جزيرة الوراق حيث تحاول الحكومة المصرية إقامة مشاريع استثمارية
جزيرة الوراق حيث تحاول الحكومة المصرية إقامة مشاريع استثمارية

عادت قضية جزيرة الوراق إلى الواجهة من جديد، وبرزت ملامح توتر بين سكان الجزيرة والسلطات المصرية على خلفية تحركات حكومية لإكمال "أعمال تطوير التجمع العمراني الجديد" في الجزيرة.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن مجموعات من سكان الجزيرة نفذت وقفات احتجاجية ترفض ما أطلقوا عليها "خطوات التهجير" من أراضيهم، لإقامة مشاريع استثمارية في الجزيرة.

وتحاول السلطات المصرية تنفيذ خطط استثمارية في جزيرة الوراق التي تبلغ مساحتها أكثر من ألف فدان، وتتوسط نهر النيل، وتحاذي محافظات القاهرة والقليوبية، وتتبع إداريا محافظة الجيزة والجيزة.

وتشمل الخطط الاستثمارية التي تنوي السلطات المصرية تنفيذها نقل عدد كبير من سكان الجزيرة إلى أماكن أخرى، وفق وسائل إعلام محلية.

ويرى عضو المكتب السياسي في حزب "المحافظين" المصري، مجدي حمدان، أن المشاريع التي تخطط الحكومة المصرية لإقامتها في جزيرة الوراق "جيدة جدا"، مؤكدا أنها "في صالح الدولة والمواطن".

وقال حمدان لموقع "الحرة" إن "مصر شأنها شأن كل الدول تحرص على تنفيذ مشروعات استثمارية في المواقع الحيوية، وخاصة الموجودة على النيل، لتعود الفائدة إلى الوطن والمواطنين".

وأشار إلى أن أصحاب الأرض الأصليين تلقوا تعويضات من الحكومة المصرية وغادروها، "أما من يوجدون حاليا فقد سكنوا في الجزيرة خلال السنوات العشر الأخيرة".

وأضاف "يطمح هؤلاء في الحصول على تعويضات، على نحو ما جرى مع السكان الأصليين، مع أنهم لا يمكلون الحق لذلك، لأنهم ليسوا من أصحاب الأرض".

ولفت عضو المكتب السياسي في حزب المحافظين، إلى أنه كان مرشحا لمجلس النواب عن الدائرة التي يقع فيها المربع الذي يضم الجزيرة، مؤكدا أن "أصحاب الأرض تلقوا تعويضات مضاعفة، مثلما حدث في منطقة ماسبيرو".

وتعود أزمة جزيرة الوراق، وهي واحدة من 255 جزيرة نيلية، إلى عام 2000 عندما اتخذت الحكومة المصرية وقتها قراراً قضى بتحويل جزيرتي الوراق والدهب إلى "منافع عامة".

وحصل الأهالي على حكم قضائي عام 2002 يقضي بأحقيتهم في أراضيهم، إذ لا تملك الدولة فيها سوى مساحة صغيرة مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية التابعة لوزارة الاوقاف .

ويشير أستاذ العلوم السياسية المصري، عصام عبد الشافي، إلى أن "قضية جزيرة الوراق تندرج ضمن الصفقات الغامضة التي يبرمها النظام المصري، مع شركات أجنبية، في الغالب إماراتية".

وقال عبد الشافي لموقع "الحرة" إن "النظام المصري يتعامل مع قضايا الاستثمار المرتبطة ببعض المجموعات السكانية بأدوات أمنية، وليس من خلال أدوات تفاوضية وتعويضية".

ورجح أن يتصاعد التوتر بين السلطات المصرية وسكان جزيرة الوراق، وأن يتطور إلى "مواجهات دموية بناء على سجل وتاريخ النظام القمعي"، إذ إن السكان يتمسكون بحقهم في الجزيرة.

ويختلف أستاذ العلوم السياسية مع حمدان بشأن تعويض أصحاب الأرض في الجزيرة، مؤكدا عدم حصول السكان على التعويض، مشيرا إلى أنه "متابع لصيق للقضية منذ سنوات".

وأضاف "من المستحيل أن تأتي مجموعات جديدة للاستقرار في جزيرة الوراق، إذا كان النظام منح السكان الأصليين التعويضات وغادروها فعليا، لأن الأمن المصري سينتشر بكثافة لمنع أي وافد جديد".

في أبريل 2018، قرر مجلس الوزراء المصري نقل تبعية جزيرة الوراق التي يسكنها زهاء 100 ألف شخص، إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (الحكومية) لتنميتها وتطويرها بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

ووفق تقرير رسمي لمجلس الوزراء المصري، وقتها، فإن الجزيرة التي تبلغ مساحتها "ألف فدّان" وكانت أرضا زراعية "تم التعدي عليها منذ أكثر من 15 سنة وتحويلها لمنطقة سكنية عشوائية".

ويلفت عبد الشافي إلى أن قضية جزيرة الوراق مثل قضية تطوير منطقة بولاق أبو العلاء ومثل ملف العشوائيات في ماسبيرو، إذ "يصنف النظام تلك المناطق كعشوائيات ثم يتفق مع شركات أجنبية للاستثمار فيها".

وأضاف "درج النظام المصري على الاتفاق مع شركات إماراتية للاستحواذ على مناطق شديدة الحيوية دون أن يقوم بإدارة الملف مع السكان وأصحاب الأرض بطريقة ودية تفاوضية، مما يخلف حالة من الغبن والصدام".

وأشار عبد الشافي إلى أن الحكومة المصرية تدير هذه المشاريع الاستثمارية بطريقة سرية ودون أدنى شفافية، وبعيدا عن مؤسسات الدولة.

