الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

حذرت 4 منظمات حقوقية دولية من تداعيات إقرار مشروع تعديل "قانون الإجراءات الجنائية"، باعتباره سيقوّض حماية حقوق المحاكمة العادلة التي "أُضعفت أصلاً في مصر" وسيزيد من تمكين منتهكي الحقوق والقوانين من موظفي الأمن المصري، وفق ما جاء في بيان مشترك.

وأضاف البيان، الذي نُشر الأربعاء، على موقع هيومن رايتس ووتش تحت عنوان "مصر: ارفضوا مشروع قانون الإجراءات الجنائية"، أن مشروع القانون وهو النسخة المعدّلة من قانون الإجراءات 1950 المعمول به حالياً، يبتعد كثيرا عن قانون ومعايير حقوق الإنسان الدولية.

لذلك، حثّت "منظمة العفو الدولية" و"ديغنِتي" و"هيومن رايتس ووتش" و"لجنة الحقوقيين الدولية"، مجلس النواب المصري، على رفض مشروع القانون المقترح .

"حوار وطني"؟

وقالت مصادر إعلامية مؤيدة للحكومة إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية صيغ استجابةً لتوصيات "الحوار الوطني" المصري لعام 2023، وأجرت السلطات في سياقه مناقشات مطولة مع شخصيات المعارضة والمجتمع المدني بشأن السجناء السياسيين والاستخدام المنتهِك للحبس الاحتياطي، من بين مواضيع أخرى. 

لكن، بحسب البيان المشترك للمنظمات، فإن مشروع قانون الإجراءات الجنائية "يبتعد كثيرا عن قانون ومعايير حقوق الإنسان الدولية من خلال عدم إنهاء لجوء السلطات المصرية على نطاق واسع إلى استخدام الحبس الاحتياطي بشكل ينطوي على انتهاكات لمعاقبة المنتقدين، وإدامة الإفلات من العقاب لمسؤولي إنفاذ القانون، وكذلك ترسيخ سلطة واستنسابية النيابة العامة بطريقة قد تسهل مزيدا من الانتهاكات لحقوق المحاكمة العادلة".

وقال سعيد بن عربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة الحقوقيين الدولية: "بدل اغتنام الفرصة لتقديم الحماية والضمانات الضرورية جدا للحقوق الإنسانية للمعتقلين والمتهمين وإنهاء الاحتجاز التعسفي، يعتزم المشرعون المصريون إدامة نفس الأطر التي سهّلت الانتهاكات الماضية والحالية".

وأضاف بن عربية أن مشروع التعديلات "يستهزئ بالحوار الوطني المزعوم بين الحكومة والمعارضة، وبمخاوف الضحايا وممثلي المجتمع المدني وهيئات الأمم المتحدة والخبراء المستقلين" على حدّ تعبيره.

وكانت الحكومة المصرية اقترحت التعديلات على قانون 1950، الذي استعرضته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب المصري في أغسطس الماضي، ووافقت عليه في سبتمبر. 

وستحل أحدث مسودة للتشريع، التي نشرتها بعض المواقع الإخبارية الموالية للحكومة، محل قانون الإجراءات الجنائية لعام 1950، مع الاحتفاظ ببعض أحكامه.

كما سيُناقَش مشروع قانون الإجراءات الجنائية في الجلسات العامة لمجلس النواب، ويمكن الموافقة عليه في وقت قد لا يتعدى أكتوبر الحالي.

وأشار بيان المنظمات إلى أن عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهد مصادقة تلقائية من قبل مجلس النواب المصري الذي يهيمن عليه أعضاء موالون للحكومة، مرات عديدة على القوانين التي تقترحها الحكومة.

وأثار مشروع القانون المذكور حين الإعلان عنه، انتقادات واسعة من جهات مصرية مثل نقابة الصحفيين ونقابة المحامين. 

وقال كل منهما بشكل منفصل إن التعديلات المقترحة تحتوي عديدا من الأحكام غير الدستورية، وتقوّض الحق في الدفاع، ودور المحامين، ومبدأ المحاكمة العلنية العادلة، بحسب ما نقل البيان الذي نشرته "هيومن رايتس ووتش" على موقعها.

"تأثير كارثي"

وقال محمود شلبي، باحث مصر في منظمة العفو الدولية، إن مشروع القانون "لا يفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وسيكون له تأثير كارثي على حقوق المتهمين قبل المحاكمة وأثناءها".

"فهو لا يضمن حق المحتجز في المثول أمام قاض بسرعة في غضون 48 ساعة على الأكثر من وقت الاعتقال للحكم في احتجازه" أضاف شلبي.

أيضاً، ستسمح التعديلات لأعضاء النيابة العامة باتخاذ قرارات حاسمة بشأن الاستماع إلى شهود الدفاع وتمكين أعضاء النيابة العامة من إجراء التحقيقات دون حضور محامي الدفاع، إذا اعتبروا ذلك ضروريا للكشف عن الحقيقة، بحسب ما ذكر شلبي في البيان.

وعدّلت السلطات المصرية قانون الإجراءات الجنائية في مناسبات عدة في العقود الأخيرة – خلال فترات شملت عهد الحكومة الحالية - لتقويض استقلال القضاء وسيادة القانون، وتآكل المعايير الدولية للمحاكمة العادلة بشكل أكبر وزيادة قمعها للمعارضة السياسية.

وذكر البيان أن السلطات المصرية، منذ عام 2013، سيّست القضاء وفككت ضمانات استقلاليته وسيادة القانون والمحاكمة العادلة، لاستخدام القضاء أداةً لقمع المعارضة السلمية في جميع أنحاء البلاد، وترسيخ سلطة أعضاء النيابة بشكل أكبر.

