الشراهة في تناول الطعام
الشراهة في تناول الطعام | Source: Unsplash

يستخدم طبيب الأعصاب، جودسون بروير، طريقة جديدة تساعد الأفراد في التعامل مع مشكلة الشراهة والإفراط في تناول الطعام.

وتعتمد طريقة بروير، وهو طبيب نفسي وعالم أعصاب ومدير الأبحاث والابتكار في مركز اليقظة الذهنية بجامعة براون، على ما يسميه "اليقظة الذهنية" لتغيير عادات تناول الطعام من خلال " المشاعر" بدلا من "المعرفة وقوة الإرادة".

ويشير الطبيب، وهو مؤلف كتاب "عادة الجوع: لماذا نأكل عندما لا نكون جائعين، وكيف نتوقف"، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست إلى أنه ابتكر استراتيجية مدتها 21 يوما للتغلب على الشراهة وتعلم الاستماع إلى إشارات الجسم.

ويقول إنه في المرة القادمة عندما تتناول شيئا لا تستطيع مقاومته، "اسأل نفسك هذه الأسئلة: هل أنا جائع حقا؟ أم لدي رغبة شديدة في تناول الطعام؟ هل أنا أشعر بالملل أو الحزن؟ كيف سيشعرني تناول هذا الطعام؟".

وهذه الأسئلة تساعد الأشخاص في التركيز على ما يحتاجون إليه بالفعل، مقابل ما يريدون، وفق الطبيب.

ويرفض بروير الارتكاز إلى قوة الإرادة لتغيير عادات تناول الطعام، ويقول "من وجهة نظر علم الأعصاب، فإن قوة الإرادة ليست حتى جزءا من المعادلة عندما يتعلق الأمر بتغيير السلوك"، كما أن معرفة ما "يجب" أن نفعله لا يكفي في كثير من الأحيان لجعلنا نغير سلوكنا أيضا، فجميعنا يعرف ما هو الطعام الصحي وغير الصحي، ومع ذلك لايزال الكثير منا يعانون.

ويوضح أن "الشعور هو المكان الذي يحدث فيه تغير السلوك، ولذا يتعين علينا أن نتعرف مرة أخرى على أجسادنا".

وعن طريقة استخدام اليقظة الذهنية، يقول: "أبدأ بالسبب. لماذا أبحث عن الطعام؟ هل أنا جائع فعلا؟ وإذا لم أكن جائعاً، فهذا يشير إلى نوع من العادة التي يمكننا بعد ذلك التعمق فيها".

ويشير إلى أن نظام المكافأة في الدماغ هو ما يبرر تناول ما لا نحتاجه من طعام في بعض الأحيان، فعلى سبيل المثال عندما نشعر بمزاج سيء، فإننا
نتناول الطعام لنشعر بالرضا ونزيل المشاعر السلبية.

ويقترح الطبيب تغيير عاداتنا من خلال تغيير موقعها في التسلسل الهرمي لنظام المكافآت، وذلك بتغيير "قيمة المكافأة" لسلوك الأكل في أدمغتنا، والعثور على السلوكيات الأخرى التي تجعل الجسم يشعر بالرضا.

ويوضح بروير على سبيل المثال كيف استطاع التخلص من إدمانه على حلوى الديدان الصمغية gummy worms، ويقول إنه بعد سنوات من الإدمان، بدأ يقول لنفسه إنها شديدة الحلاوة وطعمها مثل المطاط، واستطاع استبدل تلك العادة الراسخة بالتوت.

ويقول إنه في المرة القادمة عندما تلتهم الكثير من الآيس كريم أو البيتزا، تذكر بالتفصيل كيف ستكون أمعاءك المحشوة جراء تناول هذا الطعام، وهو ما سينتج عنه مشاعر ستساعدك في ترك هذه العادة.

وبمرور الوقت، عندما نشعر بهذه الأحاسيس الجسدية غير المريحة المرتبطة بالإفراط في تناول الطعام، ستنخفض قيمة المكافأة في الدماغ.