وتابع قائلا "مثل هذه الصفقات والمشاريع تتم عن طريق مؤسسات تابعة للمؤسسة العسكرية، وفي الغالب لا يُعرف عنها شيء إلا إذا نُشرت عنها معلومات في دولة خارجية، أو في حال اختراق الدائرة السرية للنظام".

ووقعت مجموعة صفوت القليوبي وشركة (كيه.أس.أتش) الإماراتية للاستثمار، 09 يوليو 2024، اتفاقا قيمته 24 مليار جنيه مصري (500 مليون دولار) لتنفيذ مشروع تطوير عقاري على نهر النيل في القاهرة، وفق كالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية.

وقالت الوكالة إن الاتفاق يشمل إنشاء 3 أبراج سكنية وتجارية وفندق 5 نجوم في منطقة مطلة على جزيرة الوراق إلى الشمال من وسط العاصمة على مساحة 20 ألف متر مربع.

وأضافت الوكالة أن (كيه.أس.أتش) تتبع الدائرة الخاصة للشيخ محمد بن خالد آل نهيان وهي شركة عقارية مملوكة لأفراد من الأسرة الحاكمة في أبوظبي.

وأشار حمدان إلى أن المشاريع الاستثمارية في جزيرة الوراق تجد التأييد لأنها في صالح البلاد، مؤكدا أنه "لا يوجد معارض مصري في الداخل يقف ضد المشروع".

وأضاف " من يعارضون مثل هذه المشاريع الجيدة، جماعات خارج مصر، ولكن من هم على أرض الواقع يرون فيها فائدة كبيرة للمواطن والوطن، وأنها ستجلب استثمارات ضخمة، وستتحول لمنطقة جذب سياحي مهمة".

وأشار المتحدث ذاته إلى أن الحكومة المصرية تتعامل بحيادية واحترافية شديدة مع هذا الملف، حتى لا تترتب عليه أضرار حالية أو مستقبلية، مضيفا "لدي معلومات مؤكدة عن اجتماعات مع بعض المحتجين لإكمال مسألة التعويضات".

من جانبه توقع عبد الشافي أن "يلجأ النظام لترويج معلومات عن دخول مستثمرين مصريين في المشاريع الاستثمارية الخاصة بجزيرة الوراق، والتلويح بكرت التعويضات لتفادي التوتر، لكن مع ذلك فالأمر مرشح للتصعيد".

أبيي أحمد يتحدث خلال احتفال بيوم السيادة في العاصمة الإثيوبية
أبيي أحمد يتحدث خلال احتفال بيوم السيادة في العاصمة الإثيوبية | Source: Facebook/PMAbiyAhmedAli/

حذّر رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، الأحد، من أن بلاده سوف "تذلّ" أي دولة تهدد سيادتها، مع تصاعد التوترات في منطقة القرن الأفريقي المضطربة.

وتخوض ثاني أكبر دولة في أفريقيا لناحية عدد السكان نزاعا مع الصومال المجاور بشأن اتفاق بحري وقعته أديس أبابا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية. وتشهد العلاقات مع مصر توترا بسبب سد ضخم أنشأته إثيوبيا على النيل الأزرق.

وقال أبيي في احتفال بيوم السيادة في العاصمة "لن نسمح بأي مساس بنا، وسنذلّ كل من يجرؤ على تهديدنا من أجل ردعه".

وأضاف "لن نتفاوض مع أحد بشأن سيادة إثيوبيا وكرامتها"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.

اتهمت إثيوبيا الشهر الماضي جهات لم تسمها بالسعي إلى "زعزعة استقرار المنطقة" بعد أن أرسلت مصر معدات عسكرية إلى الصومال عقب توقيع اتفاق تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو.

وعرضت مصر نشر قوات في الصومال في إطار بعثة جديدة بقيادة الاتحاد الأفريقي من المقرر أن تحل محل قوة حفظ السلام الحالية المعروفة باسم "أتميص" العام المقبل.

تعد إثيوبيا حاليا مساهما رئيسيا في "أتميص" التي تساعد القوات الصومالية في القتال ضد جماعة الشباب الجهادية.

لكن مقديشو غاضبة بشأن الاتفاق المبرم في يناير بين إثيوبيا وأرض الصومال والذي يمنح أديس أبابا منفذا بحريا لطالما سعت لتأمينه، قائلة إنه يمثل اعتداء على سيادتها ووحدة أراضيها.

وبموجب الاتفاق، وافقت أرض الصومال على تأجير 20 كيلومترا من سواحلها لمدة 50 عاما لإثيوبيا التي تريد إنشاء قاعدة بحرية وميناء تجاري على الساحل.

في المقابل، قالت أرض الصومال إن إثيوبيا ستعترف بها رسميا، رغم أن أديس أبابا لم تؤكد ذلك مطلقا.

وتتوسط تركيا في محادثات غير مباشرة بين إثيوبيا والصومال لمحاولة حل النزاع، لكن لم يتحقق حتى الآن أي تقدم كبير.

أعلنت أرض الصومال، وهي مستعمرة بريطانية سابقة يبلغ عدد سكانها 4,5 ملايين نسمة، استقلالها عام 1993 لكن مقديشو رفضت هذه الخطوة التي لم يعترف بها أيضا المجتمع الدولي.

والقاهرة وأديس أبابا على خلاف منذ سنوات، وتبادلتا الاتهامات بشأن مشروع سد النهضة الضخم في إثيوبيا، والذي ترى فيه مصر تهديدا لأمنها المائي.