كما يتجاهل مشروع قانون الإجراءات الجنائية تواطؤ السلطات في الاحتجاز التعسفي على نطاق واسع والتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة والإخفاء القسري.

وبعض الأحكام المقترحة، إذا سُنَّت بصيغتها الحالية، ستقصّر فترات الحبس الاحتياطي. مع ذلك، فأن الفترات الجديدة ستظل طويلة بشكل غير ملائم، ولا يحد مشروع قانون الإجراءات الجنائية سلطات المدعين العامين الحالية في تمديد الحبس الاحتياطي التعسفي دون إشراف قضائي، بما فيه بإصدار أمر بحبس المعتقلين احتياطيا بتهم مماثلة في قضايا جديدة، في ممارسة يشار إليها عادة باسم "التدوير". 

ويتضمن مشروع القانون، كما ذكر بيان المنظمات الدولية، أحكاما تنظم وتوسع استخدام نظام "الفيديو كونفرنس" لجلسات الادعاء والمحكمة، بما يقوّض ضمانات المحاكمة العادلة ويعرقل قدرة الموظفين القضائيين على تقييم سلامة المتهمين، بالتالي يجعلهم أكثر عرضة للانتهاكات أثناء الاحتجاز التي تسببها عوامل تشمل ظروف السجن التعسفية. 

بالإضافة إلى ذلك، يحافظ مشروع القانون على أحكام تديم الإفلات من العقاب على الانتهاكات التي يرتكبها موظفو الأمن بتقييد حقوق الضحايا في محاسبة العناصر على الجرائم الدولية كالتعذيب والإخفاء القسري، والتي تنتشر على نطاق واسع في مصر، وفق البيان.

في السياق نفسه، قال غرانت شوبين، المستشار القانوني في "ديغنِتي"، إن مشروع القانون "لا يعالج إساءة استخدام الحبس الاحتياطي من قبل السلطات، ما يديم استخدامه التعسفي كأداةً عقابية".

ويصف احتفاء الدولة المصرية بمشروع القانون المعدّل، بأنه يُظهر إلى أي مدى "ابتعدت الحكومة القمعية عن أبسط معايير حقوق الإنسان الدولية" على حد قوله.

كما يُظهر، وفق تعبير شوبين "قدرة الأجهزة الأمنية على تقنين ممارساتها المنتهِكة دون مقاومة تذكر من مؤسسات الدولة".

وبناء على ما سبق، فإن المنظمات الحقوقية التي صاغت البيان، تدعو السلطات المصرية إلى إسقاط مشروع القانون وإعداد مشروع قانون جديد يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأن يتم بالتشاور الصادق والشفاف مع المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية، والخبراء المستقلين، والضحايا، والمحامين.

وزير الخارجية المصري استقبل وفدا من حركة فتح للبحث بشأن مستجدات الحرب في غزة
وزير الخارجية المصري استقبل وفدا من حركة فتح للبحث بشأن مستجدات الحرب في غزة | Source: facebook

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، عن استقبال وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، وفدا من حركة فتح للبحث بشأن مستجدات الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، والمستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، في حين ذكر مصدر للحرة أن لقاء بين فتح وحماس في القاهرة لم يفض لنتيجة.

وقال مصدر خاص في حركة فتح لمراسلة "الحرة" في رام الله إن "لقاء وفد حركة فتح مع وزير الخارجية المصري هو تشاوري فقط، وسيلتقي الوفد الجالية الفلسطينية ويتابع أوضاع الغزيين في مصر ويجري لقاءات أخرى".

ووفقا للمصدر ذاته، فإن لقاء فتح وحماس الذي حصل قبل يومين في القاهرة "لم يحقق أي اختراق أو اتفاق أو تذليل للعقبات بشأن اختيار اللجنة المجتمعية لإدارة شؤون قطاع غزة" بعد انتهاء الحرب.

وأشار إلى أنه "لم يصدر أي بيان ختامي للفصيلين، ووفد حركة فتح سيغادر القاهرة، الأحد، ومن المفترض أن وفد حركة حماس قد غادر، على أن يعود وفد فتح للتشاور مع القيادة في رام الله، ومن المتوقع أن تستأنف اللقاءات بين الوفدين في غضون أسبوعين في القاهرة".

وجاء في بيان للوزارة أن عبد العاطي استقبل الوفد برئاسة، محمود العالول، نائب رئيس الحركة، وروحي فتوح، رئيس المجلس الوطني، وعزام الأحمد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح.

وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، تميم خلاف، إن اللقاء شهد إعادة تأكيد عبد العاطي "على موقف مصر الداعم للسلطة الفلسطينية، وتمسكها برفض أي مخططات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم". 

وأشار  إلى "حرص مصر في اتصالاتها مع الأطراف الدولية الفاعلة على نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة" في ظل ما وصفها بـ"العراقيل" التي يضعها الجيش الإسرائيلي "وسيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وتقويض عمل منظمات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وكذلك حركة الأفراد عبر المعبر".

وأكد وزير الخارجية المصري على "ضرورة مواجهة محاولات الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة"، وعلى "وحدة الأرض الفلسطينية"، كما استعرض "اتصالات مصر مع مختلف الأطراف لوقف الحرب في قطاع غزة والتوصل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين".

وجاء في البيان أن عبد العاطي "حرص على استعراض الجهود التي تضطلع بها مصر على صعيد حشد التأييد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، والاتصالات التي تجريها مع كافة الدول لنقل رؤيتها بضرورة العمل على إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

وشدد الوزير على "ضرورة العمل على وحدة الصف الفلسطيني، وتعزيز دور السلطة الوطنية، بما يضمن تحقيق تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني".