تثير قضية الناشط السياسي المصري البريطاني المسجون، علاء عبد الفتاح، إشكالية الحبس الاحتياطي في مصر، وكيفية تطبيقه والقوانين التي تحكم ذلك.
ويطالب محامون وأفراد أسرة الناشط، الذي برز خلال الاحتجاجات على حكم الرئيس الأسبق، حسني مبارك، عام 2011، بالإفراج عنه في التاسع والعشرين من الشهر الجاري باعتبار أن فترة حبسه 5 سنوات تكون قد انقضت في هذا التاريخ، مع حساب فترة حبسه احتياطيا.
وقال المحامي الحقوقي، خالد علي، الذي يمثل عبد الفتاح، لموقع الحرة إن النيابة العامة لم تحتسب فترة الحبس الاحتياطي التي قضاها وهي عامان، في تطبيق العقوبة على حكم حبسه في القضية المقيدة برقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن الدولة طوارئ التجمع الخامس.
وعلى فيسبوك، كتبت والدته ليلى سويف: "أفرجوا عن علاء عبد الفتاح في يوم إنهاء محكومتيه في 29 سبتمبر"
وكتبت شقيقته منى سيف: "يوم 29 سبتمبر، سيكون علاء قضى بالفعل 5 سنوات محبوسا. نأمل ونتمنى أن يتم تطبيق القانون، وينال علاء حريته، ويجتمع بابنه خالد".
وكان عبد الفتاح أحد رموز ثورة عام 2011، التي أطاحت مبارك. واعتقل عام 2019، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات في 2021، بتهمة نشر أخبار كاذبة تتعلق بنشر تغريدة على "تويتر" (إكس حاليا) تشير إلى وفاة سجين.
ودخل عبد الفتاح، الذي حصل على الجنسية البريطانية أثناء الحبس، في إضراب مفتوح عن الطعام استمر 7 أشهر، من أجل الضغط لتلبية طلبه لقاء مسؤولين من السفارة البريطانية.
ويوضح محاميه، خالد علي، في حسابه على فيسبوك أنه تم القبض عليه يوم 28 سبتمبر 2019 ثم تم عرضه على نيابة أمن الدولة العليا، التي حققت معه ووجهت له اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر وبث أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وذلك في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، وقررت حبسة احتياطيا على ذمة تلك الاتهامات، واستمر حبسه عليها لمدة سنتين.
وبحسب محامين، تم نسح الجنح المشار إليها في القضية في قضية جنحة جديدة ورد أيضا فيها اسم ناشطين آخرين هما محمد باقر، ومحمد أكسجين، وذلك في أكتوبر 2021 وقيدت القضية الجديدة برقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن الدول طوارئ التجمع الخامس.
وقال علي إنه تمت محاكمته في قضية الجنحة على أساس مشاركة منشور لناشط تحدث عن وفاة سجين بسجن العقرب تحت تأثير التعذيب.
وتحدث عن مخالفات قانوينة شابت التحقيقات في هذه القضية، وهي عدم تمكين المحامين من الحصول على نسخة من أوراق القضية، وعدم استجابة المحكمة لطلب تمكين عبد الفتاح من تحرير توكيل خاص لرفع دعوى مخاصمة ضد المحكمة، وطلب سماع الشهود بمن فيهم أسرة السجين الذي توفى "تحت تأثير التعذيب".
وقال في منشوره إن المحكمة لم تستجب لأى طلب وحكمت دون الاستماع إلى مرافعات الدفاع، بل لم يتم تمكين كافة المحامين من الحصول على صورة الحكم بعد صدوره في 20 ديسمبر 2021، بحبسه خمس سنوات مع الشغل والنفاذ.
ولأن المحاكمة كانت أمن دولة عليا طوارئ، تم إرسال القضية للحاكم العسكري للتصديق على الحكم، وتم التصديق عليه في الثالث من يناير 2022.
وفى يوم 29 سبتمبر، سيكون عقد الفتاح أنهى خمس سنوات مع حساب سجنه عامين، وفق المحامي.
وتنص المادة 482 من قانون الإجراءت الجنائية على: "تبتدئ مدة العقوبة المقيدة للحرية من يوم القبض على المحكوم عليه بناء على الحكم الواجب التنفيذ، مع مراعاة إنقاصها بمقدار مدة الحبس الاحتياطي ومدة القبض".
وتنص المادة 483 على :"إذا حكم ببراءة المتهم من الجريمة التي حبس احتياطياً من أجلها، وجب خصم مدة الحبس من المدة المحكوم بها في أية جريمة أخرى يكون قد ارتكبها أو حقق معه فيها في أثناء الحبس الاحتياطي".
وتقول المادة 484: "يكون استنزال مدة الحبس الاحتياطي عند تعدد العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها على المتهم من العقوبة الأخف أولا".
وتثير إجراءات الحبس الاحياطي لناشطين وصحفيين وسياسيين في مصر اعتراضات حقوقيين يرون أن عدم تطبيق القانون المتعلق بالحبس الاحتياطي بصورة صحيحة حوله إلى وسيلة بيد السلطة "لقمع المعارضين".
وفي 23 يوليو، ناقشت جلسة لـ"الحوار الوطني" الذي أطلقه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قضايا "الحبس الاحتياطي"، وسط مقاطعة ممثلين لـ"الحركة المدنية الديمقراطية"، أشاروا إلى عدم إحراز أي تقدم في مسألة الحقوق والحريات.
