المصور الصحفي المصري حمدي مختار
المصور الصحفي المصري حمدي مختار

كانت طفلة في الثانوية العامة عندما اعتقلت السلطات والدها، وتقف اليوم وسط المحكمة برداء المحاماة الأسود لتدافع عنه. 

"لم يحضر حفل تخرجي،" تتحدث ميرنا مختار، بنبرة حزينة لكن متفهمة، عن والدها المصور الصحفي حمدي مختار، الذي اعتقلته السلطات المصرية وأبقته رهن الحبس الاحتياطي من دون محاكمة لسنوات عدة.

في السادس والعشرين من سبتمبر 2016، علمت طالبة الثانوية العامة بنبأ اعتقال والدها المصور المعروف بـ"الزعيم".

وفي الخامس من يناير الجاري أحيل إلى المحاكمة، وانبرت ابنته، المحامية، لتمثيله. "ننتظر تحديد موعد أول جلسة،" تقول ميرنا مختار لموقع "الحرة".

قضى "الزعيم"، عامين في الحبس الاحتياطي بعد القبض عليه عام 2016 من أمام نقابة الصحفيين وسط القاهرة، قبل إخلاء سبيله بتدابير احترازية عام 2018.

عاودت السلطات القبض عليه مجددا في يناير 2021. ولأربعة أعوام استمر حبسه من دون محاكمة باتهامات، من بينها "نشر أخبار كاذبة"، و"الانضمام لجماعة إرهابية".

"حالات أخرى مثل مختار"

حمدي مختار واحد من بين عشرات الصحفيين المعتقلين في مصر من دون محاكمات، يقول نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، لموقع "الحرة"

وأضاف: "لدينا عدد كبير من الصحفيين طالت فترات حبسهم فوق الخمس سنوات. يستحقون الإفراج وألا تتم إحالتهم إلى المحاكمة محبوسين، لأنهم تجاوزوا فترات الحبس الاحتياطي".

"الحبس الاحتياطي".. تفاؤل بعد توجيهات السيسي وشكوك بشأن التنفيذ
في خطوة جاءت استجابة لتوصيات الحوار الوطني، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة.

كان البلشي رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، حينما ألقي القبض على "الزعيم" من أمام النقابة عام 2016، وقال: "كان يمارس عمله وقت القبض عليه، ولم يكن قد نشر شيئا".

سنوات الحبس الاحتياطي

كانت ميرنا في الثانوية العامة حينما ألقي القبض على والدها، وحُبس لعامين ثم أخلي سبيله بتدابير احترازية "أي كان المطلوب منه الذهاب بشكل دوري إلى قسم الشرطة".

وأضافت في حديثها للحرة: "استمر هذا الوضع حتى القبض عليه مجددا في يناير 2021".

على مدار سنوات الحبس كانت الزيارات قليلة.. وعن هذه الصعاب توضح المحامية الشابة: "فكرة التفتيش الذاتي والمعاناة خلال الزيارات كانت تمثل هاجسا لوالدي، فكان يفضل أن تكون قليلة".

قالت أيضًا إنها ترى والدها في المحكمة مع موعد جلسات تجديد الحبس كل 45 يوما.. "بصفتي محاميته، ومع الإحالة للمحاكمة ستكون هناك هيئة دفاع بجواري".

المصور الصحفي حمدي مختار خلال إحدى جلسات تجديد حبسه

يمتلك "الزعيم" ثلاثة أبناء غير ميرنا، فهناك فارس الذي كان في مرحلة رياض الأطفال "كي جي وان"، حينما قُبض على والده أول مرة، وحاليا في الصف الثاني الإعدادي (12 عاما).

ومالك المولود عام 2017، أي بعد أشهر قليلة من القبض على والده. وتقول عنه شقيقته: "لم يعاصر أبي جيدا، وحاليا هو في الصف الثالث الابتدائي". 

وهناك أيضا ملك التي تدرس في الجامعة حاليا، وكانت في المرحلة الإعدادية حينما قبض على والدها لأول مرة.

"معكِ بقلبي"

تذكرت المحامية الشابة لحظة أول لقاء مع والدها في المحكمة بعد أكثر من عام لم تره فيه، وقالت: "قابلته لأول مرة بعد القبض عليه عام 2021، خلال إحدى جلسات المحكمة لتجديد الحبس، بعدما أنهيت دراسة الحقوق في الجامعة، ووقفت أمامه لأول مرة بروب (رداء) المحاماة الأسود".

وأضافت حمدي: "كانت أول مرة يراني بزي المحاماة.. فرح بشدة وقال إنه فخور بي، وإنه معي بقلبه حتى لو كان جسده بعيدا".

