جمعت البرهان وحميدتي علاقة قوية قبل الحرب - أرشيفية
وجهت قوات الدعم السريع في السودان تحذيرا شديد اللهجة لمصر بسبب مساندتها الجيش.

وجهت قوات الدعم السريع في السودان تحذيرا شديد اللهجة لمصر، وكشفت لأول مرة عن وجود "أسرى مصريين" لديها حاليا، قالت إنهم شاركوا إلى جانب الجيش السوداني في الحرب الحالية.

وتكررت اتهامات الدعم السريع لمصر بالتدخل في الحرب لمساندة الجيش السوداني في أكثر من مناسبة، وزادت حدتها في الفترة الأخيرة، ما أثار تساؤلات بشأن الأسباب وراء تصاعد التوتر بين الطرفين.

خطورة خطاب حميدتي 

وقال الخبير السياسي السوداني، محمد الصالح، لموقع "الحرة" إن الخطاب الأخير لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، مساء الأربعاء، لاقى اهتماما محليا ودوليا لما يحمله من رسائل شديدة الأهمية في وقت حرج من الحرب، مع تحقيق الجيش السوداني، بقيادة عبدالفتاح برهان، انتصارات مهمة، كما تم تفسيره وتحليله بطرق مختلفة.

وأضاف أنه "رغم تكبد قوات الدعم السريع هزائم في الفترة الأخيرة، لكن خطاب حميدتي يعتبر الأخطر على الإطلاق منذ بداية الحرب، وليس كما يعتقد البعض أنه إعلان استسلام، لأنه تحدث بطريقة مختلفة عن المعتاد، واعترف بهزيمة قواته في منطقة جبل موية الاستراتيجية".

وقال بيان للدعم السريع، مساء الجمعة إن "سلاح الجو المصري شارك في القتال إلى جانب الجيش السوداني في قصف معسكرات قوات الدعم السريع". وهو الأمر الذي نفته مصر.

وقال "ظلت مصر تدعم الجيش بكل الإمكانيات العسكرية، وسهلت عبر حدودها دخول إمدادات السلاح والذخائر والطائرات والطائرات المسيرة، إذ قدمت خلال شهر أغسطس الماضي (8) طائرات k8  للجيش وصلت القاعدة الجوية في بورتسودان، وتشارك الآن في القتال، وآخرها في معركة جبل موية".

وأضاف " كما ساهم الطيران المصري في قتل مئات المدنيين الأبرياء في دارفور والخرطوم والجزيرة وسنار، ومليط، والكومة، ونيالا، والضعين. وكذلك وفرت مصر للجيش إمدادات بقنابل 250 كيلو أميركية الصنع كانت سبباً في تدمير المنازل والأسواق والمنشآت المدنية".

وتطرق البيان إلى "أسر عدد من المقاتلين المصريين"، قائلا "لم يكن خافياً أسر قواتنا ضباط وجنود مصريين في قاعدة مروي العسكرية، وسلمتهم لاحقاً للحكومة المصرية عبر الصليب الأحمر الدولي".

وأضاف البيان، المنشور على حسابات الدعم السريع مواقع التواصل الاجتماعي، "ضبطت قواتنا مرتزقة مصريين شاركوا إلى جانب الجيش في الحرب الحالية، وهم أسرى الآن لدى قواتنا".

دعم مصر للجيش فجر غضب حميدتي

وبشأن أسباب هجوم حميدتي على القاهرة مؤخرا، يرى المحلل السوداني أن "قائد الدعم السريع تجنب العداء المباشر مع مصر طوال الأشر الماضية لأنه ليس من مصلحته ذلك نظرا لأهميتها وقوتها في المنطقة، ولذلك فإن هذا الانتقاد الحاد يحمل دلالات مهمة، أبرزها غضبه الشديد مما يحدث في أرض المعركة خاصة مع تدخل مصر لصالح لجيش، وكذلك استعداده للدخول في معارك قادمة أكثر شراسة وعنفا".

