مصر التي يناهز عدد سكانها 106 ملايين يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر
مصر التي يناهز عدد سكانها 106 ملايين يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر

بيانات حكومية تتحدث عن "انخفاض" معدلات التضخم في مصر، ومواطنون "لا يشعرون" بأي تأثير على أرض الواقع، معضلة يعاني منها الاقتصاد المصري وسط "ارتفاع" كبير في أسعار السلع والخدمات، فما أسباب وتداعيات ذلك؟

تراجع التضخم وارتفاع الأسعار

خلال الفترة الماضية، سجل معدل التضخم مستوى قياسيا عند 36 بالمئة مدفوعا بتراجع قيمة الجنيه ونقص الاحتياط الأجنبي في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية، وزادت الديون الخارجية لمصر أكثر من ثلاثة أضعاف في العقد الأخير لتبلغ 164.7 مليار دولار.

الإثنين، أعلن "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء" تراجع معدلات التضخم السنوي العام على مستوى مصر، لتصل الى 33.1 بالمئة خلال شهر مارس 2024 مقارنة 36 بالمئة في شهر فبراير من نفس العام.

وتشير ماري عجبان، وهي موظفة من صعيد مصر، إلى أنها "لا تشعر بأي تأثير واقعي أو ملموس لما ذكرته البيانات الحكومية حول تراجع التضخم".

وأسعار السلع والخدمات والدواء والغذاء في ارتفاع يومي، ولا يوجد رقابة على الأسعار، وكل تاجر يقوم ببيع المنتجات بـسعر مختلف"، وفق حديثها لموقع "الحرة".

وتقول إنها "مريضة بالسكري، وسعر الدواء كل شويه بيزيد (في ارتفاع مستمر).. والخضروات والفاكهة واللحوم والدواجن والسكر والأرز كل شويه بسعر (تتغير بشكل دائم)".

وتتسأل:" نعمل ايه بتراجع التضخم والأسعار مش بتقل لا بتزيد (ماذا نفعل بتراجع معدلات التضخم في ظل زيادة الأسعار وعدم تراجعها أو انخفاضها؟!)".

وتتفق معها نجلاء المرسي، وهي ربة منزل من القاهرة، وتؤكد أن أسعار السلع لم تتراجع ولكنها مستمرة في الارتفاع".

وفي حديثها لموقع "الحرة"، تقول:" مفيش الكلام ده خالص (هذا غير حقيقي) ... والأسعار زي ما هي وبالعكس بتزيد (الأسعار كما هي وترتفع أيضا) ... مفيش أي حاجة نزلت واحنا في نفس الوضع (لا يوجد أي تراجع بالأسعار والوضع كما هو)".

وأشارت إلى أنها تقوم بشراء كيلو اللحوم الحمراء ب400 جنيه "9 دولار تقريبا"، وكيلو الدجاج وصل إلى 120 جنيها، وسعر كيلو البطاطس يتراوح بين 15 إلى 20 جنيها، والطماطم بين 10 إلى 15 جنيها، حسب التاجر.

وتتسأل في استنكار:" فين التضخم اللي نزل؟! (أين معدلات تراجع التي تراجعت؟!).. هم عايشين في دنيا تانية؟! (هل الحكومة تتحدث عن دولة أخرى؟!".

ما وراء "المعضلة"؟

الشهر الماضي، اتخذ "البنك المركزي المصري" قرارا بتحرير سعر صرف الجنيه ليفقد ثلث قيمته أمام العملة الأميركية، وهو ما ساعد الحكومة المصرية على عقد اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي لزيادة حجم القرض الأخير من ثلاثة مليارات دولار إلى ثمانية، في محاولة لجمع حصيلة من النقد الأجنبي.

ويوضح الباحث بالاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، أن معدلات التضخم في مصر قد تراجعت نتيجة "إجراءات البنك المركزي المصري المتعاقبة".

