تكرر ظهور المرض في عدة دول أفريقية. أرشيف
تكرر ظهور المرض في عدة دول أفريقية. أرشيف

ظهر مرض "ماربورغ" القديم إلى الواجهة مجددا، بعد الإعلان عن وفاة شخصين في غانا بعد الإصابة به، وقالت منظمة الصحة العالمية إنه فيروس "شديد العدوى"، مما طرح تساؤلات عن خطورته وسبل مكافحته والوقاية منه، في وقت لا يزال فيه العالم يتعافى من جائحة كورونا، ومن إصابة بعض الأشخاص بمرض جدري القردة في عدة دول.

و"ماربورغ" هو "ليس فيروسا جديدا" وفقا للدكتور ضرار بلعاوي، مستشار علاج الأمراض المعدية، وهو من مجموعة "الفيروسات الخيطية"، وتم "اكتشافه عام 1967 في مدينة ماربورغ الألمانية"، ولهذا يحمل اسمها.

وقال بلعاوي في حديثه لموقع "الحرة"، إنه بعد اكتشاف المرض وتكرر ظهوره في "الثمانينيات والتسعينيات والألفية الجديدة، وحاليا في غانا، كانت هناك فاشيات لهذا المرض".

وأضاف أن هذا المرض انتشر "خصوصا في وسط وغرب أفريقيا، بدول مثل الكونغو وغانا وسيراليون، وهذه الفاشيات شملت بضعة عشرات من الناس فقط، الذين أصيبوا بهذا الفيروس، وللأسف معدل الوفيات كان يتراوح من 23 إلى 100 في المئة".

وقالت منظمة الصحة العالمية إن المريضين في منطقة أشانتي بجنوب غانا ظهرت عليهما أعراض من بينها الإسهال والحمى والغثيان والقيء قبل وفاتهما في المستشفى.

وكانت عشرات الحالات من تفشي فيروس ماربورغ سجلت منذ عام 1967، معظمها في جنوب وشرق أفريقيا، حيث تباينت معدلات الوفيات من 24 في المئة إلى 88 في المئة في حالات التفشي السابقة اعتمادا على سلالة الفيروس وإدارة الحالة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

بدوره قال الأخصائي في علم الوبائيات، الدكتور أحمد الطسة، إن ماربورغ يعتبر من "فصيلة الفيروسات النزفية، وليس حديثا، وعوارضه شديدة وقد يتسبب في توقف عمل العديد من الأعضاء".

وأوضح الطسة في حديثه لموقع "الحرة" أن الفيروس يمكن أن "يسبب الإسهال الحاد وأوجاع في البطن والتقيؤ والغثيان، وأن العوارض النزفية تبدأ خلال أسبوع من الإصابة".

وأضاف أن "ما يسبب الوفاة عادة هو التقيؤ والإسهال" اللذان يسببان جفافا في الجسم، و"نسب الوفاة نتيجة الإصابة بهذا المرض قد تتعدى 80 في المئة، حسب حالة المريض وسرعة تشخيص الإصابة". 

كيفية الانتقال

وعن كيفية انتقال هذا الفيروس، يوضح بلعاوي أن ماربورغ هو "من الفيروسات الحيوانية"، والدراسات الحديثة تثبت بأن حاضنته البيولوجية موجودة في "خفاش الفاكهة"، بالإضافة إلى نوع من القردة يسمى "ذا غرين مونكي" (القرد الأخضر).

ولفت إلى أن "طرق الانتشار تكون عبر "الاتصال المباشر بين الحيوان والإنسان، عن طريق الخدش أو التعرض لعضة، أو ملامسة إفرازات الحيوان"، وأوضح أنه يمكن أن ينتقل من شخص إلى آخر عبر "الملامسة اللصيقة، أي أن يلمس الشخص أي سوائل من المصاب، مثل الدم أو اللعاب أو المني أو حليب الثدي، وهو فيروس شديد العدوى".

وتقول منظمة الصحة العالمية إن الفيروس ينتقل إلى الناس من خفافيش الفاكهة وينتشر بين البشر من خلال الاتصال المباشر بالسوائل الجسدية للأشخاص المصابين والأسطح والمواد.

من ناحيته لفت الطسة إلى أن انتقال المرض يحدث عادة "لدى مقدمي الرعاية الصحية للمصابين بالفيروس، وهم الأكثر عرضة للإصابة"، مؤكدا أن الانتقال يمكن أن يحصل عبر "السوائل أو اللمس أو ممارسة الجنس، ولا يمكن أن ينتقل من خلال التنفس أو عبر الهواء، وهو ما يحد من انتشاره".

