات أمام نقابة الصحفيين والقبض على مشاركين فيها، أكد كامل مجددا على أنه لا يمكن لمجلس النقابة منع أي وقفة، لكنه أشار إلى أن "هناك قلق ومخاوف من انتكاسة في علاقة النقابة الباردة بالأساس حتى الآن مع السلطة".

وتابع: "هناك مخاوف من انعكاس الأزمة على مصالح الصحفيين بشكل عام، سواء فيما يتعلق بالإفراج عن المحبوسين منهم أو غير ذلك"، مشيرًا إلى أن تلك المخاوف "نقلها لنا زملاء في الجمعية العمومية، وهي مخاوف مشروعة، فالجمعية متنوعة وبها مختلف الأطياف والأفكار".

وأشار إلى أنه "من الطبيعي أن تكون هناك مجموعة لديها مخاوف بشأن مصالح الجماعة الصحفية، خصوصا ونحن نعلم أننا نعيش في ظل مناخ أبعد ما يكون عن الديمقراطية، فلابد من بعض العقل عند كل الأطياف".

من جانبه، اعتبر الشوبكي أن تعامل السلطة مع وقفة يوم أداء القسم "جاء في ظل خوف من أن التسامح مع التظاهر سيقود إلى التراكم والتكرار، خصوصا في ظل تكرر الوقفات والهتافات غير المقبولة بالنسبة للسلطة أمام نقابة الصحفيين".

وأوضح: "ليس من المقبول (للسلطة) أن تكون هناك وقفة أسبوعية احتجاجية".

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.