التأثيرات المباشرة للأزمات تشمل الخوف والقلق والكآبة - صورة تعبيرية.
التأثيرات المباشرة للأزمات تشمل الخوف والقلق والكآبة - صورة تعبيرية.

حل اليوم العالمي للصحة النفسية هذا العام بعد كوارث طبيعية شملت زلزالا مدمرا في جنوب تركيا وشمال سوريا بشهر فبراير الماضي، وفيضانات بشمال شرق ليبيا، وزلزال بالمغرب، بالإضافة إلى أزمات أخرى شملت حربا في السودان، والآن الحرب بين إسرائيل وغزة.

ويجمع خبراء على أن هذه الكوارث والحروب تؤثر سلبا على نفسية الإنسان، لكن بنسب متفاوتة تخضع لاعتبارات مختلفة، وهي بجميع الأحوال تأثيرات يجب التنبه لها ومواجهتها للحفاظ على صحة نفسية سليمة.

تأثيرات متفاوتة

وتؤكد المتخصصة في علم النفس، الدكتورة ريما بجاني، أن هناك "تأثيرات مباشرة وغير مباشرة" للأزمات على الصحة النفسية للأشخاص الذين يتأثرون بها.

وتقول في حديثها لموقع "الحرة" إن "التأثيرات تختلف بين كل إنسان وآخر بحسب كيفية تعاطيه مع مثل هذه الأمور، ومنهم من عمل على تعزيز قدراته النفسية، ومن عايش أزمات خلال حياته".

وتضيف أن "هؤلاء استطاعوا تنمية قدراتهم الذهنية أو الانفعالية لمواجهة التأثيرات المباشرة التي تشمل الخوف والقلق والكآبة".

وأوضحت أن "الأشخاص الذين لم يعملوا على تعزيز صحتهم النفسية، ولم يتلقوا الدعم من الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء بهذا الشأن، هم عادة من يعانون من التروما (الصدمة)"، وهؤلاء هم الأشد تأثرا بالأزمات، وتكون حالتهم "صعبة في التعامل والعلاج".

وبشأن التداعيات غير المباشرة قالت إنها "عادة ما تأتي بعد الأزمة، بمعنى أنه إذا حصل أي شيء يذكر بها (مثل صورة أو صوت أو حدث ما)، فتحدث تأثيرات مضاعفة، ويجب أن يكون الشخص مجهز نفسيا لمواجهتها".

طرق الوقاية

وبشأن طرق الوقاية من هذه الأزمات، تقول بجاني إن "الأزمات والحروب والكوارث مستمرة وتتكرر، وهناك حاجة لمعالجة الخوف وتنمية القدرات النفسية".

وأوضحت أن أفضل طريقة هي "مغادرة مكان" الكارثة أو الحرب، للابتعاد عن التأثيرات السلبية المحيطة، بالإضافة إلى تعزيز الوعي ومكافحة الخوف.

وتابعت أنه لتعزيز الصحة النفسية يجب "تحصين النفس بوقائع (للاطمئنان)، بمعنى أنه إذا كان هناك خوف من حدوث زلزال مثلا، فيمكن مراجعة تاريخ المنطقة التي يتواجد بها الشخص لمعرفة تاريخها مع الزلازل وحقائق واقعية عنها تجعله يشعر بالاطمئنان".

وعن أثر متابعة الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول إن "تنمية القدرات الذهنية تساعد في تحسين الصحة النفسية (...) إضافة إلى تخفيف تلقي المعلومات أو الأخبار التي قد تكون سيئة، وإشغال النفس بأمور مفيدة لإخراج الطاقة السلبية (مثل الرياضة أو ممارسة الهواية أو تعلم شيء جديد)".

وأكدت على ضرورة "عدم التركيز والاهتمام بفائض المعلومات التي لا نكون بحاجة لها وتزيد من القلق"، مؤكدة أن "الأمر ليس سهلا ويحتاج لإرادة قوية"، لكن ذلك يعزز من الصحة النفسية التي تعتبر "الحصن المنيع". 