وتابع أنه "رغم النفي المصري، إلا أن حميدتي أكد أن الطائرات المصرية ظلت عشر ساعات تضرب قواته في جبل موية، وهي مجموعة قرى صغيرة بولاية سنوار الاستراتيجية".

وأكد أن "الجميع في السودان يعلم مساندة الجيش المصري للبرهان"، مشيرا إلى أنه "في بداية الحرب، تم اكتشاف وجود قوات مصرية في قاعدة مروي العسكرية، وبعد أن هاجمتهم الدعم السريع، تم أسر الجنود المصريين، ثم تسليمهم للقاهرة، ومع ذلك حاول حميدتي عدم معاداة مصر بشكل مباشر".

لكن الصالح يرى أنه "بجانب التدخل العسكري، فإن التحالفات الدبلوماسية الجديدة التي تقودها القاهرة مع الدول الأفريقية تثير غضب حميدتي، مع ظهور محور إقليمي جديد يضم مصر وإريتريا والصومال".

وأشار إلى أن "خطاب حميدتي الأخير حمل تهديدات واضحة ومباشرة قد تكون لها تبعات خطيرة في الفترة المقبلة، محليا وإقليميا، ومن المتوقع أن يشهد السودان تصعيدات عسكرية كبيرة من الدعم السريع والجيش".

"ورد الفعل العنيف الذي يخطط له حميدتي يحاول استباقه بقلب الرأي العام المحلي والدولي على الجيش بإظهاره بمظهر الضعيف والعميل الذي يستعين بدول أجنبية، مثل مصر"، بحسب الصالح.

ونفت القاهرة مزاعم قائد قوات الدعم السريع السودانية بضلوعها في الحرب الدائرة بالسودان، في رد على تصريحات، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) التي اتهم فيها مصر بالمشاركة في ضربات جوية على قواته.

وتدعم مصر الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح برهان. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي انعقد في مصر، يوليو الماضي، في سبيل إنهاء الصراع الدامي الممتد منذ أكثر من سنة، إن أي حل سياسي "لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة، دون ضغوط خارجية"، مشدداً على أهمية " وحدة الجيش ودوره" في حماية البلاد.

ونفى الجيش السوداني، في سبتمبر الماضي، حصوله على طائرات من نوع K-8 من مصر، مؤكدا امتلاكه أسرابا من هذا الطراز من الطائرات منذ أكثر من 20 عاما.

ويشهد السودان، منذ 15 أبريل من العام الماضي، معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وتشريد الملايين داخل وخارج والبلاد.

دبلوماسية القاهرة تؤثر على حلفاء حميدتي 

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، كريم أبو المجد، والمتخصص في الشأن الأفريقي، لموقع "الحرة" إن "حميدتي توقع من خلال التقرب من رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، ومحاولته التودد إلى رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، أن يتمكن من الانتصار محليا وكسب القبول الإقليمي والدولي، لكن الأمور لم تسر لصالحه".

وأضاف أن "حميدتي كان يتمنى أن يعامل كرجل دولة، وأن يتم الاعتراف به إقليميا ودوليا، وأن يتخلص من لقب قائد ميلشيات، لكن هذا لم يحدث، وهو ما أثار غضبه تحديدا تجاه مصر بسبب تحركاتها الأخيرة سياسيا ودبلوماسيا في منطقة القرن الإفريقي، والتي أثرت بدورها عليه بشكل سلبي".

وأوضح أنه "بالنسبة للإمارات، فزيارة (الرئيس محمد) بن زايد، الأسبوع الماضي، لمصر، وحضوره حفل تخرج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية، تهدف لإرسال رسالة تتمثل في أن العلاقات بين مصر والإمارات لم تتأثر رغم الاختلافات في بعض الملفات، ومنها السودان".

وأشار إلى أنه "لحماية مصالحها في السودان، حاولت الإمارات مساعدة حميدتي بالأسلحة والأموال، لكن يبدو في الفترة الأخيرة أنها تراجعت عن دعمه بعد الخسائر التي لحقت بميليشياته، مقابل تعهد مصر والجيش السوداني حماية مصالحها في السودان، وهو ما أثار غضب حميدتي تجاه القاهرة".