ومن تلك الإجراءات "رفع معدلات الفائدة، وإصدار شهادات إدخارية عالية الفوائد"، ما تسبب في جذب السيولة المالية من السوق، وبالتالي تقل القدرة الشرائية للمواطنين، ما يعمل على "انخفاض معدلات التضخم"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ومن جانبه، يشير الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، إلى أن المطلوب لدى الحكومة هو "الإشارة لاستمرار تراجع معدلات التضخم"، وهذا ما تسعى إليه "إدارات السياسات النقدية في مصر"، وفق عبدالمطلب.

والحكومة تسعى لـ"إيصال رسالة لخبراء صندوق النقد الدولي بأن السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي تم اتخاذها تستهدف التضخم كما تعهدت مصر"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

لماذا لم يشعر المواطن بالتحسن؟

تواجه مصر التي يناهز عدد سكانها 106 ملايين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر، إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها.

وفي ظل المساعي الحكومية للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية، أعلن المصرف المركزي في مارس تحرير سعر صرف الجنيه، لتفقد العملة المحلية ثلث قيمتها أمام العملة الأميركية.

ويشدد عبدالمطلب على أن هذه هي المرة الأولى التي يختلف فيها الاقتصاديون حول "واقعية البيان الحكومي".

والواضح أن البيان كان تحتاج إلى الكثير من "الدقة والتدقيق"، وقد تم إعطاء "وزن نسبي أكبر أو أقل لمجموعة من السلع"، لإخراج معدلات وإحصاءات معينة تخدم الأهداف التي تسعى إليها الدولة، حسبما يشير الخبير الاقتصادي.

وحتى إذا كانت الأرقام صحيحة فمعدلات التضخم التي أعلنتها الحكومة في دولة مثل مصر بهذه الظروف "مازال رقما مرتفعا"، حسب عبدالمطلب.

وتستهدف الحكومة المصرية خفض معدلات التضخم لتصل إلى 7 بالمئة (+ أو ـ) 2 نقطة مئوية في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، وفق بيانات "البنك المركزي المصري".

ومن جانبه، يرى الديب أن "رفع الحكومة لأسعار الوقود بمختلف أشكاله من غاز وبوتجاز وبنزين وسولار"، تسبب في رفع تكاليف الطاقة وبالتالي ارتفاع سعر نقل المنتجات.

 وتسبب ذلك في حدوث أثرا معاكسا لـ"خفض التضخم"، وبالتالي "ارتفاع الأسعار"، وفق الباحث بالاقتصاد السياسي.

ويتحدث عن "عوامل مجتمعية" تسببت في ارتفاع الأسعار ومنها "سياسات الاحتكار التي يتخذها بعض التجار، وجود أسواق عشوائية بلا رقابة حكومية".

وبالتالي لا يمكن قياس التضخم في تلك الأسواق العشوائية، لأنها "بعيدة عن البيانات الحكومية"، ولا يعرف أحد "لماذا وكيف ارتفعت الأسعار"، وهناك "تفاوت" في أسعار السلع بين منطقة وأخرى، وفق الديب.

لكن على جانب أخر، تشير الباحثة الاقتصادية، نانسي عوني، إلى أن "الأسعار أصبحت ثابتة خلال الفترة الحالية"، بعدما كانت "ترتفع كل ساعة يوميا".

ولا يشعر المواطن بالفارق لأن "الأسعار تضاعفت خلال الأشهر الماضية بنسبة تتراوح بين 50 إلى 100 بالمئة"، وفق حديثها لموقع "الحرة".

وترى الباحثة الاقتصادية أن انخفاض أسعار السلع الذي حدث بعد تخفيض قيمة الجنيه وإجراءات البنك المركزي المصري المتعاقبة، كان "طفيفا" ويتراوح بين 5 إلى 15 بالمئة، وبالتالي "لا يشعر به المواطن".

