الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في صورة أرشيفية
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في صورة أرشيفية

في الوقت الذي اعتبرت فيه إثيوبيا، بصيغة غير مباشرة، أن التقارير عن دعم مصر للصومال بشحنات أسلحة، بمثابة "تهديد لأمنها القومي، ومحاولة لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي"، يرى محللون في الخطوة المصرية "حصارا لمنع إثيوبيا من الوصول إلى حلمها بمنفذ على البحر، بعدما أصبح سد النهضة أمرا واقعا".

ونقلت وكالة رويترز، الأربعاء، عن مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية، أن مصر سلمت مساعدات عسكرية للصومال هي الأولى منذ أكثر من 40 عاما، جاءت بعد تعميق العلاقات بين البلدين، إثر توقيع إثيوبيا اتفاقا مبدئيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، يسمح لأديس أبابا بالحصول على منفذ ساحلي مقابل اعتراف محتمل باستقلال الإقليم.

اعتبرت مقديشو هذا الاتفاق تعديًا على سيادتها وأكدت عملها على عرقلته بكل السبل، كما دانت مصر بشدة هذا الاتفاق حينما تم الإعلان عنه.

وانتشرت مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لوصول طائرتين عسكريتين مصريتين إلى مطار مقديشو، صباح الثلاثاء، محملتين بأسلحة وذخيرة، وفق رويترز.

ولم ترد وزارتا الخارجية في الصومال ومصر بعد على طلبات للتعليق من الوكالة.

لماذا غضبت إثيوبيا؟

اعتبر الباحث الإثيوبي، نور الدين عبده، أن هناك "قناعة" لدى أديس أبابا، بأن "مصر تسعى لتحويل الصومال إلى ميدان للضغط على إثيوبيا، وليس في ملف سد النهضة فقط، لكن في عدة ملفات، من بينها البحر الأحمر، الذي ترفض مصر وجود إثيوبيا على سواحله"، وذلك في تصريحات لموقع "الحرة".

وفي أعقاب تقرير وصول الأسلحة المصرية إلى الصومال، أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية، بيانا شديد اللهجة، ورغم أنها لم تذكر مصر بالاسم، فإنها حذرت مما وصفته بالتطورات في منطقة القرن الأفريقي التي "تهدد" أمنها القومي، معتبرة أن الصومال "تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة".

وجاء في البيان، أن إثيوبيا "تراقب بيقظة التطورات في منطقة القرن الأفريقي التي قد تهدد أمنها القومي"، وعبّرت عن قلقها من تحوّل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى "بعثة باسم ومهمة جديدتين" تحت مسمى بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال، معتبرة أن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى "المجهول".

وأضاف البيان: "لم تؤخذ الدعوات المتكررة من إثيوبيا والدول المساهمة بقوات أخرى على محمل الجد.. إثيوبيا لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتخذ جهات أخرى تدابير لزعزعة استقرار المنطقة".

كما قال إن حكومة الصومال "تتواطأ مع جهات خارجية، تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة".

وذكر بيان للاتحاد الأفريقي في وقت سابق من هذا الشهر، أن مصر "عرضت المساهمة بقوات في مهمة حفظ سلام جديدة ستنطلق العام المقبل في الصومال". ولم تدل القاهرة بتعليق علني بهذا الشأن، وفق رويترز.

وواصل عبده حديثه لموقع "الحرة"، بالقول إن "إثيوبيا ترى أنها بذلت جهودا كبيرة خلال أكثر من عقد، لإعادة الهدوء النسبي إلى الصومال الذي مزقته الحرب الأهلية، وما تبعه من تحوله إلى مركز إقليمي للإرهاب على الخاصرة الشرقية والجنوبية الشرقية لإثيوبيا".

إثيوبيا حذرت من تحرك منطقة القرن الأفريقي نحو المجهول
تحذير إثيوبي بعد "الأسلحة المصرية" للصومال
حذرت إثيوبيا، الأربعاء، مما وصفتها بالتطورات في منطقة القرن الأفريقي التي "تهدد" أمنها القومي، مشيرة إلى أن الصومال "تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة"، وذلك بعد وقت قصير من إعلان مصر إرسال مساعدات عسكرية إلى الصومال.

وتابع: "لذا ترى إثيوبيا أنها وغيرها من الدول الأفريقية التي ساهمت في تهدئة الصومال، معنية تماما بإعادة تشكيل قوات الاتحاد الأفريقي هناك".

واستطرد قائلا إن "استباق مصر إقرار الترتيبات النهائية من قبل الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، وإرسال أسلحة بدعوى التعاون العسكري إلى حكومة لا تملك السيطرة على الأرض ولا التحكم على الوضع السياسي، يثير مخاوف حقيقية من إعادة تدوير تلك الأسلحة وتحويل التدخل المصري المتسرع إلى تهديد حقيقي للهدوء النسبي، الذي تم تحقيقه بتضحيات كبيرة قام بها الجيش الإثيوبي".

