البكتريا تلعب دورا هاما لصحة الأمعاء – صورة تعبيرية.
البكتريا تلعب دورا هاما لصحة الأمعاء – صورة تعبيرية. | Source: Unsplash

يصيب داء "كرون" أربعة ملايين شخص حول العالم، ويسبب أعراضا منهكة مثل التعب المزمن والإسهال وآلام البطن وفقدان الوزن وسوء التغذية، بينما كشفت دراسة حديثة عن ارتباطه بـ"بكتيريا موجودة بالفم"، حسب تقرير لموقع "ساينس أليرت".

ما هو داء كرون؟

داء كرون هو نوع من أمراض الأمعاء الالتهابية، ويسبب تورم "التهاب" الأنسجة في السبيل الهضمي، وهذا قد يؤدي إلى المغص والإسهال الشديد والإرهاق ونقص الوزن وسوء التغذية، وفقا لموقع "مايو كلينك".

وقد يختلف موضع الالتهاب الناتج عن داء كرون في السبيل الهضمي من شخص إلى آخر، وأكثر منطقة يصيبها هي الأمعاء الدقيقة، وينتشر هذا الالتهاب غالبا في الطبقات العميقة من الأمعاء.

وقد يسبب داء كرون الكثير من الألم والإرهاق، ويمكن أن يؤدي أحيانا إلى مضاعفات تهدّد الحياة.

وبمجرد ظهور أعراض كرون، يظل المرض كحالة تستمر مدى الحياة، وعلى الرغم من وجود طرق للتحكم في تلك الأعراض، فلا يوجد له علاج حاليا، وفق "ساينس أليرت".

ما أسبابه؟

الأسباب الدقيقة لمرض كرون غير معروفة وربما ترجع إلى عدد من العوامل المعقدة والمتداخلة، منها الوراثية وأخرى ترتبط بالتدخين والنشاط المفرط بالقناة الهضمية.

وأظهرت الأبحاث أن "ميكروبيوم الأمعاء" يلعب دورا مهما في الإصابة بالمرض.

وميكروبيوم الأمعاء عبارة عن تريليونات من البكتيريا والفيروسات والفطريات، الموجودة داخل جسم الإنسان منذ الولادة.

وتلعب تلك الميكروبيوم دورا مهما في ضمان عمل خلايا الأمعاء بشكل صحيح، وتساعد البكتيريا الموجودة في أمعائنا أيضا خلايا المناعة لدينا على العمل كما ينبغي، مما يضمن في النهاية فعاليتها.

وتظهر العديد من الدراسات أن الأشخاص المصابين بداء "كرون" لديهم مجموعة "أقل تنوعا من بكتيريا الأمعاء"، ولديهم أيضا مستويات أعلى من أنواع معينة من البكتيريا التي يمكن أن تؤدي إلى التهاب الأمعاء.

ولكن ليس فقط بكتيريا الأمعاء هي التي تظهر علامات الخلل الوظيفي لدى الأشخاص المصابين بداء كرون، حيث تظهر الأبحاث أن البكتيريا الموجودة في الفم قد تكون مهمة أيضا في هذه الحالة الالتهابية.

ويحتوي "فم الإنسان" على ثاني أكبر عدد من البكتيريا بعد الأمعاء، ويبتلع البشر الملايين من البكتيريا الموجودة باللعاب يوميا.

وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص المصابين بداء "كرون" لديهم بكتيريا مختلفة في أفواههم مقارنة بأولئك الذين ليس لديهم هذه الحالة. 

وحسب "ساينس أليرت" فإن هناك أنواعا معينة من البكتيريا الموجودة في الفم والتي قد تلعب دورا في الإصابة بـ"كرون".

وتوجد أيضا أنواع قليلة من البكتيريا التي توجد بشكل شائع في أمعاء الأشخاص المصابين بداء كرون مقارنة بالأشخاص أصحاب "الفم الصحي".

وتشير الأبحاث التي أجريت على البشر  إلى أن بكتيريا فموية واحدة على وجه الخصوص، تسمى "Veillonella parvula" موجودة بكثرة في أمعاء الأشخاص المصابين بداء "كرون".

وتكشف أبحاث أُجريت على الفئران أن الالتهاب "يجعل من السهل على أنواع معينة من البكتيريا أن تنمو، مما يؤدي إلى تفعيل مفرط للخلايا المناعية وبالتالي اتساع الالتهاب".

