الدعوى اتهمت الشركتين بمخالفة قانون تنظيم خدمات النقل البري (صورة تعبيرية)
دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر بسبب تزايد بلاغات الاعتداء على النساء. (أرشيفية-تعبيرية)

شهدت مصر خلال الأيام الماضية جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اتهامات جديدة لسائق شركة النقل الخاصة "أوبر" بمحاولة الاعتداء على فتاة بسلاح أبيض في منطقة صحراوية بالقاهرة، وذلك بعد واقعة مشابهة شهدت وفاة ما عُرفت باسم "فتاة الشروق"، في مارس الماضي.

وذكرت وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، في بيان لها أنها في، 12 مايو الجاري، "تلقت بلاغا من إحدى الفتيات بأنها حال استقلالها سيارة تابعة لأحد تطبيقات النقل الذكي، قام قائدها باصطحابها لإحدى المناطق بدائرة قسم شرطة مدينة نصر ثان، وحاول التعدي عليها وبحوزته سلاح أبيض (كتر)، ما أسفر عن حدوث إصابتها، وتمكنت من الفرار".

وتابعت الوزارة أنه "تم ضبط الجاني، وكذلك ضبط السلاح الأبيض والسيارة المستخدمتين في الواقعة".

من جانبها، ردت شركة "أوبر" في بيان، تناقلته وسائل إعلام مصرية، على الحادث وقالت إنه "بمجرد إبلاغنا بالحادث، تواصلنا مع أحد أفراد عائلة الضحية لتقديم كل الدعم الممكن، ونعمل مع السلطات عن كثب لتوفير جميع المعلومات اللازمة لإتمام عملية التحقيق".

شركة «#أوبر»: نحن عازمون على مواصلة جهودنا للتصدي لكافة أشكال العنف pic.twitter.com/6KEUpxdjca

— المصري اليوم (@AlMasryAlYoum) May 13, 2024

ولم تكن هذه الواقعة الأولى التي تشهد اتهامات لسائقين من شركة النقل الذكي "أوبر"، حيث أعلنت النيابة العامة المصرية، في مارس الماضي، إحالة سائق إلى محكمة الجنايات بعد أيام قليلة من وفاة فتاة متأثرة من إصاباتها بعد قفزها من سيارة كان يقودها خلال تحركها على طريق سريع.

ووجهت النيابة العامة للسائق تهم الشروع في خطف، حبيبة الشماع (24 عاما)، المعروفة إعلاميا بـ"فتاة الشروق" عن طريق "الإكراه، وحيازته الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وقيادته مركبة آلية حال كونه واقعا تحت تأثير ذلك المخدر".

وآنذاك، أدلى الممثل القانوني لشركة "أوبر" بأقواله في تحقيقات النيابة العامة بالواقعة مؤكدا أن السائق ارتكب جريمة التزوير، بعد تلقي الشركة العديد من الشكاوى بحقه.

وأثارت هذه القضية حالة من التفاعل وردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي وصولا إلى تدخل الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وإعلانه الاستعداد بالتكفل بعلاج الفتاة وتسفيرها إلى الخارج إذا تطلب الأمر وفق ما أكدت، دينا إسماعيل، والدة الفتاة.

وبخلاف هاتين الواقعتين، تعرضت العديد من الفتيات في مصر إلى اعتداءات مختلفة من "محاولات خطف، وتحرش، وضرب" على يد سائقي شركات النقل الخاص، خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي من المفترض أن توفر مثل هذه الشركات بيئة أكثر أمانا وراحة.

ولجأت العديد من هؤلاء الضحايا إلى الجهات الأمنية لتحرير محاضر، لكن لم تتم محاسبة السائقين أو الشركة، ما دفع بعضهن إلى كتابة قصتهن على مواقع التواصل الاجتماعي أملا في إيصال أصواتهن للأجهزة المسؤولة وإيجاد حل لمعاقبة هؤلاء الجناة.

حادثة تحرش صادمة جدا

تحكي السيدة الثلاثينية (م.ب) تجربتها، التي وصفتها بالـ"سيئة ولا تريد استرجاع ذكرياتها"، قائلة لموقع "الحرة" إنها "في أحد الأيام كانت عند منزل والدتها، في الدقي بمحافظة الجيزة، بصحبة ابنتيها، إحداهما في الصف الابتدائي والأخرى في الحضانة، وبحوزتهن عدد من الحقائب، وطلبت (أوبر) للتوجه إلى منزلها في الساعة الخامسة مساءا".

وأضافت أن "هي وبناتها كن يشعرن بالتعب الشديد، وبالفعل نامت الفتاتين في السيارة، لكنها ظلت مستيقظة".

وبصوت غاضب وحزين، تابعت أنه "بعد فترة وعند وصولهم إلى الطريق الدائري في القاهرة، اكتشفت أن السائق يرتكب فعلا خادشا للحياء، إذ خلع سراوله الداخلي وأظهر عضوه الذكري".

وقالت إنها "في ذلك الوقت لم تفكر في أي شيء سوى محاولة النجاة ببناتها من هذا الموقف في أسرع وقت، وتأكدت أن السائق لم يوصد أقفال باب السيارة، وفي لحظة طلبت منه التوقف سريعا وهربت من السيارة بطفلتيها".

وأضافت أنها "لم تفكر في خطورة المكان الذي نزلت فيه أوي أي شيء آخر لأن كان كل ما يهمها هو الهروب".

وتتذكر (م.ب) المشهد عند نزولها من السيارة، قائلة "لم أكن أعرف ماذا أفعل، فكنت أصوت (أصيح)، وأشتم (أسب)، وتجمع الناس حولي للإمساك به لكن السائق كان قد هرب سريعا".

وتحكي (م.ب) أنها لم تفعل أي شيء لهذا السائق يدفعه لارتكاب مثل هذا الأمر، قائلة "أنا محجبة ولم تكن ملابسي ملفتة للنظر بأي شكل من الأشكال، وكنت مجهدة بشكل كبير بعد يوم شاق، فما الذي دفعه لارتكاب هذا الفعل الشائن في وجود سيدة بصحبة بناتها الأطفال".

وتحدثت (م.ب) عن محاولاتها الإبلاغ عن السائق للحصول على حقها، قائلة إنها "حاولت الاتصال بأوبر للحصول على رقم وبيانات السائق لكن الشركة رفضت حفاظا على سرية البيانات، وفي الوقت نفسه، لم تقدم الشركة أي حل جذري، بل اكتفت بالاعتذار للسيدة على الموقف الذي تعرضت له ووعدتها بإجراء تحقيق داخلي لاتخاذ الإجراءات اللازمة".

وأضافت أنها "عندما توجهت إلى قسم الهرم لعمل محضر تحرش وتعدي، لم تجد أي اهتمام من قبل ضباط التحقيق، الذين قالوا لها إنه لم يلمسها بشكل مباشر، ولم يحدث شيء حتى الآن".

محاول اختطاف في وجود شقيقها

تحكي ياسمين عثمان، في العشرينيات من عمرها، لموقع "الحرة" محاولة اختطاف تعرضت لها من قبل سائق شركة "كريم"، المملوكة لـ"أوبر"، قائلة إنها "كانت بصحبة شقيقها وأرادت التوجه من الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر إلى منزلها في وسط البلد، وكان بحوزتهما عدد من الحقائب".

وأضافت أنه "حتى قبل وصول السائق، ظهرت علامات تدل على عدم اتزانه لأنه تأخر عن الوصول بشكل مبالغ فيه لدرجة أن شقيقها كان يريد إلغاء طلب التوصيل، لكنها لم تفعل ذلك لأن الوقت كان قد تأخر".