والجيش السوداني يتهم أبوظبي بتقديم دعم عسكري ولوجستي ومالي لقوات الدعم السريع، الأمر الذي يسمح لها بمواصلة الحرب، كما أن الإمارات تمارس نفوذها على عدد من دول الجوار، وفي مقدمتها تشاد وإفريقيا الوسطى وخليفة حفتر في ليبيا، من أجل أن تفتح أراضيها لإيصال الدعم لقوات الدعم السريع.

وتنفي الإمارات هذه الاتهامات، وقال مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، إن بلاده مهتمة بوقف الحرب في السودان والعودة إلى المسار السياسي.

ورفض قرقاش، في تدوينة على حسابه على منصة إكس، في 19 يونيو الماضي، اتهامات مندوب الخرطوم، لدى الأمم المتحدة، لبلاده بالمسؤولية عن استمرار الحرب في السودان.

وكتب قرقاش: "في الوقت الذي تسعى الإمارات إلى تخفيف معاناة الأشقاء السودانيين يصر أحد أطراف الصراع على خلق خلافات جانبية وتفادي المفاوضات وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية ...اهتمامنا ينصب على وقف الحرب والعودة للمسار السياسي. اهتمامهم يشدد على تشويه موقفنا عوضا عن وقف الحرب".

وكان سجال كلامي قد وقع، في 18 يونيو الماضي، بين مندوب الإمارات، محمد أبو شهاب، ونظيره السوداني، الحارث إدريس، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، خصص لبحث الوضع في السودان. وفي الجلسة جدد المندوب السوداني اتهام بلاده للإمارات بدعم ميلشيات الدعم السريع بالسلاح قائلا إن بلاده تملك أدلة على ذلك.

أما بالنسبة لرئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، الذي يدعم حميدتي، فيرى أبو المجد أن "التحركات المصرية الأخيرة في القرن الأفريقي تضعه في موقف حرج وتزيد عزلته عن الدول المجاورة، كما تبعده عن الاستمرار في مساندة ودعم حميدتي في السودان".

واتضح التقارب بين آبي أحمد وحميدتي، في سبتمبر 2023، عندما توجه حميدتي، في ثاني جولة إقليمية له منذ اندلاع الحرب بين قواته والجيش السوداني، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على رأس وفد يضم عدداً من مساعديه. واستُقبل استقبالاً رسمياً من قبل نائب رئيس الوزراء، دمقي مكونن، وآبي أحمد.

وتطرق الخبير السياسي أبو المجد إلى التحركات المصرية الأخيرة والتي أثرت سلبا على آبي أحمد نفسه، قائلا إن "السيسي توجه، منذ يومين، لزيارة عاصمة إريتريا، أسمرة، بدعوة خاصة من الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، والذي كان سابقا من أقرب حلفاء وداعمي آبي أحمد. واتفق الزعيمان مع الصومال على تعزيز العلاقات العسكرية والاقتصادية في منطقة القرن الأفريقي، وهذا سيشمل تمكين الجيش الصومالي من التصدي للإرهاب، وحماية حدودها البرية، وطرد القوات الأثيوبية من أرض الصومال".

وفي زيارة لافتة بتوقيتها، توجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في ١٠ أكتوبر، إلى العاصمة الإريترية أسمرة، حيث كان الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، على رأس مستقبليه، وفقا لوكالة "فرانس برس".

وفي قمة ثلاثية انعقدت في أسمرة، التقى رؤساء مصر وإيتريا والصومال على خلفية التوترات المتزايدة في المنطقة القرن الأفريقي. ويأتي تصاعد التوتر في المنطقة بعد أن وقعت الجارة إثيوبيا في يناير اتفاقا مع جمهورية أرض الصومال الانفصالية يمنح الدولة المغلقة منفذا بحريا.

