تحديات عدة للمنصات الإعلامية في مصر
تحديات عدة للمنصات الإعلامية في مصر

لوّح المجلس الأعلى للإعلام في مصر، بحجب المنصات الرقمية والفضائية العاملة في البلاد، حال لم تقم بـ"توفيق أوضاعها"، معلنا عن فترة سماح مدتها 3 شهور، وذلك في خطوة اعتبرها البعض مدخلا لتقييد حرية التعبير، بينما عدّها آخرون في سياق تنظيم عمل المواقع الإلكترونية والمنصات الرقمية. 

وكان المجلس استدعى، الثلاثاء، الممثل القانوني لمنصة "برايم فيديو"، التابعة لشركة أمازون بعد رصد محتوى وصف بأنه "لا يتناسب والقيم الدينية" للمجتمعين المصري والعربي.

والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة تتولى تنظيم شؤؤن الإعلام المسموع والمرئي والرقمي بالصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها في مصر.

وأخطر المجلس جميع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة بضرورة الالتزام بالقواعد والمعايير الواجب توافرها في المحتوى المعروض للمشتركين داخل مصر، وكذا شروط الحصول على تراخيص مزاولة النشاط.

ويرى مدير تحرير صحيفة "الأهرام" الحكومية المصرية أشرف أبو الهول، أن المجلس الأعلى للإعلام في مصر، أصدر منذ تأسيسه قبل 6 سنوات، لائحة لتنظيم عمل المنصات الرقمية، لكن لم يتم تنفيذ اللائحة بالشكل المطلوب"

وقال أبو الهول لموقع الحرة إن "المجلس ظل يعمل بوتيرة بطيئة، مما وضعه في دائرة الانتقادات، خاصة مع تزايد المخالفات التي تقع فيها بعض المواقع والمنصات الرقمية".

وربط مدير تحرير صحيفة "الأهرام" بين تحركات المجلس الحالية وبين اقتراب الموعد المحدد لاختيار قيادة جديدة له خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن "المجلس بدأ ينشط مرة أخرى، وطلب من المواقع أن تقدم الأوراق والشروط الخاصة بالتأسيس".

ولفت إلى أن المجلس طالب المواقع والمنصات الرقمية أن تدفع أموالا أشبه بالتأمين، تضمن حصول العاملين على راتب لفترة محددة، حال توقف الموقع، على أن يتولى المجلس توفير معاشات ورواتب للعاملين لبعض الوقت.

وحسب بيان المجلس الأعلى، المنشور على حسابه على فيسبوك، فقد بادرت بعض المنصات بالتقدم لتوفيق أوضاعها في سبيل الحصول على الترخيص.

بينما عزفت منصات أخرى عن استكمال الإجراءات، مما دعا المجلس إلى التنسيق مع وزارة الاتصالات ممثلة في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (NTRA)  لبحث السبل الفنية لحجب جميع المنصات التي تعمل دون ترخيص، "خلال ثلاثة أشهر" من تاريخه.

حملة من المصريين ضد حسابات السيسي على السوشيال ميديا
حملة مصريين ضد السيسي على مواقع التواصل.. هل كسرت حاجز الخوف؟
أعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، خلال الأيام الماضية، مشاركة المنشورات والتغريدات السابقة للرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، والتي تضمنت وعودا بالنهوض السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالبلاد، وهو ما لم يتحقق وفقا لجميع المؤشرات.

بدروه، يرى الخبير في المنصات الرقمية، أحمد الشيخ، أن "هناك حاجة فعلية لتنظيم عمل المواقع والمنصات الرقمية في مصر"، مشيرا إلى أن "هناك خطرا يقع على المتلقي من بعض تلك المنصات".

وسرد الشيخ لموقع الحرة تجربة بحثية نفذها بخصوص تأثير خوارزميات محركات البحث، مثل غوغل، وكذلك بعض مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك.

وقال إنه خلص إلى أن "بعض الخوارزميات تشجع على الانتحار للمتحدثين باللغة العربية، وتكافحه للمتحدثين باللغة الإنجليزية".

وأشار إلى أن معظم الدول الغربية تنفذ أبحاثا وتفرض غرمات على كل من يعرّض سلامة المتلقي للخطر، وهو ما لا تحرص عليه كثير من الدول العربية.

وأشار الخبير في المنصات الرقمية إلى أن بعض مواقع التواصل الاجتماعي، مثل منصة إكس "تويتر سابقا" تتصالح مع المواد الإباحية، الأمر الذي تقابله كثير من الدول الغربية بالضغط، حتى لا تصل تلك المحتويات إلى الأطفال، في حين لا يوجد مثل ذلك الضغط في كثير من الدول العربية.