وتزامن عقد الجلسة مع الإفراج عن 79 محبوسا احتياطيا وتمديد فترة الحبس الاحتياطي لما لا يقل عن 125 شخصا تم القبض على معظمهم في أعقاب دعوات للاحتجاج في 12 يوليو على الأوضاع الاقتصادية في عهد السيسي، وفق ما أعلنته المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
ويقول محامي عبد الفتاح في منشوره: "عندما استخرجنا شهادة بمدة التنفيذ فوجئنا أن بدء تنفيذ العقوبة وارد بها من تاريخ التصديق على الحكم في 3 يناير 2022".
وهذا يعني أنه سيستمر حبسه حتى 3 يناير 2027، بعد إسقاط المدة السابقة على التصديق على الحكم من 29 سبتمبر 2019 حتى 2 يناير 2022.
ويوضح علي لموقع الحرة أنه تم إسقاط هذ المدة على أساس أن مدة الحبس الاحتياطي كانت بموجب القبض عليه في الجناية رقم 1356لسنة 2019، التي تشمل الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل، وذلك قبل "سلخ" جرائم النشر وجعلها جنحة، بينما بقيت الجناية لم يتم التصرف فيها.
وأفاد لموقعنا بأنه تقدم بباغ للنيابة من أجل حساب مدة العقوبة من تاريخ القبض عليه، ومن ثم إطلاق سراحه في 29 الجاري.
ويشير على فيسبوك إلى نص المادة 482 سالفة الذكر التي تنص على إنزال مدة العقوبة المقيدة للحرية من يوم القبض على المحكوم عليه، والمادة 484 التي تشير إلى استنزال مدة الحبس الاحتياطي عند تعدد العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها على المتهم من العقوبة الأخف أولا.
ويقول إن القانون نص على وجوب خصم مدة الحبس اﻻحتياطي من المدة المحكوم بها في ذات الجريمة أو في أي جريمة أخرى يكون قد ارتكبها المتهم أو حقق فيها في أثناء الحبس الاحتياطي، استنادا إلي أن المتهم قد تحمل مدة الحبس اﻻحتياطي من أجل مصلحة التحقيق في وقت كان ﻻ يزال فيه بريئاً، وخصم مدته من مدة العقوبة هو إجراء تقتضيه العدالة.
لكن المحامي بالنقض حسن أبو العينين يقول لموقع الحرة إن الحبس الاحتياطي يخصم من مدة الحكم أثناء تنفيذ العقوبة، وهذا من المباديء الأساسية في القانون.
ويعني ذلك أنه تخصم فترة الحبس الاحتياطي من العقوبة فقط في هذه القضية المحكوم على أساسها، وهي الجنحة، وليس أي قضية أخرى.
لكنه يوضح أن الأمر يثير إشكالية لأن القضية الأصلية كانت تتضمن أيضا بعض التهم الواردة في قضية الجنحة وبقى محبوسا على إثرها، لكنه لا يعتقد أن النيابة ستضع نفسها في "فخ" أي مخالفة قانونية خاصة أن عبد الفتاح شخصية معروفة.
ويقول علي على فيسبوك إنه لم يصدر ضد علاء أى حكم قضائى آخر حتى الآن، بل لم يتم إحالته إلى أى محاكمة أخري، وإن الأصل فى المتهم البراءة إلى أن تثبت إدانته، والمتهم لم يصدر عليه أى حكم جديد حتى لو كان هناك تحقيق معه في جناية منذ خمس سنوات.
وقال علي لموقع الحرة: "نحن لا نطلب استثناء. نحن نطلب تطبيق القانون. علاء تم القبض عليه في 28 سبتمبر 2019 وقضى خمس سنوات. يجب الإفراج عنه في 29 سبتمبر الحالي".
ويضيف: "الجناية لم يتم التصرف فيها. ويعني ذلك أنه لم يكتمل لدى النيابة الدليل على انضمامه لجماعة إرهابية لإحالته إلى المحكمة".
وهذا يعني، وفق تصريحاته لموقعنا، أنه على النيابة إما حفظ القضية أو إصدار أمر بالإحالة.
ويقول: "عاوز (تريد) تحبسه، احبسه عليها ويلبس الزي الأبيض، زي الحبس الاحتياطي، لكنه هو قضى فترة العقوبة خمس سنوات في قضية الجنحة ولم يصدر عليه حكم آخر... لو صدر حكم يبقى الأمر واضح، لكن لم يصدر أي حكم إحالة".
ويشير إلى أنه تم الإفراج عن شقيقته سناء في ظروف مشاهبة، إذ "تم تنفيذ الحكم عليها من وقت القبض عليها، والجناية لم يتم التصرف بها".
وشقيقة علاء تم القبض عليها والتحقيق معها في جناية تحمل ذات التهم، وهي الانضمام لجماعة إرهابية ونشر وإساءة استخدام وسائل التواصل، ونسخ منها جرائم النشر وتمت محاكمتها عليها وصدر عليها حكم.
وتم تنفيذ الحكم، وإطلاق سراحها، واحتسبت مدة العقوبة من تاريخ القبض عليها وليس من تاريخ صدور الحكم وتم إطلاق سراحها رغم أن الجناية مازالت قيد التحقيق، ولم يتم التصرف فيها، وفق علي.
وتساءل محامي علاء عبد الفتاح في منشوره: "لماذا الإصرار على استمرار حبسه حتى يناير ٢٠٢٧ لمجرد قيامه بعمل "شير" لبوست؟"