مصر أرسلت أسلحة إلى صومال- أرشيفية
لقطة لإحدى الطائرتين المصريتين - إكس

في تحرك هو الأول من نوعه منذ نحو أربعة عقود، أقدمت مصر، الثلاثاء، على تسليم مساعدات عسكرية للصومال عبر طائرتين محملتين بالأسلحة والذخيرة هبطتا في مطار مقديشو، الثلاثاء، في خطوة تهدد بزيادة التوتر في منطقة القرن الأفريقي، المضطرب بالأساس، وفقا لمراقبين.

وتمتلك مصر علاقات وثيقة مع الصومال تشمل جوانب متعددة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري.

وكانت القاهرة من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، ومنذ ذلك الحين، قدمت لها دعما دبلوماسيا وسياسيا ولعبت دورا في دعم الحكومة الصومالية والتأكيد عل وحدة وسلامة الأراضي الصومالية.

بالمقابل تختلف مصر  مع إثيوبيا، الدولة الجارة للصومال، بشأن مشروع سد النهضة الضخم الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، مما أثار توترات بين البلدين، إذ تخشى مصر من تأثيره على حصتها من المياه.

وفي ذات الإطار فإن العلاقات بين الصومال وإثيوبيا ليست أفضل حالا، إذ هددت الصومال في السابق بطرد ما يصل إلى 10 آلاف جندي إثيوبي موجودين بها كجزء من مهمة حفظ سلام وبموجب اتفاقيات ثنائية لمكافحة مسلحي حركة الشباب، في حال لم يتم إلغاء اتفاق مثير للجدل أبرمته أديس أبابا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية مطلع العام الجاري.

وتعززت العلاقات بين مصر والصومال، بعد توقيع هذا الاتفاق، الذي يتضمن استئجار إثيوبيا لمنفذ ساحلي من إقليم أرض الصومال الانفصالي مقابل اعتراف محتمل باستقلالها عن الصومال.

ويرى خبير الأمن القومي والشؤون الأفريقية محمد عبد الواحد أن "الخطوة المصرية تهدف لتعزيز حضور القاهرة في منطقة القرن الأفريقي بشكل عام وضمان مصالحها الاستراتيجية والأمنية وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية ذات تأثير متزايد".

ويضيف عبد الواحد في حديث لموقع "الحرة" أن "التحركات المصرية تعتمد على بناء شبكة من التحالفات العسكرية التي تسهم في تعزيز القدرات الدفاعية لمصر وأيضا مساعدة دول القرن الأفريقي، ومنها الصومال، على حماية سيادتها ومصالحها وفي مجال مكافحة الإرهاب".

ويشير عبد الواحد إلى أن "القاهرة حريصة على استقرار المنطقة، والخطوة تعزز النفوذ المصري في المنطقة وحفظ الاستقرار فيها، ولن تؤدي لتوترات مع أي دولة أخرى".

وفي وقت سابق، الأربعاء، نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين اثنين ومسؤول صومالي كبير، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، القول إن طائرتين عسكريتين مصريتين وصلتا إلى مطار مقديشو صباح أمس الثلاثاء محملتين بالأسلحة والذخيرة.

وأظهر مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، تحققت منه رويترز، الطائرتين على مدرج المطار.

وقال أحد الدبلوماسيين إن الصومال "تلعب بالنار" باستيراد أسلحة مصرية واستفزاز إثيوبيا.

لم ترد وزارتا الخارجية في الصومال ومصر ولا المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية بعد على طلبات للتعليق، بحسب رويترز.

لكن المحلل المختص في شؤون القرن الأفريقي، عبدي ولي محمد، أبدى قلقه من الخطوة المصرية واحتمالات أن تؤدي لانعكاسات سلبية على الوضع في المنطقة.

وكتب محمد على منصة "إكس" إن "مشاركة القوى الإقليمية مثل مصر، بقدراتها العسكرية الكبيرة، قد تكون بمثابة رادع ضد الأعمال الإثيوبية، ولكنها تخاطر أيضا برسم المزيد من خطوط المواجهة المباشرة في منطقة القرن الأفريقي".

 

 

وفي ذات الإطار قال رشيد عبدي المحلل في مركز ساهان للأبحاث، الذي يتخذ من نيروبي مقرا له إنه "إذا أرسل المصريون قوات على الأرض ونشروا عناصر على الحدود مع إثيوبيا، فقد يؤدي ذلك إلى مواجهة مباشرة بين الجانبين".