وتابعت أنه "عندما حاولت دخول السيارة، وجدت أنه تعمد إرجاع الكراسي الأمامية بشكل كبير للخلف، وبالتالي لم تكن تجد مكانا لوضع الحقائب، ولذلك طلبت من السائق أن يفتح حقيبة السيارة وطلبت من أخيها وضع الحقائب بالخلف".

وقالت إنه "عندما توجه شقيقها لوضع الحقائب في ظهر السيارة الخلفي، انطلق السائق فجأة بالسيارة وهي بداخلها وكان باب السيارة الذي بجوارها مفتوحا، تاركا أخيها في الشارع".

وحكت ياسمين عن رد فعلها على الموقف، قائلة إنها أمسكت بباب السيارة الذي كان مفتوحا وبدأت تصرخ، ولم تكن تعرف ماذا تفعل، وفكرت في إلقاء نفسها من السيارة وهي تسير".

وأضافت أن "شقيقها كان يجري وراءهما، كما أن السيارات المجاورة في الشارع لاحظت صريخها وبدأت في تهدئة سرعة السائق لإنقاذها".

وتتذكر ياسمين الواقعة، قائلة إنه "بالفعل نجح أخيها في الوصول إليها، وأوقف السيارة وأنزلها، وبعدها حاول الإمساك بالسائق الذي انطلق مجددا بالسيارة وفي داخلها شقيقها، ولكنها استمرت في الصراخ في الشارع".

وأضافت أن "مجموعة ضباط بإحدى الكمائن القريبة لموقع الحادث لاحظوا صراخ الفتاة، وبالفعل تحركوا ونجحوا في إيقاف السائق، ومن ثم تجمعت الناس".

وتحكى ياسمين أنه "بعد إيقاف الشرطة لسيارة السائق، تبين أن بحوزته مختلف أنواع المواد المخدرة، مثل الحشيش والبانغو، كما أثبت فحص المخدرات نسبة مخدر كبيرة في دمه في ذلك الوقت".

وكشفت التحقيقات أيضا، بحسب ياسمين، أن "هذا السائق كان مسجلا خطرا لارتكابه جريمة سرقة بالإكراه، والعديد من السوابق الأخرى".

وفيما يتعلق بموقف الشركة، قالت ياسمين إنها "اتصلت بالشركة وأبلغتهم بالواقعة، وتلخص ردهم في أنهم سيقومون بإيقافه عن العمل مجددا في الشركة، وسيعطونها 200 جنيه مصري في المحفظة، ما يعادل 5 دولار فقط".

ويلزم القانون في مصر جميع الشركات بالحصول على صحيفة الأحوال الجنائية للموظف (فيش وتشبيه) قبل تعيينه ومن ثم تكرارها كل 3 أشهر. وقالت ياسمين إنها "عندما سألت الشركة عن كيفية تعيين موظف ليعمل سائقا ولديه سوابق جنائية، نفت الشركة معرفتها بالأمر، وأبلغتها أنه ربما ارتكب هذه الواقعة بعد تعيينه وأنهم ليس لديهم معلومات عن السوابق الجنائية له".

وأوضحت ياسمين أنها ألغت التعامل مع الشركة نهائيا، ولم تستخدم المبلغ الذي أرسلوه، وعلمت أنه منذ نحو شهر تقريبا تم الحكم على السائق بالسجن بسبب حوزته المخدرات والسواقة تحت تأثير المخدر، ولكن ليس بسبب محاولة اختطافها".

اعتداء بالضرب

وتحكى سيلفيا أقلاديوس لموقع "الحرة" واقعة اعتداء مؤلمة تعرضت لها على يد سائق "أوبر"، قائلة إنه في وقت "كوفيد-١٩ طلبت رحلة توصيل، وعندما ركبت السيارة، كانت ترتدي الكمامة للوقاية (ماسك)، وتلقت اتصالا هاتفيا، ووقتها أزاحت الكمامة عن وجهها قليلا للأسفل حتى تستطيع التحدث".