وإذا كان الأمر نفسه ينطبق على بكتيريا الفم المرتبطة بالداء فقد يشير ذلك إلى أن فرط نمو البكتيريا والتهاب في الفم هو السبب الجذري المحتمل لـ"كرون".

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم
سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم

معظمنا سيربط خطر الإصابة بسرطان الرئة بالتدخين أو تلوث الهواء، لكن الباحثين اكتشفوا رابطًا مثيرًا للاهتمام بين هذا المرض وجودة النظام الغذائي.

فقد وجد الباحثون من جامعتي فلوريدا وكنتاكي أن جزيء الغليكوغينglycogen – الذي يخزن السكر البسيط الغلوكوز – قد يعمل كمحرك لبعض أنواع سرطان الرئة.

وقد وُجد أن مستويات الغليكوغين كانت أعلى في عينات الأنسجة البشرية لسرطان الغدة القصبية Lung Adenocarcinoma، وهو النوع المسؤول عن 40 بالمئة من حالات سرطان الرئة حول العالم.

وفي تجارب على الفئران، لاحظ الفريق أن زيادة الغليكوغين ساعدت في نمو السرطان بشكل أسرع، في حين أن تقليل وجوده أدى إلى تباطؤ نمو الأورام.

تعتمد الدراسة الجديدة على تقنية تُعرف باسم التمثيل الغذائي المكاني، والتي تتيح للعلماء تحديد خصائص الجزيئات الصغيرة داخل الأنسجة وفقًا لموقعها.

وفي هذه الحالة، استخدم الفريق منصة مصممة خصيصًا لتحليل الأنسجة.

يقول عالم الأحياء الجزيئية رامون صن من جامعة فلوريدا "وفّرت هذه المنصة عدسة جديدة لرؤية الأمراض، مما مكن الباحثين من اكتشاف أنماط وتفاعلات جزيئية لم تكن معروفة من قبل، وبدقة وعمق ملحوظين في الفهم."

كان الباحثون يدرسون العلاقة بين الغليكوغين وأنواع مختلفة من السرطان منذ فترة، ويبدو أن هذا المصدر من الطاقة يعمل كـ"حلوى" للخلايا السرطانية، يمنحها الوقود اللازم للنمو بسرعة، بما يكفي لتجاوز أنظمة المناعة الطبيعية في أجسامنا.

نعلم أن الغليكوغين يأتي من الكربوهيدرات التي نتناولها، ويُعتبر مصدرًا مهمًا للطاقة يُخزن في العضلات، ويستعين به الجسم أثناء التمارين. في الأساس، هو شكل مُخزن من الغلوكوز غير المستخدم على الفور.

كما يتراكم الغليكوغين بشكل أكبر نتيجة النظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات.

وفي هذه الدراسة، أظهرت الفئران التي تم إطعامها بهذا النوع من النظام الغذائي مستويات أعلى بكثير من نمو سرطان الرئة مقارنة بالفئران التي تناولت أنظمة غذائية غنية بالدهون فقط، أو بالكربوهيدرات فقط، أو حتى نظامًا غذائيًا معتدلًا.

أوضح الفريق أهمية اجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة لدى البشر، لكن يبدو أن هناك نوعًا من الارتباط بالفعل.

ويقول رامون صن "على المدى الطويل، ينبغي أن تعكس استراتيجيتنا في الوقاية من السرطان ما حققته حملات مكافحة التدخين من نجاح، من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة والاستراتيجيات القائمة على السياسات التي تشجع على خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض."

من الجدير بالذكر أن مستويات الغليكوغين المرتفعة ظهرت فقط في عينات أنسجة لسرطان الغدة القصبية لدى البشر، ولم تُلاحظ في أنواع أخرى من سرطان الرئة، مثل سرطان الخلايا الحرشفية الرئوي، وهو ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات.

وفي الوقت الحالي، تعتبر هذه النتائج تذكيرًا بمدى أهمية النظام الغذائي لصحتنا العامة. 

تمامًا كما يُعتقد أن اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية ترفع من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، تقول الدراسة إنه قد نضطر قريبًا إلى إضافة سرطان الرئة إلى قائمة الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.