 

 

كذلك يحذر الصحفي الصومالي البارز عبد الله أحمد مؤمن من خطورة "تحول النزاع المستمر بين مصر وإثيوبيا حول مياه نهر النيل إلى حرب بالوكالة في الصومال، مما يعرض حياة المدنيين للخطر".

 

 

بدوره يقلل عبد الواحد من أهمية هذه التحذيرات ويشير إلى أن "مصر لا ترغب بزيادة التوتر مع اثيوبيا"، مضيفا أن "القاهرة اتخذت منذ البداية الطريق التفاوضي الدبلوماسي ورفضت اللجوء للحل العسكري للتعامل مع الخلاف مع إثيوبيا".

ويشير عبد الواحد  إلى أن "التواجد العسكري المصري في الصومال ربما يشكل جزءا من استراتيجة ردع تحاول مصر من خلالها أن تدير ملف الخلاف مع إثيوبيا".

ويشدد عبد الواحد على أن "إثيوبيا ترفض التوقيع على اتفاق قانوني يلزمها بإدارة ملف السد بشكل مشترك أو أن يكون هناك تعاون مشترك في إدارة السد وتوزيع المياه، وهذا يشكل خطورة على مصر".

ويعتقد عبد الواحد أن "إثيوبيا يمكن أن تستخدم المياه كأداة سياسية أو اقتصادية للضغط على القاهرة، وبالتالي وجود قوة ردع أمر مهم من أجل عدم الخضوع للضغوط الإثيوبية".

منظر جوي يظهر مدينة هرجيسا بمنطقة "أرض الصومال"- صورة أرشيفية.
بين "الوساطة التركية" و"التحركات المصرية".. ما مصير الأزمة بين الصومال وإثيوبيا؟
رغم جهود "الوساطة التركية" لحل الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، هاجم الرئيس الصومالي، أديس أبابا متهما إياها بـ"المساس بسيادة بلاده"، بعد أيام قليلة من توقيع "اتفاقية تعاون عسكري مشترك" مع مصر، فما وراء تلك التطورات المتعاقبة؟

يعد مشروع "سد النهضة الإثيوبي الكبير" الملف الأكثر إثارة للخلاف في منطقة القرن الأفريقي الأوسع. ولا يوجد بلد أكثر معارضة من مصر لمشروع السد المشيّد على أحد روافد النيل.

وتشدد إثيوبيا على أن مشروعها العملاق للطاقة الكهرومائية يعد حقا من حقوقها السيادية وسيوفر الطاقة لملايين المنازل. 

لكن القاهرة تصر على أن تحويل المياه لملء السد سيؤدي إلى تقليص إمداداتها، مما يمثل تهديدا وجوديا لمصر.

وأثار الخلاف نعرات قومية في المنطقة إذ تصاعد التوتر منذ أطلقت إثيوبيا المشروع.

وفشلت سنوات من المفاوضات، المدعومة من الخارج، بين إثيوبيا ومصر والسودان في تحقيق أي تقدم.

وسعت القاهرة بدورها إلى حشد جيران إثيوبيا لدعم موقفها، فوقعت عقودا دفاعية مع كينيا وأوغندا، ورتّبت زيارات على أعلى المستويات إلى جيبوتي. وأجرت مصر والسودان الشهر الماضي مناورات عسكرية مشتركة أطلق عليها "حماة النيل".

صورة نشرها المنصور على حسابه بمنصة إكس
صورة نشرها المنصور على حسابه بمنصة إكس

على مدار شهر تقريبا، استخدم المقاتل في صفوف "هيئة تحرير الشام" المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، المصري أحمد المنصور، حسابه على منصة "إكس" لتوجيه انتقادات قوية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل الإعلان، الأربعاء، عن القبض عليه من قبل الإدارة الجديدة في سوريا.

ونشر المنصور مقاطع فيديو وتدوينات عقب سقوط نظام بشار الأسد، مرتديا الملابس العسكرية وحاملا السلاح، موجها حديثه للسلطات المصرية، وداعيا إلى "إسقاط السيسي".