وأضاف "هناك حاجة لوضع ضوابط لحماية المتلقي من مخاطر الانتحار وخطاب الكراهية والعنصرية وغيرها من المخاطر".

وفي مايو الماضي، قضت محكمة مصرية، بحبس اليوتيوبر المصري، شريف جابر، 5 سنوات، لاتهامه بنشر فيديوهات تزدري الدين الإسلامي وتحرض على الإلحاد.

وبحسب الحكم الذي أصدرته محكمة جنح مدينة الإسماعلية، شمال شرقي البلاد، فإن فيديوهات جابر احتوت على تطاول على الذات الإلهية، وسخرية من الدين الإسلامي، وهو ما يجرمه الدستور والقانون في مصر وفقا لنصوص المواد 98، و160، و161 من قانون العقوبات.

وطبقا للمادة 98 (و) من قانون العقوبات المصري، فإنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تتجاوز 1000 جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".

لكن أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، يرى أن "الحملة التي ينفذها المجلس الأعلى للإعلام المصري تهدف بدرجة أساسية إلى السيطرة على المنصات الرقمية، وليس لتنظيم تلك المنصات".

وقال لموقع الحرة، إن "الهدف من تحركات المجلس مرتبط بالتوجهات السياسية، ولا تنطلق من اعتبارات مهنية، إذ درجت الحكومة المصرية على التضييق على الإعلام الرقمي من خلال الحجب، ومن خلال الملاحقة القضائية، وخاصة المنصات التي تصنفها بأنها تنتهج خطا تحريريا معارضا".

وأشار إلى أن "الملاحقات القضائية تتم أحيانا دون أن تثبت في حق المستهدفين بالملاحقة أي اتهامات، لا سياسية ولا مهنية".

ويشير أبو الهول إلى أن العديد من المواقع والمنصات الرقمية تقع في كثير من المشكلات المتعلقة بالمهنية، بما في ذلك حالات التشهير وعدم احترام خصوصية الآخرين.

ويتفق أبو الهول مع الشيخ بخصوص وجود ضرورة لتنظيم عمل تلك المنصات، لكنه ألقى بجزء من اللائمة على المجلس الأعلى للإعلام، مشيرا إلى أن المجلس "غير منتظم ويعمل بشكل عشوائي".

وأشار إلى أن "المجلس يعمل بشكل بطئ، ويتحرك عندما تحدث مخالفات من تلك المنصات الرقمية، وتُثار في الرأي العام، بدلا من أن يتحرك ويعمل بالسرعة الكافية لمتابعة ما تنشره وتبثه تلك المنصات".

وتزامنت تحركات المجلس الأعلى للإعلام مع حملة مكثفة في مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد النظام المصري، بما في ذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي، على خلفية الضائقة المعيشية.

وأعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، خلال الأيام الماضية، مشاركة منشورات وتغريدات سابقة للسيسي، تضمنت وعودا بالنهوض السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالبلاد، مشيرين إلى أن تلك الوعود لم تتحقق.

واستبعد الشيخ وجود رابط بين الحملة وتحركات المجلس، "لأن تنظيم المنصات الرقمية هاجس قديم بالنسبة للسلطات المصرية"، غير أنه أكد وجود حملة ناقدة للجهاز التنفيذي في مصر بمواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف: "الخوف يمكن في أن تكون السلطات المصرية قررت تعقُّب الناس بعد أن رأت أنهم حوّلوا مواقع التواصل لوسيلة لانتقاد النظام، والتعبير عن رأيهم".

من جانبه يشير عبد الشافي إلى أن "التحركات التي ينفذها المجلس هدفها التصدي للحملات المكثفة التي تنتقد النظام المصري بسبب الأزمة الاقتصادية، وبسبب بيع الأصول، وكذلك المشروعات التي جرى إبرامها مؤخرا، مثل مشروع رأس الحكمة".

وأشار إلى أن "رفع الدعم عن الخبز وزيادة سعره أوجد حالة من الغضب على الإنترنت على النظام المصري، وبالتالي تحرك المجلس تحت ذريعة التنظيم، بهدف إسكات تلك الحملات الناقدة".

وفي نهاية مايو الماضي، ألقت السلطات القبض على المدونة، هدير عبدالرازق، بعد اتهامها بـ "التحريض على الفسق والفجور" لنشرها مقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي تستعرض فيها ملابس داخلية.

ورغم إصرار بعض القانونيين على ضرورة "إلغاء" المواد القانونية المجرمة لتلك الأفعال التي "تندرج في إطار حرية التعبير"، فإن البعض الآخر يرى ضرورة "تغليظ" العقوبات "حفاظا على قيم المجتمع المصري".

وتنص المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مصر الصادر عام 2018 على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الاسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياه الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة".

