هل ثمة دلالات للنوم حتى وقت متأخر؟
هل ثمة دلالات للنوم حتى وقت متأخر؟

نضطر جميعا إلى ضبط أجهزة المنبه للاستيقاظ في وقت محدد، لكن الكثيرين لا يستطيعون مغادرة الفراش عندما يحين الموعد، المبكر غالبا، فيعيدون ضبطه إلى توقيت لاحق، وقد يصاحب ذلك التصرف المعتاد صوت داخلي يؤنب الشخص على كسله، وعدم بذله جهدا كافيا لتحسين أحواله، واستغلال الوقت بشكل أمثل بالاستيقاظ المبكر.

وكثيرا ما يتم ربط النوم لوقت متأخر بالكسل، وربما بمشكلة في الشخصية، أو وصفها بأنها كسولة، مما قد يؤدي للشعور بالنقص، خاصة إذا كان ذلك يخذل توقعات أشخاص آخرين أكثر نشاطا في المحيط العائلي أو من الأصدقاء. 

لكن خبراء أكدوا لصحيفة "الغارديان" أن النوم لوقت طويل، أو حتى لساعة متأخرة، قد لا يكون خطأ الشخص، وإنما هو أمر وراثي في الغالب، "فكل منا له نمطه الزمني الخاص به، ودورات نوم أو استيقاظ الناس متنوعة بطبيعتها". 

ووجدت دراسة أجريت العام الماضي، في فنلندا، أن عشرة في المئة من الرجال و12 في المئة من النساء هم من "النوع الليلي". 

بينما توصلت دراسة هولندية أجريت عام 2007 إلى أن النمط الزمني الأكثر شيوعا لهؤلاء يتمثل في النوم بعد منتصف الليل بقليل، وحتى الساعة الثامنة و18 دقيقة صباحا في غياب "الالتزامات الاجتماعية"، مشيرة إلى أنهم يمثلون 14.6 في المئة. 

وتنقل الصحيفة عن طبيبة الأعصاب، خبيرة النوم في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت الأميركية، بيث آن مالو، قولها إن النمط الزمني الخاص بنا "جزء لا يتجزأ من هويتنا"، مضيفة أنه ليس شيئا اختياريا أن يكون الشخص عبارة عن "بومة ليلية"، وإنما هو "شيء بيولوجي". 

يتفق معها عالم النفس السريري المتخصص في طب النوم السلوكي بجامعة بنسلفانيا الأميركية، فيل جيرمان، الذي يعتبر أن التحيز ضد الأشخاص الليليين أمر "ثقافي بحت". 

بالنسبة للكثيرين قد يكون النوم من التاسعة مساء وحتى الخامسة صباحا مفيدا، لكنه ليس كذلك بالنسبة لآخرين يحتاجون إلى النوم لوقت متأخر. 

وتظهر المشكلة عندما نرتبط بوظائف لا تتوافق مع إيقاعاتنا اليومية. فعندما تتعارض التزامات حياة اليقظة مع جدول نوم المرء بشكل سيء للغاية بحيث يصعب القيام بوظائفه، يتحول الشخص الليلي إلى حالة تُعرف باسم اضطراب مرحلة النوم والاستيقاظ المتأخر، مما يعقد الوظائف الروتينية اليومية للفرد ويجعلها صعبة. ويعاني حوالي 0.2 إلى 1.7 في المئة من البالغين من هذه الحالة.

وتقول مالو إن العلاج يبدأ غالبا بمعرفة ما إذا كان بإمكان الفرد تعديل جدول عمله ليتناسب مع إيقاع ساعته البيولوجية. "من الناحية الصحية، سيكون أفضل سيناريو هو إيجاد طرق للالتزام بساعات أجسامنا، بدلا من محاولة التوفيق بين المطالب الاجتماعية". 

وتفضل خبيرة النوم أن يتبع هؤلاء جدولا زمنيا ثابتا، بحيث يذهبون إلى الفراش في الثانية صباحا على سبيل المثال ويستيقظون في العاشرة أو 11 صباحا". 

وتقر مالو أنه "بالطبع، كثير من الناس ليسوا محظوظين بما يكفي لإجراء مثل هذه التحولات"، لكنها تشير إلى أن "في هذه الحالة يمكن علاج الاضطراب بالتعرض للضوء والميلاتونين والتمارين الرياضية، حيث أن مثل هذه التقنيات تجعل من الممكن تغيير إيقاعات الساعة البيولوجية"، لكن معدل نجاح هذه التقنيات متفاوت.

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم
سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم

معظمنا سيربط خطر الإصابة بسرطان الرئة بالتدخين أو تلوث الهواء، لكن الباحثين اكتشفوا رابطًا مثيرًا للاهتمام بين هذا المرض وجودة النظام الغذائي.

فقد وجد الباحثون من جامعتي فلوريدا وكنتاكي أن جزيء الغليكوغينglycogen – الذي يخزن السكر البسيط الغلوكوز – قد يعمل كمحرك لبعض أنواع سرطان الرئة.

وقد وُجد أن مستويات الغليكوغين كانت أعلى في عينات الأنسجة البشرية لسرطان الغدة القصبية Lung Adenocarcinoma، وهو النوع المسؤول عن 40 بالمئة من حالات سرطان الرئة حول العالم.

وفي تجارب على الفئران، لاحظ الفريق أن زيادة الغليكوغين ساعدت في نمو السرطان بشكل أسرع، في حين أن تقليل وجوده أدى إلى تباطؤ نمو الأورام.

تعتمد الدراسة الجديدة على تقنية تُعرف باسم التمثيل الغذائي المكاني، والتي تتيح للعلماء تحديد خصائص الجزيئات الصغيرة داخل الأنسجة وفقًا لموقعها.

وفي هذه الحالة، استخدم الفريق منصة مصممة خصيصًا لتحليل الأنسجة.

يقول عالم الأحياء الجزيئية رامون صن من جامعة فلوريدا "وفّرت هذه المنصة عدسة جديدة لرؤية الأمراض، مما مكن الباحثين من اكتشاف أنماط وتفاعلات جزيئية لم تكن معروفة من قبل، وبدقة وعمق ملحوظين في الفهم."

كان الباحثون يدرسون العلاقة بين الغليكوغين وأنواع مختلفة من السرطان منذ فترة، ويبدو أن هذا المصدر من الطاقة يعمل كـ"حلوى" للخلايا السرطانية، يمنحها الوقود اللازم للنمو بسرعة، بما يكفي لتجاوز أنظمة المناعة الطبيعية في أجسامنا.

نعلم أن الغليكوغين يأتي من الكربوهيدرات التي نتناولها، ويُعتبر مصدرًا مهمًا للطاقة يُخزن في العضلات، ويستعين به الجسم أثناء التمارين. في الأساس، هو شكل مُخزن من الغلوكوز غير المستخدم على الفور.

كما يتراكم الغليكوغين بشكل أكبر نتيجة النظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات.

وفي هذه الدراسة، أظهرت الفئران التي تم إطعامها بهذا النوع من النظام الغذائي مستويات أعلى بكثير من نمو سرطان الرئة مقارنة بالفئران التي تناولت أنظمة غذائية غنية بالدهون فقط، أو بالكربوهيدرات فقط، أو حتى نظامًا غذائيًا معتدلًا.

أوضح الفريق أهمية اجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة لدى البشر، لكن يبدو أن هناك نوعًا من الارتباط بالفعل.

ويقول رامون صن "على المدى الطويل، ينبغي أن تعكس استراتيجيتنا في الوقاية من السرطان ما حققته حملات مكافحة التدخين من نجاح، من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة والاستراتيجيات القائمة على السياسات التي تشجع على خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض."

من الجدير بالذكر أن مستويات الغليكوغين المرتفعة ظهرت فقط في عينات أنسجة لسرطان الغدة القصبية لدى البشر، ولم تُلاحظ في أنواع أخرى من سرطان الرئة، مثل سرطان الخلايا الحرشفية الرئوي، وهو ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات.

وفي الوقت الحالي، تعتبر هذه النتائج تذكيرًا بمدى أهمية النظام الغذائي لصحتنا العامة. 

تمامًا كما يُعتقد أن اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية ترفع من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، تقول الدراسة إنه قد نضطر قريبًا إلى إضافة سرطان الرئة إلى قائمة الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.