"نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الزراعي يتعرضون للمبيدات الحشرية". صورة تعبيرية
"نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الزراعي يتعرضون للمبيدات الحشرية". صورة تعبيرية

تحيي منظمات صحية، في 11 أبريل من كل سنة، اليوم العالمي لمرض الشلل الرعاشي أو ما يعرف بمرض باركنسون، وتقول منظمة الصحة العالمية إن حالات باركنسون تتزايد على الصعيد العالمي، وترتفع حالات الإعاقة والوفاة بسببه على نحو أسرع من أي اضطراب عصبي آخر.

وعرفت منظمة الصحة العالمية باركنسون على أنه حالة تنكسية في الدماغ ترتبط بأعراض حركية (الحركة البطيئة والرعشة والتصلب وعدم التوازن) إضافة إلى مضاعفات أخرى، بما في ذلك الضعف الإدراكي واضطرابات الصحة العقلية واضطرابات النوم والألم والاضطرابات الحسية.

وحسب موقع مايو كلينيك، لا يوجد فحص معين لتشخيص الإصابة بمرض باركنسون. ولكن الطبيب المتخصص في حالات الجهاز العصبي (طبيب الأعصاب) يشخص مرض باركنسون استنادا إلى التاريخ الطبي للحالة ومراجعة مؤشرات المرض وأعراضه التي ظهرت ونتائج الفحص العصبي والبدني.

باركنسون ودول المنطقة 

في دراسة نشرها موقع The Lancet Neurology عن مرض باركنسون في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتبين أن فهم الاختلاف السريري والوراثي للمرض في مناطق جغرافية وأعراق أخرى يمكن أن يوفر إشارات جديدة حول آليات الإصابة به.

وحسب الدراسة تشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مساحة جغرافية واسعة وهامة للبحث. وتشكل هذه المنطقة بشكل رئيسي دولا منخفضة ومتوسطة الدخل.

وتتشارك هذه الدول في الكثير من العادات الاجتماعية، فيتميز كثير من هذه الدول بارتفاع معدلات الزواج بين الأقارب، مع ما يرافق ذلك من ارتفاع بنسبة انتشار الأمراض الوراثية، ومنها باركنسون.

فحسب الدراسة عادة الزواج بين الأقارب التي تنتشر في دول المنطقة من العوامل التي تؤدي إلى انتشار باركنسون بشكل أساسي.

وأشارت إلى أن بعض الدراسات التي أجريت في دول المنطقة لفتت إلى انتشار مرض باركنسون خلال الـ25 سنة الماضية.

وحسب الدراسة، فإن نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الزراعي الذين يعيشون في المناطق الريفية في كثير من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتعرضون للمخاطر المرتبطة بالحياة الريفية مثل المبيدات الحشرية.

وتلفت الدراسة، على سبيل المثال، إلى فرضية ارتباط انتشار مرض باركنسون بشكل كبير في أسيوط وقنا في مصر بالمواد السامة الصناعية التي تصرف من المصانع إلى نهر النيل.

وعثر على مستويات عالية من المنغنيز في الماء في هذه المناطق، وتم الإبلاغ عن وجود مبيدات العضوية الكلورية في عينات من حليب الأبقار في قنا.

تشخيص المرض والرعاية

على الصعيد العالمي، تتزايد حالات الإعاقة والوفاة بسبب مرض باركنسون على نحو أسرع من أي اضطراب عصبي آخر، إذ إن معدل انتشار مرض باركنسون تضاعف في السنوات الخمس والعشرين الأخيرة.

وأظهرت التقديرات العالمية في عام 2019 أن هناك أكثر من 8.5 ملايين شخص يعانون من مرض باركنسون.

وتفيد التقديرات الحالية بأنه في عام 2019، أسفر مرض باركنسون عن 5.8 ملايين سنة حياة معدّلة حسب الإعاقة، أي بزيادة قدرها 81 في المئة منذ عام 2000، وتسبب في 329 ألف حالة وفاة، وهي زيادة بنسبة 100 في المئة منذ عام 2000، حسب منظمة الصحة العالمية.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن التشخيص السريري لمرض باركنسون من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية، المدربين غير المتخصصين، وباستخدام المبادئ التوجيهية المبسطة، يوفر إدارة علاجية أفضل في مرافق الرعاية الأولية.

وحسب موقع مايو كلينيك، يمكن أيضا استخدام الفحوصات التصويرية - مثل التصوير بالرنين المغناطيسي وتصوير الدماغ بالموجات فوق الصوتية والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني- للمساعدة في استبعاد احتمال وجود اضطرابات أخرى. لكن الفحوص التصويرية هذه لا تساعد تحديدًا في تشخيص الإصابة بمرض باركنسون.

ويستغرق تشخيص الإصابة بمرض باركنسون في بعض الأحيان وقتا طويلا. وقد يوصي الأطباء بتحديد مواعيد طبية للمتابعة الدورية مع أطباء الأعصاب المتخصصين في علاج اضطرابات الحركة.

وتضيف منظمة الصحة العالمية أن دواء ليفودوبا/كاربيدوبا، وهو الدواء الأكثر فعالية في تحسين الأعراض والأداء ونوعية الحياة، غير متاح أو متوفر أو ميسور الكلفة في كل مكان، ولا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

ويمكن أن تساعد إعادة التأهيل في تحسين الأداء ونوعية الحياة للأشخاص المصابين بمرض باركنسون.

وتضيف منظمة الصحة أن الأدوية الأخرى مثل مضادات الكولين، أو العلاجات مثل التحفيز العميق للدماغ، يمكن أن تعالج أيضاً أعراض مرض باركنسون، وخاصة الرعشة، وتقلّل من مقدار الأدوية المتناولة. ومع ذلك، فإن العديد من الأدوية والموارد الجراحية غير متوفرة أو متاحة أو ميسورة الكلفة في كل مكان.

وكما هو الحال بالنسبة إلى العديد من الاضطرابات العصبية التنكسية، يمكن للإدارة العلاجية غير الدوائية مثل إعادة التأهيل أن توفر الراحة. ويمكن أن تساعد أنواع محددة من العلاج الطبيعي، بما في ذلك تدريبات القوة والمشي والتوازن والعلاج المائي في تحسين الأداء ونوعية الحياة لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض باركنسون وسائر اضطرابات الحركة. ويمكنها أيضاً أن تقلل من الضغط على القائمين على الرعاية، حسب المنظمة.

مسألة حقوقية

تشير منظمة الصحة العالمية إلى تعرض أشخاص لديهم مرض باركنسون في كثير من الأحيان للوصم والتمييز، بما في ذلك التمييز المجحف في مكان العمل وقلة فرص المشاركة والانخراط في مجتمعاتهم المحلية.

ويحتاج المصابون بمرض باركنسون إلى خدمات صحية ميسرة لتلبية احتياجات الرعاية الصحية العامة على غرار باقي السكان، بما في ذلك الحصول على الأدوية، والخدمات التعزيزية والوقائية، وأوجه التشخيص والعلاج والرعاية الفورية.

وتتجلى أحد العوائق الشائعة في المعرفة والفهم غير الكافيين بشأن مرض باركنسون لدى مقدمي الرعاية الصحية، وكذلك الخرافات القائلة بأن الباركنسون مرض معدٍ أو جزء طبيعي من التقدم في العمر.

لذلك، في مايو 2022، أقرت جمعية الصحة العالمية خطة العمل العالمية المتعددة القطاعات بشأن الصرع وغيره من الاضطرابات العصبية للفترة 2022-2031.

وتعالج خطة العمل التحديات والفجوات في توفير الرعاية والخدمات للأشخاص المصابين بالصرع وغيره من الاضطرابات العصبية.

الصحة العالمية تدعو لتكثيف حملات التلقيح ضد الحصبة
تفشي الحصبة في المغرب يعود إلى انخفاض معدلات التلقيح (صورة تعبيرية)

شهد المغرب في الفترة الأخيرة انتشارا واسعا لداء الحصبة الذي يعرف محليا بـ"بوحمرون"، حيث سجلت البلاد 120 حالة وفاة و25 ألف إصابة منذ سبتمبر 2023، في ارتفاع غير مسبوق مقارنة بالسنوات الماضية.

وتحول هذا المرض إلى وباء في المغرب بعد وضعية انتشار "غير عادية"، وفق تصريحات لمدير مديرية علم الأوبئة بوزارة الصحة، محمد اليوبي، لوسائل إعلام محلية.

وفي ظل تفشي وباء الحصبة بالبلاد، انتقدت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي (معارض)، مؤخرا، "عدم الاكتراث بصحة المغاربة" في سؤال كتابي وجهته إلى وزير الصحة، منبهة إلى أزمة حادة يعيشها قطاع الصحة إثر الانتشار المتزايد لمرض بوحمرون تزامنا مع نقص حاد في الأطر الصحية والتجهيزات، وقالت إنه "وضع مرشح للتفاقم بسبب استمرار الحركات الاحتجاجية والإضرابات التي تنظمها النقابات الصحية منذ أسابيع".

من جانبها، نبهت نجوى ككوس، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة (أغلبي)، وزير الصحة، إلى التحديات التي يواجهها القطاع الصحي في المؤسسات السجنية بعد ارتفاع عدد المصابين بداء الحصبة إلى 83 سجينا منذ ديسمبر 2024، داعية إلى اتخاذ تدابير استعجالية لاحتواء انتشار هذا المرض الشديد العدوى في هذه المؤسسات السجنية المكتظة.