وأثار الاتفاق البحري غضب مقديشيو وسلط الضوء على الخصومات الإقليمية مع توتر العلاقات بين إثيوبيا والصومال المجاورة وكذلك مصر.

وجاءت زيارة السيسي لإريتريا بعد أسابيع قليلة من زيارة أجراها كل من رئيس المخابرات المصرية،  اللواء عباس كامل ووزير الخارجية، بدر عبد العاطي، إلى أريتريا لبحث استعادة الملاحة عبر باب المندب وتطورات الأوضاع في الصومال.

ويذكر أن العلاقات المتوترة تاريخيا بين الصومال وإثيوبيا تدهورت منذ الإعلان في الأول من يناير عن توقيع مذكرة تفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال الانفصالية، نددت بها مقديشو ووصفتها بأنها "اعتداء" على سيادتها.

وتنص المذكرة على تأجير 20 كيلومترا من ساحل أرض الصومال لإثيوبيا غير الساحلية لمدة 50 عاما. وكان إقليم أرض الصومال أعلن استقلاله من جانب واحد عام 1991.

  وردت الصومال بتعزيز علاقاتها مع مصر.

ومنذ يناير، عزّزت مقديشو علاقاتها مع القاهرة، منافسة إثيوبيا التي تعارض خصوصا سد النهضة الكهرومائي الضخم الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل.

واتخذ التعاون منحى عسكريا مع توقيع في 14 أغسطس اتفاق دفاع، لم يتم الكشف عن محتواه.

وتحدث أستاذ العلوم السياسية عن أهمية هذه الخطوة بالنسبة لإثيوبيا وكذلك السودان ومصر، قائلا إن "أديس أبابا أرسلت سابقا عدة قوات للصومال، وتحديدا أقاليم، جيدو، وجوبا لاند، وأرض الصومال، الذي يخضعون لحكومات مستقلة ويريدون الانفصال".

وأضاف أنه "في يناير القادم ستنتهي صلاحية اتفاقية تعاون بين أديس أبابا ومقديشيو، وفي حال رفض آبي أحمد إخراج قواته من أراض الصومال، فمن المتوقع أن تندلع حربا كبرى مباشرة بين إثيوبيا والصومال، التي بدورها ستسلح المتمردين الإثيوبيين مثل ميلشيات فانو الأمهرية، التي نجحت مؤخرا في السيطرة على مناطق حدودية بين إرتريا والسودان، أي ستندلع حربا إقليمية في القرن الإفريقي".

وتابع أن "قوات فانو، التابعة للأمهرة بأثيوبيا، أعلنت منذ قليل سيطرتها على بلدة بلشي شيو، الإستراتيجية، اللي تبعد 38 ميل عن العاصمة الأثيوبية، أديس أبابا، ووقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش ببلدات على مدخل العاصمة الأثيوبية، بمناطق مختلفة، تبعد عن العاصمة بمسافات مختلفة بين400 كم، و200 كم، و100 كم".

وأشار أبو المجد إلى أن "تصريحات حميدتي بقيام الطائرات المصرية بضرب قواته لساعات طويلة في سنوار والتي بالمناسبة تبعد عن سد النهضة في إثيوبيا حوالي 250 كم أو 300 كم، أربك حسابات آبي أحمد، لأن ذلك يعني أن الطيران المصري يمكنه الوصول إلى سد النهضة بسهولة".

وبشكل عام، يرى الخبير السياسي المصري أن هجوم حميدتي الحاد على مصر يرجع إلى "إحساسه بتخلي حليفيه الأساسيين عنه، الإمارات وإثيوبيا، ودور القاهرة في ذلك، فضلا عن تكبده خسائر على الأرض". 

عناصر من الشرطة يبحثون في هاتف امرأة في الشارع في صورة تعود لعام 2019- المصدر: فرانس برس
عناصر من الشرطة يبحثون في هاتف امرأة في الشارع في صورة تعود لعام 2019- المصدر: فرانس برس

في مستهل العام الجديد، فوجئ المصريون بقرار حكومي أدى إلى ارتفاع أسعار الهواتف المحمولة المستوردة في مصر.

فمع بدء الحديث عن نية الحكومة فرض رسوم جمركية، بنسبة 38.5 في المئة، على الهواتف المستوردة، زادت أسعارها حوالي ألف جنيه. وبعد صدور القرار زادت ألفا آخر.

في بيانها قالت الحكومة إن الخطوة تهدف إلى تشجيع الصناعة المحلية عبر دعم الشركات الدولية والمحلية التي بدأت تصنيع الهواتف في مصر.

واختفت بعض منتجات الشركات العالمية مع بدء الحكومة تنفيذ قرار الرسوم الجديد.

"حتى يكون هناك تعطيش للسوق،" يقول الخبير الاقتصادي وائل النحاس لموقع "الحرة"، ويضيف أن "الحكومة باعت المواطن الذي أصبح تحت رحمة المستثمر".

وتزامن القرار مع إطلاق الحكومة منظومة إلكترونية جديدة لتسجيل الأجهزة المحمولة، بهدف "مكافحة التهريب وحماية الصناعة المحلية".

لكن النحاس يقول إن "الشركات المحلية لا تقدم أحدث الموديلات الموجودة عالميا، بل تنتج أجهزة من الفئة الأقل، مما يجعل مصر كأنها "مقبرة للهواتف القديمة".

وأضاف أن الشركات، مثل أوبو وشاومي وسامسونغ، تصنع طرازات قديمة فقط، وأحدث ما تنتجه سامسونغ في مصر مثلاً هو هواتف شعبية مثل Galaxy A95.

بينما الهواتف التي يجلبها المصريون القادمون من الخارج كهدايا، مثلا، أجهزة عالية المواصفات مثل آيفون وسامسونغ الحديثة، "بينما المصانع المحلية تنتج هواتف في فئات سعرية تتراوح ما بين سبعة و14 ألف جنيه (280 دولارا)، وهي بعيدة تماما عن الفئات المهربة التي تبدأ من 35 ألف جنيه فما فوق"، وقف النحاس.

توفير العملة الصعبة

الخبير المصرفي، طارق إسماعيل، يعتقد أن السلطات المصرية تسعى للسيطرة على مصادر إنفاق العملة الصعبة في ظل الاحتياج لها في هذه المرحلة.

ويؤكد أن "تقليل الاستيراد يهدف لتوفير أكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية".

ويشير النحاس إلى أن تطبيق القرار يثير تساؤلات حول مدى استعداد السوق المصري لتحمل هذه التكاليف الجديدة، موضحًا أن "المنتجات المحلية تواجه مشكلة تسعير، حيث تباع الأجهزة المصنعة داخل مصر بأسعار أعلى من مثيلاتها المستوردة، مما يُظهر خللاً في دراسة السوق من قبل الشركات المصنعة".

ويرى أن تكاليف الإنتاج داخل مصر، بما في ذلك الرسوم ومصاريف النقل، تجعل الأسعار أقل تنافسية مقارنة بالدول الأخرى.

وقال: "إذا أرادت الحكومة أن تصبح مصر مركزا إقليميا للتصنيع والتصدير، فعليها أن تركز على تحسين تنافسية المنتجات المحلية بدلاً من إرهاق المستهلك بالضرائب والرسوم".

"بداية لرسوم أخرى"

يعتقد النحاس أن القرار خطوة تمهيدية لفرض رسوم على كافة الواردات التي يجلبها القادمون من الخارج.

وقال: "القرار صُمم لإثارة لغة استهلاكية داخلية، حيث يتم تصوير استيراد الهواتف كترف للأثرياء في ظل ظروف اقتصادية صعبة، ما يمهد لفرض رسوم على أي واردات للهدايا أو الأجهزة التي تتجاوز قيمتها 15 ألف جنيه".

وتستضيف وسائل إعلام في مصر مستثمرين ووكلاء شركات هواتف نقالة للحديث عن تهريب السلع. 