وتابعت وهي تتحدث عن اشتياق الأسرة للأب الغائب: "الوضع صعب. والدتي عاشت كل هذه الظروف مع أطفال بدونه. كان من المفترض أن يشاركنا المناسبات، من أعياد وشهر رمضان، وحفل تخرجي ولحظة مناقشة رسالة الماجستير".

مطلب نقابي

لم يُواجه خلال جلسات التحقيقات "بدليل، وقابلته يوم الإحالة إلى المحاكمة في 5 يناير، واتضح عليه الإعياء"، تضيف المحامية.

وواصلت للحرة: "والدي مريض سكري وكان خلال الجلسة يتعرّق بشدة وجسده يرتعش. حالته كانت متدهورة صحيا ويعاني من انزلاق غضروفي أثر على حركته، ونظره ضعف بشدة".

وأضافت: "تغيّر على مدار سنوات الحبس.. غزا الشيب رأسه".

كان "الزعيم" يعمل لصالح مواقع محلية وأجنبية، وتوقفت حياته العملية في ظل سنوات التدابير الاحترازية، وفق ابنته التي طالبت بإخلاء سبيله، كونه كان "يمارس عمله الصحفي".

شارك البلشي نفس المطالب، لكن ليس بحق المصور الصحفي فقط، وقال: "لدينا حاليا 24 صحفيا محبوسين، من بينهم 16 تجاوزوا فترات الحبس الاحتياطي بسنوات".

وأضاف للحرة: "مطلبنا ثابت بإطلاق سراح جميع الصحفيين المحبوسين وتبييض السجون من المحبوسين في قضايا ذات اتهامات مكررة ومتشابهة. وهذه ستكون رسالة جيدة في ظل الظروف التي نمر بها".

وفي أغسطس الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعته كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، من دون أن يتحول إلى عقوبة.

وأشار بيان رئاسي حينها، إلى أن السيسي وجّه بتفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.

وكان "الحوار الوطني" الذي أقامته الدولة مع أحزاب وكيانات معارضة، قد رفع إلى رئيس الجمهورية 24 توصية تدعو لتخفيض مدد الحبس الاحتياطي إلى 4 أشهر في قضايا الجنح، بدلا من 6 أشهر.

كما أوصى بتخفيضها إلى 12 شهرا في قضايا الجنايات، بدلا من 18 شهرا، وكذلك تخفيضها إلى 18 شهرا في القضايا التي تصل عقوبتها إلى المؤبد أو الإعدام، بدلا من 24 شهرا.

لكن لم يتحول ذلك إلى واقع، حيث يناقش البرلمان المصري قانونا جديدا متعلقا بالإجراءات الجنائية، أثار انتقادات نقابات ومجموعات حقوقية في البلاد.

وقالت نقابتا المحامين والصحفيين المصريتين ومنظمات حقوقية محلية ودولية وأحزاب سياسية وخبراء أُمميون مستقلون، في بيان مشترك صدر في ديسمبر الماضي، إن مشروع القانون يمكّن مسؤولي النيابة العامة والقضاة من إبقاء الناس محبوسين احتياطياً لأشهر أو سنوات، من دون جلسات استماع مناسبة أو أدلة على ارتكاب مخالفات.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمشير خليفة حفتر
زيارة حفتر للقاهرة تأتي قبل أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت في القاهرة، المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، لأول مرة منذ سبتمبر 2021 وبحث الطرفان عددا من القضايا المتصلة بالشأن الليبي والوضع الإقليمي.

وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي أكد "حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية".

وشدد السيسي وفق البيان على "أهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية" المنتظرة في البلاد.

وأكد الرئيس المصري، السبت، "ضرورة منع التدخلات الخارجية" في ليبيا "وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية".

وفي ليبيا، دعم مرتزقة روس المشير حفتر ضد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، والتي تعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا.

وتأتي زيارة حفتر الأخيرة للقاهرة قبل أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الوطنية، والتي أرجئت مرارا بسبب الخلافات حول إطارها القانوني.

وتحاول ليبيا، التي تشترك في حدودها الشرقية مع مصر، التعافي من سنوات من الصراع في أعقاب الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 وأنهت أربعة عقود من حكم معمر القذافي.

مواقف متباينة

وكان الرئيس السيسي من الداعمين الرئيسيين للمشير حفتر في ما مضى، لكنهما اتخذا مواقف متعارضة في الحرب في السودان، على الحدود الجنوبية للبلدين.

ودعمت القاهرة الجيش السوداني بقيادة رئيس الأركان عبد الفتاح البرهان، في حين يقول محللون إن خليفة حفتر نقل الوقود والأسلحة والمقاتلين إلى قوات الدعم السريع شبه العسكرية لحساب الإمارات العربية المتحدة.

ونفت أبوظبي، وهي حليف رئيسي للرئيس السيسي والمشير حفتر، إمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة.