معظم الكهرباء في مصر تُولد عن طريق الغاز
مصر واجهت مشكلة في إنتاج الكهرباء قبل شهور

تولي وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية أهمية خاصة لبدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي المصري السعودي بقدرة 1500 ميغاوات خلال مطلع صيف 2025، وذلك بعد تأخر دام لأكثر من 4 سنوات، نتيجة لحدوث بعض المتغيرات في مسارات خطوط الربط.

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، قال الصحفي المتخصص في شئون الطاقة، محمد صلاح ، إن مشروعات الربط الكهربائي مع أفريقيا وآسيا تهدف إلي تحويل مصر لتصبح مركزا محوريا للطاقة ونقطة التقاء بين دول وقارات العالم المختلفة، منوها إلى أن هناك تقدماً كبيراً في معدلات تنفيذ أعمال الكابل البحري لمشروع الربط الكهربائي المصري السعودي بنسبة تتجاوز 60%، علما بأنه توجد متابعة دورية للأعمال التنفيذية بالمشروع.

ونوه صلاح إلى أن المشروع يمثل ارتباطاً قوياً بين أكبر شبكتين للكهرباء في المنطقة العربية، بإجمالي قدرات 150 ألف ميغاوات. إذ تمثل إجمالي القدرات المولدة من شبكات الكهرباء المصرية والسعودية 38% من إجمالي الطاقة المنتجة بالوطن العربي.

وسوف يسمح المشروع لكلا البلدين بتبادل ما يصل إلى 3 غيغاوات في أوقات الذروة، مما يوفر إمدادات الطاقة لأكثر من 20 مليون شخص باستخدام أحدث التقنيات، لضمان أقصى قدر من الكفاءة، إضافة إلى أنه يسمح بتحسين كفاءة شبكات النقل وتبادل الطاقة، مما يقلل البصمة الكربونية الإجمالية.

يذكر أن تكلفة المشروع تبلغ 1.6 مليار دولار، يخُص الجانب المصري منها 600 مليون دولار ويسهم في التمويل إلى جانب الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية كل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والبنك الإسلامي للتنمية، بالإضافة إلى الموارد الذاتية للشركة المصرية لنقل الكهرباء، إذ يتم تبادل 3 آلاف ميغاوات في أوقات الذروة التي تختلف بفارق 3 ساعات بين البلدين.

وفيما يتعلق بالخطوات التنفيذية للمشروع، أكد النائب محمد زين الدين، عضو مجلس النواب المصري في تصريحات للحرة أن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة تضع المشروع على رأس أولوياتها في الفترة المقبلة.

وفيما يتعلق بأهمية المشروع في ضمان استقرار الشبكة الكهربائية في مصر، قال زين الدين إن هذا المشروع يعمل بشكل جاد من أجل تحقيق استقرار الشبكة الكهربائية خلال أشهر الصيف العام المقبل وبما يحد من المشكلات السابقة في هذا الشأن.

وأشار زين الدين إلى أن الجانبين المصري والسعودي انتهيا من 60% من الأعمال الخاصة بالمشروع على أن يبدأ التشغيل الفعلي في مايو المقبل.

وأكد عضو مجلس النواب، أن الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، بداية حقيقة لحل مشكلات الكهرباء في كلا البلدين، كما أنه فرصة عظيمة من أجل تعظيم الاستفادة وزيادة الربط بين جميع الدول العربية.

وعلى صعيد تعزيز التعاون الإقليمي، قال عضو مجلس إدارة المجلس العربي للطاقة المستدامة، محمد سليم سالمان، في تصريحات خاصة للحرة، إن هذا المشروع يعكس رؤية استراتيجية تعزز التكامل الإقليمي في قطاع الطاقة، ويعتبر علامة فارقة في مشروعات التعاون الإقليمي من خلال تقنية حديثة تعتمد على الجهد الفائق والتيار المستمر (HVDC) جهد 500 ك ف، ليكون الأول من نوعه في المنطقة الذي يوظف هذه التقنية.

وأوضح سالمان الجوانب الفنية للمشروع، وبينها تقنية الجهد الفائق والتيار المستمر التي تتيح نقل كميات ضخمة من الكهرباء عبر مسافات طويلة بكفاءة عالية، مع تقليل الفقد في الطاقة مقارنة بالتيار المتردد.

كما تتميز بقدرتها على الربط بين شبكات ذات ترددات مختلفة، إذ تعمل الشبكة السعودية بتردد 60 هرتز، بينما تعمل الشبكة المصرية بتردد 50 هرتز.

وستكون محطات التحويل الرئيسية  قادرة على تحويل الكهرباء بين التيار المستمر والمتردد بما يلبي احتياجات البلدين.

ويتضمن المشروع إنشاء خطوط نقل تمتد لمسافة تتجاوز 1350 كيلومترا، وعبر كابل بحرى تحت مياه البحر الأحمر بطول 22 كيلومترا.

وتشمل المحطات الرئيسية محطات تحويل في كل من بدر في مصر، وتبوك، والمدينة المنورة بالسعودية.

ويُتيح المشروع تبادل الكهرباء بين مصر والسعودية وفقاً للاحتياجات الموسمية وفترات الذروة المختلفة، إذ يرتفع الطلب في مصر خلال فصل الصيف وساعات الذروة المسائية، بينما يزداد الطلب في السعودية خلال فصل الشتاء ووقت الذروة منتصف النهار، وهذا التكامل يعزز مرونة ومتانة وكفاءة تشغيل الشبكتين، مع اعتبار كل شبكة بمثابة مخزون كهربائي احتياطي للأخرى.

وأشار عضو مجلس إدارة المجلس العربي للطاقة المستدامة إلى أهمية المشروع، خاصة في مواجهة تحديات صيف 2025، إذ يأتي صيف العام المقبل محمّلاً بتوقعات ارتفاع غير مسبوق في الطلب على الكهرباء نتيجة النمو الاقتصادي والسكاني المتزايد، فضلاً عن تزايد الاعتماد على التكييفات والأجهزة الكهربائية في ظل ارتفاع درجات الحرارة مما يساهم في تقليل انقطاعات الكهرباء من خلال نقل الكهرباء من الشبكة ذات الفائض إلى الشبكة ذات العجز، مما يعزز استقرار الشبكتين.

كما يؤدي إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد واستغلال القدرات الإنتاجية للطاقة المتجددة في مصر والسعودية بشكل تكاملي، وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي عبر استخدام فائض الكهرباء من المصادر المتجددة في كلا البلدين.

ويمثل المشروع منصة لتعظيم العائد الاقتصادي عبر خفض تكاليف الإنتاج من خلال تبادل الكهرباء بأقل تكلفة، وتعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة، بفضل استقرار الشبكات وإمكان التوسع في مشروعات الرياح والطاقة الشمسية، وفتح أسواق جديدة للتجارة الكهربائية، تمهيداً لإنشاء سوق كهربائية عربية مشتركة تربط الدول الخليجية وشمال أفريقيا وأوروبا.

مصر والصين

لم يكن الدخان الذي خلفته المقاتلات الصينية في سماء الأهرامات مجرد خلفية لمناورة مشتركة بين مصر والصين. كان رسالة، بل إعلانا جيوسياسيا بأن بكين لم تعد تكتفي بمراقبة الشرق الأوسط عن بعد. 

هذه المرة، جاءت بمقاتلاتها (J-10) ووضعتها في سماء حليف استراتيجي للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاما.

لمناورة "نسر الحضارة 2025" بعد رمزي أيضا.

نحن نتحدث عن أول تدريب جوي مشترك بين الجيشين الصيني والمصري. لفترة قصيرة؟ نعم. لكن الدلالة ضخمة. إنها إشارة إلى شيء ما في طور التشكل، إلى فراغ تُحاول الصين أن تملأه حيث يتراجع الحضور الأميركي.

تغيير في قواعد اللعبة

"هذه المناورات تحمل أبعادا تتجاوز التدريب. إنها تغيير في قواعد اللعبة"، يقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، لموقع الحرة.

تشير هذه التدريبات النوعية، من ناحية أخرى، إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري الصيني المصري. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاها واضحا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية، يضيف بيرمان.

"ورغم أن مصر ما زالت ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، فهي ترسل إشارات واضحة: لن نعتمد على مصدر واحد. التنوع في التسليح، وتبادل الخبرات، والانفتاح على التكنولوجيا الصينية".