والأربعاء، نقلت وكالة رويترز عن مصادر، أن السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا، ألقت القبض على المنصور، وهو ما يتوافق مع ما جاء في بيان نشرته حركة أعلن تدشينها قبل أيام.

وفي يوم 11 يناير، نشر صورة له متوسطا ملثمين واضعا أمامه مسدسا، وخلفهم صورة لعلم مصر أيام الملكية والاحتلال البريطاني، مكتوب عليه "حركة ثوار 25 يناير".

وقال إنه تواصل مع "الكثير من العلماء والمشايخ والإعلاميين والمعارضين والأحزاب والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي"، من أجل العمل على "إسقاط رأس النظام.. وخروج الجيش من المشهد السياسي".

يذكر أن المنصور لم يكن أول المصريين الذين ظهروا في سوريا عقب سقوط الأسد، فهناك محمود فتحي، المطلوب المدان بجريمة قتل النائب العام الأسبق في مصر هشام بركات، عام 2015.

وظهر فتحي إلى جوار قائد "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع، الملقب بأبي محمد الجولاني، بعد 10 أيام من سقوط الأسد، وكان بجوار الثنائي ياسين أقطاي، مستشار حزب العدالة والتنمية التركي.

وتتعامل مصر بحذر مع الإدارة الجديدة في سوريا، في ظل وجود تنظيمات مسلحة مصنفة إرهابية، شاركت في الإطاحة بالأسد، وتضم في صفوفها مقاتلين أجانب، من بينهم مصريين.

من جانبه، شدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الأحد، على ضرورة عدم "إيواء أي عناصر إرهابية" على الأراضي السورية.

كما دعا خلال كلمته في الاجتماع الوزاري العربي الموسع حول سوريا المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض، إلى تكاتف الجهود لمنع تحول سوريا "إلى مصدر تهديد للاستقرار أو مركزا للجماعات الإرهابية".

القبض على المنصور

لم تكن "حركة ثوار 25 يناير" التي أعلن المنصور تدشينها، أصدرت بيانات رسمية حتى ظهور أنباء عن اعتقاله.

وجاء البيان الأول للحركة المزعومة ليعلن "توقيف واختفاء" المنصور في دمشق ومعه عدد من رفاقه، مضيفا أن ذلك جاء بعد "دعوة وجهت إليه من الأمن العام في سوريا، لمقابلة وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة مرهف أبو قصرة".

البيان أشار أيضًا إلى أن المنصور "عمل تحت إمرة" أبو قصرة "في جبهات الثورة السورية".

كما شدد البيان على أن الحركة "لا تريد أن تسبب للإخوة السوريين أي حرج في علاقاتهم الدولية والإقليمية".

وكان الناشط والشاعر المصري المعارض، عبد الرحمن القرضاوي، قد ظهر الشهر الماضي في مقطع فيديو من داخل مسجد الأمويين في دمشق، منتقدا دولا بينها مصر والإمارات والسعودية.

وعقب ذلك ألقي القبض عليه في لبنان بموجب مذكرة من "الإنتربول"، لدى عبوره من الحدود السورية، وتم تسليمه في وقت لاحق إلى الإمارات.

وأثار مقطع الفيديو الذي نشره القرضاوي غضب سوريين حينها، وأعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن بلاده ترغب في إقامة علاقات مع مصر.

تعليق والد المنصور

نشرت وسائل إعلام محلية مصرية مقطع فيديو لعاطف المنصور، والد الشاب الذي ألقي القبض عليه في سوريا.

ونشرت صحيفة الأهرام الرسمية، الثلاثاء، فيديو قال فيه الأب: "البلد دي خيرها علينا، ولو كانت مصر تضطهد الأسرة، لما كانت أنفقت مليون جنيه على تعليم شقيق أحمد المنصور ليحصل على درجة الماجستير من إيطاليا".

وتواصلت مصر مع الإدارة السورية الجديدة بشكل متأخر نسبيا مقارنة ببقية الدول العربية الأخرى في المنطقة، وذلك من خلال اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية في 31 ديسمبر الماضي.

وأصدرت سلطات الطيران المدني في مصر، بوقت سابق، قرارا بمنع دخول السوريين القادمين من مختلف دول العالم، دون الحصول على التصريحات اللازمة من الجهات المعنية.

وجاءت هذه القرارات بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسيطرة هيئة تحرير الشام (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) على البلاد.