وتؤكد أن أسعار الخدمات والسلع الرئيسية "لم ترتفع خلال الفترة الماضية، لكنها تراجعت بشكل طفيف"، وهناك توجه حكومي لخفض الأسعار بنسب تتراوح بين 10 إلى 15 بالمئة.

والانخفاض حدث بالفعل في أسعار سلع مثل "الأرز والفول والعدس والزيت"، ولكن "بنسبة ليست كبيرة"، وسيحدث المزيد من الانخفاض بشكل تدريجي، وفق عوني.

وتوضح الباحث الاقتصادية أن "انخفاض الأسعار كان طفيفا"، والتجار قاموا بـ"تخزين بضائع بسعر العملة الأميركية في السوق الموازية وقتها الذي كان يصل إلى 75 جنيها للدولار الواحد".

عوامل "جيوسياسية" تمس "جيب المواطن"

تعاني مصر من التبعات الجيوسياسية لصراعين مفتوحين على حدودها، وهما "الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، والنزاع في السودان إلى الجنوب".

الإثنين، كشف "البنك المركزي المصري" عن "اتساع عجز ميزان المعاملات الجارية إلى 6.83 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي مقابل 1.4 مليار في الفترة نفسها من العام السابق نتيجة تراجع الصادرات البترولية وارتفاع الواردات.

وانخفضت صادرات مصر البترولية إلى 1.61 مليار دولار في الربع من أكتوبر إلى ديسمبر، مقابل 4.91 مليار خلال الفترة ذاتها من 2022، فيما يرجع إلى انخفاض صادرات الغاز الطبيعي. 

وانخفضت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية، إلى 4.93 مليار دولار من 5.55 مليار وتراجع تحويل الأموال إلى مصر من خلال القنوات الرسمية نظرا لأن سعر الصرف الرسمي كان يبلغ نحو نصف السعر في السوق الموازية.

وحاليا تبلغ قيمة الدولار في السوق الرسمية 47.5329 جنيها للشراء، مقابل 47.6329 للبيع، وفق "بيانات البنك المركزي المصري".

وفي الوقت نفسه، ارتفعت الواردات البترولية إلى 3.38 مليار دولار من 3.03 مليار.

وزادت إيرادات السياحة إلى 3.3 مليار دولار من 3.2 مليار قبل عام بعد أن أدت الحرب في غزة في بداية الربع الرابع إلى تباطؤ نمو الإيرادات.

وصعدت إيرادات قناة السويس إلى 2.40 مليار دولار في الربع الرابع من 1.97 مليار في الربع المماثل من 2022.

وزاد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 3.21 مليار دولار من 2.43 مليار.

والشهر الماضي، قررت دولة الإمارات، ضخ "35 مليار دولار استثمارات مباشرة" في غضون شهرين في مصر، بموجب اتفاق وقع بين الحكومتين المصرية والاماراتية لـ"تنمية 170.8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة" على البحر المتوسط بشمال غرب البلاد.

مؤسسة بحثية توقعت أن يتراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار إلى 49 جنيها بنهاية العام
"معركة الدولار والجنيه".. ثلاثة سيناريوهات لأزمة النقد الأجنبي في مصر
رغم التدفقات المليارية الدولارية التي دخلت مصر خلال الفترة الماضية، وتوحيد سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السوق الرسمية والموازية، تتوقع مؤسسة اقتصادية دولية "تراجع قيمة العملة المصرية أمام نظيرتها الأميركية مرة أخرى"، فهل يمكن أن يحدث ذلك؟ ولماذا؟ وما تداعيات ذلك السيناريو؟

ويشير الديب إلى أن هناك مؤشرات إيجابية للغاية في الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، لكن "المواطن لا يشعر بها".

ودخلت البلاد "مليارات الدولارات وضخت في شريان الاقتصاد المصري"، لكن المواطن لم يشعر بذلك أيضا، حسبما يوضح الباحث بالاقتصاد السياسي.