"قطع الطريق" نحو البحر

وقّعت مصر بروتوكول تعاون عسكري مع مقديشو في وقت سابق من هذا الشهر. وعرضت المشاركة بقوات في بعثة حفظ سلام جديدة في الصومال.

من جانبه، هدد الصومال في السابق بطرد ما يصل إلى 10 آلاف جندي إثيوبي على أراضيه ضمن إطار مهمة حفظ سلام وبموجب اتفاقيات ثنائية لمكافحة مسلحي حركة الشباب، وذلك إذا لم يتم إلغاء الاتفاق مع أرض الصومال.

من جانبه، قال المحلل الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، إن "الصومال يدرك التحديات التي تواجهه في ظل أطماع إثيوبيا، وتصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد بأن الوصول إلى البحر الأحمر هدف استراتيجي لا يمكن التهاون فيه".

واعتبر أن مصر "معنية" ببيان الخارجية الإثيوبية، التي "تحاول بشكل أو بآخر محاولة محاصرة إثيوبيا، لا سيما أن سد النهضة أصبح أمرا واقعا بعد انتهاء الأعمال البناء، ومحاولة إثيوبيا تخزين أكثر من 70 بالمئة من إجمالي بحيرة السد، مما يجعل منطقة القرن الأفريقي في حالة من التجاذب والتقاطعات".

آبي أحمد يسعى لوصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر
سجن الجغرافيا وهدف أخر.. ماذا يريد آبي أحمد من اتفاق "أرض الصومال"؟
كشفت الخطوة التي اتخذها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بتوقيعه مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" عن "طموحاته الواضحة" في أن يجعل لبلا موطئ قدم على البحر الأحمر، لكنها أيضا أثارت القلق في منطقة "مضطربة"، وفق مجلة إيكونوميست

وتابع تورشين: "إثيوبيا همّها الأول والأخير أن يكون لها منفذ على البحر الأحمر، ووجود مصر في صف الصومال ودعمها عسكريا لها، سيقطع الطريق بشكل أو بآخر أمام أهداف أديس أبابا".

والعلاقات بين القاهرة وأديس أبابا متوترة منذ سنوات، لا سيما بسبب سد النهضة الضخم الذي بنته إثيوبيا على نهر النيل، والذي تقول مصر إنه "يهدد" أمنها المائي.

ومصر التي تعتمد على نهر النيل في 97 بالمئة من احتياجاتها المائية، تقول إن السد الذي شرعت إثيوبيا ببنائه في 2011، يمثل "تهديدا وجوديا" لها.

وفي تصريحات سابقة لموقع الحرة، اعتبر خبير الأمن القومي والشؤون الأفريقية، محمد عبد الواحد، أن "الخطوة المصرية تهدف لتعزيز حضور القاهرة في منطقة القرن الأفريقي بشكل عام، وضمان مصالحها الاستراتيجية والأمنية وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية ذات تأثير متزايد".

وأضاف عبد الواحد أن "مصر لا ترغب بزيادة التوتر مع إثيوبيا"، مضيفا أن "القاهرة اتخذت منذ البداية الطريق التفاوضي الدبلوماسي، ورفضت اللجوء للحل العسكري للتعامل مع الخلاف مع أديس أبابا".

لكنه أشار إلى أن "الوجود العسكري المصري في الصومال، ربما يشكل جزءا من استراتيجية ردع تحاول مصر من خلالها أن تدير ملف الخلاف مع إثيوبيا".

وشدد عبد الواحد على أن "إثيوبيا ترفض التوقيع على اتفاق قانوني يلزمها بإدارة ملف السد بشكل مشترك، أو أن يكون هناك تعاون مشترك في إدارة السد وتوزيع المياه، وهذا يشكل خطورة على مصر".

لقطة لإحدى الطائرتين المصريتين
أرسلت طائرتين محملتين بالأسلحة والذخيرة.. ماذا تريد مصر بالصومال؟
في تحرك هو الأول من نوعه منذ نحو أربعة عقود، أقدمت مصر،الثلاثاء، على تسليم مساعدات عسكرية للصومال عبر طائرتين محملتين بالأسلحة والذخيرة هبطتا في مطار مقديشو، الثلاثاء، في خطوة تهدد بزيادة التوتر في منطقة القرن الإفريقي، المضطرب بالأساس، وفقا لمراقبين.

ويعتقد عبد الواحد أن "إثيوبيا يمكن أن تستخدم المياه كأداة سياسية أو اقتصادية للضغط على مصر، وبالتالي فإن وجود قوة ردع يعد أمرا مهما من أجل عدم الخضوع للضغوط الإثيوبية".

"السجن الجغرافي"

جاء الاتفاق الموقع في يناير بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال، بعد أشهر على إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي أن بلاده "ستؤكد حقها في الوصول إلى منفذ على البحر الأحمر".

وأثار رئيس الوزراء أيضا قلق المراقبين بدعوته سكان إثيوبيا، البالغ عددهم نحو 120 مليون نسمة، إلى إنهاء ما سماه بـ"السجن الجغرافي".