الخروج عن السيطرة؟

ولدى سؤاله عن إمكانية خروج المرض عن السيطرة، قال بلعاوي "لا يمكن أن يحدث ذلك، لأن هذا المرض قديم منذ عام 1967 وحصلت منذ ذلك الحين أكثر من 20 فاشية، والمرض لا ينتقل بسهولة، ويحتاج إلى تلامس لصيق للانتقال، على عكس فيروس كورونا مثلا الذي يمكن أن ينتقل عبر التنفس والهواء".

وأشار إلى أن المرض يمكن أن يصل إلى منطقة الشرق الأوسط، لأن "العالم منفتح عبر قطاع المواصلات والنقل، وقد يصل شخص مريض إلى دولة عربية ويختلط بشكل لصيق مع أشخاص آخرين وينقل لهم العدوى، ولكن حالات الإصابة ستكون محدودة للغاية، ولا يمكن أن يتحول إلى وباء أو جائحة".

وأكد أن "العالم مستعد لمواجهة هذا المرض، لأن ماربورغ وإيبولا هما من نفس عائلة الفيروس، وليسا جديدين، وهناك خبرة في التعامل مع مثل هذه الحالات، لاسيما في الدول الأفريقية التي يظهر لديها هذا الفيروس بين الفينة والأخرى"، بالإضافة إلى أن "الفيروس معلوم ومعروفة تركيبته وكيفية التعامل معه، وهناك أبحاث جارية لإنتاج لقاحات وعلاجات".

من جانبه قال الطسة إن المرض "يمكن أن يخرج عن السيطرة في حال انتشرت الإصابات بكثرة، نتيجة الانتقال الكثير للبشر (السفر)، ومنظمة الصحة العالمية تحذر من انتشاره".

وتابع الطسة قائلا: "أعتقد أن فيروس ماربورغ الآن سيشكل مادة للدراسة وموضوع للاهتمام، لأن منظمة الصحة العالمية تقول إن الانتشار ممكن أن يكون أسرع مما يعتقد، وذلك يمكن أن يسرع من إنتاج اللقاحات، وماربورغ لن يختفي فجأة".

الأعراض

وعن أعراض الإصابة بمرض ماربورغ، يقول بلعاوي إنها "تبدأ كأعراض عادية مثل ارتفاع درجة الحرارة والصداع والآلام في العضلات"، وتتطور إلى "الحمى النزفية".

وأوضح أن "الحمى النزفية تعني أن المريض يبدأ بالنزف تحت الجلد، وتنزف أعضاؤه الداخلية، ويمكن أن ينزف من العين أو الأذن"، ولهذا يعتبر ماربورغ من "فيروسات الحمى النزفية".

التعافي والعلاجات

ويؤكد بلعاوي أن بعض المصابين بهذا المرض "يمكن أن يتعافوا منه في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع"، ويعتمد ذلك على "منطقة الإصابة وحدة التفشي"، والبعض الآخر "يتوفوا نتيجة الإصابة".

وبالنسبة للعلاجات واللقاحات أكد أنه "لا يوجد علاج أو لقاح مضاد لفيروس ماربورغ"، مشيرا إلى "وجود علاجات تدعيمية" قد تساهم في تخفيف حدة الإصابة "مثل علاجات بالوريد وسوائل، وعوامل تخثر لمكافحة النزيف، بالإضافة إلى بعض مضادات الألم والالتهابات للسيطرة على الأعراض".

من ناحيته قال الطسة إن "هناك علاجات تساعد على منع الوفاة أو تحد من نسبة الوفيات إذا اكتشف المرض في أوقات مبكرة" من الإصابة.

ولفت بلعاوي إلى أن ماربورغ الذي يعتبر من "الفيروسات الخيطية، وفيروسات الحمى النزفية، يشترك معه فيروس إيبولا، وهما من نفس العائلة"، مشيرا إلى أن فيروس إيبولا "يوجد هناك لقاح مضاد له واكتشف عام 2016، ويوجد هناك أيضا علاج له مثل الأجسام المضادة".

وفيما يخص إجراءات الوقاية، شدد بلعاوي على ضرورة "عدم الاختلاط مع المرضى المصابين، وعلى المعالجين لبس الكمامات والقفازات".