وأضافت أن "السائق لم يكن يتصرف بشكل طبيعي أو متزن، وصاح في وجهها وطلب منها إنهاء الاتصال، وطلبت منه دقيقة، لكنه أظهر انفعالا شديدا، وأوقف السيارة في الطريق، وقام بإنزالها بالقوة، وعندما قاومته لإبعاد يديه قم بلكمها على وجهها".

وتابعت أن "الناس في الشارع تجمعت، وحدثت مشاجرة بينه وبين أحد الأشخاص الذي قام بضربه".

وتحدثت سيلفيا عن مساعيها للجوء للجهات المسؤولة للحصول على حقها، وقالت إنها "رفعت قضية ضد السائق وظلت عالقة في المحاكم لسنوات بدون أي نتيجة تذكر".

وعبرت سيلفيا عن غضبها الشديد تجاه رد فعل شركة "أوبر"، قائلة إن "موقفهم كان الأسوأ بالنسبة لي"، مضيفة أنها "عندما توصلت معهم لإبلاغهم بالواقعة، قاموا بحظر حسابها، ولم يتخذوا أي موقف ورفضوا إعطاءها بيانات السائق".

وتابعت أنه "مع الوقت علمت أن هذا السائق لم يكن المالك الحقيقي للسيارة، وكان يستأجرها للعمل عليها".

وتحدثت سيلفيا، التي انتقلت حاليا لكندا، عن اختلاف تعامل "أوبر" في مصر عن أي دولة أخرى، قائلة إنهم "يجعلون العملاء يوقعون على شروط مجحفة قبل التعامل معهم، ومنها أنه في حال تعرض العميل لأي أذى جسدي، فإن هذا خارج مسؤولية الشركة، وهو ما لا يحدث في أي دولة في العالم بحسب ما قاله لها محاميها الخاص".

وحكت سيلفيا أن "أحد أسباب تركها لمصر وهجرتها إلى كندا كان عدم شعورها بالأمان بسبب هذا الموقف، وأنها في أي وقت ستكون معرضة لخطر اعتداء دون وجود جهات محاسبة".

انتهاك بيانات العملاء

وحكت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، هالة دومة، واقعة حدثت لها مع شركة "أوبر"، قائلة "كنت واقفة مع أهلي مستنية الكابتن، (السائق)، يوصل ولاقيته عمال يلف ويبعد فبحاول أكلمه مفيش رقم تليفون (ومكتوب إن الكابتن بيستخدم الشات بس ومش حاطط رقم) بعتله رسالة رد عليا بابعتيلي رقمك، قلت مش مشكلة وبعتله، وفجأة كان رده عليا على محادثة التطبيق تعالي أعزمك على قهوة!".

وأضافت "طبعا أنا خوفت جدا لأن ده مش منطقي في أي سياق". وتابعت "وألغيت طلب الرحلة بسرعة وشعرت بالخوف لأن هذا الشخص حاليا لديه رقم هاتفي، ولا أعرف كيف ينوي التصرف".

وقالت إنه "بعد ذلك وجدت رقما مجهولا يراسلها من خلال تطبيق واتساب على أنه خدمة دعم أوبر، وقال لها إن السائق تقدم بشكوى ضدها، لتكتشف بعد هذه المحادثة أنها كانت خدعة، ولم تكن تتحدث مع الشركة بل مع السائق نفسه". 

وتحدثت هالة عن رد فعل شركة "أوبر"، قائلة إنه بعد يومين من المحادثات والشد والجذب عبر البريد الإلكتروني المخصص للشكاوى، لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد السائق، ورفضوا إعطاءها بيانات السائق للحفاظ على سرية البيانات".

وبشأن كيفية التعامل القانوني مع الشركة لمنع تكرار مثل تلك الحوادث، قالت دومة لموقع "الحرة" إن يجب على الحكومة المصرية إلزامهم قانونا بتركيب كاميرا بداخل السيارة للتصوير بالصوت والصورة.