ويجب على الحكومة المصرية "استغلال التدفقات المليارية" بشكل اقتصادي سليم ورقابة الأسواق "الشعبية"، حتى يشعر المواطن بتأثير انخفاض معدلات التضخم وفوائد "المؤشرات الاقتصادية الإيجابية"، وفق الديب.

ومن جانبها، تتوقع عوني "تراجع الأسعار بشكل أكبر خلال الفترة القادمة، مع نفاذ البضائع الحالية التي تم شرائها بأسعار دولارية مرتفعة، وتوريد بضائع جديدة بسعر صرف الجنيه أمام الدولار حاليا".

وأيضا مع زيادة التدفقات الدولارية خلال الفترة القادمة "سوف نشهد المزيد من تراجع الأسعار"، لكنها لن تعود لما كانت على سابقا، وفق الباحثة الاقتصادية.

نتانياهو
نتانياهو

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، أن اليوم تاريخي بالنسبة للشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وقال نتانياهو، خلال وجوده قرب الحدود مع سوريا، رفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، إن  "هذا يوم تاريخي في الشرق الأوسط. نظام الأسد حلقة مركزية في محور الشر الإيراني - لقد سقط هذا النظام".

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران وحزب الله، الداعمين الرئيسيين. أدى هذا إلى خلق سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء الشرق الأوسط لجميع أولئك الذين يريدون التحرر من نظام القمع والطغيان".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، انتشار قواته في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، جنوب غربي سوريا، على أطراف الهضبة التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 وأعلنت ضمها لاحقا.

وقال الجيش في بيان: "في ضوء الأحداث في سوريا وبناء على تقييم الوضع وإمكانية دخول مسلحين إلى المنطقة الفاصلة العازلة قام جيش الدفاع بنشر قوات في المنطقة الفاصلة العازلة وفي عدة نقاط دفاعية ضرورية".

وأكد الجيش في بيانه أنه "لا يتدخل" في الأحداث الواقعة في سوريا، مضيفا أنه "تقرر فرض منطقة عسكرية مغلقة ابتداء من اليوم (الأحد) في المناطق الزراعية في منطقة ماروم جولان، هين زيفان وبقعاتا وخربة عين حور".

وفي كلمته أشار نتانياهو إلى أن الوضع الحالي "يخلق فرصًا جديدة ومهمة جدًا لدولة إسرائيل. لكنها أيضا لا تخلو من المخاطر". 

وأوضح: "نحن نعمل أولا وقبل كل شيء لحماية حدودنا. وقد تمت السيطرة على هذه المنطقة منذ ما يقرب من 50 عامًا من خلال المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها عام 1974، وهي اتفاقية فصل القوات (فك الاشتباك). وانهار هذا الاتفاق وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم. وبالتعاون مع وزير الدفاع، وبدعم كامل من الكابينيت، أصدرت تعليماتي أمس للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على المنطقة العازلة ومواقع القيادة المجاورة لها. ولن نسمح لأي قوة معادية بأن تستقر على حدودنا".

وأوضح " في الوقت نفسه، نعمل على اتباع سياسة حسن الجوار".

من جانبه قال وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس، إن "سقوط الأسد يشكل ضربة قاسية لمحور الشر الإيراني، الذي وضع لنفسه هدف تدمير دولة إسرائيل. لقد تم قطع أذرع الأخطبوط واحدة تلو الأخرى. لقد جئنا إلى هنا لنقول بوضوح إننا عازمون على توفير الأمن للبلدات في هضبة الجولان. لقد أصدرنا تعليمات إلى جيش الدفاع الإسرائيلي - رئيس الوزراء وأنا - بموافقة الكابينيت، بالاستيلاء على المنطقة العازلة ونقاط المراقبة لضمان حماية جميع البلدات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان - اليهود والدروز - حتى لا يتم كشفها للتهديدات من الجانب الآخر".

وتابع: "نحن عازمون على عدم السماح بالعودة إلى الوضع الذي كان عليه في السادس من أكتوبر، لا في هضبة الجولان ولا في أي مكان آخر".