وتسببت هذه المادة بجدل واسع في مصر خلال السنوات الماضية بعد أن تعرضت كثير من المؤثرات اللواتي يظهرن على وسائل التواصل الاجتماعي للملاحقات القانونية بسببها، لا سيما أولئك الفتيات اللائي يرتدين ملابسا يعتبرها البعض "غير محتشمة".

من ناحيته، يرى أبو الهول أن "حرية التعبير، مرحب بها، إذا لم تتسبب في مشاكل في بنية المجتمع"، مضيفا "هل يجوز لي، في إطار حرية التعبير، أن  اوجه كلمات مسيئة للأنبياء والرسل، أو لأصحاب الديانات الأخرى، أو فئات بعينها من المجتمع؟".

وتابع "هناك أصول للعمل الإعلامي، ولا يجب أن نسئ أو ننتهك خصوصية الآخرين. فمثلا تتسابق كثير من المنصات الرقمية لإبراز اسم وصورة شخص متهم، قبل أن تتم إدانته رسميا، وهذا يتعارض مع أصول العمل الصحفي".

وأضاف قائلا "ما دام هناك ضوابط، ولا أقول قيود، متعلقة بالمجتمع وقيمه، فهي مرحب بها".

في مقابل ذلك، شدد الشيخ على "ضرورة تنظيم عمل المنصات الرقمية"، غير أنه أبدى تخوفا من أن يتعارض ذلك مع حرية التعبير، مضيفا أن "التحدي الكبير يمكن في مدى استقلالية المجلس الأعلى للإعلام والقضاء والبرلمان، حتى لا تتحول الضوابط إلى قيود تعرقل حرية التعبير والإعلام الرقمي".

ورجح الخبير في المنصات الرقمية أن تكون السلطات المصرية تخطط للاستفادة من عائدات الإعلانات التي تصل إلى المنصات الرقمية، مشيرا إلى أن "هناك تخوفا أمنيا من أن تتحول تلك المنصات إلى دولة داخل دولة".

وتابع قائلا "المعضلة الحقيقية أمام عمليات التنظيم، تتمثل في أن معظم المواقع والمنصات الرقمية غير مسجلة في السجلات الرسمية للدولة".

وبالنسبة لعبد الشافي فإن "المجلس الأعلى للإعلام يستهدف المواقع الإلكترونية والمنصات الرقمية، لأنها باتت أكثر تأثيرا بالرأي العام، ولأنها أضحت ملاذا للباحثين عن الخبر والمعلومة".

ولفت إلى أن "المواقع الإلكترونية والمنصات الرقمية أصبحت أكثر انتشارا وأهمية من الصحف المطبوعة، التي تراجع انتشارها وتأثيرها بشكل كبير، بجانب أن معظمها واقع تحت سيطرة المؤسسة العسكرية التي تؤثر في تشكيل مجالس إداراتها وسياساتها التحريرية".

وكان المجلس الأعلى للإعلام أخطر البنك المركزي المصري لإيقاف جميع التحويلات البنكية لحسابات هذه المنصات كاشتراكات، باعتبار أن هذه المنصات تعمل في إطار غير قانوني بالمخالفة للقانون 180 لسنة 2018 الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام. 

قطعة أثرية مصرية قديمة ـ صورية أرشيفية.

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، الخميس، عن استعادة مجموعة من القطع الأثرية المصرية من أيرلندا، مشيرة إلى أن ذلك يأتي ضمن جهودها المستمرة للحفاظ على التراث الحضاري المصري.

وأفاد بيان للخارجية المصرية، أن هذه الخطوة جاءت بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الأيرلندية دبلن في 11 ديسمبر، حيث تم الاتفاق على التفاصيل النهائية لعملية الاستعادة.

وتشمل القطع المستعادة مومياء مصرية وعدداً من الأواني الفخارية وقطعاً أثرية أخرى كانت محفوظة في جامعة كورك الأيرلندية، التي أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات الإعادة. 

و أشادت مصر بالتعاون الثقافي والعلمي المتنامي مع أيرلندا، مؤكدة أن هذه القطع تمثل حقبة هامة من التاريخ المصري وستُعرض قريباً في المتاحف المصرية.

وبحسب المصدر ذاته، تأتي عملية الاستعادة تتويجا لجهود استمرت أكثر من عام ونصف، في إطار حرص الدولة المصرية ومؤسساتها على حماية التراث الثقافي المصري وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. 

وأكدت وزارة الخارجية ووزارة السياحة والآثار، بالتنسيق مع البعثات الدبلوماسية المصرية، التزامهما بالحفاظ على التراث الثقافي المصري الذي يمثل قيمة إنسانية عالمية، وفقا للمصدر ذاته.