يتوقع أن تسهم صفقات إمداد كوريا الشمالية لروسيا بالسلاح، في "بعث الحياة" من جديد في اقتصاد بيونغ يانغ، الذي يقع تحت وطأة أزمات اقتصادية متلاحقة، بحسب ما أكده خبراء.
ووجهت الولايات المتحدة اتهامات جديدة هذا الشهر لكوريا الشمالية، بتقديم أسلحة وذخيرة لمساعدة بوتين في الحرب، بما فيها قذائف وصواريخ.
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه إدارة بايدن، أن الأسلحة الكورية لن تؤثر كثيرا في ساحة المعركة، فإن هذه المبيعات من شأنها أن تكون بمثابة "شريان حياة حيوي" لدولة معزولة عن التجارة العالمية، بحسب تقرير لـ"بلومبرغ".
وبينما تنفي كوريا الشمالية المزاعم الأميركية بشأن عمليات نقل الأسلحة، تبقى أي صفقات من هذا النوع في هذا التوقيت، "مناسبة" لاقتصاد كوريا الشمالية الضعيف والذي واجه، خلال الجائحة، واحدا من أكبر الانكماشات منذ عقود.
وفشل اقتصاد بيونغ يانغ من تحقيق أي نمو في عام 2021، وتواصلت المصاعب التي واجهها العام الماضي، وفقا لـ"بنك كوريا" في سيول، أحد الكيانات القليلة التي تصدر تقييمات منتظمة للتوقعات الاقتصادية بالبلد.
وتمتلك كوريا الشمالية "مخازن ذخيرة كبيرة جدا وترسانة أسلحة تضم أكثر من 21 ألف قطعة مدفعية"، بحسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.
خبير الأسلحة، جوست أوليمانز، يبرز أن "كوريا الشمالية ستبحث عن أقرب فرصة للتخلص من مخزوناتها القديمة من الذخائر بسعر كبير".
وأضاف أوليمانز الذي شارك في تأليف كتاب عن القوات المسلحة لكوريا الشمالية، أن النظام صنّع "عددا لا يحصى" من المدفعيات القديمة التي تتوافق مع بعض الأنظمة الروسية.
ولم تقدم الولايات المتحدة تفاصيل عن كمية الأسلحة التي تعتقد أن كوريا الشمالية أرسلتها إلى روسيا، لكن إدارة بايدن قالت عندما وجهت اتهاماتها لبيونغ يانغ، لأول مرة في سبتمبر، أن الكرملين أراد شراء ملايين الصواريخ وقذائف المدفعية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، في إفادة صحفية قبل أسبوع، إن هناك أدلة على أن مجموعة فاغنر "كانت تتلقى شحنات ومعدات من كوريا الشمالية"، وعرض صورتين يُزعم أنهما تظهران قطارات روسية مسافرة إلى كوريا الشمالية.
وقال كيربي: "من الواضح أننا ندين تصرفات كوريا الشمالية، ونحث كوريا الشمالية على وقف عمليات التسليم هذه إلى فاغنر على الفور"، مشيرا إلى الفوائد التي تعود على نظام كيم من عمليات الإمداد.
واعتبر أوليمنز في تصريح لـ"بلومبرغ"، أن بعض الأسلحة الكورية التي قد تكون مدرجة على قائمة أمنيات بوتين، قد تكون على الأرجح قذائف مدفعية عيار 122 ملم و 152 ملم بالإضافة إلى صواريخ 122 ملم.
وكشف أن سعر هذه الصواريخ الأخيرة، كان حوالي ستة آلاف دولار قبل بضع سنوات، غير أنه يشير إلى أن من الصعب تحديد الأسعار التي تبيع بها كوريا الشمالية هذه الأسلحة اليوم.
وتوقع خبير الأسلحة، أن تكون موسكو وبيونغ يانغ، قد أبرمتا صفقات تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات، مضيفا أ "من المنطقي أن تحصل روسيا أولا على دفعات أصغر لتقييم جودتها وفعاليتها قبل الالتزام بعملية شراء أكبر"، مشيرا إلى أن مدفوعات بقيمة 320 مليون دولار، من شأنها المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على موضوع الدعم الاقتصادي المحتمل لكوريا الشمالية من مبيعات السلاح إلى روسيا، لكنه قال إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من أن بيونغ يانغ، ستسلم المزيد من المعدات العسكرية إلى مجموعة فاغنر.
وتم حظر بيونغ يانغ من مبيعات الأسلحة لأكثر من 15 عاما بموجب قرارات الأمم المتحدة التي ساعدت روسيا في فرضها، على الرغم من أن البلاد تزال تبيع أسلحة إلى دول مثل إيران وسوريا وأوغندا، بحسب التقرير.
من جانبها، توضح أستاذة العلوم السياسية المشاركة في مؤسسة راند في واشنطن، ناوكو أوكي، أن "هناك حوافز اقتصادية وسياسية لكوريا الشمالية لتزويد روسيا بالأسلحة، وقد يكون الاثنان متشابكين".
وتابعت في حديثها لبلومبرغ، أن حاجة كوريا الشمالية للعملة الصعبة هي السبب الاقتصادي الأكثر وضوحا، لكن يمكن تعويض بيونغ يانغ بطرق أخرى، بما في ذلك شحنات الوقود.
ورفض المدير العام المسؤول عن الشؤون الأميركية في وزارة خارجية كوريا الشمالية، كوون جونج كون، مزاعم إمداد موسكو باالسلاح، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة اختلقت شائعة لا أساس لها من الصحة"، في محاولة لتبرير عرضها أسلحة لأوكرانيا.
وأكد كوون في بيان صحفي، أن "محاولة تشويه صورة كوريا الشمالية، من خلال اختلاق شيء غير موجود، هو استفزاز خطير لا يمكن السماح به على الإطلاق، ولا يمكن إلا أن يثير رد فعلها".