هذا ليس حيادا. هذه موازنة جديدة للقوة.

يشير بيرمان إلى أن "إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر". ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تتجاوز مجرد البحث عن بدائل للتسليح؛ فهي تُمثل نافذة استراتيجية بالنسبة لمصر للانفتاح على أحدث التقنيات العسكرية الصينية، وذلك في سياق جهودها المستمرة لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطها الإقليمي المضطرب.

فوق الأهرامات... تحت الرادار

بدا مشهد الطائرات الصينية فوق الأهرامات وكأنه من فيلم دعائي عن القوة الناعمة الصينية. لكن خلف الصورة الرمزية، هناك رسائل أمنية كثيرة. 

تقارير إسرائيلية لفتت إلى معلومات بأن بكين تجمع معلومات استخباراتية تحت غطاء التدريبات، التي قد تكون أيضا اختبارا لقدرة الصين على القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن حدودها.

أين واشنطن من هذا كله؟

حين تبتعد أميركا عن الشرق الأوسط خطوة، ثمة دائما من يتحرك ليملأ الفراغ. والسؤال هو: هل تتهيأ بكين لتكون البديل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة؟

وهل تقف القاهرة على مفترق طرق فعلا، أم أنها تلوّح بورقة بكين لتحسين شروط علاقتها بواشنطن؟

تحولات في طور التشكل تُلزم واشنطن بإعادة قراءة المشهد، وإعادة ضبط إيقاع حضورها في منطقة لم تعد تتحمّل الغياب الأميركي.

التعاون الثنائي

على الصعيد الثنائي، تشير هذه التدريبات النوعية إلى مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الصين ومصر. فبدلا من الاقتصار على صفقات التسلح التقليدية، نشهد اتجاهًا واضحًا نحو بناء قدرات عسكرية مشتركة وتبادل خبرات ميدانية.

يرى بيرمان في هذا السياق أن "الحكومة الصينية تسعى بوضوح إلى سد الفجوات في المناطق التي يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها، وتحاول استغلال هذه العلاقات لصالحها ولإضعاف الغرب". 

ويضيف: "هذا التدريب المشترك يحمل أهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية".

يُعد اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لإجراء هذه المناورات المتقدمة دليلاً على اعتراف الصين المتزايد بالدور الحيوي الذي تلعبه مصر في المنطقة. كما يعكس هذا الخيار سعي بكين الحثيث لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الحيوية عبر تأسيس تعاون عسكري متين مع قوة إقليمية مركزية كالقاهرة، وفقا لإيلان.

تنوع مصادر التسليح

تحصل مصر على مساعدات عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، وهي ثاني أكبر متلق للدعم العسكري الأميركي بعد إسرائيل. لكن على الرغم من ارتباطات مصر العسكرية التقليدية، تعتبر القاهرة شراكتها المتنامية مع الصين فرصة استراتيجية لتنويع مصادر التدريب والتسليح.

"إعادة تقييم القاهرة لتحالفاتها وعلاقاتها مع واشنطن تُعتبر خطوة كبيرة، وتمثل هذه الوضعية فرصة كبيرة للصين ولمصر"، يقول بيران.

تحولات استراتيجية قيد التشكل

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، تُثير هذه المناورات تساؤلات حول أهداف التعاون المصري الصيني، خاصة في ظل التنافس الاستراتيجي المحتدم بين واشنطن وبكين على النفوذ.

من زاوية أخرى، تشير المناورات أن الصين تحاول اختبار قدراتها على تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بعيدة عن قواعدها الرئيسية، وتقييم درجة التوافق التشغيلي بين أنظمتها العسكرية وأنظمة دول أخرى ذات خصائص مختلفة.

ويذهب إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "المناورات الجوية الصينية المصرية "نسر الحضارة 2025" تتجاوز الإطار التقني للتدريبات العسكرية لتُمثل مؤشرا جيوسياسيا بالغ الأهمية". 

وتحمل المناورات في طياتها رسائل إقليمية ودولية متعددة الأبعاد، خصوصاً بعد إعادة الولايات المتحدة صياغة سياستها الخارجية على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق كثيرا من الفراغ السياسي.