وفي أكتوبر 2023، تحدث آبي أحمد في خطاب متلفز، وقال إن "150 مليون نسمة لا يمكنهم الاستمرار في العيش في سجن جغرافي"، في إشارة إلى عدم وجود منفذ بحري.

ولم يعد لإثيوبيا منفذ بحري منذ استقلال إريتريا عام 1993، بعد حرب استمرت 3 عقود.

وكانت إثيوبيا تتمتع بحق الوصول إلى ميناء "عصب" الإريتري، لكنها فقدت هذا الحق خلال الحرب التي دارت بين أديس أبابا وأسمرة بين عامي 1998 و2000.

وتعتمد إثيوبيا حاليا في صادراتها ووارداتها على ميناء جيبوتي.

وأوضح تورشين أنه لمواجهة هذا التحرك المصري "ستحاول إثيوبيا التصعيد وإنشاء علاقات ربما مع من يمتلكون مواقف مختلفة ومتناقضة مع الجانب المصري".

فيما حذر المحلل في مركز "ساهان" للأبحاث في نيروبي، رشيد عبدي، في حديثه لوكالة رويترز، من أن "خطر اندلاع حرب مباشرة ضئيل، لكن اندلاع حرب بالوكالة وارد"، في إشارة إلى مواجهة بين إثيوبيا ومصر.

من جانبه، واصل الباحث الإثيوبي،عبده، حديثه لموقع "الحرة"، وتساءل: "هل التدخل المصري في الصومال لدعم الاستقرار أم للضغط على إثيوبيا عبر تحريك الوضع على حدودها الطويلة مع الصومال؟"، مضيفًا أن إثيوبيا "بدأت تتحرك دبلوماسيا وميدانيا، بافتراض السيناريو الأسوأ، وبالتالي جاء بيان الخارجية ليدق ناقوس الخطر".

مصر شهدت عدة حوادث لتصادم قطارات في السابق
مصر شهدت عدة حوادث لتصادم قطارات في السابق

أعلنت وزارة الصحة المصرية، السبت، عن ارتفاع عدد مصابي حادث تصادم قطاري الزقازيق في محافظة الشرقية إلى 49 مصاباً، بالإضافة إلى تسجيل ثلاث وفيات.

ونقلت الوزارة في بيان إنه تم نقل المصابين إلى مستشفيات جامعة الزقازيق، والأحرار، وأحد المستشفيات الخاصة بناءً على طلبهم، مشيرة إلى أن الحصيلة "شبه نهائية".

وأوضحت الوزارة أن الحالة الصحية لـ 44 من المصابين مستقرة، ومن المتوقع مغادرتهم للمستشفيات خلال الساعات القليلة المقبلة، بينما توجد خمس حالات غير مستقرة وتتم متابعتها بشكل مستمر. 

 وفي وقت سابق، السبت، شهدت مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية بمصر حادث تصادم قطارين بالقرب من منطقة الكوبري الجديد.

وأشار بيان للوزارة على فيسبوك إلى الدفع بـ39 سيارة إسعاف إلى موقع الحادث، حيث تم نقل المصابين إلى مستشفيات قريبة.

وتشهد مصر بصورة متكررة حوادث قطارات ومرور مأسوية بسبب حال الفوضى التي تعمّ الطرقات وتقادم العربات وسوء حال الطرق والسكك الحديد التي لا تخضع لصيانة جيّدة ومراقبة كافية.

وعادة ما تنسب حوادث القطارات لأخطاء فردية أو مشاكل تتعلّق بالبنى التحتية والصيانة.

وفي عام 2019، صدم قطار مسرع سدا خرسانيا عند نهاية رصيف محطة قطارات رمسيس في القاهرة ما تسبّب بانفجار واندلاع حريق ضخم قتل فيه 22 شخصا، وأصيب العشرات بجروح.

ودفع حادث قطار رمسيس وزير النقل آنذاك إلى الاستقالة، فكلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة كامل الوزير مهام وزارة النقل.

أشخاص يحيطون بالقطارين بعد الاصطدام - السبت 14 سبتمبر 2024

وفي أبريل عام 2021، قرّر وزير النقل إقالة رئيس هيئة سكك حديد مصر بعد حادثي قطارات في أقل من شهر أوقعا أكثر من 40 قتيلا.

فقد قتل 23 شخصا وأصيب 139 بجروح عند خروج قطار عن السكة شمال القاهرة بعد ثلاثة أسابيع على حادث قطار آخر حصد 20 قتيلا في 26 مارس من العام نفسه في محافظة سوهاج بجنوب البلاد.

وأكثر الحوادث حصداً للأرواح في مصر سُجلت عام 2002 عندما لقي 361 شخصاً حتفهم بعدما اندلعت النيران في قطار مزدحم في جنوب العاصمة.

وتسعى مصر لتطوير مرفق السكك الحديد الذي يخدم، بحسب الاحصاءات الرسمية، نحو مليون شخص يوميا في البلد البالغ عدد سكانه رسمياً ما يقرب من 105 ملايين نسمة.