اتفاق طبي على أن فيروس كورونا لا ينتقل عن طريق حليب الأم
اتفاق طبي على أن فيروس كورونا لا ينتقل عن طريق حليب الأم

يتفق جميع الأطباء على أهمية الرضاعة الطبيعية لصحة ومناعة الطفل، إلا أنه بعد تفشي فيروس كورونا بشكل كبير وبطرق بعضها غامض، طرحت العديد من الأسئلة حول امكانية انتقال الفيروس عن طريق الرضاعة الطبيعية.

حتى الآن، يوجد اتفاق واضح بين الباحثين على أنه لا يوجد أي دليل على أن الفيروس قد ينتقل عن طريق الرضاعة، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

فقد قام الباحثون في جامعة كاليفورنيا بجمع عينات من الحليب الأمهات المصابات وتم إنشاء اختبار خاص لتحديد مقدار  نسبة الفيروس في حليب الأم المصابة.

وقال الباحثون إن فرص وجود كميات كبيرة من الفيروس في الحليب ضئيلة للغاية، لكنهم لم يستبعدوا وجوده كليا.

 

الرضاعة غير المباشرة

 

لكن من المؤكد لدى العلماء أنه قد ينتقل عن طريق ملامسة الأم للطفل، لذلك تنصح أحدث مجموعة من التوصيات، التي نشرتها الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، بفصل الأمهات المصابات مؤقتًا عن أطفالهن وضخ الحليب الأم في زجاجات، بدلاً من الرضاعة مباشرة من الثدي.

من جانبه قال الدكتور مارك هوداك، مؤلف مشارك للمبادئ التوجيهية التي وضعتها الاكاديمية الأميركية: "هذه التوصية هي الأكثر أمانا حتى يتم التعرف على المرض أكثر".

ولكن تختلف هذه المبادئ التوجيهية بشكل ملحوظ عن تلك الخاصة بمنظمة الصحة العالمية، وأكاديمية طب الرضاعة الطبيعية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والتي لا تشجع أي منها على وقف الرضاعة الطبيعية المباشرة أو عدم تواجد الطفل مع أمه في نفس الغرفة.

فمنظمة الصحة العالمية تؤكد أن الأمهات المصابات يمكنهن البقاء في نفس الغرفة مع الطفل، والرضاعة الطبيعية المباشرة مع احتياطات النظافة المناسبة مثل ارتداء قناع أثناء تغذية الطفل وغسل اليدين قبل وبعد لمس الطفل.

أما إذا كانت الأم مريضة جدًا بحيث لا يمكنها رعاية مولودها الجديد، فتوصي بأي طريقة أخرى يمكن من خلالها توفير حليب الأم لطفلها.

 

القرار للأم

 

من جانبها، قالت الدكتورة ميليسا بارتيك، أستاذة الطب المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد وخبيرة الرضاعة الطبيعية، إن قرار الرضاعة الطبيعية يعود للأم بعد مناقشة المخاطر والفوائد.

وأضافت: "لا توجد أدلة كافية لدعم التوصيات بفصل الرضع عن أمهاتهم المصابات عند الولادة وإرضاعهم بطريقة غير مباشرة"، مؤكدة أن الرضاعة الطبيعية مفيدة جدا لصحة الأطفال خلال هذا الوباء.

وأشارت إلى أن التلامس الجلدي بين الطفل الرضيع والأم يمكن أن يعزز الترابط بينهما ويزيد من كمية ومدة الرضاعة الطبيعية.

وبالنسبة لإمكانية أن يحمي حليب الأم المصابة بالفيروس الطفل من فيروس كورونا، قالت الدكتورة كريستينا تشامبرز، المدير المشارك لمركز البدايات الأفضل في جامعة كاليفورنيا سان دييغو: "استناداً إلى ما نعرفه عن الفيروسات الأخرى مثل نزلات البرد، فمن الممكن وجود بعض مضادات طبيعية للفيروس في حليب الأمهات، مما قد يحمي الطفل من الإصابة بالعدوى".

طبيب يجري تصويرا بالموجات فوق الصوتية لامرأة حامل يحيط بها زوجها في 13 ديسمبر 2023، في تيرانا. توضيحية.
طبيب يجري تصويرا بالموجات فوق الصوتية لامرأة حامل يحيط بها زوجها في 13 ديسمبر 2023، في تيرانا. توضيحية.

يتسبب الحمل في تغييرات كبيرة تطرأ على جسد المرأة منها ما يتعلق بالهرمونات والقلب والأوعية الدموية والتنفس والهضم والإخراج، لكن دراسة جديدة كشفت أيضا أن الدماغ يتعرض لتغيرات كبيرة منها العابر ومنها ما يستمر لفترات.

وقال باحثون الاثنين إنهم تمكنوا لأول مرة من رسم خريطة للتغيرات التي تطرأ عندما يعيد الدماغ تنظيم نفسه استجابة للحمل، استنادا إلى 26 عملية مسح خلال فترة كبيرة بداية من ثلاثة أسابيع قبل الحمل ومرورا بشهور الحمل التسعة وحتى العامين التاليين للولادة.

