دراسة تكشف سر تعرض بعض الناس لمضاعفات كوفيد-19
دراسة تكشف سر تعرض بعض الناس لمضاعفات كوفيد-19

من الأسئلة الأساسية المطروحة الآن بالنسبة لوباء كورونا الفيروسي، لماذا يعاني بعض الناس من مضاعفات خطيرة بعد الإصابة به، فيما لا يشعر آخرون به على الإطلاق؟

دراسة جديدة أعدتها الجمعية الأميركية لعلم الأحياء الدقيقة تحاول الإجابة على السؤال.

ترجح الدراسة أن الاختلافات الجينية في أجهزة المناعة لدى الأشخاص تلعب دورا كبيرا في تفسير هذه التناقضات.

ومنذ ظهوره في نهاية ديسمبر الماضي تسبب الوباء المعروف باسم كوفيد-19 في إصابة قرابة مليونين ونصف المليون شخص، بعضهم تعرض لمضاعفات خطيرة، فيما لم يظهر آخرون أي أعراض، ويسمون بحاملي الفيروس الصامتين. 

وجدت الدراسة أن أجهزة المناعة لدى بعض الناس أقل قدرة على التعرف على الفيروس. لذلك فإن هذه النوعية من البشر تكون أكثر عرضة للإصابة بالمرض بدرجات متفاوتة تتراوح بين خفيفة إلى شديدة تتطلب دخول المستشفى.

في التفاصيل العلمية للنتائج، ركزت الدراسة على جينات مناعية تسمى HLA  أو "مستضدات الكريات البيضاء" وهي لها دور كبير في قدرة الجهاز المناعي على التعرف على مسببات الأمراض، ولكنها متنوعة وتختلف من شخص لآخر.

ويعتقد فريق الباحثين من جامعة أوريغون للصحة والعلوم ومؤسسة بورتلاند فيرجينيا للأبحاث، أن الاختلافات الجينية في HLA قد تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالفيروس المعروف علميا باسم سارس-كوف 2.

ولوحظ تحديدا أن بعض أنواع جينات HLA مرتبطة بحالات شديدة العدوى في بعض المرضى. ويتطابق ذلك مع استنتاجات سابقة متعلقة بفيروس سارس الأصلي الذي ظهر في الصين في عام 2002.

وكتب مؤلفو الدراسة "هذه هي أول دراسة تُبلغ عن توزيعات عالمية لأنواع HLA وأنماطها الفردية ذات التداعيات الوبائية المحتملة في سياق الوباء الحالي".

ويعتبر اختبار جينات HLA سهلا نوعا ما، حسب الباحثين. لذلك فعلي المستوى العملي يمكن أن تسهم هذه الطريقة في إنقاذ أرواح من خلال معرفة الأشخاص المحتمل تعرضهم لمضاعفات خطيرة إذا أصيبوا بكوفيد-19.

وخلصت الدراسة إلى أن "تحديد نوع HLA يمكن أن يكون سريعا وغير مكلف... وربط ُ HLA باختبار كوفيد-19 حيثما كان ذلك ممكنا، قد يحسن تقييم شدة الفيروس لدى الناس".

وأشارت الدراسة إلى أن الأشخاص حاملي جينات HLA عالية المخاطر يمكن منحهم الأولوية بعد تطوير لقاح لكوفيد-19.

وتقول بريا دوجال عالمة الوراثة في جامعة جونز هوبكنز إن فهم كيفية تأثير الخلفية الجينية على استجابات الناس للعدوى قد يمنح العلماء مسارات لأهداف من شأنها تعزيز الاستجابة المناعية للأشخاص.

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم
سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم

معظمنا سيربط خطر الإصابة بسرطان الرئة بالتدخين أو تلوث الهواء، لكن الباحثين اكتشفوا رابطًا مثيرًا للاهتمام بين هذا المرض وجودة النظام الغذائي.

فقد وجد الباحثون من جامعتي فلوريدا وكنتاكي أن جزيء الغليكوغينglycogen – الذي يخزن السكر البسيط الغلوكوز – قد يعمل كمحرك لبعض أنواع سرطان الرئة.

وقد وُجد أن مستويات الغليكوغين كانت أعلى في عينات الأنسجة البشرية لسرطان الغدة القصبية Lung Adenocarcinoma، وهو النوع المسؤول عن 40 بالمئة من حالات سرطان الرئة حول العالم.

وفي تجارب على الفئران، لاحظ الفريق أن زيادة الغليكوغين ساعدت في نمو السرطان بشكل أسرع، في حين أن تقليل وجوده أدى إلى تباطؤ نمو الأورام.

تعتمد الدراسة الجديدة على تقنية تُعرف باسم التمثيل الغذائي المكاني، والتي تتيح للعلماء تحديد خصائص الجزيئات الصغيرة داخل الأنسجة وفقًا لموقعها.

وفي هذه الحالة، استخدم الفريق منصة مصممة خصيصًا لتحليل الأنسجة.

يقول عالم الأحياء الجزيئية رامون صن من جامعة فلوريدا "وفّرت هذه المنصة عدسة جديدة لرؤية الأمراض، مما مكن الباحثين من اكتشاف أنماط وتفاعلات جزيئية لم تكن معروفة من قبل، وبدقة وعمق ملحوظين في الفهم."

كان الباحثون يدرسون العلاقة بين الغليكوغين وأنواع مختلفة من السرطان منذ فترة، ويبدو أن هذا المصدر من الطاقة يعمل كـ"حلوى" للخلايا السرطانية، يمنحها الوقود اللازم للنمو بسرعة، بما يكفي لتجاوز أنظمة المناعة الطبيعية في أجسامنا.

نعلم أن الغليكوغين يأتي من الكربوهيدرات التي نتناولها، ويُعتبر مصدرًا مهمًا للطاقة يُخزن في العضلات، ويستعين به الجسم أثناء التمارين. في الأساس، هو شكل مُخزن من الغلوكوز غير المستخدم على الفور.

كما يتراكم الغليكوغين بشكل أكبر نتيجة النظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات.

وفي هذه الدراسة، أظهرت الفئران التي تم إطعامها بهذا النوع من النظام الغذائي مستويات أعلى بكثير من نمو سرطان الرئة مقارنة بالفئران التي تناولت أنظمة غذائية غنية بالدهون فقط، أو بالكربوهيدرات فقط، أو حتى نظامًا غذائيًا معتدلًا.

أوضح الفريق أهمية اجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة لدى البشر، لكن يبدو أن هناك نوعًا من الارتباط بالفعل.

ويقول رامون صن "على المدى الطويل، ينبغي أن تعكس استراتيجيتنا في الوقاية من السرطان ما حققته حملات مكافحة التدخين من نجاح، من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة والاستراتيجيات القائمة على السياسات التي تشجع على خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض."

من الجدير بالذكر أن مستويات الغليكوغين المرتفعة ظهرت فقط في عينات أنسجة لسرطان الغدة القصبية لدى البشر، ولم تُلاحظ في أنواع أخرى من سرطان الرئة، مثل سرطان الخلايا الحرشفية الرئوي، وهو ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات.

وفي الوقت الحالي، تعتبر هذه النتائج تذكيرًا بمدى أهمية النظام الغذائي لصحتنا العامة. 

تمامًا كما يُعتقد أن اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية ترفع من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، تقول الدراسة إنه قد نضطر قريبًا إلى إضافة سرطان الرئة إلى قائمة الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.