ويقول إن "العقول هي آلات التنبؤ"، إذ تراجع أدمغتنا الماضي للتنقل في المستقبل، وهذا النوع من التركيز هو بداية تعطيل النمط السيء.

و"يستغرق الأمر من 10 إلى 15 مرة فقط للقيام بذلك حتى نبني ما يكفي من قاعدة البيانات لنتذكر ذلك في المرة القادمة".

وبعد أن يصبح الدماغ محبطا من طعام معين أو نمط سلوكي معين، يصبح الدماغ جاهزا للتغيير.

وبمرور الوقت، عندما تصبح أكثر وعيا بأن الرغبة الشديدة ما هي مجرد أحاسيس في الجسم، يمكنك تعلم كيفية التخلص منها.

نساء يتدربن (صورت تعبيرية)
نساء يتدربن (صورة تعبيرية)

قالت دراسة علمية أجريت في الولايات المتحدة، ونشرتها الدورية العلمية "مجلة جمعية الغدد الصماء"، إن التدريبات الرياضية العنيفة "تقلل الإحساس بالجوع"، خاصة لدى النساء.

وأظهرت الدراسة التي أجريت في جامعة فيرجينيا الأميركية، أن التدريبات الرياضية التي تؤدي إلى زيادة خفقان القلب، تقلل إفراز هرمون الغريلين (Ghrelin)، الذي يطلق عليه اسم "هرمون الجوع".

وحسب المجلة، فقد تم اكتشاف هرمون الغريلين عام 1999، من قبل كوجيما وكانجاوا، حيث يُعرف بأنه يحفز مستقبلات إفراز هرمون النمو.

ويعمل الغريلين، الذي يتوفر بشكلين رئيسيين، الغريلين المعالج (AG) وغير المعالج (DAG)، على تنظيم الشهية وتوازن الطاقة، حيث يحفز النوع الأول الشهية بشكل واضح، في حين لا يؤثر الثاني أو قد يثبطها.

وتشير الأبحاث إلى أن التمارين الرياضية تقلل مستويات الغريلين، خاصةً عند وصول شدة التمارين لمستويات عالية ينتج عنها ارتفاع اللاكتات في الدم، وهي مادة تتكون من تكسير الغلوكوز خلال التمارين الشديدة. 

ويزيد تراكم اللاكتات مع كثافة الجهد البدني، حيث أظهرت الدراسات أن ارتفاع مستوياته يسهم في خفض الغريلين، مما يساعد على تقليل الشعور بالجوع بعد التمارين.

وفي سياق التجربة الأخيرة، طلب الباحثون من 8 رجال و6 نساء من المتطوعين، الصوم لمدة ليلة ثم الانخراط في تدريبات رياضية بدرجات قوة مختلفة، مع إخضاع المتطوعين لاختبارات دم واستطلاع مدى شهيتهم للطعام.

وتبيّن من النتائج أن التدريبات الرياضية العنيفة تقلل مستويات هرمون الغريلين أكثر من التدريبات المعتدلة، وأن المتطوعين يشعرون بقدر أقل من الجوع بعد ممارسة تدريبات قوية.

وذكر الباحثون أن التدريبات المعتدلة لم تؤثر على مستويات الغريلين في الجسم، واتضح أيضا أن فوائد التدريبات العنيفة تظهر بشكل أوضح على النساء، وإن كان من الضروري إجراء مزيد من التجارب على هذه الجزئية من الدراسة.

وصرح عضو بفريق الدراسة أنه "يمكن النظر إلى التدريبات الرياضية كما لو كانت عقارا، حيث يتعين تحديد الجرعة حسب الأهداف الشخصية لكل فرد"، وفق الوكالة الألمانية للأنباء.

ونقل الموقع الإلكتروني "هيلث داي" المتخصص في الأبحاث الطبية عنه قوله، إن هذه النتائج "تؤكد أن التدريبات الرياضية ربما تكون مفيدة بصفة خاصة في إطار برامج إنقاص الوزن".