ومن جانبه، قال المحامي، محمد مسالم، لموقع "الحرة" إنه "يجب إجراء تحليل دوري للمخدرات لجميع السائقين، وإجراء كشف جنائي دوري (فيش و تشبيه) لجميع العاملين، ووضع معايير للتعيين كما هو متعارف عليه لنفس الشركة عالميا، وإجراء كشف فني للسيارت بشروط محددة".

وأضاف أنه "يجب إنشاء قسم خاص بالشكاوى داخل الشركة، بأرقام ساخنة، للرد على العميل في أقصى سرعة لتدارك أي خطر قد يكون تعرض له".

ورفع محام مصري بالنقض دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، للمطالبة بإلغاء تراخيص شركتي "أوبر" و"كريم" لنقل الركاب داخل البلاد، وفقا لما ذكرت تقارير إعلامية.

وذكر موقع "مصراوي" أن المحامي عمرو عبد السلام، رفع تلك الدعوى بسبب ما اعتبره "مخالفة شروط التراخيص الصادرة للشركتين"، وذلك "بعد تزايد معدل جرائم الخطف" التي تعرضت لها نساء وفتيات خلال الأشهر القليلة الماضية على أيدي بعض قائدي المركبات.

واعتبر عبد السلام أن شركة "أوبر"، "خالفت القواعد والضوابط الخاصة بمنح بطاقات (كروت) التشغيل لقائدي المركبات دون إخضاعهم لتحاليل مخدرات، وفقا لما هو منصوص عليه بالمادة الثامنة من قانون تنظيم خدمات النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات"، والمعروف إعلاميا بـ"قانون أوبر وكريم".

وطالب عبر الدعوى بـ"إلزام شركات النقل الذكي باعتماد أنظمة المراقبة الإلكترونية داخل السيارات، وربطها بالنظام الداخلي للشركات ووزارة الداخلية، لمراقبة سلوك السائقين منذ بدء الرحلة حتى نهايتها، حتى تكون الرحلة مؤمنة؛ لضمان سلامة وأرواح الركاب".

منجم السكري للذهب في مصر.
احتياطيات منجم السكري تبلغ 6 مليون أوقية وهي من أكبر الاحتياطيات في العالم. | Source: موقع هيئة وزارة البترول المصرية

أعلن ألبرتو كالديرون، الرئيس التنفيذي لشركة أنغلو غولد أشانتي، الثلاثاء، أن الشركة باتت الآن في وضع يسمح لها بمواصلة النمو من خلال الاستحواذ على أصول عالية القيمة، وذلك بعد أن وافقت شركة التعدين على شراء منافستها الأصغر سنتامين، المشغّلة لمنجم السكري أحد أكبر مناجم الذهب في مصر، في صفقة أسهم ونقد بقيمة 2.5 مليار دولار.

وبموجب صفقة الاستحواذ على سنتامين، الشركة المالكة لمنجم السكري بالمشاركة مع مصر، فإن شركة "أنغلو غولد أشانتي" ستحصل على حق إدارة وتشغيل المنجم المصري، وهو أحد أكبر مناجم الذهب في العالم.

وأثار الإعلان عن الصفقة جدلا في مصر، وانتقدها البعض باعتبار أن المنجم يدر أرباحا كبيرة ويعتبر أحد أهم أصول مصر التي يجب إدارته وتشغيله محليا، بينما يراها البعض ستعود بالنفع على السكري بعد خطط الاستثمار المنتظرة به، مما سيصب بطبيعة الحال في احتياطي مصر من الذهب لدى البنك المركزي.

صفقة السكري تثير تساؤلات

وقال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، كريم سعدالدين، لموقع "الحرة" إنه "حاليا تسعى دول العالم لتنويع مصادر احتياطاتها ودخلها وتحديدا من الذهب باعتباره المعدن الأكثر استدامة وقيمة، ولذلك تثير صفقة السكري تساؤلات بشأن حجم استفادة مصر منها".