ووثقت الدراسة انخفاضا واسع النطاق في حجم المادة الرمادية المعروفة باسم قشرة الدماغ، وهي قشرة متجعدة تشكل الطبقة الخارجية من الدماغ، فضلا عن زيادة في سلامة البنية الدقيقة للمادة البيضاء الداخلية في المخ. وتزامن التغيران مع ارتفاع مستويات هرموني الاستراديول والبروجسترون.

وتتكون المادة الرمادية من أجسام الخلايا العصبية في الدماغ، بينما تتكون المادة البيضاء من حزم من المحاور -‭ ‬الألياف الطويلة والرفيعة- للخلايا العصبية التي تنقل الإشارات لمسافات طويلة عبر الدماغ.

واستندت الدراسة، وهي الأولى من نوعها، إلى حالة واحدة هي إليزابيث كراستيل، خبيرة علم الأعصاب الإدراكية بجامعة كاليفورنيا في مدينة إرفاين والتي شاركت في إعداد الدراسة.

وكراستيل أم لأول مرة أنجبت طفلا سليما عمره الآن أربعة أعوام ونصف العام، وكانت تبلغ من العمر 38 عاما عندما خضعت للدراسة، وعمرها الآن 43 عاما.

وقال معدو الدراسة إنهم منذ استكمالها لاحظوا النمط نفسه لدى العديد من النساء الحوامل الأخريات اللاتي خضعن لفحوص الدماغ في إطار مبادرة بحثية مستمرة تسمى مشروع الدماغ الأمومي. ويهدفون إلى زيادة عدد الحالات التي يشملها المشروع إلى مئات.

وقالت كراستيل "أمر صادم أننا في عام 2024 ولا نملك معلومات تذكر عما يحدث في المخ في أثناء الحمل. هذه الدراسة (البحثية) تفتح الباب أمام أسئلة أكثر مما تجيب عليها، ونحن لا نزال في بداية الطريق للإجابة على هذه الأسئلة".

وأظهرت الفحوص انكماشا بلغ أربعة في المئة في المتوسط للمادة الرمادية في نحو 80 في المئة من مناطق الدماغ التي تمت دراستها. ولم يؤدِ الارتداد الطفيف بعد الولادة إلى عودة حجم القشرة إلى مستويات ما قبل الحمل.

وأظهرت الفحوص زيادة بنحو 10 في المئة في سلامة البنية الدقيقة للمادة البيضاء، وهي مقياس لصحة وجودة الاتصال بين مناطق الدماغ، وبلغت ذروتها في أواخر الثلث الثاني من الحمل وأوائل الثلث الثالث ثم عادت بعد الولادة إلى حالتها قبل الحمل.

وقالت إيميلي جاكوبس، خبيرة علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، كبيرة معدي الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر نيورو ساينس، "يخضع دماغ الأم لتغيير خاص بفترة الحمل، وأخيرا أصبحنا قادرين على مراقبة العملية في الوقت الفعلي".

وأضافت "التقطت دراسات سابقة صورا للدماغ قبل وبعد الحمل. لكننا لم نراقب قط الدماغ في خضم هذا التحول".

وقال الباحثون إنه ليس من الواضح ما إذا كان فقدان المادة الرمادية أمرا سيئا.

وقالت لورا بريتشيت باحثة الدراسات العليا في جامعة بنسلفانيا والمشاركة في إعداد الدراسة "من الممكن أن يكون هذا التغيير إشارة إلى ضبط دقيق لدوائر المخ، وهو أمر ليس بعيدا عما يحدث لجميع الشباب في أثناء الانتقال إلى مرحلة البلوغ عندما تصبح أدمغتهم أكثر تخصصا. قد تكون بعض التغيرات التي لاحظناها أيضا استجابة للمطالب الفسيولوجية الكبيرة للحمل نفسه، مما يُظهر مدى قدرة الدماغ على التكيف".

ويأمل الباحثون في أن يتمكنوا في المستقبل من دراسة مدى إمكانية أن يساعد الاختلاف في هذه التغيرات في التنبؤ بظواهر مثل اكتئاب ما بعد الولادة وكيف يمكن أن يؤثر تسمم الحمل، وهو حالة خطيرة من ارتفاع ضغط الدم قد تتطور في أثناء الحمل، على الدماغ.

وقالت كراستيل إنها لم تكن على علم في أثناء الدراسة بالبيانات التي تظهر التغيرات في دماغها، ولم تشعر بأي اختلاف.

وأضافت، في إشارة إلى الغموض العقلي الذي تعاني منه بعض النساء الحوامل "يتحدث بعض الناس عن 'دماغ الأم' وأشياء من هذا القبيل... ولم أمر بأي شيء من هذا حقا".