مع إنفاق الحكومة مليارات الجنيهات لتطوير منظومة الطرق سواء عبر إنشاء شبكة جديدة أو لتحسين حالة الشبكة الحالية، تستمر حوادث الطرق في حصد أرواح آلاف المصريين سنويا، وآخرهم الـ 12 طالبا في كلية الطب بجامعة الجلالة، في الحادث المروع على طريق "الجلالة - العين السخنة"، مساء الإثنين.
الحادث، الذي خلف 33 مصابا، بينهم 8 في العناية المركزة، أرجعته النيابة العامة في بيان لها، الثلاثاء، إلى السرعة الزائدة للسائق، الذي أظهر التحليل المبدئي تعاطيه "جوهرا مخدرا"، لتأمر النيابة بعرض السائق على مصلحة الطب الشرعي لإجراء تحليل نهائي له.
وتعد السرعة الزائدة إلى جانب عدم الالتزام بقوانين المرور وسوء حالة الطرق، أبرز 3 أسباب لحوادث الطرق في مصر.
حجم المأساة؟.. أرقام رسمية تكشفه
بحسب الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مايو الماضي شهد عام 2023 وفاة 5861 شخصا بسبب حوادث الطرق، وهو رقم أقل مما سُجل في 2022 والذي بلغ حينها 7762 شخصا، في انخفاض بنسبة 24.5%، بحسب بيانات الجهاز.
لكن الأمر مختلف فيما يتعلق بالإصابات في حوادث الطرق حيث سجل 2023 نحو 71 ألف إصابة (71016 تحديدا)، بزيادة 27% عن عام 2022، الذي سُجل خلاله 56 ألف إصابة تقريبا (55991 تحديدا).
الدولة.. تطوير وتقصير
وبينما أشاد الباحث بالاقتصاد السياسي، عمرو الهلالي بـ "المردود الإيجابي" لجهود الدولة بـ"زيادة حجم شبكة الطرق ورفع كفاءتها" واصفا تلك الجهود بأنها "حتمية" في ظل وجود ملايين المركبات في مصر، والتكدس المروري الذي تعانيه محافظات عدة وعلى رأسها القاهرة.
ويرى الخبير بالاقتصاد السياسي، عبد النبي عبد المطلب، "إغفال الحكومة بعض التفاصيل خلال تدشينها شبكة الطرق الجديدة أو تحسين جودة القديمة"، بحسب تصريحاتهما في أغسطس الماضي لموقع "الحرة".
وسلط الخبير الاقتصادي. الضوء على أزمة إنارة الطرق. مشيرا إلى مشروعات الطرق لم تأخذ في الحسبان مسألة "توصيل الكهرباء لأعمدة الإنارة خلال الليل"، كما أن استخدام الطاقة الشمسية لم يتم بصورة صحيحة، مشيرا إلى أن العديد من الطرق تكون تكون "مضاءة نهارا ومعتمة ليلا"، ما يساهم في استمرار الحوادث على حد تعبيره.

أما الكاتب والمحلل السياسي، مجدي حمدان، فيرى أن استمرار الحوادث في مصر يرجع أساسا إلى "غياب الرادع السريع" مشيرا إلى العقوبات المذكورة في "قوانين المرور" لا تطبق على الجميع، ولا توجد "عدالة في فرض العقاب"، فهناك من ينتهك القوانين وهو يعلم أنه "لن يحاسب أو يتم جزاءه"، بسبب "وظيفته أو علاقاته"، وفق حديثه لموقع "الحرة" أغسطس الماضي.
ويتفق أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة مصر اليابان، سعيد صادق، مع رأي حمدان، حيث يرى "صادق" أن الدولة اهتمت بالاستثمار في "الحجر قبل البشر"، فقد دشنت طرقات، لكنها لم تعلم الناس "قوانين القيادة الصحيحة، ولم تضع عقوبات لردع المخالفين"، بحسب تصريحه لموقع "الحرة" قبل شهرين تقريبا.