وقالت السلطات الصحية في غانا إنها تعمل على الحد من أي خطر لانتشار الفيروس، بما في ذلك عزل جميع المخالطين الذين تم تحديدهم، ولم تظهر أي أعراض على أي منهم حتى الآن.

وقال ماتشيديسو مويتي، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا: "استجابت السلطات الصحية (الغانية) بسرعة، وبدأت في الاستعداد لتفش محتمل. وهذا أمر جيد لأنه بدون اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة، يمكن لماربورغ أن يخرج عن السيطرة بسهولة".

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم
سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم

معظمنا سيربط خطر الإصابة بسرطان الرئة بالتدخين أو تلوث الهواء، لكن الباحثين اكتشفوا رابطًا مثيرًا للاهتمام بين هذا المرض وجودة النظام الغذائي.

فقد وجد الباحثون من جامعتي فلوريدا وكنتاكي أن جزيء الغليكوغينglycogen – الذي يخزن السكر البسيط الغلوكوز – قد يعمل كمحرك لبعض أنواع سرطان الرئة.

وقد وُجد أن مستويات الغليكوغين كانت أعلى في عينات الأنسجة البشرية لسرطان الغدة القصبية Lung Adenocarcinoma، وهو النوع المسؤول عن 40 بالمئة من حالات سرطان الرئة حول العالم.

وفي تجارب على الفئران، لاحظ الفريق أن زيادة الغليكوغين ساعدت في نمو السرطان بشكل أسرع، في حين أن تقليل وجوده أدى إلى تباطؤ نمو الأورام.

تعتمد الدراسة الجديدة على تقنية تُعرف باسم التمثيل الغذائي المكاني، والتي تتيح للعلماء تحديد خصائص الجزيئات الصغيرة داخل الأنسجة وفقًا لموقعها.

وفي هذه الحالة، استخدم الفريق منصة مصممة خصيصًا لتحليل الأنسجة.

يقول عالم الأحياء الجزيئية رامون صن من جامعة فلوريدا "وفّرت هذه المنصة عدسة جديدة لرؤية الأمراض، مما مكن الباحثين من اكتشاف أنماط وتفاعلات جزيئية لم تكن معروفة من قبل، وبدقة وعمق ملحوظين في الفهم."

كان الباحثون يدرسون العلاقة بين الغليكوغين وأنواع مختلفة من السرطان منذ فترة، ويبدو أن هذا المصدر من الطاقة يعمل كـ"حلوى" للخلايا السرطانية، يمنحها الوقود اللازم للنمو بسرعة، بما يكفي لتجاوز أنظمة المناعة الطبيعية في أجسامنا.

نعلم أن الغليكوغين يأتي من الكربوهيدرات التي نتناولها، ويُعتبر مصدرًا مهمًا للطاقة يُخزن في العضلات، ويستعين به الجسم أثناء التمارين. في الأساس، هو شكل مُخزن من الغلوكوز غير المستخدم على الفور.

كما يتراكم الغليكوغين بشكل أكبر نتيجة النظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات.

وفي هذه الدراسة، أظهرت الفئران التي تم إطعامها بهذا النوع من النظام الغذائي مستويات أعلى بكثير من نمو سرطان الرئة مقارنة بالفئران التي تناولت أنظمة غذائية غنية بالدهون فقط، أو بالكربوهيدرات فقط، أو حتى نظامًا غذائيًا معتدلًا.

أوضح الفريق أهمية اجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة لدى البشر، لكن يبدو أن هناك نوعًا من الارتباط بالفعل.

ويقول رامون صن "على المدى الطويل، ينبغي أن تعكس استراتيجيتنا في الوقاية من السرطان ما حققته حملات مكافحة التدخين من نجاح، من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة والاستراتيجيات القائمة على السياسات التي تشجع على خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض."

من الجدير بالذكر أن مستويات الغليكوغين المرتفعة ظهرت فقط في عينات أنسجة لسرطان الغدة القصبية لدى البشر، ولم تُلاحظ في أنواع أخرى من سرطان الرئة، مثل سرطان الخلايا الحرشفية الرئوي، وهو ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات.

وفي الوقت الحالي، تعتبر هذه النتائج تذكيرًا بمدى أهمية النظام الغذائي لصحتنا العامة. 

تمامًا كما يُعتقد أن اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية ترفع من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، تقول الدراسة إنه قد نضطر قريبًا إلى إضافة سرطان الرئة إلى قائمة الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.