يعد اضطراب ثنائي القطب من الأمراض التي تقود إلى التفكير والتخطيط للانتحار، من هنا، تشدد أخصائية، تحدث إليها موقع "الحرة"، على أهمية خضوع المريض لعلاج طبي ومتابعة نفسية دقيقة "لأن نكران الأمر ورفضه قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها".
وفي حين أن اضطراب ثنائي القطب مرض ديناميكي ينطوي على التناوب بين فترات عابرة من عدم استقرار الحالة المزاجية وفترات هدوء الأعراض، حسب دراسة لباحثين جامعيين نُشرت في مجلة المنهج العلمي والسلوك، في ديسمبر 2022، فإن الدراسة تنقل عن منظمة الصحة العالمية أن اضطراب ثنائي القطب يتألف من نوبات الهوس والاكتئاب مفصولة بفترات من المزاج الطبيعي، وهو اضطراب مزاجي خطير يؤثر على ما يقرب من 1 إلى 3 في المئة من السكان على مستوى العالم.
وتشير منظمة الصحة العالمية في تقرير آخر، إلى أنه في عام 2019، كان هناك 40 مليون شخص يعانون من الاضطراب الثنائي القطب.
ويعاني المصابون بهذا الاضطراب من نوبات اكتئاب متعاقبة تقترن بفترات من أعراض الهوس. وخلال نوبة الاكتئاب، يعاني المريض من تكدر المزاج (الشعور بالحزن وسرعة الغضب والخواء) أو فقدان المتعة أو الاهتمام بالأنشطة، في معظم الأوقات، وكل يوم تقريبا.
خصائص اضطراب ثنائي القطب
تشمل أعراض الهوس خلال اضطراب ثنائي القطب، وفق منظمة الصحة العالمية:
- النشوة أو سرعة الانفعال
- زيادة النشاط أو الطاقة
- زيادة الثرثرة
- تسارع الأفكار
- زيادة تقدير الذات
- نقصان الحاجة إلى النوم
- سهولة فقدان التركيز
- السلوك المندفع والطائش.
والمصابون بالاكتئاب خلال اضطراب ثنائي القطب معرضون لزيادة خطر الانتحار، ولكن توجد خيارات علاج فعالة، تشمل التثقيف النفسي والحد من التوتر وتعزيز الأداء الاجتماعي وأخذ الأدوية، وفق منظمة الصحة العالمية.
وضمن الإطار، تشرح الأخصائية النفسية، الدكتورة والأستاذة الجامعية لينا رياشي، أن "الاضطراب يؤدي إلى تقلبات بالمزاج، بين حالة مرتفعة من الهوس، وصولا إلى حالة متطرفة من الاكتئاب. وتاليا، يمر المريض بتقلبات مزاجية حادة، بين هوس يأتي على شكل فرح قوي جدا، أو غيرها من الحالات الانفعالية الإيجابية، وصولا إلى عكسها تماما من حالات الاكتئاب والبكاء والانزواء".
وتضيف رياشي في حديث لموقع "الحرة" أن "فترات الهوس تنقسم بين الهوس الخفيف، والهوس العالي، عندها يشعر المريض بالطاقة والفرح والنشوة"، ونوبات تقلبات المزاج تؤثر، وفق الأخصائية، على النوم والطاقة، ونشاط المريض، وقراراته في الحياة.
وتشرح أنه "في حال كان الأخير يمر بنوبة هوس، فربما يقرر أن يسافر، ويحجز تذكرة طيران، ولاحقا في حال حدثت نوبة اكتئاب، يقرر الإلغاء"، موضحة من خلال هذا المثال أنه "لا يتمكن المريض المصاب باضطراب ثنائي القطب من اتخاذ القرارات، ولا تكون سلوكياته متوازنة".
وحسب رياشي، تحصل هذه الاضطرابات للمريض مرات عدة خلال العام الواحد، الأمر الذي يسبب له أعراضا انفعالية مختلفة.
مدة الاضطراب وأنواعه
اضطراب ثنائي القطب هو حالة مزمنة تستمر مدى الحياة، حسب رياشي التي قالت أيضا إن "العلاج الطبي والمتابعة النفسية يؤديان إلى نوع من الاستقرار بالنسبة للمريض المصاب، وتساهم الخطط العلاجية والأدوية بالمساعدة".
وهناك أنواع عدة لاضطراب ثنائي القطب:
- النوع الأول يعاني الشخص من نوبة هوس واحدة على الأقل، ويسبقها نوبات هوس صغيرة، أو نوبات اكتئاب، وفي بعض الأحيان تؤدي الإصابة بالهوس إلى الانفصال عن الواقع.
- النوع الثاني هو الإصابة بنوبات اكتئاب كبيرة، وفق رياشي.
- النوع الثالث هو ما يعرف أيضا بالتقلبات المزاجية، إضافة إلى اضطرابات أخرى ناتجة عن تعاطي المخدرات أو الكحول
وخلال نوبات الهوس، يمر الشخص بفترات من الفرح والإثارة، وتزيد ثقته بنفسه، ويشعر بالرفاه، والنشوة، ولا يشعر بالنعاس، ويتكلم كثيرا، ويكون لديه تسارع في أفكاره، وتشتت، ولا يتمكن اتخاذ القرارات المناسبة، كأن يشتري الكثير من الثياب وهو ليس بحاجة لها، وممكن أن يمارس علاقات جنسية متطرفة من دون إدراك أخطار الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، وممكن أن يخاطر مثلا بالاستثمار إلى حد كبير، حسب رياشي.
وتضيف أنه في نوبات الاكتئاب، يشعر المريض بالحزن العميق واليأس، وأنه يريد البكاء، ويشعر معظم الوقت بالفراغ، ولا يعود يفرح بالأمور التي كان يحبها، وربما يفقد من وزنه رغم أنه لا يخضع لحمية غذائية، أو يرتفع وزنه كثيرا، ويشعر بالضجر، والتعب، والمرض، والذنب، ويفقد تقديره لذاته، ويشعر أنه لا ينتمي للمكان الموجود فيه، ويفقد القدرة على التركيز، وربما يصل إلى حد التفكير والتخطيط للانتحار، وهنا خطورة الأمر.
سبب الإصابة
لم تحدد بعد الأسباب الأساسية للإصابة باضطراب ثنائي القطب، وتشير رياشي إلى أنه يعود "إلى أسباب بيولوجية ووراثية. ويرد بعض العلماء الأسباب البيولوجية إلى تغيرات عضوية في الدماغ، لكن الدراسات مستمرة على هذا الموضوع. أما بالنسبة إلى الدراسات الوراثية، فوجد العلماء أن الأشخاص الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابين بهذا الاضطراب، هم أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب الذي ينتقل إليهم بالجينات".
وتوضح أنه "بالإضافة إلى ذلك، يكون المريض مر في فترات ضغط نفسي شديد، مثل موت شخص عزيز على قلبه، والمرور بأحداث صادمة".
كيفية العلاج
يتألف العلاج، من العلاج الطبي بالإضافة إلى المتابعة النفسية، فيأخذ المريض أدوية للسيطرة على كمية السيروتونين والدوبامين في الجسم، وحسب الحالة، يمكن أن يحصل المريض على أدوية تحسن المزاج.
وتضيف رياشي أنه بالوقت عينه يتابع المريض نفسيا، وممكن إضافة تقنية السلوك المعرفي، الذي يقوم على تعليم المريض على أساليب تخرجه من النوبات المتطرفة بأقل الأضرار الممكنة، وتعلمه تنظيم أفكاره، إضافة إلى أنواع علاجات أخرى بالفن أو بالموسيقى.