ويرى النحاس أن  تلك الحوارات رسالة لجس نبض الرأي العام بشأن وضع رسوم على كل ما هو قادم من الخارج.

"يتعارض مع اتفاقات دولية"

يثير فرض الرسوم الجمركية أسئلة حول التزام مصر باتفاقيات التجارة الحرة التي تمنع فرض ضرائب إضافية على الواردات من دول مثل الصين وأوروبا.

النحاس يرى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى أزمات مع الشركاء التجاريين الدوليين، مشيرًا إلى أن بعض المنتجات القادمة من هذه الدول تخضع لاتفاقيات تعفيها من الرسوم الجمركية.

في حين يرد إسماعيل بأن "الولايات المتحدة نفسها بلد التجارة الحرة تفرض جمارك علي معظم الواردات، كما أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب هدد مؤخرا برفعها على الصين وكندا والمكسيك كوسيلة ضغط سياسي".

"بعد أحداث لبنان"

يرتبط القرار المصري الجديد بتسجيل جميع الهواتف المستوردة بعد الأول من يناير الجاري، بأكثر من مجرد أسباب اقتصادية، حيث يأتي بعد شهرين ونصف تقريبا من انفجارات أجهزة النداء الخاصة بجماعة حزب الله في لبنان وبعد أيام من قرار منع دخول السوريين القادمين من الخارج.

وعند وصولك إلى المطار، ستجد كشكا مخصصا لهذا الأمر. عليك التوجه إليه والتصريح بأنك تحمل هاتفا جديدا. سيطلب منك تسجيل بياناتك وتنزيل تطبيق "تليفوني" على هاتفك لإتمام الإجراءات. بعد ذلك، ستحتاج إلى الانتظار بضعة أيام للحصول على الموافقة على الإعفاء الجمركي، بحسب النحاس.

في حال لم تُفصح عن حملك للهاتف وتم اكتشافه لاحقا، قد يُعتبر ذلك تهربا جمركيا، حتى لو كان للاستخدام الشخصي وليس للبيع أو الهدايا، فضلا عن أنه سيتوقف عن العمل في مصر بعد ثلاثة أشهر.

ويرى إسماعيل أن الحكومة المصرية تحاول تضييق الخناق على أي نشاط قد يهدد الأمن القومي من خلال السيطرة على الأجهزة المحمولة التي يمكن استخدامها لأغراض غير مشروعة.

وأكد النحاس أن السلطات تهدف إلى معرفة هوية الشخص الذي يحمل الجهاز المحمول، وليس فقط الرقم التسلسلي للجهاز، لتتمكن من متابعة الأجهزة والأشخاص بشكل دقيق.

إدارة الموانئ

لا يمكن فصل هذا القرار عن سياق أوسع يشمل بيع حقوق إدارة بعض الموانئ الجوية المصرية لمستثمرين أجانب وبالتحديد مؤسسة التمويل الدولية".

يرى مراقبون أن هذا التحرك قد يكون جزءا من استراتيجية لتحسين العائدات الاقتصادية والسيطرة الأمنية من خلال تعقب الأجهزة الإلكترونية.

وقال النحاس: "هذا القرار أعتقد أن له علاقة بفكرة طرح المطارات للإدارة الخاصة حيث من المقرر أن يتم ذلك خلال أسابيع، فضلا عن سعي الدولة إلى تأمين موارد جديدة وتعويض العجز المالي".

لكن إسماعيل يقول إن "الجمارك تؤول حصيلتها لمصلحة الجمارك والخزانة العامة وليس لإدارة المطار أو الميناء، حكومية كانت او خاصة".

وأشار النحاس إلى أن المواطن قد يواجه مشكلة في حال قرر بيع جهازه، "هل سنضطر إلى إجراء عملية نقل ملكية في الشهر العقاري مثلما يحدث مع السيارات".

وقال: "الدولة اتخذت إجراء لكنها لم تستكمله، كيف سيتحمل الشخص المسؤولية عن سوء استخدام الأجهزة من قبل المشتري الجديد. هذا أمر قد يخلق إشكاليات قانونية".