وأضاف أن "شركات تعدين الذهب تسعى حاليا إلى تأمين الإمدادات للاستفادة من الطلب المرتفع على المعدن الأصفر، إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 30% على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، لتسجل أعلى مستوى لها على الإطلاق الشهر الماضي على خلفية الطلب على الملاذ الآمن وتوقعات خفض أسعار الفائدة، مما عزز خزائن المنتجين".

وتابع أن "شركة سنتامين حققت أرباحا كبيرة العام الجاري، كما أعلنت زيادة إنتاج منجم السكري نفسه، ولذلك أثارت صفقة البيع في هذا التوقيت تساؤلات عدة، خاصة أن الحكومة المصرية أعلنت تطوير قطاع التعدين لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 5% خلال العقدين المقبلين مقارنة بـ0.5% في الوقت الراهن، إذ طرحت البلاد مؤخرًا العديد من فرص التنقيب عن المواد التعدينية واستحوذ الذهب على النصيب الأكبر منها".

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت شركة سنتامين عن خطة جديدة للعمر الإنتاجي للمنجم، تستهدف من خلالها إعادة تصنيف منجم السكري كأحد أفضل الأصول الذهبية في إنتاج الذهب على مستوى العالم، إذ تساهم هذه الخطة في زيادة طويلة الأجل في إنتاج الذهب، مع تكاليف أقل ومخاطر تشغيلية أقل، وانبعاثات كربونية مخفضة بشكل كبير.

وأوضحت الشركة أن الخطة الجديدة تتضمن توقعات سنوية لإنتاج الذهب بمتوسط 506 آلاف أوقية سنوياً للسنوات التسع المقبلة (2024 - 2032)، و475 ألف أوقية سنوياً لباقي عمر المنجم. ووضعت الخطة أيضاً توقعات للتكاليف الإجمالية يبلغ متوسطها 922 دولارا للأوقية من الذهب المبيع، مما يضع السكري في النصف الأدنى من منحنى التكلفة العالمية للذهب.

وأشار سعدالدين إلى أنه "بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية الكبيرة لمنجم السكري، فكان من الأجدى أن تسعى الحكومة للاستحواذ على الصفقة عبر شركة شلاتين، على سبيل المثال، باعتبارها تعمل في التنقيب عن الذهب وتتبع وزارة البترول والثروة المعدنية".

وتحدث أستاذ الاقتصاد عن الأرباح الكبيرة التي ستجنيها الشركة من وراء الاستحواذ على حق إدارة وتشغيل النجم، موضحا أنه "من خلال هذه الصفقة سيتحول السكرى من شركة سنتامين في مصر إلى أنغلو غولد، مما يعزز إنتاج الشركة من الذهب بنحو 450 ألف أوقية سنويًا إلى أكثر من 3 ملايين أوقية". وذكر أن "احتياطيات المنجم تبلغ 6 مليون أوقية وهي من أكبر الاحتياطيات في العالم".

وفي يوليو الماضي، قال مارتن هورغان، الرئيس التنفيذي لشركة سنتامين، خلال فعاليات منتدى مصر للتعدين، إنه منذ بدء عمل الشركة في منجم السكري، حصلت الحكومة المصرية على أكثر من مليار دولار، حيث أنتج المنجم أكثر من 5.7 مليون أوقية ذهب، مشيرا إلى أن الشركة أنفقت ما يقرب من 450 مليون دولار العام الماضي.

وفي أغسطس، أكد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، على أهمية منجم السكرى كنموذج متطور للاستثمار التعديني والحرص الكامل على تدعيم ما يحققه من نجاحات في ظل جهود زيادة الإنتاج به واستخدامه تقنيات حديثة في الاستكشاف الذى يسهم في إطالة عمر الإنتاج من المنجم، الذى تمكن من تحقيق إنتاج بلغ 5.7 مليون أوقية منذ بدء الإنتاج.

وأشار سعدالدين إلى أن "أنغلو غولد واحدة من أهم شركات التعدين في العالم والمدرجة في الولايات المتحدة وبريطانيا، وتسعى إلى تعزيز محفظتها من خلال إضافة السكري الذي يعد أحد أكبر مناجم الذهب المنتجة في العالم، وسط ارتفاع أسعار المعدن النفيس".

وأوضح أن "الأزمة وراء الصفقة بحسب ما يراها الكثيرون تتمثل في أن أنغلو غولد شركة عالمية تستحوذ شركة (بلاك روك) على نسبة 10٪ منها، وهي تضم العديد من حاملي الأسهم من جنسيات مختلفة ومنها إسرائيل على سبيل المثال، وهو ما لا يتماشى مع الشارع المصري حاليا خاصة في ظل استمرار حرب غزة".

وتحدث سعد الدين عن ارتباط شركة "أنغلو غولد" بالإمارات، موضحا أنه منذ عام 2009، أعلنت الشركة تكوين تحالف مع شركة ثاني دبي للتعدين للتنقيب عن الذهب وإدارة المناجم وتطويرها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وذكرت صحيفة "العين" الإماراتية، في 2017، أن وزيرة الاستثمار المصرية وقتها، سحر نصر، التقت بالمستثمر الإماراتي عبد الله سعيد آل ثاني رئيس شركة ثاني دبي الإمارات للتعدين، حيث تبحث الشركة زيادة استثماراتها في مجال البحث عن الذهب بمصر، وفقا لاتفاق حكومي مصري.

تفاصيل صفقة السكري

وبعد الانتهاء من صفقة السكري، أوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المساهمين في أنغلو غولد سيمتلكون 83.6% من الشركة المدمجة، بينما سيمتلك حاملو سنتامين النسبة المتبقية البالغة 16.4%.

وقال يوكين تيلك، رئيس مجلس إدارة أنغلو غولد، إن الصفقة مناسبة للغاية وتوفر إمكانات جيولوجية تتمتع الشركة بمكانة جيدة لتطويرها.

وتتوقع الشركة، التي تتخذ من دنفر بولاية كولورادو الأميركية مقراً لها، والمدرجة في بورصة نيويورك للأوراق المالية، أن تزيد الصفقة من التدفق النقدي الحر للسهم في أول عام كامل بعد اكتمالها. وتتوقع أن يؤدي إضافة منجم سكري إلى خفض تكاليف الوحدة النقدية وتكاليف الاستدامة الشاملة للمجموعة المدمجة.

وقالت إنها تخطط لاستخدام خبرتها في الاستكشاف لفتح فرص إضافية للنمو وتمديد عمر المنجم في منجم الذهب.

وأشارت الصحيفة إلى أن احتياطي الذهب في سكري يبلغ 5.8 مليون أوقية وعمر المنجم 13 عامًا.

وفي بيان منفصل، أكدت سنتامين المدرجة في لندن على توقعاتها للعام بأكمله للإنتاج والتكاليف. وقالت إن أسعار الذهب المرتفعة ساعدتها في توليد 75.5 مليون دولار من التدفق النقدي الحر في أول شهرين من الربع الثالث، مقارنة بـ 43 مليون دولار جمعتها في الأشهر الستة الأولى.

ووفقا للصحيفة، تأسست سنتامين بناء على نجاح الاستكشاف الذي حققه مؤسسوها المصريون مع اكتشاف منجم السكري في تسعينيات القرن العشرين. وهي واحدة من آخر منتجي الذهب الخالص في بورصة لندن، وخروجها من شأنه أن يجعل شركة إنديفور للتعدين، التي حاولت شراء سنتامين في عام 2019 مقابل 1.9 مليار دولار، هي شركة تعدين الذهب الأولية الكبيرة الوحيدة في سوق الأسهم البريطانية.

كما تدير سنتامين برنامج استكشاف يسمى" استكشاف الصحراء الشرقية" في مصر بالقرب من منجم السكري، بالإضافة إلى مشروعين للذهب في ساحل العاج.

وقفزت أسهم الشركة بنسبة 25٪ إلى 148.90 بنسًا في تداولات الصباح في بورصة لندن، وهو أعلى مستوى لها في أربع سنوات.

ويعد منجم السكري أحد المشروعات المشتركة بين هيئة الثروة المعدنية وشركة سنتامين الأسترالية، إذ وقعت الحكومة المصرية اتفاقية عام 1994 مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب الأسترالي (سنتامين حاليًا)، للبحث عن الذهب والمعادن واستغلالها.

وبعد اكتشاف منجم السكري تقرر إنشاء شركة السكري لمناجم الذهب في مايو 2005، بمنطقة امتياز يبلغ طولها 160 كيلومترًا مربعًا، لاستغلال المنجم، حيث يقع جبل السكري في صحراء النوبة، التي تُعَد جزءًا من الصحراء الشرقية، والواقعة على بُعد 30 كيلومترًا جنوب مرسى علم التابعة لمحافظة البحر الأحمر في مصر.

وشركة السكري، ذات رأسمال مشترك بين هيئة الثروة المعدنية المصرية التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية في مصر، وسنتامين التي يقع مركزها الرئيس في أستراليا.

وكانت الشركة الفرعونية لمناجم الذهب هي المشغل الأول لمنجم السكري قبل أن تستحوذ عليها سنتامين.

الصفقة ستعود بالنفع على مصر

ولا يعتقد الخبير الاقتصادي، صالح الألفي، أن صفقة السكري ستضر بمصر أو حصتها السنوية من الأرباح، وقال لموقع "الحرة" إنه "وفقًا للاتفاقية الموقّعة بين مصر وسنتامين، يحق للحكومة المصرية أن تحصل على 50% من أرباح منجم السكري، كما يحق لمصر الحصول على نسبة تصل إلى 3% من صافي إيرادات مبيعات منجم السكري، بحسب التقرير السنوي لشركة سنتامين".

وأضاف أن "شركة "أنغلو غولد هي أكبر شركة في العالم حاليا في إنتاج الذهب، ولذلك فإنها ستضخ استثمارات كبيرة في منجم السكري، مما سيعود بالنفع على مصر من خلال زيادة أرباحها السنوية".

وتحدث الخبير الاقتصادي عن "شبهات فساد" أحاطت بتشغيل وإدارة منجم السكري خلال السنوات الماضية، مما أثر بطبيعة الحال على حصة مصر. 

كما قال إنه "مع تراجع كميات أوقية ذهب السكري، انخفضت الإيرادات التي تحصّلها مصر من شركة سنتامين، خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى 5.5 مليون دولار، مقابل 5.7 مليون دولار خلال الربع نفسه من العام الماضي".

وأضاف "كما تراجعت حصة مصر من الأرباح المحققة من مبيعات ذهب منجم السكري خلال الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري إلى 8.5 مليون دولار، مقابل 21.7 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة نفسها من العام الماضي".

وتابع "وفي عام 2021، تراجعت حصة مصر من أرباح مبيعات ذهب منجم السكري إلى 75.2 مليون دولار، مقابل 174.27 مليون دولار خلال 2020".

وقال "كما انخفضت الإتاوة التي تحصّلها مصر من شركة سنتامين نتيجة مبيعات ذهب منجم السكري إلى 21.67 مليون دولار مقابل 24 مليون دولار خلال عام 2020".

وفيما يتعلق بالجدل بشأن وجود جنسيات مختلفة ضمن حاملي الأسهم بشركة "أنغلو غولد"، قال الألفي إن شركة سنتامين نفسها كانت تعد أسترالية وكان يحق لها ضم أعضاء من جنسيا مختلفة، وهذا أمر لا يمكن التحكم به طالما قبلت مصر منح حق تشغيل وإدارة المنجم لشركة أجنبية".