وأثار تفشي الحصبة في الآونة الأخيرة بالمغرب، قلق المواطنين الذين باتوا يتساءلون عن أسباب ارتفاع حالات الإصابة وخطورة الوضع الحالي وسبل مواجهته خاصة مع سرعة انتشار المرض بين الفئات الأكثر هشاشة.

"انخفاض معدلات التلقيح"

وفي تعليقه على الموضوع، يرى الطبيب الأخصائي في طب الأطفال، ورئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، سعيد عفيف، بأن تفشي الحصبة في المغرب يعود أساسا إلى انخفاض معدلات التلقيح، حيث انخفضت التغطية في بعض المناطق إلى 60٪ بدلا من 95٪ المطلوبة لمنع انتشار العدوى، مؤكدا أن الحصبة من أكثر الأمراض المعدية التي يمكن للمصاب بها أن ينقل الفيروس إلى 12 إلى 18 شخصا.

وتابع عفيف حديثه لموقع "الحرة"، أن "خطورة تفشي الحصبة تكمن في غياب علاج محدد للمرض إذ يقتصر التدخل الطبي على معالجة الأعراض مثل الحمى أو العدوى الثانوية"، وأضاف أن الحل الوحيد والفعال للوقاية من الحصبة هو التلقيح بجرعتين، مشددا على أن "اللقاح آمن وناجع ويستخدم عالميا منذ أكثر من أربعين عاما".

وأكد الأخصائي في طب الأطفال أن مواجهة تفشي الحصبة تتطلب تضافر جهود جميع الجهات، مشيرًا إلى الحملات الاستدراكية والتحسيسية التي أطلقتها وزارة الصحة بدعم من وزارات الداخلية والتربية والأوقاف. وأشاد بمبادرات التوعية في المدارس والمساجد، مبرزًا أن التلقيح لا يحمي الفرد فقط بل يساهم في تحقيق حماية جماعية فعالة ضد المرض.

"إعلان حالة طوارئ"

وانتقد رئيس "الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة"، علي لطفي، تعامل السلطات المغربية مع انتشار فيروس الحصبة، مشيرا إلى أن تحذيرات منظمة الصحة العالمية عام 2023 حول إمكانية تفاقم الوضع لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة. وقال إن "التهاون في اتخاذ تدابير استباقية ساهم في تفاقم الوضع وتسجيل عشرات الوفيات وآلاف الإصابات معظمها في صفوف الأطفال غير الملقحين".

ويضيف لطفي في تصريح لموقع "الحرة"، أن فيروس الحصبة شديد العدوى وينتشر عبر الهواء بسرعة فائقة، مما يجعله خطيرا بشكل خاص في أماكن الاكتظاظ مثل المدارس والسجون، داعيا إلى "إعلان حالة طوارئ صحية على المستوى الوطني لمكافحة انتشار المرض، من خلال تعزيز برامج التلقيح وإطلاق حملات تحسيسية بالتعاون مع وزارتي الداخلية والتعليم، بهدف تطويق المرض والتقليل من تداعياته الوخيمة".

وربط لطفي بين ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الحصبة وضعف المناعة لدى الأطفال، الناتج عن سوء التغذية وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، خاصة في المناطق الفقيرة، محذرا من ترويج المعلومات المضللة حول مخاطر اللقاحات والتي ساهمت في إحجام بعض الأسر عن تلقيح أطفالها.

"معلومات مغلوطة"

ومن جانبه، ذكر الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن عودة انتشار الحصبة في المغرب مؤخرا يرجع إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها تراجع الإقبال على التلقيح، خاصة بعد جائحة كورونا، وانتشار المعلومات المغلوطة التي تخيف المواطنين من تلقي اللقاحات. مشيرا إلى أن "هذه الإشاعات التي غالبا ما يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تروج لآثار جانبية نادرة وغير دقيقة، مما أدى إلى تراكم أعداد كبيرة من الأطفال غير الملقحين وعدم الالتزام بالجدول الوطني للتلقيح".

وأوضح بايتاس في ندوة صحفية أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، الخميس، أن وزارة الصحة اتخذت سلسلة من التدابير العاجلة لمواجهة تفشي المرض، شملت إرساء نظام يقظة وتتبع على مستوى المركز الوطني للعمليات الطارئة للصحة العامة و12 مركزا إقليميا للطوارئ الصحية. كما أطلقت حملة وطنية استدراكية للتلقيح ضد الحصبة، بدأت في 28 أكتوبر 2024 وتم تمديدها لضمان وصولها إلى الفئات المستهدفة.

ودعا بايتاس جميع المواطنين وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى دعم هذه الحملة الوطنية والتصدي للإشاعات المضللة التي تهدد صحة الأطفال، مؤكدا أن حملة التطعيم ضد الحصبة ما زالت جارية في المراكز الصحية.