الصيف الماضي بدأت مصر قطع الكهرباء لمدة ساعة يوميا وزادت المدة إلى ساعتين مع بداية هذا الصيف
الصيف الماضي بدأت مصر قطع الكهرباء لمدة ساعة يوميا وزادت المدة إلى ساعتين مع بداية هذا الصيف

مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل المصرية لساعتين يوميا خلال الأسابيع الماضية، جاء تلويح السلطات بالاتجاه إلى زيادة الأسعار كأحد الحلول لضمان إمداد كهربائي مستقر، ليعيد أزمة الكهرباء المستعصية إلى الواجهة، مجددا.

وأشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أن الدولة تحصّل من المواطن رسوما أقلّ من القيمة الفعلية لإنتاج الكهرباء، مشيرا إلى أنه في حال قررت السلطات تحصيل الثمن الحقيقي للكهرباء من المواطن، فإن ثمنها سيتضاعف لمرتين.

وأضاف السيسي، خلال افتتاح مشروعات تنموية، السبت، "لو المواطن بيدفع جنيه، هيدفع اتنين وتلاتة في حال الحصول على ثمن الكهرباء الحقيقي".

"فائض.. وقطع"

ويشكو مواطنون مصريون من عدم استقرار الإمداد الكهربائي، إذ يتم قطع التيار عن مناطق عدة لساعتين يوميا، بينما تزيد المدة في مناطق أخرى.

وتستمر عمليات ما يسمى بـ"تخفيض الأحمال"، رغم تقارير رسمية تتحدث عن زيادة في الإنتاج وعن تصدير الكهرباء لعدد من دول الجوار.

وبحسب تقرير صدر عن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في ديسمبر 2022،، فقد نجحت مصر خلال العقد الماضي في التحول من العجز في إنتاج الكهرباء إلى مرحلة الفائض.

وأشار التقرير الرسمي إلى أن قيمة الاستثمارات في مجال إنتاج الكهرباء بلغت 355 مليار جنيه (7.5 مليار دولار) حتى نهاية 2021.

ويشير الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، إلى أن "قطاع الكهرباء في مصر شهد إنجازات ضخمة منذ عام 2011، لكن تلك الإنجازات لم تلب الحاجة الفعلية للمواطنين، بسبب سوء التخطيط".

وقال النحاس لموقع الحرة، إن "استهلاك مصر من الكهرباء قبل عام 2011 كان في حدود 28 غيغاوات، بينما كانت القدرة الإنتاجية في حدود 30 غيغاوات".

وأشار إلى أن "الاستهلاك الفعلي ارتفع إلى 34 ونصف غيغا وات، أي بزيادة حوالي 4 ونصف غيغا وات"، مضيفا أن "المشكلة الآن تمكن في هذه الزيادة".

وتشير تقارير رسمية، وخبراء، إلى أن مصر لديها العديد من مشروعات الربط الكهربائي القائمة مع دول مثل الأردن والسودان، إلى جانب مشروع ربط كهربائي قيد التنفيذ مع السعودية.

ووقّعت مصر مؤخرا مذكرة تفاهم مع مالطا، لتعزيز التعاون في مختلف مجالات الكهرباء والطاقة، بما في ذلك الربط الكهربائي غير المباشر بين البلدين، حسب ما ذكر بيان نشره مجلس الوزراء المصري عبر موقعه الإلكتروني.

ويلفت النحاس إلى أن "السلطات صممت قدرات إنتاجية جديدة تصل إلى حوالي 60 غيغاوات في الفترة الأخيرة، خاصة بعد الاتفاق مع مزراع الرياح ومزارع الطاقة الشمسية الجديدة"، بحسب قوله.

وأضاف أن "الدولة تتحدث عن فائض كبير في حجم الإنتاج، ومع ذلك هناك مشكلة في قطاع الكهرباء".

ووفق التقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر في عام 2020/2021، فقد بلغت قدرة إنتاج الكهرباء نحو 58 غيغاوات. فيما يبلغ الفائض أكثر من 13 غيغاوات، حسبما ذكر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في تصريحات سابقة.

من جانبه، يربط الخبير الاقتصادي المصري، علاء عبد الحليم، مشكلة الكهرباء بأزمة النقد الأجنبي، مشيرا إلى أن "عدم استقرار التيار الكهربائي يفاقم معاناة المواطنين، ويؤثر على القطاع التجاري والبنوك والأسواق وغيرها".

وقال عبد الحليم لموقع الحرة، إن "مشكلة الكهرباء تعود إلى شح الدولار، لأن مصر كانت بين خيارين، إما تصدير الغاز الطبيعي لتوفير النقد الأجنبي من أجل استيراد السلع الاستراتيجية، أو توفير الغاز الطبيعي لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء وضمان عدم قطعها".

وأضاف قائلا "الحكومة أمام خيارين بين توفير النقد الأجنبي وتوفير الكهرباء، ولهذا يحدث قطع الكهرباء من ساعة إلى ساعتين يوميا".

"حلول عملية"

واستغرب النحاس وجود مشكلة في الكهرباء في ظل وجود فائض من الإنتاج، مشيرا إلى مشكلات في عمليات التوزيع والنقل، منوها إلى أنه "عندنا جرى بناء شبكة جديدة، ومع زيادة الإنتاج لم يتم تنفيذ شبكة للتوزيع والنقل".

وأضاف قائلا "التخطيط الحكومي في قطاع الكهرباء لم يكن وفق المنظور الأمثل، وتراجعت أحلامنا للتصدير وإنتاج الطاقة النظيفة، كما تراجعت الحلول المزدوجة لأزمة الكهرباء".

وأشار النحاس إلى أن "مصر تواجه مشكلة شح في المياه، بجانب مشكلات في الكهرباء، ولذلك من الأفضل الاتجاه إلى الحلول المزدوجة".

واعتبر أنه "من الأفضل الاتجاه إلى خيار تحلية المياه، لأنه يوفر حلا لمشكلة المياه، كما يوفر كميات من البخار يمكن استخدامها لإنتاج الكهرباء، بدلا من إنتاجها بالغاز". 

وتستهدف مصر، بحسب تقرير صدر عن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة عام 2023، رفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، لأكثر من 40 في المئة،  وذلك بحلول عام 2030.

ويرى المتحدث ذاته أن "الحديث عن زياة أسعار الكهرباء لضمان توفير الامداد المستقر، حديث سياسي يهدف إلى تمرير وصفة صندوق النقد الدولي، الذي يدعو لرفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية".

وأضاف: "على ذات النسق الذي جرى فيه الحديث عن شح في النقد الأجنبي، لتمرير مشروع رأس الحكمة، يجري الحديث عن مشكلات في السكر، ومشكلات في الكهرباء".

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، كشف الاثنين، عن موعد إنهاء خطة تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء، قائلًا إنها "تنتهي بحلول شهر نوفمبر أو ديسمبر بحد أقصى".

وأشار مدبولي إلى أنه وجه وزير الكهرباء بوضع خطة على مدار 4 سنوات لتحريك أسعار الكهرباء تدريجيًا، مؤكدًا أن الشرائح الأقل من الاستهلاك ستكون مدعومة بصورة كبيرة.

بدوره، توقع عبد الحليم حدوث زيادة في الأسعار "لأن تحرير سعر الصرف أدى إلى إعادة دعم الحكومة لقطاع الكهرباء"، مشيرا إلى أنه "تم الإلغاء التدريجي للدعم في السنوات السابقة من خلال رفع سعر الكهرباء مرات عدة".

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.