تشير دراسة أجريت في خمس دول إلى أن أغلب الاختلافات في احتمال الإصابة بمرض التوحد يمكن إرجاعها لأسباب جينية أكثر من العوامل البيئية مثل أسلوب الحياة وسمات المجتمع وما يحدث أثناء الحمل.
وترسخ اعتقاد منذ فترة طويلة عن أن اضطراب طيف التوحد له سمات جينية موروثة كما أشارت أبحاث سابقة إلا أن بعض السمات غير الموروثة وتصرفات وأساليب الأمهات قد يكون لها دور في ذلك.
ولإجراء الدراسة الحالية قام الباحثون بفحص بيانات مواليد في الفترة من عام 1998 إلى عام 2007 في الدنمارك وفنلندا والسويد وإسرائيل وولاية أستراليا الغربية.
وخلصت الدراسة في الإجمال إلى أن نحو 80 بالمئة من الفروق في احتمالات الإصابة بالتوحد مرتبطة بسمات جينية موروثة لكن ذلك تراوح بين أقل نسبة سجلتها الدراسة في فنلندا وهي 51 بالمئة إلى أعلى نسبة في إسرائيل وهي 87 بالمئة.
وقال سفين ساندن كبير باحثي الدراسة وهو باحث في معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد إن "النتائج تظهر أن العوامل الجينية هي الأكثر أهمية... لكن البيئة تلعب أيضا دورا".
وشملت الدراسة أكثر من مليوني طفل لأكثر من 680 ألف أسرة وتابعتهم إلى أن وصلت أعمارهم إلى 16 عاما وتم تشخيص ما يزيد قليلا عن 22 ألفا منهم بالإصابة بالتوحد.
كما خلصت الدراسة إلى أن عوامل بيئية غير مشتركة تفسر ما يصل إلى 27 بالمئة من الفروق في الإصابة بالتوحد.
وأضاف الباحثون في الدراسة التي نشرت في دورية "جاما سيكاتري" أن ما يسمى بالتأثيرات المتعلقة بالأمومة، مثل الولادة المبكرة والإصابة بمشكلات صحية معينة خلال الحمل، لم تفسر فيما يبدو الفروق في احتمالات الإصابة بالتوحد.
وقال الدكتور جيريمي فينسترا-فانديرويلي الذي شارك في كتابة مقال للرأي للتعليق على الدراسة وهو طبيب نفسي في مركز التوحد وتطور المخ في مستشفى بنيويورك إن "تلك النتائج لا تغير ما نفعله فيما يتعلق بمكافحة الإصابة بالتوحد أو علاجه لكنها تشير إلى أن علينا التفكير في إجراء فحوصات جينية باستخدام التكنولوجيا المتاحة الآن وفي استخدام مقاربات أخرى قد تحقق تقدما على مدى العقد المقبل".
وأضاف عبر البريد الإلكتروني "من الممكن أن يفضي الفهم الأفضل للمخاطر الجينية إلى التنبؤ بالمخاطر قبل التشخيص في المستقبل بما يسمح لنا بالتدخل قبل التشخيص".