حق عالمي

وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن "الصحة النفسية حق عالمي من حقوق الإنسان"، وأن الاحتفال باليوم العالمي يهدف إلى "تحسين المعارف ورفع الوعي والدفع قدما بالإجراءات التي تعزز وتحمي الصحة النفسية".

وتنعكس الصحة النفسية الجيدة على حياة الإنسان ورفاهيته إجمالا، ومع ذلك، يتعايش شخص واحد من كل ثمانية أشخاص في العالم مع اعتلال من اعتلالات الصحة النفسية التي يمكن أن تؤثر على صحته البدنية، وكيفية تواصله مع الآخرين، وسبل عيشه، وفقا للمنظمة.

الملاريا السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال. أرشيفية - تعبيرية
الملاريا السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال - صورة تعبيرية.

قالت منظمة الصحة العالمية في أحدث تقرير لها، الخميس إن أعداد الإصابات في الملاريا ارتفعت خلال العام الماضي لمستويات أكبر مما كانت عليه قبل جائحة كورونا، لتبلغ 249 مليون حالة حول العالم.

وأشارت إلى أن الملاريا لا تزال السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وتركز ارتفاع تسجيل الحالات في خمس دول تضم: باكستان، نيجيريا، أوغندا، إثيوبيا، وبابوا غينيا الجديدة.

وعزى مدير برنامج مكافحة الملاريا في منظمة الصحة العالمية، الطبيب دانييل نجاميجي ارتفاع الإصابات إلى تغير المناخ، مشيرا إلى أنه كان مساهما مباشرا في ثلاثة منها.

والملاريا يسببها طفيل ينتقل من طريق البعوض، وتعتبر آفة خطيرة لا سيما بالنسبة إلى الأطفال الأفارقة، خصوصا بسبب مقاومة متزايدة للعلاج.

وتسببت الملاريا، وهي مرض قديم جدا يعود إلى العصور القديمة، في وفاة 619 ألف شخص حول العالم في 2021، وفقا لأحدث أرقام منظمة الصحة العالمية بحسب وكالة فرانس برس.

ويعيش نحو نصف سكان العالم في منطقة معرضة لخطر الملاريا. ومعظم الإصابات والوفيات تسجل في إفريقيا.
وفي يوليو من 2022 تركت الفياضانات الهائلة ثلث باكستان تحت الماء وتسبب في نزوح 33 مليون شخصا، وسرعان ما تبعها البعوض، حيث أبلغ حينها عن أكثر من 3.1 مليون إصابة مؤكدة بالملاريا، مقارنة مع 275 ألف حالة إصابة فقط تم تسجيلها في العام الذي سبقها.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحذر فيها المنظمات الأممة من أثر التغير المناخي على انتشار الأمراض، في أبريل الماضي دعت الأمم المتحدة الحكومات إلى استباق عواقب ظاهرة "إل نينيو" المناخية التي بدأت لتوّها والمرتبطة خاصة بارتفاع درجات الحرارة في العالم، وذلك من أجل "إنقاذ الأرواح وسبل العيش".

وعادة ما يصبح تأثير ارتفاع درجات الحرارة واضحا بعد عام من تطور الظاهرة، وبالتالي من المرجح أن يكون ملموسا أكثر في عام 2024.

وحذرت حينها منظمة الصحة العالمية من مخاطر زيادة الأمراض المتعلقة بالمياه، مثل الكوليرا، بالاضافة إلى الأوبئة التي ينقلها البعوض، مثل الملاريا وحمى الضنك، علاوة على الأمراض المعدية مثل الحصبة والتهاب السحايا،وفق ما قالت المديرة المكلفة بالصحة العامة والبيئة في المنظمة، ماريا نيرا بحسب فرانس برس.